خبير أمريكي يفكك كيف يتعامل المغرب مع العائدين المتطرفين من سوريا والعراق

خبير أمريكي يفكك كيف يتعامل المغرب مع العائدين المتطرفين من سوريا والعراق

A- A+
  • قال نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية، خبير في الأمن الإقليمي للشرق الأوسط، وآسيا الوسطى وروسيا الاتحادية “إيلان بيرمان”، أن “المغرب وضع جهودا مكثفة، على مدار العقد الماضي، من أجل الترويج للإسلام الوسطي المتسامح كعلاج من تطرف تنظيم الدولة الإرهابي “داعش ” وغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة، وبالرغم من تصدر المملكة المغربية الخطوط الأمامية لـ”حرب الأفكار” في العالم الإسلامي، تبقى الجهود المحلية التي يبذلها البلد للتخفيف من وطأة مشكلته الإسلامية الداخلية شبه مجهولة”.

    وأوضح “بيرمان” في مقال تحليلي مطول تم نشره عبر موقع قناة “الحرة ” يومه الأربعاء، أنه إلى حدود “منتصف عام 2017، قدرت مجموعة “الأزمات الدولية” أن أكثر من 1500 مواطن مغربي غادروا البلاد للانضمام إلى الجهاد في العراق وسوريا”. مشيرا أن “لجهود المغرب ضد التطرف أسباب عديدة، لكن أهدافها واضحة؛ فقد أضحت قضية “العائدين” الإسلاميين مصدر قلق كبير للمملكة، ودفعت البلاد إلى تبني استراتيجية مزدوجة تركز على العزلة وإعادة التأهيل”.

  • وتابع نائب رئيس المجلس الأمريكي للسياسة الخارجية، أن “المملكة جرمت بشكل رسمي تجنيد المقاتلين الأجانب في عام 2015، طبقا للمبادئ التي أقرتها الأمم المتحدة. وبموجب القانون المغربي، أي شخص يغادر البلاد للسفر إلى العراق وسوريا للانضمام إلى الدولة الإسلامية يعتبر مجرما، ويُحتجز عند عودته”. موضحا في ذات السياق أنه “ظاهريا، تنطبق هذه العقوبة أيضا على الإسلاميين الذين ينضمون إلى فصائل متطرفة أخرى (مثل القاعدة أو بوكو حرام في نيجيريا). وتتراوح مدة السجن لمرتكبي هذه الانتهاكات من خمس إلى 18 سنة، تبعا للفعل الذي ترتكبه المجموعة المتطرفة المعنية”.

    وكشف ذات المتحدث أنه “حتى اليوم، لم يعتقل المغرب سوى 200 من هؤلاء العائدين، وسجنهم جميعهم. ومع ذلك، تتوقع السلطات زيادة عدد المتطرفين العائدين في الأسابيع والأشهر المقبلة، بعد أن انهارت خلافة الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط”.

    وأبرز الخبير الأمريكي أنه “للـتعامل مع هذا التدفق، أنشأ المغرب نظام سجون مواز يهدف إلى فصل المتطرفين الإسلاميين عن المجرمين العاديين، ومنع عدوى أفكارهم الراديكالية من الانتقال للآخرين، هناك الآن ما بين 16 و17 سجنا داخل المملكة، يتم تصنيف السجناء المحتجزين داخلها في ثلاث فئات. المتشددون الدينيون، وممولو الإرهاب أو المتورطون في التعبئة الأيديولوجية (الذين) يعتبرون الأكثر خطورة بين الفئات الثلاث”. ويعتبر المتطرفون الإسلاميون الذين يظهرون علامات “تصالح” مع الإسلام المعتدل أقل خطورة، يضيف بيرمان، بينما ينظر إلى الآخرين (غير المقاتلين وغير العقائديين) على أنهم غير خطرين نسبيا. وتختلف المعاملة التي يتلقاه هؤلاء النزلاء باختلاف تصنيفهم، وإجمالا، يقدر عدد المسجونين بموجب النظام الجزائي الإسلامي المغربي حاليا بما يتراوح بين 800 و820 سجينا”.

    وزاد في ذات المقال “لكن المسؤولين في الرباط يدركون أن السجن ليس حلا دائما لمشكلة التطرف الإسلامي في البلاد. لذلك، حولت المملكة تركيزها إلى تفكيك الخطاب المتطرف لدى الإسلاميين القابلين لإعادة التأهيل”، مشيرا إلى أن “المحصلة عبارة عن برنامج جديد يطلق عليه اسم “مصالحة”. يدير البرنامج المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج (DGAPR)، وهو مصمم لإعادة تأهيل المتطرفين الدينيين، وله ثلاثة أهداف: أن يتقبل السجين المسؤولية عن أفعاله الخاصة، ويتصالح مع العقيدة الإسلامية، ومع المجتمع ككل”، ويتحقق ذلك من خلال المحاضرات والخطاب الأيديولوجي الذي يفضح زيف الأفكار الإسلامية المتطرفة التي يتم تنفيذها بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء، أعلى هيئة دينية في البلاد، من خلال التدريب العملي والنظري المصمم لتزويد السجناء بالمهارات العملية والفكرية، من خلال تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان”.

    وأفاد بيرمان أن “برامج “مصالحة” يستغرق شهرين، يتم خلالهما فصل السجناء المشاركين عن السجناء العاديين في السجون. وعند الانتهاء، يتم منح العفو عن غالبية المشاركين (أكثر من 50 في المائة من الخريجين حتى الآن)، وتخفيف عقوباتهم. المشاركة في البرنامج طوعيا تماما ويجب أن يبادر السجناء أنفسهم لطلب الانخراط فيها.

    وختم خبير الأمن الإقليمي مقالته قائلا :”على كل حال، لا يزال برنامج “مصالحة” تجريبيا. إذ تم إكمال دورتين فقط حتى الآن، والثالثة لا تزال جارية. خرَّجت المبادرة 75 خريجا فقط، وهناك 37 نزيلا يشاركون فيها حاليا. ومع ذلك، رغم هذه العينة الصغيرة، يؤكد المسؤولون المغربيون أن النتائج كانت مشجعة للغاية؛ فالبرنامج يعمل منذ ثلاث سنوات، وحتى الآن لم يعد أي من الخريجين إلى صفوف المتطرفين”، متسائلا في ذات السياق “هل ينجح منهج المغرب في التعامل مع التهديد الذي يشكله عائدون من داعش؟ الوقت وحده كفيل بإثبات ذلك من عدمه. لكن النجاحات التي حققتها المملكة في هذا المجال حتى الآن تقدم بعض الدروس القيمة للدول الإقليمية الأخرى التي تعاني من نفس المشكلة ـ أو ستعاني منها قريبا”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الدار البيضاء: المستشفيات تعرف نقصا بسبب البريفي رغم وجود 60% من الأطباء