بعد تحسين الأجر.. فضيلة الواجب ملحة

بعد تحسين الأجر.. فضيلة الواجب ملحة

A- A+
  • بعد جلسات مفاوضات ماراطونية، انتهى اللقاء بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم إلى اتفاق اعتبر منصفا عبر حل العديد من الملفات الجزئية والاتفاق على زيادة مهمة ومستحقة لنساء ورجال التعليم، بالإضافة إلى مخرجات الاتفاق الذي تم بين الحكومة والنقابات التعليمية الأربع، بشأن النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية الوطنية.

    النقابات اعتبرت مخرجات الحوار منصفة وعادلة، والوزير شكيب بنموسى وصف الزيادة التي أقرتها الحكومة باتفاق مع النقابات التعليمية الموقعة على اتفاق 14 يناير بـ«التاريخية»، و«الاستثنائية»، وأنها ستكلف 9 ملايير درهم على مدى سنتين (2024 و2025).

  • منذ مقالاتنا الأولى هنا، ظللنا نطالب بتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للشغيلة التعليمية، بعد طول حيف عانت منه لسنوات، كل ذلك من أجل جودة المدرسة العمومية والتفرغ للعمل الجماعي من أجل إنقاذ التعليم مما وصل إليه من انهيار.. اليوم بعد سلسلة احتجاجات وإضرابات ومسيرات.. لبّت الحكومة مطالب نساء ورجال التعليم، إنها فضيلة الحوار والتفاوض، والمغاربة دوما يؤمنون بما قاله الشاعر: «اشتدي يا أزمة تنفرجي». لذا فحيا على العمل.

    لقد ضاع زمن مدرسي كبير، ورغم إعلان الوزارة عن خطة للدعم، لم يتعد الرقم الإجمالي للتلاميذ المدعومين حتى وبشكل هش 700 ألف مستفيد، من أصل نحو 7 ملايين تلميذة وتلميذ.. يجب على المدرسين الذين أبانوا في أكثر من مرحلة تاريخية عن وطنيتهم وغيرتهم على المدرسة الوطنية، الالتحاق بالأقسام، والعمل الجماعي لتدارك ما ضاع على أجيال المستقبل من فلذات أكبادنا.

    ليس هناك أي مجال للمزايدة حول من أتى بهذه المكاسب، هل التنسيقيات أم النقابات؟ أو لماذا لم يتم استدعاء هذه النقابة أو إقصاء تلك التنسيقية؟ أو رفع السقف للمزايدة الفارغة التي ستبدو بالنسبة للأسر وآباء وأولياء التلاميذ وباقي مكونات المجتمع المغربي أشبه بهروب إلى الأمام، واستغلال قضية النظام الأساسي الذي تم توقيف العمل به وإعادة النظر فيه بمقاربة تشاركية كحصان طروادة لمآرب أخرى.

    الذي انتصر في هذا الحوار المثمر ليس وزارة بنموسى ولا حكومة أخنوش وليس النقابات أو التنسيقيات، الذي انتصر هو المغرب والمغاربة، انتصرت قيم التفاوض والحوار الجاد بين أطراف النزاع في حقل التربية الوطنية، وأي تبخيس لما أحرزه نساء ورجال التعليم من مكاسب وحقوق مستحقة، نؤكد على كلمة مستحقة بقوة، هو محاولة لتأزيم قطاع حسّاس بحسابات سياسية يجب أن تحس الشغيلة التعليمية بخطورتها، وألا يصبحوا وقود حطب في قاطرة أي اتجاه كيفما كان نوعه، وإن كانت تتزيّي بلبوس المطالب والحقوق.

    ما تم تحقيقه عبر فضيلة الحوار غير مسبوق في مجال التعليم، وهو ليس آخر السيل، إنه أول الطريق، والمكتسبات تتعزز عبر البناء الطويل لبنة لبنة، والقيام بالواجب والعودة إلى الأقسام، من شأنها التأكيد على بعد أخلاقي يرتبط بالرسالة النبيلة للمدرسات والمدرسين، وبالقيام بالواجب، وذلك من شأنه أن يحسن صورة الأستاذ والمدرس في المجتمع بعد أن تضررت بشكل كبير، ويصالح بين الأسر والمدرسين، وبين التلاميذ والمدرسة، للتفرغ لإشكالات كبرى يعانيها قطاع التعليم، تتجاوز الزيادة في الأجر أو الوضع المادي لشغيلة التعليم، وترتبط بمستقبل المدرسة العمومية، والحق في تكافؤ الفرص بين المدرسة العمومية وتلاميذ المدارس الخاصة، بعد هدر ثلاثة أشهر من الزمن المدرسي في سياق أزمة النظام الأساسي الخاصة بموظفي وزارة التربية الوطنية.

    اليوم، كما أعطى المثال نساء ورجال التعليم في حسن التنظيم وفي الاحتجاج السلمي وفي الجلوس إلى مائدة التفاوض وتأكيد فضيلة الحوار الوطني الجاد والمسؤول، عليهم أن يعطوا المثال بنفس الروح والصدق في القيام بالواجب، في تقدير نضجهم لتدارك ما فات أبناءنا من دروس وتعلمات، ولي كامل الثقة في هذه الشريحة التي تشكل منارة للأمة وعليها أن تستمر في القيام بواجبها في التكوين والتربية لأبنائنا عُدة المستقبل وعماده، هذه هي الروح الوطنية والأخلاقية المطروحة على عاتق المدرسات والمدرسين، فحيا على العمل، أما الذين يصطادون في الماء العكر، فسيصدمون بذكاء رجال ونساء التعليم، «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون».

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الملك يستقبل صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود