بوح الأحد: شموخ المغرب من مراكش إلى الرباط و من باريس إلى بوخاريست،

بوح الأحد: شموخ المغرب من مراكش إلى الرباط و من باريس إلى بوخاريست،

A- A+
  • بوح الأحد: شموخ المغرب من مراكش إلى الرباط و من باريس إلى بوخاريست، قادة الأمن العام و المخابرات الفرنسية يطلبون الخبرة المغربية لتأمين الألعاب الأولمبية ضد الإرهاب و أشياء أخرى

    أبو وائل الريفي
    مرة أخرى ينتصر المغرب قاريا باحتضانه وصناعته للحدث، والمناسبة كانت حفل جوائز الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لسنة 2023.
    تجلى تألق المغرب في احتضان مراكش للحدث، وهو ما يؤكد أن بلادنا أصبحت لها القدرة والحرفية والجاذبية لتنظيم وإنجاح مناسبات ذات إشعاع كبير ويتطلب تنظيمها إمكانيات وتجربة خاصة وبيئة ملائمة تتميز بكل مقومات النجاح. هذه شهادة أخرى على جاذبية البلد وتنافسيته وقدرته على ربح رهانات كبيرة.
    والحدث الثاني تجلى في اكتساح كروي مغربي لجل الجوائز القارية ليؤكد أنه الأفضل. لقد شكل هذا الحفل تتويجا وشهادة. تتويج لجهود سياسة كروية شاملة للمنتخبات والأندية والكرة النسائية مكنت منتخبنا الأول من الفوز بجائزة أحسن منتخب بعد إنجازاته خلال السنة الفارطة والتي كان لها صدى عالميا شرف الكرة الإفريقية والعربية بإنجاز غير مسبوق، وشهادة قارية وإقرار بأن الكرة المغربية تسير في الطريق الصحيح بفضل هذه الاستراتيجية التي تطمئن كل المتتبعين بأنها ليست معزولة أو مفاجأة ولكن ضمانات استمرارها موجودة من خلال التألق الكروي في منتخبات الناشئين وكثرة المواهب المغربية المتألقة في الدوريات الأوربية.
    إنه مغرب الانتصارات الذي لم يعد يرضى بالمشاركة المشرفة أو الفوز فقط ولكنه يبحث عن بصم وجوده وتفوقه باكتساح قاري في المجال الكروي.
    يمكن اعتبار هذا التتويج تشريفا وهو كذلك، ولكن الأهم أنه حافز للعمل أكثر وخاصة أننا على أبواب منافسات تستحق تركيزا واستعدادا واستشعارا لما صار يمثله حمل القميص الوطني وتمثيل الدولة المغربية من رهانات وانتظارات، وهو تكليف كذلك لكل المغاربة سواء المسؤولين الكرويين الذين عليهم الحفاظ على هذه الوتيرة وضمان هذا التفوق، وعلى الجماهير المغربية التي عليها أن تستحضر ثقل المسؤولية التي صارت على عاتقها لتكون أفضل جمهور لأفضل منتخب وفرق بما يمثله ذلك من إسناد في كل اللحظات.
    لقد أبدع الجمهور المغربي في قطر وكان مثالا للجمهور الرياضي ونحتاج أن نحافظ على هذه الصورة في ملاعبنا دائما، والخبرة المغربية في التنظيم وتأمين نجاح التظاهرات الرياضية يشهد بها الجميع. ظهرت الحاجة إلى هذه الخبرة في مونديال قطر وكان المغرب حاضرا في لجنة تأمين المونديال من المخاطر الإرهابية، وها هي تظهر مرة أخرى والعالم على أبواب دورة جديدة للألعاب الأولمبية.
    لا بد أن المتابع الحصيف للأحداث يتساءل عن سبب زيارة المدير العام للشرطة الوطنية الفرنسية فريديريك ڤـــو للمغرب في ظل علاقات ليست في أحسن أحوالها بين البلدين. ولا بد أن هناك من تساءل عن سبب اللقاء بعبد اللطيف حموشي وتوجيه الدعوة إليه لزيارة فرنسا. ونفتح القوس هنا لبعض المرضى الذين ما زالوا يروجون الأوهام بشأن متابعة قضائية ومنع من ولوج التراب الفرنسي. ها هي الحقائق تُرى بالعين المجردة وتكذب أراجيفهم. فهل يملكون الشجاعة للاعتراف بكذبهم؟ وهل يمكنهم تكذيب هذه العبارة التي وردت في بلاغ الاجتماع الثنائي والتي تتحدث عن زيارة مرتقبة في المستقبل القريب “واتفق الطرفان في أعقاب هذا الاجتماع على التحضير والإعداد لزيارة مماثلة سيقوم بها المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي إلى العاصمة الفرنسية باريس، في المستقبل القريب”.
    يمكن فهم أهمية تلك الزيارة من خلال البلاغ الصادر عن الاجتماع والذي تضمن نقطة غير عادية وتكتسي طابعا استعجاليا وذا أهمية استثنائية يبين سبب الزيارة والاجتماع في هذا التوقيت. إنها تلك الفقرة المتعلقة بمناقشة “الممارسات الفضلى لتبادل الخبرات بين الطرفين في المجال الأمني، وآليات تنفيذ العمليات المشتركة المنجزة في إطار التعاون الثنائي، بما في ذلك تأمين الألعاب الأولمبية المقررة في باريس، وذلك على أساس الثقة المتبادلة والاستفادة المشتركة”.
    نحن على أبواب دورة ألعاب أولمبية الصيف القادم في باريس، وقد تكون آخر مناسبة يمكن لفرنسا أن تنقذ فيها ماء وجهها وتثبت أنها ما تزال دولة قوية قادرة على تنظيم مثل هذه المناسبة التي تتطلب أضعاف الجهود التي تبذل في كأس العالم وغيره من المناسبات لأنها أكبر تجمع رياضي عالمي ولها رمزية تاريخية ممتدة عبر الزمن منذ عهد اليونان وما ترمز إليه من سلم وتعاون وروح رياضية. فرنسا أمام اختبار حقيقي لقدرتها على تأمين هذه الألعاب من التشويش بمختلف أنواعه، وخاصة ما يرتبط بتماسك نسيجها المجتمعي وشعور المنتظم الدولي أن مبادرة التنظيم تلقى موافقة مجتمعية وليست قرارا فوقيا.
    تخوض فرنسا غمار هذه التجربة ولديها سوابق حديثة غير مبشرة كما كان الشأن مع أحداث الفوضى والشغب التي عرفها نهائي أبطال أندية أوربا في كرة القدم بملعب سان دوني بباريس سنة 2022. حاجة الداخلية الفرنسية للخبرة المغربية في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب شهادة أخرى على التفوق المغربي، وإجابة أخرى على دعاة التبخيس الذين تصوروا الحضور الأمني المغربي في مونديال قطر في مجال معين واختزلوه في حضور أمنيين بالزي الرسمي بينما الحاجة إلى الخبرة المغربية استدعت أن يكون المغرب في اللجنة الرفيعة المكلفة بتأمين المونديال من المخاطر الإرهابية.
    وتخوض فرنسا هذه المغامرة وهي منقسمة وفي أشد حالات التشرذم وقيادتها غير مستوعبة لخطورة ما تمر به وانعكاسات ذلك على مستقبلها.
    آخر مظاهر التفتت الفرنسي مواقف الدولة من أحداث غزة وابتعادها عن الموقف المتوازن الذي دأبت عليه الجمهورية الفرنسية زمن الرؤساء الكبار، وكذا تبني النواب الفرنسيين اقتراح رفض مشروع القانون المتعلق بالهجرة في جلسة عامة بالجمعية الوطنية بأغلبية 270 صوتا مقابل 265، مما يذكرنا بأن الأجواء المشحونة صارت ملازمة لفرنسا وتتطور منذ احتجاجات أصحاب السترات الصفراء ومرورا بقانون التقاعد المثير للجدل.
    التصويت بالأغلبية على مقترح رفض المشروع مسبقا حتى قبل مناقشته هزيمة مدوية لماكرون وضربة قاسية كانت تستدعي منه وقفة تأمل لمراجعة سياساته، ولكن يبدو أنه لا يأبه للمآلات التي أوصل إليها فرنسا بمقاربته الفاشلة بدليل رفضه استقالة درامانان، وزير الداخلية، صاحب هذا المشروع والتي تقدم بها لساكن قصر الإليزيه فور الإعلان عن نتيجة التصويت.
    قد يبحث ماكرون عن الإمكانات التي تتيحها له العقلنة البرلمانية لتمرير مشروعه، وقد يركب العناد ويتمسك بفريق خاسر، ولكنه سيدخل التاريخ بأنه كان الرئيس الأسوأ في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة الذي أضعف دولته في الخارج وفتت مجتمعه في الداخل وزرع الألغام وسط البلاد والتي تنفجر بشكل متسارع يهدد الدولة وسمعتها في العالم.
    والمصيبة أن مشاكل فرنسا بدأت تتعدى حدودها لتطال حتى شركاءها كما حدث مع النيجر التي أوقف حكامها مؤخرا مهمتين أمنيتين ودفاعيتين للاتحاد الأوروبي في البلاد.
    المغرب شريك موثوق في محاربة الإرهاب والجريمة وتأمين السلم الدولي، ومصداقيته تجعله لا يخلط الملفات ويتجاوب مع كل الدعوات التي تؤدي لأهداف المنتظم الدولي، ولذلك سيتجاوب مع كل الطلبات لأن خبرته ليست ملكا له ولكنها رهن إشارة كل المنتظم الدولي الذي يقدرها، وقد جاء التقدير هذه المرة من بوخاريست، من خلال رئيسها كلاوس فيرنر يوهانيس، التي وشحت هذا الأسبوع ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات، بـالوسام الوطني من رتبة ضابط كبير مع الشارة المدنية “نجمة رومانيا”، وهو أعلى وأرفع وأقدم وسام، مكافأة للدور المغربي في تعزيز الأمن والاستقرار الدوليين ومكافحة مخاطر التهديدات الإرهابية. ولمن يريد إنعاش الذاكرة يمكنه الرجوع إلى الوساطة المغربية التي أفرجت الصيف الفائت عن رهينة روماني، كان يعمل في أحد مناجم المنغنيز، محتجز منذ سنة 2015 من قبل مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بوركينا فاسو.
    ها هو مغرب الانتصارات يتألق من جديد في مجال آخر، وها هي الاعترافات الدولية بالكفاءات المغربية والنموذج المغربي تتوالى من دولة لأخرى.
    تزداد الحاجة الفرنسية إلى التجربة المغربية في تأمين التظاهرات وتجاوز التعثرات التي تدفع ثمنها في مناطق عدة، ومؤشرُ هذه الحاجة هو زيارة المدير العام للمخابرات الداخلية الفرنسية نيكولا لورنر في نفس الأسبوع. تواتر الزيارات وطبيعة الزائرين وموضوع الزيارات وظرفيتها كلها عوامل تؤكد أن هناك جهات داخل الدولة الفرنسية تحاول رد المياه إلى مجاريها ولم تعد قادرة على هذا الجفاء الذي يطبع العلاقات بين البلدين. هل يمكن لهذه الدبلوماسية الأمنية أن تردم الهوة وتعيد العلاقات إلى سابق عهدها؟
    من السابق لأوانه الحكم على هذه الخطوة التي ينبغي وضعها في إطارها ومجالها دون تهوين أو تهويل، والأكيد أن فرنسا مطالبة بالمزيد تجاه المغرب والمغاربة، والمغرب من جهته أحرص على علاقات جيدة مع الدولة الفرنسية والشعب الفرنسي بحكم الروابط التي تجمع بين الشعبين والدولتين والتي لا يمكن أن تنقطع لسبب ظرفي أو بسبب حكومة لا تقدر عمق هذه العلاقات لقصور في الفهم وضعف في التجربة وسوء في التقدير وفشل في تحديد الرهانات الرابحة. ولا يمكن للمغرب أن يخلط بين الملفات ويؤاخذ الشعب الفرنسي على أخطاء بعض القوى التي لا تزال محكومة برؤية كولونيالية ولا تستحضر التحولات التي يعرفها العالم.
    ومع كل ما سبق، ففرنسا أمام اختبار حقيقي لقدرتها على توحيد نسيجها المجتمعي لربح رهان المستقبل، وهي مضطرة إلى مراجعة سياساتها تجاه جزء من هذا النسيج واحترام هويته وقناعاته التي لا تمس قيم الجمهورية الفرنسية رغم محاولات البعض تأويل تلك القيم بشكل ضيق وعدواني وبمعايير مزدوجة.
    لا يمكن تفويت هذه المناسبة دون التذكير بحادث غريب وذي دلالة على هذا المنحى التحريفي والعنصري والمزدوج الذي تسير فيه فرنسا. سحب جائزة من الصحافية زينب الغزوي، كانت فازت بها سنة 2019، من طرف رئيسة منطقة إيل دو فرانس بعد مقارنتها الوضع في غزة بالمحرقة اليهودية ينبئ عن النتائج الكارثية لموجة التطرف التي صارت تجتاح فرنسا. زينب الغزوي مرحب بها هناك وتفوز بالجوائز حين تنتقد الإسلام ولكن رأيها غير مطلوب ومزعج حين تتحدث في مواضيع أخرى. أهذه هي قيم الجمهورية الفرنسية؟ هل بهذه السلوكات يمكن حشد جهود كل الفرنسيين لربح رهانات المستقبل؟ هل بهذه التصرفات نقنع الفرنسيين بتنوع نسيجهم المجتمعي؟ هل صارت بلاد الأنوار تضيق بالرأي الآخر إلى هذا الحد؟
    يفتح الحديث عن الحرية الشهية للتذكير بالذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، وهي المناسبة التي تخلدها كل الدول باستعراض حصيلتها في مجال حقوق الإنسان. وقد كانت بالنسبة للمغرب فرصة لاستعراض حصيلته أمام المشاركين في المناظرة الدولية حول “30 التزاما كونيا من أجل الكرامة الإنسانية: كونية حقوق الإنسان: فعلية تحققت أم مسار غير مكتمل؟” التي احتضنتها مراكش بدعوة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان. لقد كانت الرسالة الملكية الموجهة لأشغال هذه المناظرة إشهادا مغربيا أمام العالم عن التزام المغرب وما يوليه من “اهتمام بالغ، وحرص دؤوب على النهوض بقضايا حقوق الإنسان في بلادنا، بكل أبعادها وتجلياتها، ثقافة وممارسـة” ومطالبته “بضرورة تجديد التزام كوني لحماية حقوق الأفراد والجماعات، خاصة الفئات التي تعيش أوضاعا هشة” والتذكير بأنه “اختار أن يسلك مسارا حقوقيا خاصا به، عرف وما يزال تطورا ملحوظا، بصم التجارب الدولية في هذا المجال” وأنه كدولة لم يقتصر فقط على الالتزام ولكن انتقل إلى التفعيل “فالتزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، لم يتوقف عند تكريسها الدستوري فحسب، بل أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الاستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية”، وقد كان لافتا في هذه الرسالة الطموح المغربي لإنجاز ما هو أفضل وعدم القناعة بالمنجز حاليا “بالرغم مما تم إنجازه في مجال حقوق الإنسان، وما نحن بصدد استكماله، فإن ما يكتسيه من أهمية، وما يتطلبه من جدية، ينتظر منا جميعا المزيد من الالتزام لتحقيق المُلِحِّ حالاً، واستشراف الممكن مستقبلاً، في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية” مع التحذير من عدم التكامل بين كل أنوع الحقوق “يتعين إدراك أن كل هذه الحقوق السياسية والمدنية، لن تأخذ أبعادها الملموسة، إلا بتكاملها مع النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية” والتحذير من عدم استحضار الخصوصيات التي يعرفها العالم وتترتب عنها “إشكاليات متعددة مرتبطة بالكونية، منها تعدد المواقف حول خصوصيات وثقافة كل بلد ضمن كونية حقوق الإنسان. وخلصت الآراء والنقاشات الدولية إلى تثمين الثقافات المتعددة، باعتبارها حقاً متأصلاً في الإنسان، ولأن الخصوصية لا تعيق التمتع بالحقوق الأساسية” مما يستدعي مشاركة الجميع لأن “أي حلول للتحديات الراهنة العابرة للحدود، لا يمكن تصورها دون مساهمة فعلية لدول الجنوب في بلورة تصورات تمكن من إعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
    تعتبر هذه الرسالة تقريرا عما أنجز وضمانة من أعلى مستوى في البلاد على التزام المغرب وخارطة طريق للمستقبل الحقوقي للمغرب وطمأنة على أن اختيارات المغرب الحقوقية والديمقراطية ثوابت لا رجعة فيها.
    بالموازاة مع هذا الاحتفال، وأمام الإفلاس الذي يعاني منه شركاء “فري كلشي” فإنهم استيقظوا من كهفهم الذي لبثوا فيه طويلا ليقولوا بأنهم ما زالوا أحياء رغم أن ملفاتهم طواها النسيان وعجزوا عن إقناع المغاربة برواياتهم غير المتماسكة ليصنفوا مجرمي حق عام وكأنهم حملة أقلام وأصحاب رأي.
    تفتقت ذهنية رفاق غالي وخديجة رياضي خلال هذه المناسبة للخروج من البطالة الحقوقية التي صاروا يعانون منها بغياب ملفات يترافعون حولها لتأمين التمويلات فأعلنوا تأسيس اللجنة الدولية من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب. وكعادتهم يضخمون الحدث بإضفاء الصبغة العالمية وتصوير الاعتقال السياسي ظاهرة مع العلم أنهم فشلوا في إضفاء هذه الصبغة على مجموعة من المعنيين حسب لوائحهم بالمعايير المتعارف عليها حقوقيا ولم يقنعوا بها القضاء والشعب المغربي ولم تتجاوب معهم سوى الجهات التي توظفهم كبيادق لتصفية حساباتها ضد المغرب.
    جزء من المقاولة اختار دفع بوعشرين وزيان والريسوني والراضي وغيرهم لخوض إضراب رمزي. كان الأولى لهؤلاء مصارحة المغاربة بجرائمهم والاعتذار لضحاياهم بهذه المناسبة لعلها تكون فاتحة خير عليهم. ومرة أخرى يجب التأكيد على أن البراءة تنال أمام القضاء وحده وبمرافعات في صلب القانون وما دون ذلك لن يكون له تأثير على سلطة مستقلة تحكم وفق القانون وبما يملي عليها ضميرها ويتشكل لديها من قناعات.
    لن أنهي هذا البوح دون الإشارة إلى النزيف الذي لا يتوقف عند تجار الحرب على غزة. صار واضحا لكل المغاربة حجم الصراع بين متعهدي الاحتجاجات وطرفيها الرئيسيين، أي الجبهة والمجموعة، أو بالأصح قطبيهما العدل والإحسان والجناح الدعوي للعدالة والتنمية أي حركة التوحيد والإصلاح. لم يعد المغاربة يستسيغون إخضاع قضية إنسانية لصراعات إيديولوجية وتسابق هستيري لأغراض سياسوية ولذلك يكون التجاوب الشعبي عقابيا للجميع بالغياب.
    حجم الحضور الباهت للمغاربة، واقتصار الحضور على مريدي هذه التنظيمات رسالة لهم جميعا أن الشعب صار يدرك أن هذه المبالغة والتكرار الممل والاستنساخ للأشكال ليس هدفه التضامن مع غزة ولكنه استعراض للعضلات على بعضهم البعض ومحاولة الاستقواء بالحضور ضد الدولة ومزايدات مجانية على المواقف المبدئية للمغرب المناصرة لأهل غزة والمنددة بالجرائم الإسرائيلية.
    قلتها في أكثر من بوح سابق بأن الحرب على غزة ستكون وبالا على هؤلاء جميعا وستأتي بنتائج عكسية لما يخططون له. ستفضح الحرب على غزة حجمهم وهدفهم الحقيقي.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي