النقيب السابق زيان.. بين الانطباع والواقع

النقيب السابق زيان.. بين الانطباع والواقع

A- A+
  • شوف تيفي: كريم الرابح

    انطباعات النقيب محمد زيان تتجاوز حدود الواقع والحقيقة، وتتماهى مع الخيال والوهم إلى درجة الاعتقاد واليقين، فالمتتبع لتصريحاته وخرجاته الإعلامية الأخيرة يجد نفسه أمام حالة هلامية تستعصي عن الفهم والاستيعاب، بسبب تباين وتناقض ما يقوله الشخص انطباعا وما يحققه واقعا.

  • فالنقيب السابق، يعتقد جازما بأنه يأكل الطعام مثل الأنبياء، وأن محجته البيضاء سنة محمودة للسلف من بعده، وأنه لا يبتغي في هذه الدنيا إلا ثواب الدار الآخرة وفسيح الجنان، بيد أن الطعام المذكور في قصة مريم البتول وعيسى المسيح كان بمفهومه المجازي، أي ما يقتاته المرء وليس ما يثمل به الفكر، كما أن التراشق بالسباب واللغو في بذيء الكلام لم يكن يوما من أقرب عمل إلى الله، ولا الأتعاب التي تتجاوز قيمتها ستة أرقام كانت في يوم من الأيام الكسب الحلال الذي يتقرب به المرء زلفى لخالقه.

    أكثر من ذلك، فالنقيب السابق الذي يتصور واهما بأن الحكم عليه بالتوقيف المؤقت عن ممارسة مهنة المحاماة، كان يروم منعه من مواصلة الدفاع عن توفيق بوعشرين ومعتقلي أحداث الحسيمة وحميد المهداوي والآخرين، إنما تعوزه الذاكرة، أو يحتاج لقياس نسبة السكري في الدم، أو مراجعة نوعية طعام و “شراب” يوم السبت، لأن الكل يعي بأن المرافعات التي تحيد عن القانون وتلامس السياسة وتراهن على الدعاية الصحفية أكثر منها المحاججة القانونية، لا يمكنها أن تثمر البراءة لناشر “أخبار اليوم” السابق، ولا أن تقنع المعتقلين في ملف الحسيمة الذين سحبوا مؤازرته جهارا في قاعة المحكمة، ولا هي كفيلة بأن تغري حميد المهداوي بتنصيبه وكيلا ومحاميا.

    وكلنا نتذكر أيضا، كيف كان الصحافيون يقاطعون تصريحات النقيب السابق على هامش تلك المحاكمات، ليس ضدا في شخصه أو نكاية في مهنته، ولكن لئلا يتم “تشنيف” مسامع المتلقي بعبارات ساقطة من قبيل “الزنطيط” الذي يصل حدود باريس، و “الخاصرة” التي تزن طنا ونصف، وغيرها من الأوصاف التي لا يمكن للمرء أن يسمعها بحضور أبنائه وذويه، إلا من قبل على نفسه البذاءة وفحش الكلام.

    واليوم أيضا، يأبى النقيب السابق إلا أن يكشف عن اختلال صارخ في ميزان الحقيقة والانطباع في فهمه للقانون، فالذي يتوعد بسلاح التشريع ويهدد بقوة النظام القانوني، يجب أن يدرك بأن هناك فرقا واضحا بين التشكي والتهديد، فحتى في بريطانيا وأوروبا فإن التشكي القضائي مطلوب والتهديد والوعيد مرفوضان، كما أن معركة القانون تكون واقعا أمام المحاكم المختصة لا افتراضا في منصات التواصل الاجتماعي، التي قد تجعل من المرء بطلا لكن من ورق، وقد تجعل منه أيضا مشهورا، لكن بمقدار شهرة ” علال القادوس” و ” نيبا” و” إكشوان إن وان”، ومن هم على شاكلتهم.

    والذي يحاول تصريف الإخفاقات إلى نجاحات، والفشل الذريع إلى انتصارات، عليه أن يدرك جيدا بأن الرأي العام المغربي يميز بين الغث والسمين، والصالح والطالح، كما أنه قادر أيضا على التمييز بين كلام المرء الشخصي والكلام المملى عليه، لأن اللسان عندما يتكلم بالوكالة يكون مفضوحا مثلما هي حالة النقيب في قضية التحرش التي خسرها قضائيا بمدينة الجديدة، في مرحلة التحقيق والمشورة حتى قبل الوصول إلى المحكمة. فالعبرة ليست بمن انتصب محاميا ومن كلفه، وإنما العبرة بصحة الوقائع وقوة الإثباتات وحجية القرائن، وهي المعطيات التي جعلت قاضي التحقيق يقرر عدم المتابعة في الملف وجعل غرفة المشورة تؤيد القرار.

    وفي سياق ذي صلة، نفتح قوسا لنقول بأننا تساءلنا بلسان النقيب زيان عن صحة الأخبار التي أطلقها هذا الأخير في قضية التحرش الأخيرة، ليس اعتدادا بتهديدات النقيب السابق وإنما طمعا في استجلاء الحقيقة بعيدا عن الانطباع، فكان الجواب شافيا من مسؤول أمني، الذي أكد بأن المدير العام للأمن الوطني ليس من فوج “غريم ” محمد زيان في قضية التحرش، وإنما يسبقه بأقدمية ثلاثة أعوام وأكثر، وأن القاسم المشترك الوحيد بينهما أنهما التقيا في فترة التدريب بالمعهد، بعدما كان الأول قد زاول المهنة لسنوات، مستطردا تصريحه، بنبرة مفعمة بالاستغراب، بأن عبد اللطيف الحموشي لم يكن يعرف بأنه سيصبح يوما مديرا عاما للأمن الوطني ليختار أفراد فوجه، وينتقي من يرافقوه خلال فترة التدريب!

    وختم المصدر الأمني تصريحه، بأن محمد زيان من حقه أن يطلب من المديرية العامة للأمن الوطني كشفا بعدد المسؤولين الذين صدرت في حقهم عقوبات تأديبية، أحيانا صارمة بالتناسب مع الإخلالات المهنية المنسوبة إليهم، رغم أن من بينهم من قضوا فترة التدريب في نفس السنة التي كان فيها عبد اللطيف حموشي يقضي فيها تدريبه الأساسي في المعهد الملكي للشرطة.

    كما أن بمقدور النقيب السابق الاطلاع على عدد ملفات الأمنيين المخالفين التي أحالتها مصالح الأمن الوطني على القضاء في إطار سياسة التخليق والقطع مع جرائم الفساد المالي.. فمثل هذه المعطيات ستوضح للنقيب زيان، يضيف ذات المصدر، بأن كلامه عن الحياد عن الموضوعية إنما هو انطباع تولد لديه بسبب سوء التقدير أو نتيجة إملاءات الجهة المعلومة التي توعز إليه بهذا الكلام، كما أن هذه المعطيات ستؤكد له أيضا بأنه لا يعلم شيئا عن تسيير ونشاط المديرية العامة للأمن الوطني وعن مخطط عمل مديرها الحالي، الذي لا يخضع امتثالا سوى للثوابت الوطنية، ولأحكام القانون، حتى وإن تعلق الأمر بأفراد عائلته.

  • المصدر: شوف تي في - كريم الرابح
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    شوكي: الإصلاح الضريبي الذي أقرته حكومة أخنوش مكن من تنزيل الإصلاحات الاجتماعية