ثلاث ضربات لمعلم واحد..

ثلاث ضربات لمعلم واحد..

A- A+
  • ثلاث ضربات لمعلم واحد..

    ما حدث بكينيا الأسبوع الماضي، لم يكن مجرد صفعة على وجه جبهة بوليساريو والكابرانات الذين يرعونها، بل كان أشبه ببداية دق مسامير نعش الجبهة الانفصالية، لم يكد بن بطوش يسخن كرسيه بعد استقباله في العاصمة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الكيني الجديد، حتى طلب منه مغادرة البلاد باعتباره غير مرحب به، وأعلن الرئيس الجديد سحب اعتراف بلاده بجبهة بوليساريو ومساندة الطرح المغربي.. لقد فعلها الملك مرة أخرى، فأياما قليلة بعد الرسالة الملكية التي بعثها محمد السادس والتي تمنى فيها للرئيس الكيني الجديد وليام روتور، التوفيق في مهامه السامية، وحرص المملكة على فتح صفحة جديدة في علاقاتها مع جمهورية كينيا، قائمة على أساس التعاون البناء والتضامن الفاعل والاحترام المتبادل، وبما يخدم المصالح العليا للشعبين المغربي والكيني ويسهم في نماء وازدهار القارة الإفريقية. حتى طلبت السلطات الكينية من إبراهيم غالي الذي أصبح رخيصا جدا يتعرض للإهانة تلو الأخرى، بجمع حقائبه وامتطاء الطائرة الجزائرية التي حطت به بين أحضان كابرانات الجزائر بدل «عاصمة جمهورية الوهم»، هذا رئيس دولة أم رئيس عصابة؟

  • ولتعلموا حجم الضربة، كان يجب أن تقرأوا النشوة التي وصف بها الإعلام الجزائري وأبواق بوليساريو الاستقبال الذي خصص للزعيم الانفصالي،  تقول إحداها «وفور نزول غالي من السيارة التي كانت تقله إلى منصة الحفل، تعالت أصوات الجماهير الغفيرة التي امتلأ بها الإستاد ترحيباً به، مما اضطره للالتفات نحوها والتلويح لها بيديه»، كل هذا الإعلام أصيب بالخرس بعد حادثة سحب كينيا اعترافها بالجبهة الانفصالية وإعلان قرب إغلاق تمثيليتها بالعاصمة نيروبي، ولن نتفاجأ إذا فتحت غدا قنصليتها بالعيون أو الداخلة، لم يقل لنا هذا الإعلام المسخر ما إذا وجد بن بطوش من يودعه بالمطار ولا ما إذا لوحت له الجماهير الغفيرة بيديها، لأنه حين تبرز الحقيقة يبلع الكذب لسانه، ومن سيصدق جبهة أصدرت مئات البلاغات الحربية عن معارك لا تقع إلا في مخيلة بياعي الوهم. لقد أصبحت البوليساريو يتيمة حقا، وسحب كينيا اعترافها بالجمهورية المزعومة ليس إلا حبة واحدة في سبحة ستتكرر في دول عديدة، إنه الانتصار الدبلوماسي الذي يقوده الملك بثقة وبلا ضجيج.

    إنها ضربة معلم حقا تنضاف إليها ضربتان سابقتان، ما وقع في الكركرات الذي كان بحق ملحمة تضاف إلى باقي الملاحم التي تخلقها القوات المسلحة الملكية بتفان واقتدار على طول حدود الصحراء، كيف دفعت الجزائر صبية بوليساريو للعب في فم السبع، أسابيع من العنتريات الخشبية والاستعراض البليد، وفي أقل من 20 دقيقة لم تبق سوى خيامهم المهترئة ونعال الجبناء، وأمّن المغرب خطوطا جديدة في الصحراء وسدّد ضربة إستراتيجية تتمثل في قطع طريق بوليساريو نحو البحر، كانت هزيمة نكراء أثبت فيها المغرب أنه حكيم وسياسته متوازنة وعقلانية وهادئة، لكن إنما للصبر حدود، وكان ما كان مما حصدته بوليساريو وشيوخ عسكر الجزائر.

    أما ضربة معلم الثالثة التي جرت من ألفها إلى يائها تحت إشراف مباشر من الملك محمد السادس، فتتمثل في فضح استضافة الجارة الإسبانية لبن بطوش وما تلاها من تداعيات..، حيث كان الفضل للأجهزة الاستخباراتية في الحصول على الخبر، ولدائرة صغيرة ممن أداروا المعركة باقتدار، والدليل أن المغرب حوّل ما كان يتصوره صناع القرار في الجزائر وقيادة بوليساريو كما لو أنه ضربة موجعة للمغرب، إلى ما لم يكن العديد من المغاربة يحلمون به، حين قرر سانشيز رئيس الحكومة الإسبانية مراسلة الملك والاعتراف بمخطط الحكم الذاتي ودعم الوحدة الترابية للمغرب، ووضعت الحرب الدبلوماسية أوزارها، وتوج المنتصرون، فيما لا زال المنهزمون يجرون وراءهم ذيول الخيبة والعار حتى اللحظة..

    هذه هي الانتصارات الحقيقية التي لا تقدر بثمن، ووقعها يدوم في الزمان ومنافعها تمكث في الأرض، أما زبد الانتصارات الكرطونية، بصور زيارة عائلية لمقر البرلمان الفرنسي وهو في عطلة، فزبد سرعان ما يذهب جفاء..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي