أبناء الفقراء يعانون الهدر المدرسي

أبناء الفقراء يعانون الهدر المدرسي

A- A+
  • بعد كوفيد،

    أبناء الفقراء يعانون الهدر المدرسي

  • ما يقع اليوم في التعليم يدعو حقا إلى رفع صوتنا عاليا ضد العبث الذي أصبح البعض يزايد فيه على مجتمع بكامله وحق أبنائه المقدس في التربية والتعليم، حتى بعد توقيع اتفاق اعتبر تاريخيا بين النقابات الأكثر تمثيلية والحكومة يوم 26 دجنبر من العام الماضي، وحل العديد من الملفات العالقة لسنوات عبر التفاوض والحوار، يأبى البعض القبول بالمكتسبات المتحصلة بجهد حكومي ونقابي في زمن استثنائي، ليرفع سقف المطالب ويمارس سياسة الشرود خارج ملعب الحكمة والرزانة التي طبعت نساء ورجال التعليم في تاريخ المغرب.

    لقد بقينا في هذا المنبر نناصر مطالب هيئة التدريس التي مورس عليها حيف كبير، رغم نبل رسالة مؤطريها وارتباطها بصناعة مغاربة الغد، وحتى حين قاطع المدرسون والمدرسات الدراسة وخرجوا للشوارع، عبرنا عن دعمنا ومساندتنا لهم، لأن الأمر يتعلق بمهنة حساسة يقع عليها عاتق تخريج الكوادر والأطر التي ستتحمل مسؤولية التسيير والتدبير والمساهمة في تنمية الثروة الوطنية المادية والرمزية، لكن ما يحصل الآن، لا يمكن إلا اعتباره عبثا من طرف بعض من يركب على قضايا عادلة لتوجيهها في غير مصبها الرئيسي بغية الركوب على نتائجها، من خلال تأزيم الوضع، ولا يهمها لا تحسين شروط عمل هيئة التعليم ولا تحسين وضعهم المادي واسترجاع مركزهم الاعتباري في المجتمع، ولكن يهمها الاستثمار السياسي الضيق وخلق أجواء لايسبح فيها سوى من ألفوا المياه العكرة.

    اليوم يجب أن نتحلى بالنزاهة وبالجرأة الأخلاقية وبالروح الوطنية لنصرخ بأعلى حناجرنا، لا لتجهيل أبنائنا من فقراء المدارس العمومية، لا لكل هذا الهدر المدرسي بسبب تمطيط الإضرابات والاحتجاجات للاتجاه نحو سنة بيضاء، لم يعد ممكنا اليوم لنا لا كإعلام ولا كحقوقيين ولا كآباء وأولياء التلاميذ… أن نتفرج على هذه المهزلة، فبعد وباء كوفيد التاسع عشر، الذي أثر على تعلمات التلاميذ خاصة من ذوي الفئات الهشة في المجتمع المغربي، جاءت إضرابات ما يسمى بالأساتذة المتعاقدين، ثم جاءت أزمة التنسيقيات ومشكل النظام الأساسي الذي تمت مراجعته والاتفاق مع النقابات على مخرجات اتفاق 26 دجنبر التي كنا نعتبرها نهاية لشوط طويل من الشد والجذب.. لكن بخروج إحدى التنسيقيات للإعلان عن إضراب طويل المدى والتهديد بتمديده، حيث دعت إلى استمرار أشكال المقاطعة المعلن عنها بما في ذلك الاستمرار في تعليق إجراء فروض المراقبة المستمرة ومواصلة مقاطعة أنشطة الحياة المدرسية، والمواكبة والمصاحبة التربوية والتعليم عن بعد، واللقاءات التربوية والتكوينات، والزيارات الصفية للمفتشين، والتظاهرات الرياضية، واستقبال الأساتذة والطلبة المتدربين ومباريات الأولمبياد لجميع المواد والانسحاب من مجالس المؤسسة، وجمعيات دعم مدرسة النجاح، والجمعية الرياضية… نحس حقا أننا أمام إرادة السير بالسنة الدراسية نحو سنة بيضاء، دون تبصر ولا تعقل ولا مراعاة لمصلحة التلاميذ الذين قضوا معظم الوقت المخصص للدراسة في الشوارع، ولعمري أن الأمر يتعلق بجريمة أخلاقية، أعجز بل يستعصي علي فهم أن تصدر عن هيئة التدريس، أي عن حملة العلم ورسل التربية بالمغرب.. هذا الأمر لم يعد يعجب لا عدوا ولا حبيبا، وهذا التعنت تلعب فيه أيادي لا علاقة لها بمصالح الأساتذة بالمرة، ويجب أن نقول باسطا لكل هدر مدرسي ونقف ضد تضييع حق جيل قادم قدره أن يعرف جائحة كونية أثرت على ظروف تحصيله وجودة تعلماته بسبب تقليص الزمن الدراسي، ثم جاءت الإضرابات المتتالية، وإذا كنا تفهمنا مطالب الأساتذة الذين مورس عليهم إجحاف كبير، فإننا بنفس الإيمان الحقوقي، نقول أن على ما تبقى من متنورين في هيئة التدريس أن يوقفوا هذا المسلسل الذي طال أكثر من مسلسل مكسيكي وأصبح يبعث على الملل بل القرف، لا وجود لحق بدون القيام بالواجب، ولا يمكن لحقوق فئة أن تحرم فئة واسعة من أبنائنا من حقها في التعليم والتربية.

    ونعرف أن الصدح بالحق لن يعجب المتنطعين، لكن لنا إيمان بفئة واسعة من نساء ورجال التعليم التي لا ترغب في أن تكون مجرد إمعة لمن لا يهمه لا مدرسة عمومية ولا مصلحة التلاميذ ولا هم يحزنون.. إنكم اليوم في مواجهة مجتمع وليس في مواجهة حكومة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    بعد النواب: ميارة يستدعي المستشارين لمناقشة الحصيلة المرحلية للحكومة