بوح الأحد: محمد السادس رجل كل السنوات يقود بقوة نجاحات كل الأوراش المفتوحة

بوح الأحد: محمد السادس رجل كل السنوات يقود بقوة نجاحات كل الأوراش المفتوحة

A- A+
  • بوح الأحد: محمد السادس رجل كل السنوات يقود بقوة نجاحات كل الأوراش المفتوحة، بعد تقوية الأمن الداخلي، حموشي يواصل تعزيز الإشعاع الدولي للمغرب، خريف الطوابرية و نكبة الظواهر الصوتية و 2024 سنة كل المفاجآت… و أشياء أخرى

    أبو وائل الريفي
    يتزامن هذا البوح مع آخر يوم من سنة ودعناها بأفراحها وأحزانها ونجاحاتها وإخفاقاتها. سنة عززت مكانة المغرب كدولة مستقرة في محيط متقلب ومنطقة ساخنة وعالم يمور بالتحولات الجيوستراتيجية.
    سنة 2023 بوقائعها المؤثرة دوليا مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، وبوقائعها الإقليمية وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي على غزة، وبأحداثها القارية وخاصة ما عاشته منطقة الساحل من انقلابات، كانت سنة ضاغطة أثرت على السير الطبيعي لدول كثيرة ولكنها لم توقف عجلة المغرب الذي أثبت أنه دولة بنيت على أساس متين لا تذروه الرياح.
    شكل زلزال الحوز خلال هذه السنة المحنة التي كان في طياتها نعمة، حيث اكتشف العالم متانة الروابط التي تجمع نسيجنا المجتمعي حين هب كل المغرب لتخفيف الأضرار عن ساكنة المناطق المتضررة في مشهد ستظل الأجيال تحكي عنه، وقدرة مؤسسات الدولة على التجاوب السريع مع كارثة بذلك الحجم، وحرفيتها في التعامل للتخفيف من آثار الزلزال، ومجهودات الدولة لإيواء المتضررين وتسطير برنامج متكامل لإعادة الإعمار.
    نتحدث عن سنة لا تبعد كثيرا عن آخر عهد لنا بجائحة كورونا التي ما تزال دول كثيرة لم تتجاوز تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، ولكنها كانت بالنسبة للمغرب فرصة لمعرفة مكامن النقص قصد معالجتها.
    نختم هذه السنة على إيقاع إجراءات قوية كانت أشبه بالحلم في سنوات سابقة، ويتعلق الأمر بصرف الدعم الاجتماعي المباشر الذي استفادت من الدفعة الأولى منه حوالي مليون أسرة، أي ما يعادل ثلاثة مليون ونصف مغربي، استوفت شرط العتبة في السجل الاجتماعي الموحد. قيمة هذا الدعم لا تقل عن خمسمائة درهم للأسرة مهما كانت تركيبة هذه الأسر، وباقي الأسر ستتوصل بدفعتي شهري دجنبر ويناير، في نهاية الشهر القادم، مع الإشارة إلى أن باب تقديم الطلبات يظل مفتوحا أمام الأسر المستوفية لشرط العتبة للاستفادة.
    إنها خطوة مهمة جدا لإرساء دعائم الدولة الاجتماعية، وقد تمت بسرعة قياسية تفعيلا للتوجيهات الملكية بعد نجاح تجربة الدعم المباشر في فترة جائحة كورونا. إنه ورش هام استكملت الكثير من حلقاته المرتبطة بوضع الترسانة القانونية والتنظيمية والمؤسساتية، وإحصاء الفئات المعنية، وإيجاد الأغلفة المالية اللازمة رغم الظرفية الصعبة. هي خطوة جبارة من أجل تمكين فئات واسعة من المغاربة من العيش الكريم والحق في الصحة. يمكن اليوم إحصاء عدد المستفيدين من التغطية الصحية والحماية الاجتماعية والاطلاع على طبيعة هذه الاستفادة وخاصة ما يتعلق بالأمراض المزمنة والعمليات الجراحية المكلفة. يلزم الاعتناء كثيرا بهذا الورش واعتباره ورشا تأسيسيا لمغرب المستقبل المتعاضد والمتضامن والذي يضمن لكل أبنائه حقوقا اقتصادية واجتماعية تزداد قيمتها كلما تحرك قطار التنمية والإنتاج في الدولة بالعمل من طرف جميع المغاربة كل حسب المتاح له.
    تم صرف الدعم لضحايا الزلزال وتم الشروع في تنفيذ خطة إعادة إعمار المناطق المتضررة وصدرت نصوص وقرارات للتكفل بهم جميعا، وكل تلك القرارات لها معنى أساسيا هو وفاء المغرب لكل أبنائه. وصدر كذلك قرار بدعم الحصول على السكن تفعيلا لحق من حقوق المواطنة.
    لم تثن الظرفية الاقتصادية الصعبة والجفاف وتداعيات كورونا والانشغال بأوراش أخرى لا تقل أهمية مؤسسات الدولة للإقدام على هذه الخطوات المكلفة ماليا لأن الرؤية الإنسانية والمقاربة المواطناتية والأولوية الحقوقية كانت هي الغالبة على المقاربة الحسابية ولأن الأمر يتعلق بكرامة المغاربة وحقهم في العيش الكريم. لا يستطيع خوض هذه المغامرة إلا دولة تثق في قدراتها وفي استطاعتها النجاح رغم محدودية الموارد والإكراهات المحيطة. ولنقارن ما نحن عليه مع دول جوار لها ما يفوق إمكانياتنا ولكنها عاجزة عن اللحاق بنا. في مثل هذه اللحظات يكتشف المغاربة الحاجة إلى الملكية وقدرتها على التفكير غير المقيد بالإكراهات الظرفية والمتطلعة إلى نقل البلاد والعباد إلى وضع أفضل لأن الأفق الاستراتيجي للملكية يتجاوز حسابات اللحظة وإكراهات الظرفية والتدبير التقليدي. ها هو رهان ربحنا جولاته الأولى ويلزم الاستمرار بوتيرة أسرع ونظام حكامة أنجع حتى لا تصرف تلك الأموال لغير مستحقيها، كما يلزم الجميع، كل من موقعه، العمل من أجل تنمية مستدامة ومندمجة توفر الموارد لسد حاجيات كل هذه الأوراش وتأمين استمراريتها وجودتها وتوسيع مجالاتها والمستفيدين منها.
    الإنجاز الثاني الأهم خلال هذه السنة هو تأكد فاعلية المغرب كقوة دولية في مكافحة الإرهاب بمقاربة صارت نموذجية يتداخل فيها البعدان الوقائي والعلاجي وتستحضر نجاعة التدخل الأمني الاستباقي مع باقي الأبعاد الأخرى الدينية والثقافية والاجتماعية والإنسانية. لقد أصبح المغرب مثالا يقتدى به في مواجهة المخاطر الإرهابية وتوالت خلال هذه السنة الإشادات بتعاون المغرب، والشهادات عن دور المغرب في كشف خلايا إرهابية في دول عديدة مما حال دون سفك دماء بريئة. حصيلة المغرب في مكافحة الإرهاب صارت جزءا من قوته التفاوضية وجاذبيته لاحتضان فعاليات دولية في زمن صار فيه الأمن والاستقرار يحظيان بمعامل مرتفع لتحديد الدول المحتضنة لبعض المناسبات. واحتضان المغرب لمؤتمر البنك العالمي وصندوق النقد الدولي وفوزه بتنظيم كأس افريقيا وكأس العالم ومؤتمر الانتربول أمثلة فقط.
    إنجاز المغرب في مكافحة الإرهاب لم يكن عفويا ولكنه ثمرة عمل وتفكير ومقاربة ورعاية ملكية، وهو إنجاز ليس معزولا عن نجاحات أمنية في مجالات أخرى عكسها تقرير المديرية العامة للأمن الوطني في مجالات عدة كانت مؤشراتها في تحسن غير مسبوق مقارنة مع السنة الماضية. يتأكد هذه السنة أن جهود تحديث وأنسنة وتخليق حكامة هذا المرفق تتقدم بوتيرة أسرع من المتوقع، وهو ما يتأكد من رضى المغاربة وشهادات الخارج. توشيح ياسين المنصوري بأعلى وسام في رومانيا وتصنيف عبد اللطيف حموشي ضمن 50 شخصية مؤثرة في القارة الإفريقية حسب مجلة “أفريكا ريبورت” التي تصدر عن مجموعة “جون أفريك ميديا” أمثلة على هذا الاعتراف الدولي الذي يتجاوز الأشخاص لأنه اعتراف بمجهود مؤسسة وسياسة أمنية ونظام علاقات وأسلوب تدبير. يحسب لهذه المؤسسة بنسائها ورجالها بمختلف أسلاكهم ودرجاتهم عملهم في صمت وتركيزهم على مجال تخصصهم وتطوير خبراتهم في عالم تتطور فيه الجريمة والإرهاب بشكل متسارع كما يحسب لهم عدم انشغالهم بدعاة التبخيس والمستهدفين لعملهم.
    لم يكن من السهل على دول كثيرة متقدمة اللجوء إلى خدمات المغرب وخبرته لولا الحاجة الملحة والاقتناع التام أن المؤسسة الأمنية المغربية تملك قيمة مضافة لتأمين الفعاليات الدولية والتصدي الاستباقي والاحترافي للمخاطر الإرهابية.
    الشهادة الدولية التي اعتمدتها مجلة “أفريكا ريبورت” أفقدت بعض هامشيي “هوامش ميديا” صوابهم الذين يتصورون أن “تقاطع الرؤى” لا يعني إلا التهجم على النقط المضيئة و نصاعة البياض في الداخل و الخارج، لأنهم لا يحركهم إلا الحقد الأعمى الذي جعلهم و برنامجهم مرفوضين من طرف الرأي العام.
    فما يضير شيخهم المتصابي في أن تطلب الدول دعم الأمن المغربي لتأمين تظاهرات دولية في بلدانها أو أن يقدم المغرب معلومات من أجل إجهاض عمليات إرهابية في أكثر من بلد أوروبي حيث تعيش جاليات مغربية كبيرة، ضمانا لاستقرارها في بلاد المهجر عوض استهدافها كحاضنة للإرهاب، إنه الحقد و الولاء لغير المغرب الذي يفرض عليهم إعلان فروض الطاعة للجهات إياها.
    إنه مبعث الفخر لنا جميعا أن يكون لخدام العرش و الوطن احتضان جماهيري اعترافا بتضحياتهم ليل نهار من أجل استقرار المغرب و عزته بين الأمم. فحموشي أكبر من يستفزه كل الذين لا يؤمنون بالانتماء إلى المغرب و قضاياه الاستراتيجية، فالمغرب في أمس الحاجة إلى أبطال من طينته في كل المجالات ضمانا لعزة و تقدم المغرب.
    دأب الجميع في نهاية السنة على تسمية شخصية السنة، وهو اعتراف وتقدير لشخصيات بصمت العام بإنجازات متميزة. في المغرب يمكن خلال هذه السنة اعتبار السيد عبد اللطيف حموشي شخصية العام بامتياز وبدون منازع بسبب كل هذه الإنجازات التي حققها للمغرب داخل البلاد وخارجها. لقد نجح حموشي في تدبير مؤسستين أمنيتين بكفاءة وحرفية وحكامة وتواصل منتظم وممؤسس مع الرأي العام واحترام لأخلاقيات المرفق العمومي وتقدير لموارده البشرية واستحضار للبعد الإنساني والاجتماعي والحقوقي في عملهما وربط للمسؤولية بالمحاسبة مع تحقيق نتائج مرضية ومصالحة المغاربة مع هذا المرفق حيث صاروا المحتضن الأول للمؤسسة الأمنية، ولم تغب هذه المؤسسة عن الحضور الفعال في تخفيف الأضرار عن المغاربة في زلزال الحوز حيث كانت المؤسسة الأمنية وسط الحدث بمبادرات نوعية لقيت قبولا واستحسانا لدى المغاربة، وحتى على الصعيد الدولي تمكنت هذه المؤسسة بقيادة حموشي من تحقيق إشعاع دولي لتقوية موقع الدولة المغربية بالمشاركة في تأمين السلم والأمن الدولي. ومقابل كل هذه الإنجازات لم يكترث حموشي بالحملات المضادة ولم ينجر إلى الانشغال بردود الأفعال عن تحقيق الأهداف وركز على العمل في صمت ورفع التحدي في وجه كل من يشكك في كفاءته ومصداقيته ووطنيته بأن يأتوا ببرهانهم إن كانوا صادقين.
    هذه الإنجازات كلها تجعل من عبد اللطيف حموشي ابن تربة هذا البلد الفاعل الصامت اليقظ المتهمم بقضايا المغرب والمغاربة الذي لا ولاء له غير الولاء للمغرب ولملك المغرب ومؤسسات هذه الدولة.
    الإنجاز الثالث الأهم خلال هذه السنة كان تأكيديا لقوة المملكة المغربية وعدم سماحها لأي قوة أخرى بالتنقيص من سيادتها أو المساس بوحدتها الترابية والوطنية أو إخضاعها للابتزاز. لقد كانت هذه السنة عام مفاصلة مع كل المنتظم الدولي حين أعلنها جلالة الملك في خطاب رسمي بأن قضية الصحراء المغربية هي المنظار الذي يرى به المغرب العالم والميزان الذي يزن به درجة العلاقة مع الدول. تأكد خلال هذه السنة صواب المقاربة الدبلوماسية المغربية التي لا تخضع المصالح السيادية للبلاد للمساومة والتفاوض. يحسب للمغرب حكمته في الدفاع عن مصالحه وحرصه على الإبقاء على علاقات متوازنة مع كل العالم وعدم رهن مصيره بتكتل أو شريك واحد. ثمرة هذه المنهجية كانت تنوعا في العلاقات واحتراما متبادلا لخيارات المغرب وإشادة بمؤسساته وتثمينا لإنجازاته وتنويها بتعاونه. تأكد خلال هذه السنة انتصار المغرب في ملف الوحدة الترابية واندحار عصابات البوليساريو وكفيلها. حاز المغرب اعتراف اسبانيا وألمانيا وتكرر الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وصار قرار مجلس الأمن مناسبة عند عصابات البوليساريو لتلقي العزاء. كل هذه الانتصارات أصابت المشككين والحاقدين في مقتل.
    تأكد خلال هذه السنة أن المغرب فاعل على مستوى القارة الإفريقية ومبادر لتفعيل التعاون جنوب جنوب لاقتناعه أن الظرفية فرصة لتقوية هذه الدول وتعديل ميزان القوى لفائدتها في ظل تشكل نظام عالمي لم يأخذ شكله النهائي بعد. لقد كانت المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي فكرة عبقرية لتقوية المنطقة وتشبيك العلاقات بين دولها وتمنيعها ضد ما يهددها من مشاكل تجعلها في حالة عوز دائم وضحية استعمار لم يقم بما يجب عليه طيلة عقود. دوافع المبادرة المغربية كانت أكبر من التفكير في مصالح ضيقة أو استهداف جهة معينة، وسيدرك المجتمع الدولي بأن نجاح هذه المبادرة سيكون صمام أمان للمنطقة ولأوربا كلها مما يهدد أمنها واستقرارها بسبب التهديدات المتزايدة للمخاطر الإرهابية وانتشار تجارة السلاح والمخدرات والجريمة العابرة للحدود. يحسب لجلالة الملك أنه كان واضحا وصريحا حين قال في خطاب الذكرى 48 للمسيرة الخضراء بأن المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط، بل يتم باعتماد مقاربة أساسها التعاون والتنمية المشتركة. ويحسب للمغرب سرعته في أجرأة هذه المبادرة بعد تنظيم الاجتماع الوزاري في مراكش بمشاركة مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.
    مرة أخرى، يفكر نظام الجزائر خارج التاريخ والجغرافيا ليعاكس مصلحة المنطقة كلها ضدا في المغرب. يبذل نظام تبون جهوده لإفشال هذه المبادرة في الوقت الذي كان عليه الانضمام إليها أو على الأقل تبني مبادرة مماثلة.
    يعلم تبون وشنقريحة أن سمعة نظامهم في الساحل الافريقي سيئة، وقد رأوا الشعارات والاحتجاجات المناهضة لهم في مالي نهاية الأسبوع الماضي والتي تتهمهم بإيواء الإرهابيين والانفصاليين، وتابعوا باهتمام بالغ فشل مبادرتهم في النيجر. ولذلك فهم لا يدخرون وسعا لإفشال أي مبادرة يرون فيها سحب البساط من تحت أرجلهم.
    مرة أخرى لا بد من التأكيد أن دوافع المغرب في هذه المبادرات تتجاوز مصالحه كدولة إلى مصلحة المنطقة كلها وهي المرشحة في القريب العاجل لتصبح بؤرة توتر ومصدر تشويش على القارة الإفريقية والأوربية معا، وخاصة في ظل الفشل الفرنسي وتزايد قوة جهات لا تفكر بمنطق السلم والتعاون الدولي.
    نودع هذه السنة على إيقاع انسحاب مذل لفرنسا من دول الساحل وإغلاق سفارتها في النيجر لتؤدي ثمنا باهظا لسياساتها الاستعمارية التي لم تتخلص منها في زمن صار فيه الاستعمار جزءا من الماضي المكروه. تأكد خلال هذه السنة أن ماكرون وفريقه خطر على فرنسا وسياساتهم تقود الدولة إلى الاندحار بسرعة قياسية. أصبح ماكرون تحت رحمة اليمين المتطرف ومضطرا للتحالف مع فريقه البرلماني لتمرير قانون الهجرة التمييزي الذي سيزيد النسيج الفرنسي تشتتا في ظرفية هي في أشد الحاجة لتوحيد صفوفها لربح رهانات تنظيم الأولمبياد والبقاء في دائرة الدول القوية.
    نودع كذلك هذه السنة على إيقاع مهزلة جزائرية. بلغت الحمى الانتخابية أوجها عند تبون الحالم بولاية جديدة فحاول استنساخ صورة الزعماء وهو يتوجه للشعب الجزائري بخطاب الحصيلة من قبة البرلمان. لقد تباهى تبون في خطاب قارب الساعتين بأنه أول رئيس يخاطب الأمة من البرلمان منذ 1977 زمن هواري بومدين ليؤكد عقدة البومدينية التي تلازم قادة الجزائر ولم يتخلصوا منها. يريد المسكين حيازة شرعية تاريخية بعدما فقد شرعية الإنجاز رغم تأكيده أنه ركز على تعزيز الطابع الاجتماعي لولايته وجعل ذلك نبراسا لكل الجهود المبذولة، ولذلك فقد غازل في خطابه الجيش والشباب والنواب والجالية. لم يكن أمام تبون بد من المزايدة بالقضية الفلسطينية رغم أن الواقع أكد أنه منع الجزائريين من مجرد التضامن العلني مع الفلسطينيين في أهم لحظة يحتاجون فيها للتضامن. وكم كان مضحكا ربطه لملف فلسطين بالصحراء المغربية رغم أن لا قياس مع وجود الفارق ومتناسيا أنه يسيء للقضية الفلسطينية وللمقاومة الفلسطينية حين يقارنها بعصابات ٱنفصالية. ينهي تبون السنة على إيقاع حملة انتخابية سابقة لأوانها ولكن بحصيلة تنعدم فيها الإنجازات على أرض الواقع ويغطي عليها باستعداء المغرب بشكل مفضوح ومجاني حتى لا يرى الجزائريون الحقيقة.
    نودع هذه السنة على إيقاع خريف الطوابرية وانتكاسة الظواهر الصوتية المتربصين بالمغرب. كلهم خانهم الحظ وخابت مساعيهم ولم يجدوا فرصة للنيل من هذا الوطن ومؤسساته ولم يعد عندهم ملفات للمزايدة وتصريف الأحقاد وسدت في وجههم كل السبل. بحت الأصوات بدون أن يكون لها صدى وتأثير على المغاربة لأن حبل الكذب قصير ولأنهم يدافعون عن قضايا خاسرة ويضعون أنفسهم في الموقع الخاطئ.
    مقاولو “فري كلشي” أفلسوا بعد فشل كل الملفات التي تبنوها، و”الكتيبة الزيانية” ورطت نفسها و”غرقت الشقف” ل “سبعها” بمحاولاتها فرض الأمر الواقع على قضاء اكتشفت أنه أقوى من أن يخضع لابتزاز من ألف الاستقواء على مؤسسات الدولة بمعارف أو ادعاء القرب من “جهات نافذة”. اكتشف الجميع اليوم أن القضاء سلطة مستقلة ولا يخضع لضغوط الداخل أو الخارج. مجموعة “جلد المغرب في أسبوع” تفرقت بهم السبل بعد اكتشافهم أن لا قدرة لهم على النيل من مؤسسات الدولة وأن أكاذيبهم لا تزيد مؤسسات الدولة إلا صلابة. فضائح الطوابرية خلال هذه السنة لا يكفيها مجلد واحد بسبب كثرتها وتنوعها. رفاق غالي وأمين وخديجة حطموا هذه السنة الرقم القياسي في الفضائح ولم يكفهم التستر على جرائم الاغتصاب والاستيلاء على ملك الغير دون أداء واجبات الكراء فصارت جمعيتهم واجهة لتأمين “الحريك الحقوقي” بعد ثبوت استغلال مناضل المشاركة في مؤتمر في السويد للحريك في البلد هناك. المشكلة هي صمت الجمعية وكأن هذه الفضيحة وغيرها لا تعني الرأي العام. هل ستُضَمّن الجمعية تقريرها السنوي هذه الفضائح وتقدم حصيلة تحرياتها بشأنها والعقوبات التي اتخذتها ضد مرتكبيها أم ستنهج سياسة الإفلات من العقاب التي تناهضها؟
    لا يمكن ذكر الطابور الفاشل دون الحديث عن الذي نبذته كل المنابر الصحافية بما في ذلك الموقع القطري الإخواني فصار محترفا لليوتوب ب”روتيني” سياسي يتقمص فيه وظيفة المؤرخ والمحلل والصحافي والمستشرف وعالم المستقبليات والخبير بشؤون القصر الملكي. الرجل الذي تخلى عنه الجميع وتراجعت نسبة مشاهدات روتينه وانقطع عنه العطاء الجزائري وجد نفسه أمام واقع فرض عليه اختلاق الوقائع من خياله الواسع والمريض فصار يحترف التهريج والكذب والإثارة لعلها تعيد له بعضا من المتابعين ليقوي بها مكانه لدى المانحين، ولو اقتضى ذلك التعسف في “التحليل” لإرضاء حالته المرضية وحقده الدفين ضد مؤسسات الدولة التي لم ترضخ لما اعتاده من ابتزاز.
    لا يستحيي من ادعاء المعرفة بوقائع لا يسندها الواقع وفبركة ما يخدم حقده الدفين وترويج الشائعات للانتقام. يتناسى أنه لا دوام إلا للمعقول وأنه يفضح تهافته بادعاءات يعلم الكل أنها فبركات ولا يمكن أن تكون أخبارا.
    باختصار، نودع هذه السنة والمغرب بلد آمن مطمئن يتقدم بخطوات متوازنة في كل المجالات بجهود أبنائه المقتنعين بالمشروع المجتمعي الذي جعل في صلب أولوياته الإنسان والباب مفتوح للجميع لمساهمة في ربح تحدي تنميته ووحدته.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    البرلمان: صراع داخل الفرق بسبب صرف الميزانية دون إخبار البرلمانيين