عبد النباوي رئيس النيابة العامة: ” الدستور ثم القانون المغربي حققا للقضاء الاستقلالَ المؤسساتي”

عبد النباوي رئيس النيابة العامة: ” الدستور ثم القانون المغربي حققا للقضاء الاستقلالَ المؤسساتي”

A- A+
  • ”شوف تيفي”

    أكد محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة أن الدستور ثم القانون المغربي حققا للقضاءِ الاستقلالَ المؤسساتي، وجعلاه سلطة دستورية قائمة الذات، مستقلة كل الاستقلال عن البرلمان والحكومة، مبرزا في الوقت نفسه أن هذا الاستقلال لا يحول دون تعاون السلطات في إطار التوازن، بحيث تتعاون سلطات الدولة الثلاث لتنفيذ السياسات العامة للدولة، وتؤدي كل سلطة واجبها المنوط بها دستوريا بما يكفل سلامة تدبير الشأن العام، في الحدود المرسومة بمقتضى القوانين، وفي مقدمتها القانون الأساسي للمملكة الذي يضمن استقلال السلطة القضائية.

  • وأوضح عبد النباوي، يومه الاثنين، في كلمته بمناسبة الدورة 61 للمؤتمر الدولي للقضاة المقام بمراكش، أن الدستور لم يكتف بضمان الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكنه أوجد كذلك الآليات المناسبة لضمان الاستقلال الذاتي للقضاة، حيث منع كل تدخل في أحكام القضاة أو التأثير عليهم، ووفر لهم حصانة من النقل والعزل، وحدد القانون التنظيمي معايير وشروط لتدبير الوضعية المهنية للقضاة، ومكنهم من مخاطبة المجلس الأعلى للسلطة القضائية مباشرة كلما كان استقلالهم محل تهديد، وجعل المجلسَ مسؤولاً عن حماية هذا الاستقلال، الذي نص الدستور على أن الملك – رئيس المجلس – ضامناً له.

    وأضاف عبد النباوي أن الدستور والقانون وإن ضمن الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية والاستقلال الذاتي للقضاة، فإن الملك محمد السادس، حرص على التأكيد على أن الاستقلال ”لم يشرع لفائدة القاضي، فهو حق للمتقاضين في أن يحكم القاضي بكل استقلال وتجرد وحياد، وأن يجعل من القانون وحده مرجعاً لقراراته، ومما يمليه عليه ضميره سنداً لاقتناعه، مشيرا إلى أنه واجب على القاضي أن يتقيد بالاستقلال والنزاهة، والبعد عن أي تأثر أو إغواء يعرضه للمساءلة التأديبية أو الجنائية”.

    وقال عبد النباوي : ”ولذلك يتعين علينا، نحن معشر القضاة، أن نستحْضر هذا البعد الحقوقي السامي لمبدأ الاستقلال، فنتمسك باستقلالنا في قراراتنا، لإصدار أحكام عادلة ومنصفة، تستند للقانون والاجتهاد القضائي الراسخ، وليس للأهواء والنزوات. وأن نستعمل السلطات القانونية المخولة لنا لتحقيق الأمن القضائي وتوفير مناخ الثقة في المؤسسات. وهو ما سيوفر الأجواء المناسبة للاستثمار والظروف المساعدة على زيادة الإنتاج ويوفر ظروف الشغل والاستقرار للساكنة”، مضيفا: ”إن قضاة النيابة العامة بالمغرب يؤمنون بأهمية دورهم في حماية الحقوق والحريات، وفي مكافحة الجريمة، وفي توفير الأمن واستتباب النظام، حتى ينعم المواطنون بحقوقهم وحرياتهم، وقد عقدوا العزم على مواصلة نضالهم من أجل فرض سيادة القانون، مسلحين بدعم جلالة الملك المؤيد بالله، وبما وفره الدستور والقانون من إمكانيات وآليات، متشبثين بوحدة السلطة القضائية واستقلالها”.

    وعبر رئيس النيابة العامة عن سعادته الكبيرة لاحتضان المملكة المغربية الدورة 61 للمؤتمر الدولي للقضاة تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، خاصة أن المملكة المغربية سبق لها احتضان أشغال هذا المؤتمر سنة 2009 وهو دليل على الثقة التي يضعها منظمو المؤتمر في المغرب كوجهة دولية تتمتع بالاستقرار واستقطاب المنتديات العالمية، ولما يحظى به قضاؤه من احترام، وما توليه سلطات هذا البلد الأمين من اهتمام لقضايا العدالة.

    وأكد عبد النباوي أن ”أشغال هذا المؤتمر العالمي تعد فرصة سانحة لتبادل الخبرات والتجارب بين مختلف المشاركين، وكذا لمناقشة التحديات التي تواجهها العدالة، والقضايا المشتركة بين القضاة في مختلف دول العالم، وهي مناسبة كذلك أستغلها للترحيب بالمشاركين الذين جاؤوا من مختلف قارات العالم، وأتوجه بالشكر للودادية الحسنية للقضاة، ولرئيسها عبد الحق العياسي الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، وعضو النيابة العامة المحترم من أجل الدعوة الكريمة”.

    وأبرز عبد النباوي أن عقد هذا المؤتمر: ” يأتي متزامنا مع مرور سنة كاملة على استقلال قضاء النيابة العامة بالمملكة المغربية عن السلطة التنفيذية”، حيث كانت الدساتير المغربية المتعاقبة منذ أول دستور سنة 1961 إلى الدستور الخامس (1996)، الذي ظل العمل جاريا به إلى منتصف سنة 2011، تنص جميعها على استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولكن تطبيق هذا المقتضى الدستوري اكتفى بمنع تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في أحكام القضاة، دون أن يحول وقيام وزير العدل – وهو عضو بالسلطة التنفيذية – بمهام أساسية في المشهد القضائي، فهو الذي كان يرأس المجلس الأعلى للقضاء، كما أن وزير العدل كان يعتبر بمثابة الرئيس الأعلى لقضاة النيابة العامة يملك سلطة توجيه مهامهم وإعطائهم أوامر وتعليمات، كانوا ملزمين قانونا بتنفيذها، ولذلك فإن القضاء بفرعيه قضاء الحكم وقضاء النيابة العامة قبل دستور 2011، كان يعتبر مجرد مهمة تملك السلطة التنفيذية صلاحياتٍ هامة وأساسية في تسييرها وتدبير شؤون أعضائها، ولم يكن سلطةً من سلطات الدولة، وكان هذا الوضع محل نقاشات مجتمعية على كافة الأصعدة وكل مستويات الدولة، حتى أصبح قراراً من قرارات الدولة التي يتوقف عليها إصلاح المنظومة القضائية بالبلاد، وقد حمِل مشعلَ الإصلاح الملك محمدُ السادس منذ اعتلائه عرش أسلافه في 30 من يوليوز 1999، وأكد الملك على أهمية القضاء في كل الإصلاحات المجتمعية، الاقتصادية والسياسية والثقافية في العديد من خطاباته السامية، ووصل اهتمامه بموضوع إصلاح القضاء أن خصص له خطابا كاملاً في ذكرى ثورة الملك والشعب يوم 20 غشت سنة 2009. حيث وضع برنامجا شاملاً لإصلاح القضاء، حدد له ستة محاور أساسية، كان أولها هو دعم ضمانات الاستقلالية، وذلك بتخويل المجلس الأعلى للقضاء (آنذاك) حصريا، الصلاحياتِ اللازمة لتدبير المسار المهني للقضاة”.

    وأكد رئيس النيابة العامة أن هذا الخطاب، فتح الباب على مصراعيه لانطلاق مشاريع إصلاح العدالة واستقلالها، حيث جاء دستور فاتح يوليوز 2011 لينص على إحداث سلطة قضائية موحدة بالبلاد تضم قضاء الحكم وقضاءَ النيابة العامة، باعتبار القضاء جسماً واحداً. واعتبر الدستورُ السلطةَ القضائية هي السلطة الثالثة بالدولة، وجعلها مستقلةً عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. ونص على أن الملك هو ضامن استقلالها، ووضع بذلك الأسس لتجسيد هذا الاستقلال على أرض الواقع.

  • تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    شوكي: الإصلاح الضريبي الذي أقرته حكومة أخنوش مكن من تنزيل الإصلاحات الاجتماعية