بوح الأحد: مزيدا من الدعم و الإحتضان الشعبي للمنتخب الوطني في أفق النهائي…

بوح الأحد: مزيدا من الدعم و الإحتضان الشعبي للمنتخب الوطني في أفق النهائي…

A- A+
  • بوح الأحد: مزيدا من الدعم و الإحتضان الشعبي للمنتخب الوطني في أفق النهائي، المغاربة يجهضون محاولات إعادة إنتاج سيناريو 25 يناير المصري في المغرب و الطوابرية يترنحون و الخريف آت لا ريب فيه و أشياء أخرى…

    أبو وائل الريفي
    بهزمه للمنتخب الزامبي يكون المغرب قد استحق عن جدارة صدارة مجموعته بعد أن ضمن التأهل للدور الموالي منذ المباراة الثانية في دورة استثنائية بكل المقاييس.
    أظهرت كأس افريقيا التي تحتضنها الكوت ديفوار تقاربا كبيرا في مستويات الفرق المشاركة، وتضمنت مفاجآت لم تكن في الحسبان حيث لم يعد صالحا تصنيف الفرق إلى كبرى وصغرى، وحتى المباريات الأخيرة من دور المجموعات كان الترتيب متقاربا ولم تقص أي فرقة تقريبا مما يبين حجم التقارب وقوة التنافس وصعوبات الحسم. لذلك يمكن اعتبار المرور المغربي للدور الموالي من المباراة الثانية إنجازا في ظل هذه الظروف.
    عين المغاربة على الكأس ولا شيء يرضي شغفهم غير العودة به إلى الرباط. هذا طموح مشروع في ظل النهضة الكروية التي نعيشها والانتعاشة التي انطلقت من الدوحة مع منتخب متكامل وفرت له الدولة المغربية كل إمكانيات النجاح، ولكن مع ذلك يجب الحذر من أن يصبح هذا الحرص الشعبي عامل إضعاف وضغط على الطاقم المغربي في الكوت ديفوار بما يربك عملهم ويجعلهم في أوضاع حرجة، وخاصة أن البطولة دخلت مرحلة دقيقة تحسمها تفاصيل صغيرة.
    يجب على المغاربة استحضار كل العوامل مجتمعة، سواء المناخ غير المساعد، وتصلب المنتخبات التي سنواجهها لأنها ترى في الانتصار على المغرب إنجازا عالميا بحكم مواجهتها لمنتخب احتل المرتبة الرابعة في آخر نسخة من كأس العالم، والضغط النفسي على اللاعبين وباقي الطاقم الوطني وهم يستشعرون ثقل المسؤولية وحجم المطلوب منهم بعد افتقادنا للكأس لما يقارب نصف قرن، والاستهداف المستغرب لنا بكوننا نتحكم في الكاف رغم أننا قد نكون من ضحاياه، والحملة المستهجنة علينا من إعلام الجارة الذي وصل الحقد بإذاعته حد تجاهل المباراة الثالثة للمغرب ضد زامبيا ضمن ما أذاعه من مباريات اليوم. هذه كلها حقائق تفرض نفسها وسردُها ليس للتبرير والتماس الأعذار ولكن استحضارَها ضروري لمعرفة حجم المطلوب منا نحن كذلك كمغاربة تجاه هذا الفريق إن كنا حريصين جميعا على نجاحه.
    لا يكفي إلقاء المسؤولية على المنتخب بمبرر أنهم لاعبون محترفون ودورهم هو التأقلم مع كل تلك الظروف المعروفة مسبقا، ولكن يحتاج فريقنا الوطني مزيدا من الاحتضان الشعبي والاستمرار في الدعم وعدم السقوط في فخ جلد الذات تحت مسمى النقد البناء طالما “المعركة” مستمرة والأفضل ترك المحاسبة والتقييم لما بعد الدورة والثقة في قدرة القائمين على شؤون المنتخب، وقد أثبتوا كفاءتهم، في أكثر من مناسبة، على تقييم كل مباراة واستخلاص العبر منها بإيجابياتها وسلبياتها، وربما أشغال الندوة الصحافية التي تلي كل مباراة تعطي صورة قريبة عن هذه القدرة، مع التأكيد على أن تدبير البطولة بمنهجية كل مباراة على حدة هو الأنجح لأن لكل مباراة ظروفها وسياقاتها وطريقة لربحها. لنرح نحن المغاربة هذا الفريق من ضغط إضافي قد لا يتحمله، ولننتبه أن هناك جهات لا شيء عندها تخسره الآن وستركز على هدم كل شيء جميل عندنا بعد خسارتها لكل شيء. وبالمقابل، وهذه كذلك حقيقة يجب عدم تجاهلها، على طاقم المنتخب عدم نسيان أنه مسؤول على الحفاظ على الصورة الرائعة للمغرب التي بصمها سلوكا وأخلاقا وأداء في الملعب وخارجه في الدوحة، ويتجنبوا السقوط في ردود أفعال غير محسوبة. على الجميع أن يركز على البطولة التي ستربح في الملعب وليس خارجه، ولكل دوره ومكان اشتغاله. اللاعبون مكانهم الملعب، والجمهور مكانه منصات الدعم والتشجيع المباشرة وغير المباشرة، والطاقم الإداري مكانه العلاقات مع الجهات المنظمة وفي مقدمتها الكاف حتى تبقى في حدود صلاحياتها، والصحافة دورها نقل الأخبار وتغطية الحدث بمهنية ووطنية، وغير مقبول أن ينشغل كل واحد من هؤلاء بالدور المنوط بالآخر.
    علينا أن لا نخرج المنافسة عن روحها الرياضية لأن خلط الكرة بالسياسة سم قاتل يصيب مروِّجه قبل المستهدف به، وعلينا أن نبقي على كرة القدم في إطارها الكروي داخل الملعب لأن إخراجها من هذا الإطار يجعلها وسيلة لنشر العداوات بينما الرياضة عكس ذلك تماما، وعلينا عدم الانجرار إلى الانشغال بقضايا ثانوية عن أولوية الإسناد الكامل للفريق الوطني بإدارييه وتقنييه ولاعبيه الذين يواجهون كل مخططات الاستهداف التي تريد التشويش على الصفاء الذهني للفريق وإشغاله بمعارك وهمية وتضخيم حوادث عرضية ليقتلوا فينا كل شيء جميل يميزنا ويبرز تفوقنا لسد عقدتهم وإرضاء أحقادهم وتبرير فشلهم، وللأسف هناك منا من يقدم لهم الخدمة بدون وعي بأبعاد تلك الحملات التبخيسية التي تضخم كل شيء للنيل من الصورة الجميلة التي تركها هذا الفريق في العالم كله بعد مونديال الدوحة بدون تصنع لأنها فعلا هي الصورة الحقيقية للمغاربة في العالم كله.
    صار واضحا اليوم أن الفريق الجزائري كان أول ضحية لما نحن بصدد الحديث عنه. المنتخب الجزائري ضحية لسياسييه ومدبري شأنه الكروي وسياسته الكروية التي استثمرت في العداء للمغرب وتضخمت عندهم “الأنا” حتى بلغت أوجها قبيل مباراة موريتانيا بترويج الأباطيل والأخبار الزائفة ضدها فكانت الضربة القاضية بما لم يستوعبه عقلهم. المنتخب ضحية كذلك “للحياحة” المتسترين في جبة الصحافة والإعلام بينما هم أقرب إلى الكتائب الحربية التي تحكمت فيها نزعات عدوانية وعاطفة قاتلة.
    نسي الجزائريون بأن المباريات تربح داخل الملاعب فأرادوا ربحها خارجها ضد موريتانيا بأخبار زائفة وكان الرد الموريتاني فاضحا لكذبهم. خسر الجزائريون بسياستهم العدوانية وخطابهم العنصري ضد موريتانيا ودعاياتهم الكاذبة ضد الجمهور العربي، وفي مقدمته الجمهور المغربي. ماذا تغير بين 2019 و2024 حتى يتغير الفرح المغربي في الشوارع بفوز الجزائر إلى فرح بهزيمتها وإقصائها المذل من الدور الأول؟ هل السبب هو تغير المغاربة أم أن الأمر نتيجة طبيعية لتضخم الأنا الجزائرية واستعدائها المجاني للمغرب؟ ماذا استفاد الجزائريون الآن؟
    اختار الجزائريون الطريق الخطأ لتبرير فشلهم، وقد اتضح الآن أن الحملة المسعورة على المغرب تخفي وراءها محاولات استباقية لتبرير فشل منظومة كروية وقد بذلت الماكينة الدعائية مجهودات خرافية لتخدير الحس الشعبي وكان الحصاد مرا ويلزم اليوم مكاشفة الشعب عن سبب الإخفاق وتجنب إلصاق التهمة باللاعبين أو بالمدرب بل مراجعة المنظومة الكروية كلها. على نظام الجارة البحث عن طرق وقضايا أخرى لخلق إجماع وطني وتجنب التضليل الشعبي وحشر قضايا لا علاقة لها بالكرة في إخفاق كروي للهروب إلى الأمام وتجنب المحاسبة.
    خلاصة الدور الأول أن من اشتغل لتطوير نفسه وصل إلى هدفه كما هو حال موريتانيا، ومن انشغل بغيره ضل الطريق وخسر كل شيء وحالة الجزائر مثال واضح، ومن لم يسقط في منطق ردود الأفعال التي تفقده التركيز ينجح كذلك في الوصول لهدفه وقد نجح المغاربة في هذا الأمر بشكل كبير حتى الآن.
    ما يحدث للجزائر من فقدان للبوصلة لا يقتصر على الرياضة فقط، بل هي صارت تحل لنفسها كل شيء لمواجهة المغرب وهي ترى مسلسل هزائمها متواصل وتفقد يوما عن يوم حلفاءها “التاريخيين”. آخر القلاع التي اهتزت وكانت تحسبها الجزائر في حلف دائم معها هي نيجيريا.
    نتذكر حلف جنوب افريقيا ونيجيريا والجزائر الذي كانت تخيف به الجزائر الجميع. ها هي اليوم جنوب افريقيا تخسر كل معركة تخوضها بالوكالة لصالح الجزائر ضد المغرب كما كان الحال في انتخابات مجلس حقوق الإنسان الأممي، وها هي تستشعر اليوم عبء التحالف مع الجزائر. وها هي نيجيريا تعيد النظر في حساباتها وتختار الخيار المنطقي الذي يخدم مصالحها ومصالح القارة الإفريقية.
    المباحثات الهاتفية التي أجراها جلالة الملك مع الرئيس النيجيري بولا أحمد أديكونلي تينوبو بحر هذا الأسبوع حول الدينامية الإيجابية التي تشهدها العلاقات الثنائية خلال السنوات الماضية وحول مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي الرابط بين نيجيريا والمغرب كانت بمثابة ضربة قاضية أخرى لنظام الجارة، وخاصة ما يحمله هذا التقارب بين البلدين من معاني وما يشكله مشروع أنبوب الغاز من أهمية باعتباره رافعة استراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب إفريقيا. وسيزداد وقع الضربة بعد الزيارة المرتقبة للرئيس النيجيري إلى المغرب وما ستسفر عنه من نتائج.
    مرة أخرى يلزم التأكيد بأن المغرب منسجم بهذه الخطوات مع خياراته ويستحضر مصالحه ومصلحة الشركاء الأفارقة بمقاربة مندمجة فيها منطق رابح-رابح، وتمدده قاريا يخدم هذا المنطق، وقد وصل هذا التمدد مرحلة غير مسبوقة بشمولها افريقيا الأنكلوساكسونية. وطبعا كل تمدد للمغرب يوازيه تفكك للتحالفات الهجينة والمبنية على غير أساس والتي لا تستحضر معطيات الواقع وحاجيات المستقبل وتخالف منطق الطبيعة والسياسة والمصلحة.
    يمكن للمغاربة اليوم فهم حالة السعار التي صار عليها نظام الجارة الجزائر، بل يمكن تفهم ردود أفعال هذا النظام لو كان يحرص على الدفاع عن ذاته ومصالحه بطريقة تستحضر حسن الجوار وأخلاقيات الصراع ومصالح افريقيا ولكن حتما لا يمكن تفهم منطق الافتراء والكذب وترويج الأباطيل.
    يحيلنا كل ما سبق على مجال آخر لحالة الحمق الجزائري، ويتعلق الأمر هذه المرة بعدم امتلاك الشجاعة للانتصار لأخلاقيات مهنة الصحافة والاعتراف بخطأ ترويج وكالة الأنباء الرسمية لأخبار زائفة حول مذكرة اعتقال ضد مغاربة وضمنهم مسؤولون أمنيون يمثلون مؤسسات سيادية للمغرب بما يعني ذلك من تحامل مجاني وسلوك لا يمكن وضعه إلا في خانة التصرفات العدوانية ضد المغرب وليس فقط ضد شخص عبد اللطيف حموشي الذي تتزايد حملات نظام العسكر و”دراريه” ضده.
    صدر تكذيب رسمي من وكالة الأنباء المغربية، وأعقبه تكذيب رسمي من الخارجية القبرصية، وصدر خبر التكذيب في منابر إعلامية قبرصية، وثبت بالوقائع على الأرض القبرصية وفي مخافر شرطتها أن لا مذكرة اعتقال موجودة ضد مغاربة، وتأكد أن الأمر كله فبركة لا يمكن أن تنطلي على مبتدئ في الصحافة، ومع ذلك تتجاهل الوكالة الرسمية الجزائرية الحقائق وتتشبث بخبر زائف. هل هذا محض صدفة؟ هل هذا الإصرار بريء؟
    يحسب للمغرب تمرسه على مواجهة الأخبار الزائفة بهدوء ودون مبالغة في ردود الأفعال، ويحسب له قدرته على مواجهتها بسرعة وفعالية وقدرة على إبطال مفعولها بأدلة قانونية ومادية لا تترك هامشا للتأويل. يحسب للمغاربة كذلك ثقتهم في مؤسسات الدولة وعدم انجرارهم إلى ترويج الأباطيل وتداول هذه الأخبار الزائفة التي تبقى حبيسة المحيط الضيق للحالات المرضية والحاقدة من الطابور الخامس الذي ارتضى لنفسه أن يصطف ضد البلد خدمة لنظام بدد ثروات بلده وضيع شعبها ورهن الجزائر كلها لحسابات بقائه على رأس السلطة مهما كان الثمن.
    محاولات إطالة عمر الأخبار الزائفة وعدم الاعتراف بالخطأ تجعل عناصر الطابور الأجير عند نظام العسكر يراكمون الإخفاقات ويتمادون في الكذب، وحبل الكذب قصير وعمره أقصر. والإصرار من قبل عناصر الطابور الخامس على ترويج كذب وكالة الأنباء الجزائرية دليل على أنهم صاروا عبيدا مملوكين مسلوبي الإرادة ولا قطرة مواطنة تجري في دمائهم. الحمد لله أن السحر ينقلب على الساحر، وقد اكتشف المغاربة من هذه الحملة حجم العداء الذي يكنه أعداء المغرب للمؤسسات السيادية للمغرب، وفي مقدمتها المؤسسة الأمنية. هل تعرفون سبب ذلك؟
    ونحن نعيش ذكرى ما سمي بالربيع العربي، يمكن أن نتذكر اندلاع شرارة الاحتجاجات في مصر يوم 25 يناير 2011. لقد تزامن ذلك اليوم مع عيد الشرطة وكانت الاحتجاجات مصوبة ضد هذا الجهاز بتضخيم أخطاء وقع فيها نتيجة تدبير يمكن أن يقال حوله الكثير حينها، ولكن في كل الأحوال كان يمكن إصلاحها بتناسب مع حجمها وليس المغامرة بجهاز حساس وضروري لاستقرار الدولة والمجتمع.
    كان استهداف المؤسسة الأمنية جزءا من مخطط جهنمي لإثارة الفوضى، عرفت مقدمته دون خاتمته. كانت مقدمته هي هروب السجناء من السجون، وضمنهم سجناء التنظيمات المتطرفة، ودخول تنظيمات أخرى أكثر تطرفا للبلاد للعبث بأمنها، والهجوم على المقرات الأمنية والاعتداء على موظفيها وإحراق الملفات والاستيلاء على الوثائق وإقبارها لطمس كل ماضي بعض الجهات التي تصدرت الواجهة حينها. لم يعد كل هذا سرا لأننا عشناه جميعا كما عشنا تطوراته ومآلاته الكارثية التي كادت أن تعصف بأكبر بلد في المنطقة. أليس غريبا أن ترتفع أصوات مثل المعيطي بشعار على هذا المنوال ” لنجعل من 2024 سنة إفراغ السجون من المعتقلين السياسيين”؟
    لن تفرغ السجون إلا بالقانون وبأحكام القضاء وقد فشل المعيطي وأمثاله في ربح دعاويهم حين تهربوا من مجابهة التهم الجنائية التي يواجهون بها بنصوص القانون في محاكم المملكة وفضلوا الهروب إلى الأمام بتسييس فج لمتابعاتهم، كما فضلوا الدفاع عن أنفسهم في منصات دعائية عوض قاعات المحكمة. لن تفرغ السجون بناء على رغبة المعيطي أو أوامر سادته لأن للمغرب قانونه وقضاءه ومؤسساته وسيادته. ولن تفرغ السجون بالفوضى التي يحلم بها المعيطي وشركاءه من الحالمين.
    يحن البعض لهذا الماضي الحزين، ويحاول إعادة إنتاج سيناريو 25 يناير في المغرب، ويتصور المؤسسة الأمنية حائطا قصيرا. ينسى هؤلاء جميعا أن هذه المؤسسة نجحت منذ ذلك التاريخ في تدبير ذلك المخطط لأنها كانت على علم مسبق بأهدافه وواضعيه وبتفاصيل تنزيله، وحرصت على التعامل معه بمرجعية حقوقية حين تركت حرية الاحتجاج السلمي للجميع حتى انفضحت حقيقتهم أمام المغاربة وبقوا في الشارع معزولين فصاروا ينسحبون صاغرين الواحد تلو الآخر.
    أفشلت المؤسسة الأمنية كل خطط الإيقاع بها في مواجهة مع المغاربة، ونجحت في تجنب الفخاخ التي حاول البعض نصبها لها لجعلها عدوة للمغاربة كما نجحوا في مصر قبيل أحداث 25 يناير. لم يكن النجاح المغربي وليد الصدفة ولكنه كان ثمرة لسياسة عامة واستراتيجية محكمة للدولة المغربية تجسدت في منهجية حكم محمد السادس الذي انتصر دائما للخيار الديمقراطي والمقاربة الحقوقية، وساهمت السياسة الأمنية وحرفية المؤسسة الأمنية في تنزيل تلك الاستراتيجية بإتقان جعل هذه المؤسسة محتضنة من طرف الشعب وهو ما أصاب دعاة الفوضى “الخلاقة” في مقتل.
    تشتغل المؤسسة الأمنية في المغرب بمعايير حقوقية وتعزز هذه المقاربة يوما بعد يوم باتفاقيات وشراكات وتداريب مع مؤسسات حقوقية كما هو الحال مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة النيابة العامة. ويتجلى الإنجاز الحقوقي لهذه المؤسسة في عدد وحجم المسيرات التضامنية والاحتجاجية التي يشهدها الشارع في المغرب، وهي كلها تؤكد أن الخيار الأصلي هو الحرية والاستثناءات التي رافقته يجب أن ينظر إليها حسب كل حالة مع استحضار هدف التدخل وحدوده ونتائجه.
    سيلاحظ كل متابع موضوعي أن الهدف كان دائما الحفاظ على النظام العام وتأمين استمرارية المرفق العمومي واحترام المساطر القانونية والإدارية، وسيلاحظ أن التدخل يكون دائما متناسبا مع درجة خرق النظام العام وفق مبدأ التدرج المتعارف عليه حقوقيا، وسيلاحظ أن كل تجاوز فردي يجابه بفتح تحقيق حوله وترتيب الجزاءات المناسبة على مرتكبه.
    يسجل للمؤسسة الأمنية في المغرب أنها لم تلجأ في أسوأ الأوضاع لمساطر استثنائية في التعامل مع الاحتجاجات لأنها تتعامل مع الوضع بما تقتضيه الضرورة بغض النظر عن الحسابات السياسية التي تحكم محركي بعض الاحتجاجات دون السقوط في أجندتهم وهو ما فوت عليهم في أكثر من مناسبة الفرصة لتهييج المغاربة ضد هذه المؤسسة، وترفق عملها بمنهجية تواصلية ناجعة صارت تؤرق أولئك الذين انتعشوا دوما في صمت هذه المؤسسة واستغلال ذلك لترويج الأكاذيب عليها في الداخل والخارج.
    هذه بعض من نجاحات عبد اللطيف حموشي التي جعلته في مرمى سهامهم محاولين زعزعة الثقة المولوية والشعبية التي يحظى بها وأنى لهم أن يصلوا إلى ذلك.
    بعد الفشل الذريع الذي مني به المعيطي بسبب خرجته التي تحمل وزرها معه جزء من الدولة العميقة الفرنسية التي تمول وتتحكم في فرانس 24 التي تسير بمنطق استعماري، كان لزاما لمقاولة فري كلشي أن تبحث عن قضية أخرى لتداري فضيحتها. وكالعادة لا بديل لهم عن أسلوب التهويل والتضخيم لاستصدار بيانات التضامن ووقفات المؤازرة ولايكات المتضامنين وبعض المقالات في المنابر المحسوبة على أعداء المغرب.
    ولأن الطابور الخامس يترنح ولم يعد بمستطاعه إيجاد قضايا فإن اللجوء للكذب هو الحل. والضالة وجدوها هذه المرة في ادعاء مكذوب لإضراب عن الطعام لسجينة لا تخوض في الحقيقة أي إضراب عن الطعام.
    من حق كل واحد خوض إضراب عن الطعام، ولكن من واجبه إشعار الإدارة السجنية بذلك لاتخاذ المتعين بهذا الشأن. كيف تخوض السجينة إضرابا عن الطعام وهي تتوصل بوجباتها الغذائية بشكل عادي ومنتظم؟ كيف يمكن تصديق دخولها في إضراب عن الطعام بدون سبب؟ كيف تبرر هذا الإضراب ولا دليل لديها أنها لا تعامل بشكل غير قانوني ولا أحد مس بحقوقها المنصوص عليها قانونا؟
    هذه بعض المغامرات غير المحسوبة التي تؤكد ترنح وفشل مقاولة فري كلشي في إيجاد “بريكولات” جديدة لأن حسن التدبير وحكامة التسيير سحبت منهم البساط ولم يعد بمستطاعهم إيجاد ثغرات للركوب عليها، ولذلك فكل من حشر نفسه في هذه الملفات يضر بمصداقيته إن كان بقي له نصيب من المصداقية عند المغاربة والمنظمات الدولية التي تحترم نفسها ومعايير العمل الحقوقي.
    حشر منجيب لنفسه ومحاولة الركوب على هذه القضية محاولة لاستدراك فشله في الخرجة التي كانت أقرب إلى الانتحار السياسي على قناة فرنسية معادية للمغرب جعلته يظهر بمظهر الأجير الخاضع لأجندة دولة استعمارية يؤرقها عدم استسلام المغرب لرغباتها الكولونيالية، وحشر رفاق غالي في الجمعية النهجوية لأنفسهم في هذا الملف الخاسر دليل آخر على أن ما يحكمهم هو العداء للمغرب والرغبة في تسييس كل ملف لتقوية نفوذهم قبل التثبت من حقيقة خوضها لإضراب عن الطعام وفق المساطر المتعارف عليها إداريا، وحجم الحضور في ما سمي بوقفة التضامن مع هذه السجينة يفضح الفضاء الضيق الذي يتحرك فيه هؤلاء جميعا بمعزل عن المغاربة المشغولين بما ينفع المغرب لأنهم قرأوا وصدقوا بأن الزبد يذهب جفاء ولا ينفع الناس إلا ما يمكث في الأرض.
    ما على الأرض هو مغرب الانتصارات في كل المجالات، ما على الأرض هم رجالات البلد الذين يتصدون لكل من يخرق القانون بالقانون ولا شيء يعلو على القانون لأننا في دولة القانون.
    نلتقي في بوح آخر.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي