بوح الأحد: فشل استراتيجية الجزائر المعادية للمغرب يعري ما تبقى من عدميي الطابور

بوح الأحد: فشل استراتيجية الجزائر المعادية للمغرب يعري ما تبقى من عدميي الطابور

A- A+
  • بوح الأحد: فشل استراتيجية الجزائر المعادية للمغرب يعري ما تبقى من عدميي الطابور الخامس، ذكرى المرشد و تكتيك جوج وجوه يقود العدل و الاحسان إلى حافة الإفلاس و أشياء أخرى
    أبو وائل الريفي
    لم يكن مستغربا أن تبرز الجارة الجزائر كل هذا الكره للمغرب وتمارس كل الأفعال ضده بما فيها تلك التي هي متأكدة أنها ستعود عليها بالخسارة أمام شعبها والمنتظم الدولي.
    لقد كانت هذه السنة سوداء على النظام الجزائري، وهزائمه كانت أكثر من أن تحصى، مما جعله يخرج عن التصنع ليظهر حقيقته ويفضح عقدته ضد المغرب التي رافقته منذ نشأته ولم يتخلص منها رغم اليد الممدودة دائما من المغرب. ولذلك فحماقاته غير مستغربة وتصرفاته غير محسوبة وكل همه صار هو الانتقام من المغرب بأي شكل لحفظ ماء وجهه.
    أصابت الهزيمة النكراء هذا النظام في ملف الصحراء المغربية بهستيريا أفقدته الصواب. قرارات مجلس الأمن التي تثمن المقترح المغربي، والخطوات العملية للمنتظم الدولي لإيجاد حل لهذا الملف المفتعل الذي طال أمده، وتكرار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، والصرامة التي تبديها قواتنا المسلحة في الحدود، جعلت هذا النظام يستشعر الخطر ويتصرف بدون منطق أو عقل.
    آخر الصدمات التي تلقاها هذا النظام هي بلاغ وزارة الخارجية الأمريكية، بمناسبة زيارة جوشوا هاريس نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون شمال إفريقيا، والذي أعاد التذكير بالموقف الواضح والثابت للدولة الأمريكية من قضية الصحراء المغربية. فشل كل من راهن على أن الموقف الأمريكي كان ظرفيا وأنه موقف إدارة جمهورية سينسخه الديمقراطيون عند أول فرصة. في هذا البلاغ، جددت الإدارة الديمقراطية دعم واشنطن للمقترح المغربي للحكم الذاتي ووصفته بتلك العبارات التي لم يعد يتحملها نظام العسكر في جارتنا وأداته البوليساريو. إنه مقترح جاد وواقعي وذو مصداقية.
    وكما هي عادتهم، يضع كل الهامشيين في آذانهم وقرا ويغمضون أعينهم ويعطلون عقولهم ويتجاهلون هذه الحقيقة التي استفرغوا جهودهم لمحاربتها وبذلوا كل المساعي لإقناع المغاربة بأن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء مجرد وهم أو مناورة أمريكية مؤقتة أو ربطوه باستئناف العلاقات مع إسرائيل. مرة تلو مرة يتأكد لهم أن المغرب لم يغير موقفه من الحق الفلسطيني ولم يتهاون في وحدته الترابية والوطنية وسيادته وأن الموقف الأمريكي من مغربية الصحراء لم يتغير. لماذا لم نر أمثال بوبكر الجامعي “الفهايمي” في الشأن الأمريكي يحلل أسباب عدم تغير هذا الموقف وتكرار الاعتراف بمغربية الصحراء في أكثر من مناسبة عبر بلاغات كثيرة وفي مناسبات متعددة امتدت طيلة ولاية بايدن التي تشارف على نهايتها؟ لماذا لم تتحقق نبوءته؟ لماذا لم يعترف أمام المغاربة بخطأ تقديره؟ صمته عن هذا الأمر دليل آخر على أنه لا يحسن إلا “تقطار” السم على المغرب والمغاربة، ولكنه يكون هو المتضرر دائما لأنه يعزل نفسه عن المغاربة بعد أن اختار العزلة عن المغرب طواعية.
    الصدمة الثانية لنظام العسكر كانت خسارة إسبانيا كحليف تاريخي وكدولة شكل ترابها بيئة حاضنة لعصابات البوليساريو. بذل هذا النظام كل جهوده لإسناد تيارات معادية للمغرب للإطاحة بحكومة سانشيز ولكنهم فشلوا جميعا بعد أن اختار الإسبان خيارهم الداعم لسياسات هذه الحكومة. يرى تبون ودبلوماسيوه الفاشلون أن اسبانيا تبتعد عنهم ولم تخضع لابتزازهم وفضلت شريكا موثوقا وفكرت بمنطق واقعي فاختارت الموقف الصحيح من نزاع هي أكثر الدول دراية بحقيقته ومنعرجاته وأسباب عدم حسمه، ويزداد الضغط على نظام العسكر وهو يرى اسبانيا تتولى رئاسة الاتحاد الأوربي خلال هذه المدة، وتتخذ إجراءات غير مسبوقة ضد عصابات البوليساريو كما هو الحال مع أميناتو حيدر التي تم رفض تجديد إقامتها على التراب الإسباني كما كان الشأن دائما منذ 2007 مما يؤشر على بداية عهد جديد في التعامل مع أمثالها الذين كانوا يتسترون وراء مبررات صحية لتغطية نشاطهم الإرهابي ضد المغرب.
    لقد كانت الجزائر مضطرة للاعتراف بخطئها تجاه إسبانيا ولذلك أعادت العلاقات معها بتسمية سفير جديد بعد أشهر من التنطع الجزائري وقطع العلاقات ظنا منها أن سلاح الغاز قد يرضخ إسبانيا ولكنها اكتشفت أن هناك ما هو أقوى من ذلك عند المغرب وتفضله اسبانيا على علاقات ابتزاز من نظام عسكري متقلب المزاج.
    الصدمة الثالثة التي تلقاها نظام العسكر أتت هذه المرة من فرنسا الماكرونية التي تسارع الخطى لإعادة علاقاتها مع المغرب إلى سابق عهدها بخطوات ينظر إليها حاكم قصر المرادية بنوع من الريبة والخوف والتوجس، وخاصة حين يتعلق الأمر بزيارات لمسؤولين أمنيين من مستوى عال وبحث عن تعاون مع المؤسسة الأمنية المغربية لتأمين الأجواء الفرنسية والاستفادة من الخبرة المغربية لتأمين أولمبياد باريس. تستشعر الجزائر الخطر عليها كلما عاد الدفء للعلاقات الفرنسية المغربية لأن تبون يراهن على دعم فرنسي لترشحه لولاية جديدة. وبغض النظر عن نجاح أو فشل المحاولات الفرنسية لإعادة المياه إلى مجاريها مع المغرب فإن الحقيقة الثابتة هي أن فرنسا صارت على وعي تام بأن نظام العسكر في الجزائر فشل في إنقاذها من مستنقع الساحل الإفريقي رغم مجهودات وساطته في النيجر ومحاولاته في مالي لأنه نظام بدون مصداقية وبدون خبرة وأوراقه في المنطقة خاسرة.
    الصدمة الرابعة التي تلقاها نظام الجزائر كانت هذه المرة من المحيط الإفريقي والعربي. حالة السعار التي أصابت أبواق هذا النظام من الزيارة الملكية للإمارات وحصيلتها مثال واحد فقط لحالة اليأس وشعور العزلة التي يعيشها هذا النظام إقليميا، ولذلك فقد أطلق ذبابه وأدوات تشهيره على الإمارات والمغرب. والنتيجة لن تخرج عن المزيد من العزلة والإهانة لنظام فاشل راهن على فعل دبلوماسي يخرجه من حالة الهزائم المتواصلة التي يحصدها دوليا وقاريا وإقليميا.
    الصدمة الخامسة لنظام العسكر كان مصدرها هذه المرة داخلي وأثرها قاتل لأنها أفقدته شركاءه وفضحت مزايداته بالقضية الفلسطينية. بنى هذا النظام جزءا من مصداقيته بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية واتهام المغرب بالتطبيع مع إسرائيل ولكنه خلال الحرب على غزة فضح حقيقته. كيف لنظام مساند لفلسطين ومعاد لإسرائيل يمنع الجزائريين من كل أشكال التضامن مع إخوانهم في غزة؟ كيف لا يسمح هذا النظام للجزائريين بالتنديد بجرائم إسرائيل؟ كيف يمنع أحد بيادقه من إسلاميي العسكر من السفر خارج الجزائر لحضور مناسبة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في ظرفية حساسة؟ ما الذي يجعل النظام يمنع التضامن غير الخوف من تحول المظاهرات إلى مناسبات احتجاجية على سياساته الاجتماعية وفساده واستبداده؟ ويزداد حنق الجزائريين وإسلاميي العسكر وهم يرون المغرب من أكثر الدول في العالم احتضانا لفعاليات التضامن مع الشعب الفلسطيني. لماذا لم يمنع المغرب مواطنيه من التضامن مع الشعب الفلسطيني؟ لماذا لم يحل استئناف العلاقات مع إسرائيل دون التعبير عن الموقف الواضح والصريح من جرائم الاحتلال؟ هنا يظهر الفرق بين دولة ذات سيادة ولها قدرة على الفصل بين الملفات ولا ترهن مواقفها المبدئية بأي حسابات و هذه الدولة.
    الحقيقة التي صارت واضحة عند الجزائريين هي أن دعم فلسطين ليس شعارا للاستغلال السياسي والمزايدة على الدول، كما أن استئناف العلاقات مع إسرائيل ليس شيكا على بياض لهم ورضى بجرائمهم وتغافلا أو تخليا عن حقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هنا يستفيق الجزائريون ليستوعبوا أن نظامهم سوق لهم الوهم حول فلسطين للتغطية فقط على سياساته الداخلية الفاشلة.
    الصدمة السادسة تمثلت هذه المرة في فشل كل البيادق وأدوات الدعاية التي أنفق عليها من أموال الشعب لشن حرب تضليلية ضد المغرب ومؤسساته. أدوات التنفيذ مثل سمبريرو والمرابط وغيرهم من الفاشلين أصيبت بعطب بنيوي ولم يعد لها تأثير لأن الكذب المتكرر والمحتوى غير الموضوعي والتحيز السافر والاستهداف الممنهج جعل الكل يتساءل عن أسباب هذا الحقد على المغرب وعلى الملكية وعلى أشخاص بذاتهم ومؤسسات بعينها. أمام نظام تبون وشنقريحة اليوم خيار واحد هو تغيير هؤلاء جميعا لأنهم انكشفوا وحقيقتهم انفضحت وإلا فإنه ينفق أموال الشعب على عمليات دعائية يتضرر منها هو أولا قبل غيره.
    أمام كل هذه الصدمات والهزائم لم يعد أمام نظام العسكر حلول كثيرة لإيقاف النزيف والحد من انتصارات المغرب بغض النظر عن تداعيات إجراءاته على سمعة الدولة والشعب الجزائري وأثرها على المنطقة كلها.
    لم يكن جديدا وغريبا على هذا النظام اللجوء إلى عصابات البوليساريو لتقديم خدمات له فقد ورطها في الكركرات من قبل وجعلها تدفع الثمن غاليا، ولكنه لم يستوعب أن الاستقواء بكيان ضعيف في سياق دولي وإقليمي مختلف يضعفه ويحرجه أمام المنتظم الدولي لأنه صار نظاما يتحرك بحقد على المغرب وفاقدا لكل منطق.
    سماح النظام الجزائري باستغلال ترابه من طرف عصابات البوليساريو لإطلاق مقذوفات على المغرب مرتين خلال مدة وجيزة لا تتجاوز الشهرين حماقة سيؤدي كل من شارك فيها من قريب أو بعيد الثمن غاليا. في المرة الأولى، نهاية أكتوبر، أسفرت المقذوفات عن وفاة شخص وإصابة ثلاثة آخرين بأحياء سكنية بمدينة السمارة، وخلال هذا الأسبوع تم تكرار الحماقة نفسها في أوسرد بأربع مقذوفات في الخلاء دون إصابات. لحد الساعة يسجل أن المغرب يفكر بمنطق أوسع من رد فعل آني مماثل لأنه يستحضر تداعيات أي تصرف منه على المنطقة برمتها وعلى مسلسل تسوية يراد له أن يتحرك بوتيرة أسرع وفعالية أكبر لإغلاق هذا الملف الذي طال بدون سبب.
    لا يخفى أن هدف النظام الجزائري هو جر المنطقة إلى توترات مصطنعة لعرقلة مسار التسوية؛ وفي هذا السياق تفهم تصريحات قادة البوليساريو بالعودة إلى الحرب وخرق اتفاق وقف إطلاق النار. تنسى الجزائر، ومعها عصابات البوليساريو، أن ما تقوم به من حماقات يحرجها أمام شعبها وأمام العالم لأنه ضد إرادة المنتظم الدولي، ولأنها تصرفات عصابات تتم في التوقيت الخاطئ الذي يسعى فيه الكل إلى حل صراع طال زمنه ولم يعد العالم يحتمله لأن مبررات إنشائه انتفت ودواعي استمراره غائبة وأضراره لم تعد محتملة.
    كعادته، يكتفي المغرب حاليا بضبط النفس وإقامة الحجة وتوثيق الخروقات وتحميل المسؤولية للجهة المعتدية وإحضار الهيئات الدولية، مثل المينورسو، لمشاهدة هذه الجرائم، ولكن الرد سيكون في الوقت المناسب وبالشكل المناسب وفي المكان المناسب. والأهم أن هذه ليست، في نهاية المطاف، سوى ضربات اليائس والخائف والمهزوم والأحمق.
    لا يمكن تفويت هذه المناسبة دون تسجيل الصمت المطبق والتجاهل غير المبرر “للحقوقيين” الذين يدعون الدفاع عن الوطن “بطريقتهم” المختلفة عن المخزن حسب ما يدعون دائما. هل يوجد في هذه التصرفات العدوانية التباس أو غموض يجعلكم تنأون بالنفس عن إدانتها؟ هل ما يزال عندكم شك في حدوثها على تراب مغربي ومن تراب جزائري وبأدوات عصابات البوليساريو؟ لماذا لم تتحركوا للمعاينة في عين المكان وتقفوا على الحقائق وتضمنوها في تقاريركم؟
    المغرب ليس في حاجة إلى شهادتهم ومواقفهم ولكن التاريخ لن يرحمهم والمغاربة لن ينسوا لهم هذا الخذلان وادعاءاتهم أنهم معارضين للنظام وليس للوطن مردودة عليهم وهم صامتون عن الاستهداف لجزء من المغرب ولأمن جزء من المغاربة. سيبقى التحدي أمامهم جميعا أن ينتصروا للمغرب وينحازوا للمغاربة ويثبتوا أنهم يفصلون بين قضايا يمكن الاختلاف حولها وقضايا لا تحتمل ذلك. كلهم أمام المحك بدءا بالمعطي منجب ومرورا بفؤاد عبد المومني وأنصار زيان ومقاولة غالي وخديجة للتجارة في الحقوق ومريدي العدل والإحسان.
    يشعر نظام العسكر في الجزائر بعزلة وحرج أمام شعبه وهو يرى انتصارات المغرب وإنجازاته، ولم يعد يحتمل مشاهدتها أو سماعها فأحرى أن يكون جزءا منها، ولذلك فإنه يرتكب حماقة فوق كل تصور بإقدامه على مقاطعة كل المؤتمرات التي يحتضنها المغرب. سيلاحظ المتابع للدبلوماسية الجزائرية شروعها في سياسة المقعد الفارغ لمواجهة المغرب ظنا منها أن غيابها قد يؤثر على هذه المحطات.
    شاهد العالم كله حفل جوائز الكاف وشهد بحسن تنظيمها والإشعاع الذي حققته ولم يأبه أحد لغياب الجزائر غير المبرر. وتابع العالم الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي الروسي في مراكش ولم يأبه لغياب الجزائر عن محطة مهمة لتفعيل بناء مسارات تعاون قادرة على تحقيق تنوع وتوازن عالمي يقوي أكثر الدول العربية.
    لا تتصرف الجزائر إلا بحسابات ضيقة وبخلفية حاقدة وهي في حالة شرود وعداء لأنها ترى في احتضان المغرب لهذه القمة خسارة لها وضياع لحليف تاريخي ظنت أنها تحتكره منذ الحرب الباردة ونسيت أن العالم تغير. هذه من أهم مشاكل نظام الجزائر الذي ما يزال يعيش في الماضي وخلافاته وأحقاده ولم يستوعب نداءات جلالة الملك ويده الممدودة لوضع حد لذلك التاريخ وتلك الخلافات وها هو يؤدي الثمن وهو يخسر حلفاءه التاريخيين بدءا بإسبانيا ومرورا بروسيا وقريبا يحين الدور على الصين كذلك.
    وصل المطاف بنظام العسكر حد استنزاف قدراته وفشل كل محاولاته لفرملة الانتصارات المغربية وما عليه إلا أن يبحث عن طريق أخرى لإطفاء حالة الغضب الشعبي التي تسود داخل الجزائر بسبب الوضع الاجتماعي المتدهور رغم وفرة الموارد التي تدرها مداخيل الغاز، وبسبب الانسداد السياسي الذي لم يعد يحتمله حتى أبناء النظام، وبسبب القمع الممنهج للحريات وتغول الفساد وتفاقم صراعات مربع الحكم التي لم تعد من الأسرار وتزايد مطالب الاستقلال لدى القبايل. ولذلك ينتظر أن يبيح نظام العسكر لنفسه كل الوسائل للتغطية على هذا الواقع المرير وهو مقبل على انتخابات رئاسية يخشى من نتائجها وهجران الشعب لصناديق الاقتراع لأنهم يفهمون أن الرئيس مجرد دمية في يد العسكر.
    كنت استبقت تخليد العدل والإحسان لذكرى وفاة شيخها الذي كانت تقدسه في حياته وما تزال على عهد الوفاء لذلك حتى بعد وفاته. والتقديس هنا رسالة ظاهرية للتسويق السياسي والديني حفاظا على حصيص جامد يتناقص ولم يعد متحمسا لمشروع طوباوي صار أهله غير مقتنعين به وغير مستعدين للتضحية من أجله وغير مؤمنين بواقعيته.
    لم يعد أمام الإكليروس العدلاوي غير الاتجار برصيد الشيخ المؤسس و”كراماته” و”وراثته” لمنع تشتت الجماعة، ولذلك يتم الحرص على هذه المناسبة لتسويق شعار الوفاء.
    كشفت ذكرى هذه السنة حالة الفراغ التنظيمي التي وصلت إليها الجماعة حيث غابت الذكرى في التنظيمات المحلية وتم الإبقاء عليها وطنيا فقط. وفضحت الذكرى العزلة السياسية التي تعيشها الجماعة باقتصار الحضور على أعضاء من خارج الجماعة لا يتجاوزون أصابع اليدين. تعيش الجماعة منذ سنين حالة تيه إيديولوجي وعمى سياسي لأنها غيبت كل الأهداف التي تدعي خدمتها وصار الكل يعلم أنها تتخذ من شعار الدعوة والتربية وسيلة للاستقطاب بينما هي وكر للتربية على الحقد ضد الدولة ومؤسسات الدولة لأنها ترى فيها أكبر عائق في وجه مشروعها للخلافة العابرة للحدود والأوطان.
    وصل التيه الإيديولوجي بعدلاوة هذه السنة أنهم ظهروا أمام أنصارهم بجوج وجوه في ما يعبر عن حالة سكيزوفرينيا سياسية مكتملة الأركان. خصصوا اليوم الأول لليسار واليوم الثاني للإسلاميين وتفادوا الجمع بينهما. لم يجدوا مواضيع وقضايا للنقاش فكانت فلسطين والحرب على غزة منقذهم لأنهم كانوا متيقنين أن شعاراتهم حول الجبهة والحوار والميثاق انفضحت، ولم يجدوا من موضوع يجمعهم بإسلاميي التوحيد والإصلاح غير مدونة الأسرة مع العلم أن لا حاجة للمغاربة بمزايداتهم وقد حسم الأمر من قبل أمير المؤمنين حين وضع الإطار العام لتعديل هذه المدونة.
    التجاهل الشعبي للذكرى وللجماعة يبين هامشيتها حتى وسط جمهورها لأن خطابها قديم لم يعد يستجيب لحاجيات مريديها، وخير شاهد على ذلك عدد المشاهدات الضعيف ونسب المتابعة المباشرة المتدنية رغم التعبئة العسكرية التي سبقت الذكرى، وهو ما يؤكد أن العدل والإحسان تعيش مرحلة ما قبل إعلان الافلاس النهائي لأن خطابها غير جذاب ومحتواه غير متلائم مع التربة المغربية وقياداتها منشغلون بصراعاتهم ومصالحهم وتحولات الزمن جعلت تنظيمها خارج الواقع.
    لقد ظلت العدل والإحسان تغالط نفسها وتظن أن حالة السكيزوفرينيا التي بنيت عليها قادرة على إنقاذها دائما حيث تخلط بين الدعوة والسياسة والتصوف ولكنها تكتشف اليوم أنها وصلت نهاية الطريق ولم يعد بمستطاعها الاستمرار بجوج وجوه.
    هل ستملك الشجاعة للاعتراف بذلك؟ هل ستعتذر لمريديها؟ هل ستعترف بالأمر الواقع؟
    التاريخ يؤكد أن هذا يصعب إلى درجة الاستحالة، ولكنه يؤكد كذلك أن الاستمرار في الطريق الخاطئ لا يقود إلا إلى المصائب، وهي التي تتخبط فيها الجماعة منذ سنين بفضائحها وصراعاتها.
    وحدهم المغفلون من اليسار من لا يزال يصدق خطاب عدلاوة لأسباب كثيرة ليس أقلها الاحتماء بمريديها الذين منهم من صار بأكثر من جوج وجوه.
    موعدنا في البوح القادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي