تُجًّار”الرقية الشرعية” وسَماسرة “الحجامة” والنَّصب باسم “الطّب النبوي”

تُجًّار”الرقية الشرعية” وسَماسرة “الحجامة” والنَّصب باسم “الطّب النبوي”

A- A+
  • ظهرت في الآونة الأخيرة العديد من الوجوه التي تطالب بإحلال الطب العلمي القائم على الأدلة والبراهين بالعلاج بالأعشاب تلك التجارة الرائجة، التي تحكمها الخرافات والخزعبلات، وتديرها عصابات من الدجالين، وتروج لها بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، وتدرجها تحت ما يسمى بـ”الطب البديل”، حتى أصبح الطب “بيزنيس” مضمونا يبيع الوهم عن طريق عملية غسيل المخ التي يستخدمها الدجالون والمشعوذون لإقناع المريض بها.

    ورصدت “شوف تيفي” تحركات العاملين في المجال وطريقة اشتغالهم، فتبين أنه دائما ما يلجأون إلى الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية لإقناع المريض بما يريدون إقناعه، فإذا عرض أحد الدجالين منتجا عبارة عن “عسل نحل”، وأرفق معه “فيه شفاء للناس”، فالأمر بالنسبة للمريض قد انتهى، ولا يمكنه وقتها الاعتراض، وحي مُنـزل، الأمر كذلك في الحجامة فقد استخدم معها الدجالون الحديث النبوي القـائل: “إنْ كان في شيءٍ مما تداويتم به خيرٌ فالحجامة”، وهذه الحجة يستخدمها الكثيرون في إقناع مرضاهم بشراء منتجاتهم أو المداواة بها دون التفكير في الأدلة العلمية عليها.

  • وتتناسل مراكز الرقى والحجامة في عدد من المدن المغربية، حيث لا يكاد يخلو حي من أحياء مدن كبرى، مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس وطنجة وغيرها من حواضر المملكة، من مقرات ومحلات حوّلها أصحابها إلى شبه عيادات خاصة بما يسمى “الرقية الشرعية” أو الحجامة النبوية، ومن اللافت للانتباه انتشار العديد من “عيادات” الرقى والحجامة، يقف وراءها شباب في الغالب لديهم توجهات دينية وميول سلفية على الخصوص، كما توجّه عدد من أهل الاختصاص والتجربة إلى فتح مراكز متخصصة في العلاج بالرقى والحجامة النبوية.

    ويلجأ العديد من المشعوذين إلى طريقة أخرى للنصب على أتباعهم، ألا وهي طريقة إعداد الدورات والورشات عن الحجامة وفوائدها للحصول على “معالج حجامة”، والغريب في ذلك أن المحاضرين أنفسهم لا يمتون إلى عالم الطب العلمي أو البديل بصلة، إلى جانب امتهانهم ألقابا لم يحصلوا عليها من الأساس كـ”محاضر ودكتور ومتخصص” وغيرها، وبهذه الطريقة يحصلون على ملايين ، بعد استخراج شهادات وهمية باسم “معالج حجامة” من مراكز لم نسمع عنها من قبل.

    غياب الدور الرقابي من جانب وزارة الصحة ونقابة الأطباء، كان سببا رئيسيا في انتشار هذه الظاهرة، وانتشارها بشكل لافت، وظهور الكثير من الذين يُسمون أنفسهم: “متخصصون”، وهم في الأصل دجالون، لعرض منتجاتهم أو أفكارهم وحبكها جيدا لغسيل مخ المشاهد، وهو ما تسبب في كوارث كثيرا ما تسببت الحجامة في مآسي لاتنتهي، حيث سبق وتوفي رجل مُسن بالبيضاء بعد عودته من الحصة الأولى للحجامة التي أجراها بهدف التخلص من الدم الخبيث، بطريقة تقليدية بأحد الصالونات الموجودة بأحد الأحياء الشعبية، والتي لا يتوفر صاحبها على أدنى شروط السلامة.

    والخطير في الأمر أن بعض المعالجين باسم الحجامة يلجأون إلى الاستعانة بخريجي كليات الشريعة والمعاهد الدينية لإقامة دورات وورشات عمل وهمية بمبالغ باهضة، وذلك لإقناع المريض أن عملهم منظم وذلك ما تسعى بعض المراكز لتنظيمه لجمع الأموال على ظهور ضعفاء العقول أو الطامعين في العلاج.

    من حهته، أكد محمد بلهنتوت الحسيني المؤطر والمحاضر في مجال الحجامة أن “الحجامة هي طب فطري إلهي تداوى بها أهل الأرض أجمعين منذ عهد آدم وتداوى بها حضارات كثيرة منهم القدماء المصريين والرومان والصينيين إلى غير ذلك من الأمم حتى جاء النبي وزكاها وعملها وأمر أمته بها إلا أنها علم طب لا تخرج عن نطاق أنها طب ووسيلة علاجية أعطت النتائج المبهرة إذا مورست بالطرق والشروط والأساسيات العلاجية المضبوطة علميا وحتى طبيا” مُشددا على أن “هناك جهات منظمة لدورات لا تسمن ولا تغني من جوع هناك مؤطرين هم بحاجة إلى أن يتعلموا أولا فما بالك أنهم بقوموا بدورات” مُشددا أن “هناك أناسا آخرين لا يمكن أن نقول عنهم إلا أنهم غير مأهلين لممارسة المهنة لأننا أولا نشتغل على جسم بشري فلابد لنا من معرفة تشريح الجسم كحد أدنى من علوم مرتبطة بالحجامة”

    وأوضح بـلهنتوت في تصريحه لـ”شوف تيفي” أن “المجال ممتلئ بأشخاص يمارسون الحجامة مستواهم أقل من الابتدائي أحيانا والقليل منهم يصل إلى الاعدادي”، متسائلا ” فكيف لهؤلاء أن نقول إنهم معالجون ويعالجون أمراضا وهم لا يفهمون المرض أصلا ولا أعراض المرض ولا كيفية علاجه بالرقية أو بغيرها” مُردفا “هذه من المصائب التي ابتلينا بها ، وأصبحت الحجامة مهنة من لا مهنة له وحرفة من لا حرفة له ، وأصبحوا ينشرون في اليوتيوب وفي صفحات التواصل الاجتماعي والواتساب وغيرها من الكوارث وهم فرحون بها، حتى أصبح الناس ممن لهم رغبة في التداوي بالحجامة عندما يشاهدون الدماء وتلك الأشكال المقززة يفرون لأن الحجامة لا تخضع للضوابط العلمية ولا الشرعية ولا الطبية اتلاف الدماغ والتشريط العميق والأوساخ وهذا لا نقول عنه إلا أنه ليس من الحجامة في شيء، بل الحجامة علم راقِ، والحجامة أعطت نتائج مبهرة جدا والتي عجز الطب الحديث عن علاجها ولكن إذا مورست على يد أناس متخصصين في المجال وهم موجودون ولكنهم قلة في بلدنا المغرب الحبيب…”

    وبالنسبة لأمر “الرقية الشرعية” زاد المتحدث قائلا : “ما نراه من أشخاص كثر في المجال دجالين ومشعوذين باسم الدين في حلة جديدة مع الاسثناء الذي أستثنيه أن هناك رقاة صادقين ولكنهم قلة قليلة لا يصورون الحالات عبر اليوتيوب ومن يصور الحالات عبر اليوتيوب فأنا أسميها بالرقية الهوليودية ، من يصور ويدخل الحجامة مع السحر والحجامة مع الجن كل هاته هي هراء وخزعبلات لا أصل لها لاعلميا ولا شرعيا ولم تثبت، وكل من ينشر هذه الفيديهوات هي لأجل استقطاب الناس وبيع الوهم، من يأتي هؤلاء يزداد مرضا”.

    وشدد على أن ظاهرة المطالبة بأثمنة باهضة في مراكز الرقية “تُمارس في ظل عدم وجود قانون ينظم هذه المهنة سواء الرقية، سواء الحجامة ونحن منذ سنوات طويلة ونحن نطالب بتنظيم المهنة من طرف من لهم كفاءة وبإمكانهم أن يحاوروا الجهات المعنية في هذا الباب…” مضيفا أن “المشكل هو وجود جمعيات هي أصل الفتنة وهمها هو القيل والقال والكل منهم أصبح ينتقد الآخر ولا أحد منهم بامكانه أن يقدم شيئا لهذه المهنة، والكارثة هي أن من يترأسون هذه الجمعيات شبه أميين، شوهوا الرقية الشرعية ينشرون فيديوهات تعج بالتفاهات والخرافات والخزعبلات مع الأسف…”.

    ويرى مراقبون أن هذه الممارسات تقوم على وسائل لا تعتمد على المنهج العلمي الصارم المتبع في كليات ومدارس الطب والصيدلة الحديثة المعترف بها، حيث لا تخضع هذه الممارسات والعلاجات لقواعد القابلية للفحص والتجريب والاختبار المشروطة فى المنهج العلمي، وغالباً ما تكون هذه الممارسات أو العلاجات قائمة على التقاليد والموروثات والثقافات الشعبية، أو الخرافات والمعتقدات المحلية أو العقائد أو الأديان أو قوى خارقة للطبيعة، أو المغالطات العلمية الجسيمة أو وسائل الاحتيال والتدليس أو الدعاية الإعلامية الموجهة الكثيفة.

    وحذرت هيئات حقوقية مما وصفته بـ”المتاجرة بآلام الناس والمجاهرة بمقاطع تضليلية مكذوبة لا أساس لها من الصحة ولا الواقعية”، منبهة إلى أن عددا من المتاجرين بـ”العلاج بالرقية” يلجؤون إلى ممارسات مشينة وغير قانونية، من قبيل “ممارسة السحر والشعوذة”، و”تصوير المرضى دون إذنهم، وعدم حفظ أسرارهم وابتزازهم والتشهير بهم”، إلى جانب ممارسة العنف مع المرضى عبر “الضرب المبرح وإلحاق الضرر المادي والمعنوي”.

    وجــدير بالذكر أن مجال الرقيــة الشرعية لازال يعيش نوعا من العشوائية ولم يقنن لحدود اللحظة، حيث لا يوجد هناك قانون تنظيمي لهذا المجال الذي تنتشر فيه الكثير من الشبهات و الحكايات حوله ، وعن ظاهرة الاعتداء الجنسي على نساء من قبل رجال ما يسمى بــ”الرقية” الذين تبدو عليهم مظاهر الالتزام من لحية طويلة، وأحيانًا يستعملون أشرطة فيديو توثق حديثه مع جن أو تصريح لمريض يقول إنه شفي تمامًا بدعم من الراقـي، وكلها أساليب لإيهام المريض، الذي يكون مكتئبا ويتحول مرضه إلى مُتاجرة به في غالب الأحوال.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    لوسيور كريسطال تكشف عن هويتها البصرية الجديدة وتعلن عن خطوة استراتيجية جديدة