بوح الأحد:لحظات الغضب بعد إقصاء المنتخب الوطني لن تبرر جلد الذات وإعدام الطاقات

بوح الأحد:لحظات الغضب بعد إقصاء المنتخب الوطني لن تبرر جلد الذات وإعدام الطاقات

A- A+
  • بوح الأحد: لحظات الغضب بعد إقصاء المنتخب الوطني لن تبرر جلد الذات و إعدام الطاقات، هَرِمُ العرجات يكشف حقيقته العارية، الأمن الإستراتيجي للمغرب و خبايا تصريحات وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية و أشياء أخرى

    ودع منتخبنا الكروي المنافسة الإفريقية مبكرا من دور الثمن. كانت الصدمة قوية بحكم حجم الآمال والانتظارات وطول انتظار فرصة التتويج بهذه الكأس التي كنا نرى بأننا الأحق بها مع هذا الجيل من اللاعبين الذي ترك بصمة كبيرة في سجل كرة القدم المغربية، ولكن الإقصاء لم يكن مفاجئا في دورة يمكن وصفها بدورة المفاجآت بعد صعود نجم فرق مغمورة وتساقط منتخبات كبيرة، وفي مقدمتها السنغال حاملة اللقب ومتصدرة مجموعتها بالعلامة الكاملة التي سقطت أمام الكوت ديفوار التي تأهلت بأعجوبة لن يصدقها إلا من عاشها وعايش تفاصيلها.
    مشاعر الغضب طبيعية، وشعور عدم الرضا مطلوب، والمطالبة بتقييم هذه المشاركة واجب، ولكن هناك شعرة دقيقة تفصل بين النقد الباني والهدام، وعدم استحضارها قد يهدم حلما كرويا نحن بصدد صناعته ولم تكتمل بعد كل فصوله.
    هل هناك خلل ما في هذه المشاركة قادنا إلى هذا الإقصاء؟ هل هو خلل ذاتي أم موضوعي؟ هل كان واضحا أم اكتشفناه بعد الإقصاء؟ هل كان يمكن تفاديه من قبل؟ وكيف؟ وهل هناك من إجراءات لضمان عدم تكراراه؟
    هذه كلها أسئلة مشروعة وضروري طرحها على الطاولة من طرف كل المعنيين بالشأن الكروي، ولكن بعد تجاوز لحظة التشنج لأن التقييم الانفعالي وردود الأفعال غير المحسوبة والمتسرعة تحطم وتهدم.
    صيغة ومحتوى تصريحات اللاعبين والطاقم التقني للفريق تبين حجم الشعور بمرارة المغاربة وحجم المسؤولية التي كانوا يستشعرونها جميعا لأنهم ألفوا احتضانا شعبيا وانخرطوا مع المغاربة في هذه المغامرة التي انطلقت شهورا قبل مونديال قطر حين تحمل مدرب مغربي مسؤولية تدريب الفريق ولم تنته بعد ونحن مقبلون بعد سنة على تنظيم هذه الكأس في المغرب.
    التوسع في التقييم واستغراق الوقت في النقد وتصدي الجميع لهذا العمل قد يكون عامل إحباط، وقد ينسينا الاستحقاقات القادمة، وخاصة كأس افريقيا التي ستنظم في عقر دارنا وحينها ستجتمع لنا العوامل الموضوعية والذاتية لربح هذا الرهان القاري الذي غبنا عنه ما يقارب النصف قرن. وهذه مناسبة للتذكير بأن عوامل المناخ وطبيعة الأجواء الإفريقية كانت من عوامل هذا الإخفاق، وهذه حقيقة موضوعية لن ترتفع بإنكارها، وفي الكأس القادمة لن تكون حاضرة. لقد كسبنا فريقا أوصلنا للعالمية، وحققنا نتائج فتحت لنا الباب لأحلام كبيرة صرنا نراها مشروعة وقابلة للتحقق، وعندنا خزان من اللاعبين من مختلف الأجيال يضمن لنا الاستمرارية في المستقبل، ونتوفر على مشروع كروي ترعاه إرادة حقيقية وتضمن له كل سبل النجاح. هذه كلها مكاسب يجب أن لا تغيب عنا في لحظات الغضب حتى لا يتحول التقييم إلى جلد للذات وإعدام للطاقات.
    هي مناسبة كروية وجوادنا تعرض فيها لكبوة ولكل جواد كبوة ولكن الجواد يبقى دائما جوادا. يجب الاستمرار في دعم اللاعبين وطاقم الفريق بكل عناصره لأن الإقصاء في منافسة ليس نهاية العالم، وهنا علينا الاستفادة من لحظات مرت على دول ذات تاريخ كروي كبير تعرضت للإقصاء في أدوار متقدمة وبشكل مذل ولكنها استجمعت قواها واستدركت في أقرب وقت بسبب عدم تهويل الخسارة وبفضل التعامل معها بشكل متوازن، وبالمقابل علينا جميعا الانتباه أثناء لحظات الغضب من الإفراط في تحميل المسؤولية للاعبين أو المدرب دون الأخذ بعين الاعتبار كل العوامل التي كانت سببا في هذه الخسارة. هل نتذكر جميعا قصة ضربة الجزاء التي أضاعها روبيرتو باجيو في نهائي كأس العالم بأمريكا سنة 1994 وتسببت في خسارة الطاليان للكأس الذهبية؟ هل نتذكر الإفراط في تحميل المسؤولية لهذه الأيقونة التي تحولت من بطل قومي إلى شخص منبوذ من طرف الجميع وأنهت مساره بشكل كارثي رغم أنه لم يضيع غيرها في حياته وجعلته يصرح بعد سنوات بأنه “يومها كان يمكن أن أقتل نفسي ولن أشعر بشيء”. هناك دروس كثيرة حصلت لغيرنا ويجب أن نتعلم منها التوازن في التقييم واستحضار الحكمة عند الغضب وعدم محو كل الماضي عند الخسارة.
    يجب الجلوس مليا لتقييم مشاركتنا في هذه الكأس والوقوف عند مكامن الضعف لاستدراكها ومعرفة نسبة تحمل المسؤولية لكل طرف وترتيب ما يجب على ذلك، ولكن يجب أن يتم كل هذا دون انقلاب على هذا الفريق وفي ظل احتضان شعبي له ومع استحضار أننا على أبواب تنظيم كأس قارية العام القادم وعلى إقصائيات كأس عالمية جديدة. ومن بدا أنه لا يستحق الاستمرار في ركوب هذه السفينة ليس أمامه إلا النزول منها في أول محطة بهدوء وبدون تنكر لما ساهم في صنعه من إنجازات.
    بيّن إقصاء المغرب كذب ادعاءات من كان يقول بأننا وضعنا الكاف في الجيب وأننا نتحكم في دواليبها ونحن صناع قراراتها، وربما يكون المنصفون استوعبوا أننا كنا ربما ضحايا بعض قراراتها التي لم تكن عادلة والتي لم نضخمها في حينه لأننا نتعامل مع الكرة في حدود ما تتطلبه ولأن تسييس الكرة سم قاتل والإلقاء بكل المسؤولية على الكاف يكون خلفه محاولة لتغطية الضعف والفشل وإلصاقه بالغير.
    بيّن إقصاء المغرب كذلك حجم الكراهية التي يحملها لنا بعض جيراننا الذين انتشوا بالهزيمة أكثر من فرحهم بأي شيء آخر وكأنهم هم المنتصرون علينا. أجواء الفرح التي تناقلتها قنوات تلفزية من الشارع الجزائري وضمنها فرح هستيري لحاملي بذلة الشرطة تؤكد بالملموس حجم الأحقاد التي تسببت فيها الخطابات التحريضية والعدوانية ضد المغرب وسط الجزائريين. يمكن تفهم هذه السلوكات لو كانت محدودة ولكن نقلها عبر التلفاز في مراسلات صحفية والابتهاج بها يؤكد أنها أصبحت سياسة دولة شغلها الشاغل شحن الجزائريين ضد المغرب وكأنه سبب إقصائهم المذل من دور المجموعات. للأسف ما يزال نظام الجارة لم يتخلص من عقدة يحملها معه ويتناقلها جيلا بعد جيل منذ الستينيات، وهي عقدة التفوق المغربي. الفرق بيننا وبينهم كبير. نحن نتحمل مسؤوليتنا في الإخفاق ونلتفت إلى أخطائنا وننكب على معالجتها بكل شفافية وتوجه نحو المستقبل بينما هم يبذلون الجهود كلها لصرف الانتباه عن الأخطاء مخافة ثورة شعبية ويلصقونها بالمغرب الذي يتحكم في الكاف وقراراته ويقود مؤامرة لإقصائهم.
    بيّن إقصاء المغرب حقيقة بعض أشباه الحقوقيين الذين فقدوا كل صوابهم وصار الحقد الأعمى محرك ما يكتبون ويقولون عن البلد الذي ينتسبون إليه. عزيز غالي الذي يترأس مقاولة حقوقية على حافة الإفلاس الحقوقي بعدما أفلست أخلاقيا منذ سنين ينخرط في حملة ضد المغرب لصالح جنوب افريقيا ويخلط بشكل جاهل بين الكرة والسياسة في لحظة مفصلية من المنافسة الكروية ويسمح لنفسه أن يصنف فريق المغرب الذي ينتمي إليه بأنه فريق التطبيع. نص التدوينة هو “يوم الثلاثاء مقابلة بين التطبيع والمقاومة أي موقع تختار”. هل يتناسب هذا الكلام الساقط مع ما يقدم به عزيز غالي نفسه من تجربة وشهادات وخبرة؟
    لو كان عند هذا الشخص ذرة شخصية لتمسك برأيه ودافع عنه وواجه به المغاربة الذين استنكروا تدوينته بما أشعره أنه لا يحمل من اسمه ما يدل على حقيقته التي اكتشف أنها مخالفة لاسمه لأنه منبوذ ورخيص، وزاد من وضاعته عندما أقدم على حذف تدوينته دون تفسير أو اعتذار.
    كشف أن شخصيته ضعيفة ومهزوزة وأنه من هواة جمع اللايكات وصناعة البوز وإثارة الانتباه وأنه ليس صاحب رأي يتشبث برأيه في السراء والضراء ولا يهمه رأي الناس حوله طالما أنه مقتنع بالرأي الذي يتبناه بعد مجهود تحليلي وتقصي للمعطيات. كشف المكروه أنه لم يستفد من سفرياته لجنوب لبنان غير استعمال التقية ضد أبناء المغرب ليخفي ما يؤمن به تجنبا لحملة الاستنكار التي طالته من المغاربة. كشف المنبوذ أنه جزء من ماكينة تضليل أعداء المغرب، وأنه لا علاقة له بالشعارات الحقوقية التي يطالب بها الدولة.
    كان الأولى له بعد حذف تدوينته العدوانية أن يعوضها بتدوينة يشرح فيها أسباب الحذف احتراما لجمهوره. عدم تقديم التفسير يعني أنه يتعامل معهم كقطيع قاصر أو جاهل أو لا يستحق أن يفهم. كان لزاما عليه بعد حذف تدوينته المسيئة للمغرب ولكل المغاربة أن يقدم اعتذارا صريحا وعلنيا لهم جميعا ويعلن استعداده لتحمل مسؤوليته تجاه هذا الخطأ ويطرح الأمر على المقاولة التي يمثلها لأنه أصبح في حالة تنافي أخلاقي ولا يحق له بعد هذه التدوينة أن يصف نفسه رئيسا لجمعية تحمل اسم “المغربية” في عنوانها.
    ما أقدم عليه المنبوذ هو نوع من الهروب من تحمل المسؤولية والخضوع للمحاسبة ويندرج كذلك في خانة الإفلات من العقاب، واستهانة بجمهوره لأنه يتعامل معه بمنطق الشيخ والمريد الذي ليس أمامه إلا قبول ما يصدر عنه لأنه صاحب الصواب دائما.
    هي مناسبة أتيحت لأتباع “غالي” ليعرفوا فراغه وبعده عن المنطق الحقوقي وهو يتهرب من المحاسبة وتقديم الاعتذار، بل يرى في من ينتقده بأنه يشن حملة ضده لصالح جهات لا يسميها لأنها غير موجودة إلا في خياله ليمني نفسه أنه محبوب الجماهير. حالة الهوس عند “غالي” بنفسه وصلت درجة الهوس وأصبح حالة مرضية سيتأذى منها من يصفقون له اليوم قبل غيرهم. والأيام بيننا، وإن كانت البوادر واضحة لأن من لا يتسع صدره لقبول نقد غيره لن يكون أهلا لتدبير عمل يشترك فيه فرقاء كثر في حقل يجب أن يكون الفاعل فيه قدوة للجميع.
    حالة هذا المقاول الحقوقي عينة فقط من المسترزقين بحقوق الإنسان والسياسة وغيرهما من مجالات الشأن العام النبيلة التي حولوها إلى تجارة مربحة و”بزولة” يرفضون الفطام عنها ومظلة لوقايتهم من كل متابعة ومحاسبة حسب ما تقتضيه القوانين. والحالة الثانية التي تستحق فضحها وكشف حقيقتها في هذا البوح هي حالة زيان سيء الذكر ذي التاريخ الأسود.
    قدرت منذ وقت طويل ترك الشيخ لحاله لعل خلوته تكون مناسبة له للاستغفار عما سببه من أذى لغيره، وتجنبت الحديث عن تخيلاته التي تحرص كتيبته على نقلها تحت بند تحليلات وتوقعات، وقررت منذ زمن منح فرصة له ليظهر انسجامه مع ما يدعيه من تمسك بالوطن وتشبث بالملكية وخاصة أن شيبته قد تحرك فيه بعضا من الحكمة والرزانة التي تقتضيها المرحلة العمرية. لقد كشف زيان أنه لم يتخلص من مراهقته العمرية والفكرية، بل إنه بلغ مرحلة من العته غير مسبوقة، ووصل أرذل العمر فصار يعري نفسه بدون مناسبة.
    المهلوس زيان وفي تصريح من سجنه مليء بالهرطقة لمنشور إسباني معروف بعدائه غير المبرر للمغرب ومؤسساته يصب كل سمومه على الملك ليكشف للمغاربة وللعالم حقيقته التي ظل يخفيها دائما. فضح زيان حقيقة الظروف المحيطة بسجنه وهو يدعي أنه ممنوع من حقوقه رغم أن له الوقت والوسائل للتواصل مع الصحافة بكل حرية وقول كل ما يريد وهو يعلم بحكم مهنته أن ما يقوم به يقع تحت طائلة العقاب قانونا. أحرج زيان كل من كان يتعاطف معه بسبب سنه المتقدم والذي قد يبرر له نوعا من التعامل التفضيلي رغم أنه غير مسموح إلا بما نص عليه القانون صراحة.
    أكد زيان بكلامه عن الملك والملكية ما يقال عن حالة الخرف التي يعيشها منذ مدة والتي يداريها أعضاء كتيبته، وبين حقده على الملكية التي كان يمارس تجاهها التقية بادعاء أنه ملكي وأن مشاكله مع من يحيط بالملك الذين حاول جاهدا فصلهم عن شخص الملك في خطة بليدة. نقل المنبر الإسباني المعادي للمغرب دون تثبت أو أدنى احترام لقواعد مهنة الصحافة عن زيان أن الملك غائب وعاجز ومريض وإن كان لا يريد أن يحكم، عليه أن يتنازل عن الملك لابنه أو أخيه أو أخته.
    توقيت وسياق ومحتوى هرطقات “المخرف الهرم” زيان تؤكد أنها جزء من مخطط يستهدف إضعاف المغرب وإشغال المغاربة بالتفاهات وإلهاء المؤسسات بالتصدي لهذه الحماقات على الاهتمام بما يهم تدبير البلاد. ما قاله زيان لا يختلف عما قاله المعيطي قبله، والمشترك بينهما هو اختيار منابر أجنبية معادية للمغرب ظنا منهما أن زمن الخوف من الأجنبي والانبهار بما ينشر عن المغرب ما يزال يحظى باهتمام لدى المغاربة، وهذه هي مأساة الطابور الخامس الذي لم يستفق من الماضي ويصم آذانه عن الحاضر الذي يعيشه المغاربة ويطلعون من خلاله على تفاصيل حياة الملك وصحته وتدبيره لشؤون البلاد في حدود الاختصاصات المسنودة إليه وهو الذي اختار مبكرا تقوية دولة القانون والمؤسسات التي تمارس فيها كل سلطة صلاحياتها لتتحمل مسؤوليتها. محتوى هلوسات زيان غير جديد بل هو إعادة تدوير لنفايات قديمة من سقط الكلام تثبت الوقائع كذبه، ولو أنه يريد بتلك البدائل التي يطرحها التمويه وكأن هناك مشكلة في من سيحكم المغرب. إنها تخيلات أرذل العمر وتخاريف آخر زمن من كان يظن نفسه “سبعا” فاكتشف أنه في مكان لم يتصور نفسه يلجه إلا متخابرا مع أحد موكليه. درس زيان الذي يجب أن يستخلصه الجميع هو أن لا أحد فوق القانون والعدالة سيف على الجميع و”اللي فرط يكرط” بالقانون.
    يكتشف كل هؤلاء أن خرجاتهم بهذه الكيفية تزيد حجم نبذ المغاربة لهم وتكرس عزلتهم وتكشف جهلهم بهذا المغرب الذي لا يرون فيه إلا مصدرا للإثراء والامتيازات ومستعدون لهدمه على من فيه إن مست امتيازاتهم أو حصانتهم.
    تشتغل مؤسسات الدولة في تناغم ووفق استراتيجية واضحة والتكامل بين المؤسسات جلي لمن يتابع بموضوعية، وما هو مطلوب من الملك يؤديه في وقته وبالجودة المطلوبة وباستباقية تؤكد أن مصلحة البلد ومستقبله حاضرين باستمرار في أجندته.
    وهذه مناسبة للتذكير بالمبادرة المغربية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي التي أعلن عنها جلالته في خطاب الذكرى الأخيرة للمسيرة الخضراء، وقد اتضح هذا الأسبوع القدرة التوقعية والاستباقية للمغرب للتحولات التي تعرفها المنطقة.
    الانسحاب الفوري للنيجر ومالي وبوركينافاسو من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس” التي تضم 15 دولة من منطقة الساحل مؤشر على حجم التحولات التي تعرفها المنطقة، والتصعيد الذي قابلت به سلطات مالي الجزائر مؤشر آخر على سمعة الجزائر في المنطقة وحالة الكره التي تقابل بها سياساتها لدرجة جعلت السلطات المالية توقف العمل ب”اتفاق الجزائر” للسلام الموقع سنة 2015 وتتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية ودعم الإرهاب، وإقدام إيطاليا على تنظيم قمة إيطاليا-افريقيا تحت شعار “جسر للنمو المشترك” مؤشر على ما تشكله هذه القارة من أولوية لدى الطاليان، وهو ما ينضاف للاهتمام الروسي والصيني والتركي. أليس في كل هذا ما يقنع أمثال زيان بما تقوم به الملكية في المغرب من أدوار استراتيجية هو صميم اختصاصاتها دستوريا؟
    لا يمكن تفويت كل هذه المؤشرات دون التذكير بالتداعيات السلبية لكل ما سبق على فرنسا التي تحصد الفشل وتشكل الغائب الأكبر عن هذه المنطقة بفعل السياسات الفاشلة والتحالفات الخاطئة والرهانات الخاسرة لماكرون.
    يلزم الجميع استيعاب الدلالات الاستراتيجية والمستقبلية لهذه الخطوة. ما يجري على الأرض في الساحل الإفريقي يؤكد الحاجة الماسة للمبادرة المغربية والحاجة لإنجاحها لتجنيب المنطقة وجوارها القريب والبعيد مآسي توترات لا تستفيد منها إلا عصابات الجريمة والهجرة غير الشرعية والإرهاب والاتجار في البشر والمخدرات.
    من المؤشرات التي يجب التقاطها كذلك النشاط المثير للخلايا الإرهابية التي تتحرك في هذه الآونة لتجنيد وإرسال مقاتلين إلى تنظيم “داعش”. ومرة أخرى تقدم المؤسسة الأمنية في المغرب، متمثلة في المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، خدمة استباقية وهي تكتشف هذه الدينامية مبكرا بتفكيك خلية تشتغل في أكثر من مدينة لتجنيد مقاتلين وإرسالهم لداعش بمنطقة الساحل جنوب الصحراء. أليست هذه خدمة لكل الأجهزة المخابراتية في الدول الأخرى لتحري اليقظة وخاصة أن التجربة علمتنا أن طريقة اشتغال هذه التنظيمات واحدة؟
    هذه واحدة من القضايا التي تبرز الدور الاستراتيجي للمؤسسة الأمنية في المغرب وتجعلها في مرمى السهام الحاقدة التي لا تريد للمغرب أن يكون مستقرا وقويا. وهذا مثال على الخدمة التي تسديها هذه المؤسسة للأمن الاستراتيجي للمغرب بكل أبعاده والتي لم تكن لتنجح فيها لولا يقظة كل العاملين بها و في مقدمتهم إبن المغرب البار و الدرع الواقي للملكية عبد اللطيف حموشي بالإضافة إلى كفاءتهم ووطنيتهم وتضحياتهم واستباقيتهم لكل المخاطر، ولذلك يستحقون وصفهم بالعين الساهرة التي لا تنام لتضمن للمغاربة أن يناموا باطمئنان ويعيشوا في استقرار ولتدور عجلة الدولة باستمرار.
    لن أختم هذا البوح ونحن نتحدث عن الأدوار الاستراتيجية للمؤسسة الأمنية في دورها الاستباقي لتحصيل المعلومات دون الإشارة إلى مقال طويل نشر هذا الأسبوع في المجلة الأمريكية الرصينة “فورين أفيرز” بتوقيع وليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات الأميركية، تحت عنوان “فن التجسس وفن الحكم: تحويل وكالة المخابرات المركزية لعصر المنافسة” تطرق فيه إلى التطورات الحاصلة في وظيفة الاستخبارات في العصر الحالي مؤكدا أن ما دامت الدول تحجب الأسرار عن بعضها، فقد فتحت الباب لسرقتها من بعضها البعض لأن التجسس كان وسيظل جزءا لا يتجزأ من فن الحكم، حتى مع تطور تقنياته باستمرار لأن المعلومات تساعد على التوقع الصائب وهذا لن يكون بدون تجسس وهو ما يساعد صانعي السياسات على التنقل بسلاسة في التحولات العميقة بالمشهد الدولي خلال اللحظات المفصلية التي لا تأتي إلا بضع مرات كل قرن، كما كان مثيرا للانتباه أنه تحدث عن دبلوماسية الاستخبارات ودورها المتنامي.
    هذه مناسبة للتذكير بهذا البوح الذي ذكّر في أكثر من مناسبة بالقوة الناعمة التي صارت المؤسسة الأمنية تشكلها وتدعم بها الدبلوماسية المغربية وبالدور التشاركي الذي تقوم به المؤسسة الأمنية المغربية بكل تخصصاتها على الصعيد العالمي في كل ما يعزز التعاون الأمني انطلاقا من اقتناع بأهمية تقاسم المعلومات، وكم من جرائم وخطط أجهضت في كثير من الدول بفضل الخدمة المغربية التي مكنت الأجهزة في تلك الدول من المعلومات في وقتها لإحباط كل تلك المخططات الإرهابية.
    كان لافتا للانتباه أن بيرنز شدد على أهمية العنصر البشري في العمل المخابراتي وهو يقول بأنه بقدر ما يتغير العالم، يظل التجسس عبارة عن تفاعل بين البشر والتكنولوجيا، وستظل هناك أسرار لا يمكن إلا للبشر جمعها، وعمليات سرية لا يمكن إلا للبشر القيام بها، ولكي تكون وكالة الاستخبارات المركزية جهازا استخباراتيا فعالا في القرن 21، يجب عليها أن تمزج بين التمكن من التكنولوجيات الناشئة ومهارات التعامل مع الناس والجرأة الفردية التي كانت دائما في قلب مهنتها.
    ها هو الدرس الذي ما فتئنا نكرره لمن صدعوا رؤوسنا ببيغاسوس وكنا دائما نرد على ترهاتهم بأن المغرب ليس في حاجة لهذا النوع من البرمجيات ولا يضعها ضمن اهتماماته لأن له طرقه في تحصيل المعلومة بفضل كفاءة موارده البشرية التي تدبرها إدارة مهنية ذات كفاءة عالية متمثلة في عبد اللطيف حموشي وترعاها إرادة ملكية سامية وتشملها بتوجيهاتها السديدة وقدرتها التوقعية لاحتياجات المغرب حسب كل مرحلة.
    موعدنا في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    البرلمان: صراع داخل الفرق بسبب صرف الميزانية دون إخبار البرلمانيين