فرق بين من يمد يده للسلام ومن يشعل فتيل قنبلة

فرق بين من يمد يده للسلام ومن يشعل فتيل قنبلة

A- A+
  • مد المغرب يد الأخوة للجزائر في أكثر من مناسبة وسيستمر في فعل ذلك، لا لضعف ولا لبراغماتية سياسية انتهازية، فلم تكن مبادرة جلالة الملك نحو الإخوة الجزائريين يوما مجالا لتصريف حالات الاختناق الداخلي أو البحث عن حل لمشاكل الدولة المغربية خارج مجالها الحيوي، بل بالعكس كل مبادرات المملكة في مد حبل الود للجارة الجزائر جاء في سياقات عديدة كانت فيها الدولة المغربية مستقرة وقوية ولا زالت وستبقى، إذ ما ظل يملي ضرورة مراعاة حدود الجوار هو أخلاق الأمة المغربية، والدين والقيم النبيلة للمغاربة الذين يميزون دوما بين سلوك الحكام في قصر المرادية وبين الشعب الجزائري الشقيق، هكذا، لا يمر خطاب ملكي في مناسبة وطنية كبيرة دون أن يدعو الملك محمد السادس، قادة الجزائر إلى الحكمة والتعقل وفتح باب الحوار وحماية المصالح المشتركة والإلحاح على الروابط المتينة بين الشعبين الشقيقين: الجزائري والمغربي، والدعوة لفتح الحدود وطمأنة الإخوة الجزائريين أن المغرب لا يشكل أي تهديد للجزائر حكاما وشعبا..

    في المقابل، وبدل رد التحية بمثلها أو بأحسن منها، يستمر حكام الجزائر في شحن براميل البارود وتوسيع خنادق الحدود وزرع الأسلاك الشائكة بين بلدين جارين، حيث أقدم حرس السواحل الجزائري على قتل مواطنين مغربيين يوم 29 غشت 2023، هما بلال كيسي وعبد العالي مشوير، بمياه السعيدية قرب الحدود خلال اختراقهما عن طريق الخطأ المياه الإقليمية للجزائر، وبدل تقديم المساعدة لشبان تاهت بهم السبل وسط البحر بينما كانوا يمارسون رياضة التزلج المائي “الجيتسكي”، تم إطلاق الرصاص الحي على الشبان المغاربة العزل، وهو ما يعتبر بمعايير القانون الدولي “انتهاكا للحق في الحياة ومسا صارخا وخطيرا بحقوق الإنسان على خط حدودي غير واضح ومنطقة غير متنازع عليها”..

  • ما الذي قام به هؤلاء الشباب والذي كان يشكل تهديدا خطيرا داخل التراب الجزائري؟ ما الخطورة القصوى لسائحين من مغاربة العالم كانوا تائهين في قلب البحر الأبيض المتوسط، عزل وبدون سلاح ولا يشكلون أي تهديد مفترض لقوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية التي استعملت الرصاص الحي بدل تقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم على النجاة أو حتى اعتقالهم بل والتحقيق معهم والتأكد من إزاحة كل الشكوك لديهم ثم إعادة إرسالهم إلى وطنهم، بل وحتى في أقصى درجات التشدد كان يمكن اعتقالهم ومحاكمتهم إذا ثبت ما يشي بتشكيل خطر على الأراضي الجزائرية، بدل محاولة إغراقهم عمدا ثم وضع حد لحياة إثنين منهم، وهو ما يعتبر جريمة قتل عمد تحت سلطة حماية الحدود، تصوروا لو وقع الأمر بالمغرب، أكانت البحرية الملكية ستعدم شبانا جزائريين عزل بالرصاص الحي.. هل كنا كمجتمع حي سنسكت على ذلك؟ هذا هو الفرق بين دولة المسؤولية وكابرانات العبث.

    وبعد أن صمتت السلطات الجزائرية دهرا نطقت كفرا، ببيان غامض لا يقول أي شيء، أو يقول الشيء ونقيضه، وهو ما يدعم ما صرح به أحد الناجين من مذبحة السعيدية في المياه الإقليمية الجزائرية، إذ بدل فتح تحقيق نزيه في الواقعة وتوقيف المتهمين إلى حين انتهاء التحقيق وظهور النتائج وعرضها بوضوح، وبدل حشو الموضوع بما لا يتحمله، لم يسعف وزارة الدفاع الجزائرية حتى موضوع الدفاع والتبرير.

    على الأمم المتحدة فتح تحقيق عاجل في الموضوع، لأن ما قامت به قوات خفر السواحل الجزائرية بإعدام شابين مغربيين، يخرق بشكل صريح المادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 دجنبر 1982 التي فرضت على الدول تحملها مسؤولية الأضرار التي تلحق بالسفن والأشخاص والمواد العابرة لمجالها البحري وتحملها أي مس بسلامة كل العابرين بأمان مياهها الإقليمية، وأيضا خرق القوات البحرية الجزائرية مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة فاتح نوفمبر سنة 1974، والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية..

    لقد عبر المجتمع المغربي بكل أطيافه عن تضامنه مع المواطنين المغربيين الذين أعدمتهما قوات خفر السواحل الجزائرية على مقربة من السعيدية، وشجبت كل الهيئات المدنية والحقوقية هذا السلوك الإجرامي الذي أوصل المصابين برصاص الجيش الجزائري إلى أكثر من ستين ضحية خلال ربع قرن الأخير.. وهو ما يدل على أننا أمام مجتمع مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له باقي الجسد بالسهر والحمى.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    عالم الزلازل الهولندي يحذر: هزات و زلزال مرتقبة بين 8 و 10 ماي