أوريد يخلط آذان الجهاد بآذان الصلاة ويقبع في محرابه بلا مصلين في ‘جراحه الدامي’

أوريد يخلط آذان الجهاد بآذان الصلاة ويقبع في محرابه بلا مصلين في ‘جراحه الدامي’

A- A+
  • جميل أن يكتب عن مشاكل وطنه مثقف مغربي جرب تلابيب الحكم وتقلبات السلطان منذ كان تلميذا نجيبا في قسم ولي العهد الذي رافقه إلى أن أصبح ملكا، ومنذ خُيِّر بين القول بلسان الحكمة وبصيرتها والغٌربة وجفائها، فكان ناطقا بلسان الحق والحقيقة في بلاط السلطان لست سنوات، وكان عليه أن يحفظ ماء الوطن بما يتطلبه من صفاء، والقول الحصيف بما يتطلبه من إعمال لموازين القسط ومداخلها القانونية والجنائية حتى، بما يَحسن قوله ويَستقيم منطقه.

    وكم هو مستغرب وهجين أن يصدر من ذات المثقف ”الحصيف” قول بلا مُجَاجة، مثل ذلك المقال المَجِّ الذي أورده حسن أوريد في صحافة برَّانية، وهو ينشر على صحيفة ”القدس العربي” بالبنط العريض ”الريف: الجرح الدامي”، ويتأسف لأن القضاء لم يكن منصفا في المرحلة الاستئنافية، حينما أيد الأحكام الابتدائية بعشرين سنة من السجن في قضية الريف، وحسبنا أن ما نال هذا الحكم حسب منطوق القاضي إلا ناصر الزفزافي وثلاثة أخرون، وتقول فيهم ”عشرون سنة لشباب يحمل فكرا وتصورا نابعين من التربة المغاربية، فكرا يستمد جذوره من التاريخ، ويشرئبُّ إلى التجربة الكونية. جُرم هؤلاء الشباب المدانين في حراك الريف، أنهم في موعد مع التاريخ، ومتحدثون باسم من يتوق للحرية والعدالة والكرامة”. فإن كان أوريد يقصد الشباب الذين خرجوا في حراك سلمي حاملين مطالب اجتماعية عادلة، فهذا ينبلج في عسعسة الليل وتنفس الصبح، ولا يخالفه مخالف، أمَّا وقد ربط ذلك بمن نالوا العشرين سنة، فإن الحديث هنا قاصر عن إدراك مباطن الكارثة التي كانت ستحل بالريف لولا ألطاف الله، ولولا رجال مخلصون يحفظون أمن هذا الوطن عن ظهر قلب، ولا نحتاج إلى التذكير بمن خرجوا بمطالبهم حتى أسمعوها لصناع القرار ليتخذوا ما يلزم في حينه وأوانه، وعادوا إلى بيوتهم سالمين وهؤلاء باللآلاف، وبمن ظلوا يرقصون على الحِمم البركانية لحراك الريف تحريضا على الفتنة وبيعا وشراء في قضية عادلة لساكنة منكوبة!.

  • من حرض على إحراق مقرات الشرطة ورشقهم بالحجارة، ومن أصغى السمع وهو شهيد لزراع النار الداعمين للانفصال في هولندا وبلجيكا وغيرها، وما وقفة روتردام ببعيدة عنا، حينما حمل المحرضون لافتات كتبت بماء الخيانة ”الريف ليس مغربيا”، شُلَّت اليد الكاتبة وشُلَّ من حضَّر حِبر الكتابة، حينها خَرَس قلم أوريد وخرست أقلام بعض ”المثقفين” وما نازعوا في ذلك قد أنملة موقفا وتعبيرا..

    وحينما قاطع ناصر الزفزافي إمام الجمعة وألقى خطبة سياسية عصماء، لتهييج الشباب وقهر الأمل، ما أنبس لسان بعض المتشذقين باستنكار ماوقع، ولو انحبس غُصة في الحلق. ويا للأسف، حينما ترمش العين لترى أن المدانين بعشرين سنة أبرياء وملفهم القضائي فاض بالاتهامات المجرَّمة قانونيا، والقانون يَعلو ولايُعلى عليه، كما علمتنا يا أوريد في كتاباتك المستلهمة من التاريخ، وإن كان تبريرك في المقال إياه، أنه يجب طرح السؤال ”ما الذي حدا بشبيبة الريف إلى الغضب” وكأنك تخلط آذان الجهاد بآذان الصلاة، فالجواب واضح، الذي حدا بهم للغضب تعثر مشاريع الحسيمة الإنمائية، وانعدام فرص الشغل، وفشل الصحة والتعليم في إقليم له احتياجات ومتطلبات ملحة..

    لكن الذي حدا بناصر ورفاقه (أصحاب عشرين سنة) شيء آخر، حينما استمدوا بالزعامة وما قدروها حق قدرها، فالزعيم حكيم، يحتج بلاغلو، ويطالب بلا ابتزاز، ويرفع علم الوطن قبل علم الانفصال، ويتلقى أموال أمه وأبيه ولا يتلقى أموال شعو وكوكبة المخدرات الذين أسسوا حركة ”18 سبتمبر لاستقلال الريف” حتى التسمية ليست مغربية فنحن نقول شتنبر، ولا يطلق سبتمبر إلا بتعبير استعماري روماني بغيض.. ولا يقاطع اجتماع وزراء دعاهم الملك إلى الاستماع إلى مطالب الحراك وتحقيقها، ثم يرسل في مطالب تعجيزية ليضع الحجرة في حذاء حراك سلمي وردي، ليحول الشارع إلى دماء كما أشرت لحادثة عيد الفطر، إلا شخص رافض للحل ولو جاء على طبق من ذهب. فمن المسؤول، أفصح بجهبذيتك، من المسؤول عن كل ذلك؟..

    كيف ظل ناصر على هوجائه يؤلب رفاقه ويبعث رسائل كاذبة حتى وهو داخل السجن، ليُسجَّل بطلا في نظر المتحذلقين الذي لازالوا يريدون بهذا الوطن شرا.. ألم يقل في آخر رسالة نقلها والده ”إن خوضي لهذه المعركة (أي خياطة الفم) تأتي لإيماني في حقي في الحرية ورفضا للعسكرة واغتيال واختطاف الأطفال والريفيين والريفيات بالإضافة لرفض إدارة السجن منحي الملف الطبي”، فأين هي العسكرة يا ترى؟ وما نرى الحسيمة إلا مدينة جميلة هادئة مستقرة يحرسها رجال مخلصون من رجالات الأمن كما يحرسون كل مدينة وإقليم.. وأين هي الاغتيالات واختطاف الأطفال، هل توجد حالات تؤكد ذلك؟!.. كلها أباطيل أوردها ناصر ليشعل حراك الانفصال، وينال الوالد الذي اتخذ من قضية ابنه علامة تجارية أجر التأجيج، وبئس التجارة…ولما لم يسمع لخزعبلات ”القائد” أحد، فك العقال عن فمه وعاد إلى أكله وشربه، ويا ليثه لم يفُك العقال عن فم لم يذكر افضال الوطن أبدا، وسعى إلى تمجيد الاستعمار الإسباني بقوله ”الاستعمار الاسباني أرحم من الاستعمار المغربي” فكيف يكون الوطن استعمارا، والمستعمر وطنا! لاشك أنها معادلة صعبة، أشك أن أوريد وغيره قادر على حلها..

    ”أما حسابات البقال” التي أوردتها في مقالك ”من قبيل فعل الشباب كذا، وقالوا كذا، فيمكن الرد عليها، بأن الإدارة فعلت كذا، و لم تفعل كذا. وينبغي تجاوز ذلك لشيء أسمى. والذي لا يبصر من الغربال يكون أعمى… كما يقول المثل”.. فحسابات البقال هي التي أفشلت مخططات لضرب وحدة الوطن، وتحفظ لحمته من المتربصين بأمنه واستقراره، ولم نعلم يوما أن البقال اخطأ الحساب، ولو أخطأ الحساب لانحسر في قريته النائية ينذب حظه بعد فوات الأوان…ولا أختم إلا بماختمت به مقالك: ” الذي لا يبصر من الغربال يكون أعمى… كما يقول المثل..وكفى.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    شوكي: الإصلاح الضريبي الذي أقرته حكومة أخنوش مكن من تنزيل الإصلاحات الاجتماعية