بوح الأحد: طرد البوليساريو من الإتحاد الإفريقي يدخل مرحلة التفعيل،

بوح الأحد: طرد البوليساريو من الإتحاد الإفريقي يدخل مرحلة التفعيل،

A- A+
  • بوح الأحد: طرد البوليساريو من الإتحاد الإفريقي يدخل مرحلة التفعيل، بلد الأنوار بلا أنوار، إعلان مشاركة الملك في القمة العربية تربك الخصوم و أشياء أخرى.

    أبو وائل الريفي
    لدى الطوابرية قابلية غريبة لتضخيم كل ما يرون فيه ضررا للمغرب ومصالحه، وبالمقابل عندهم حماس شديد لتبخيس كل ما يخدم هذه المصالح. عند الطوابرية ميزان غريب للوطنية، حيث يدَّعون خدمة الوطن ولكنهم غائبون عن المعارك التي يخوضها الوطن، بل إنهم يصطفون دائما في المكان الخاطئ.
    يريد الطوابرية صناعة الحدث من لا شيء. صور بدون معنى للانفصالية سلطانة خيا، غير المنسجمة مع ذاتها لأنها متشبثة بجنسيتها المغربية وتتحرك بجواز سفرها المغربي، داخل البرلمان الفرنسي صحبة ممثل جمهورية الوهم في فرنسا محمد سيداتي. يتم تضخيم هذه الصور وتقديمها كهزيمة دبلوماسية للمغرب وانتصار كبير للبوليساريو.
    لنُعمل العقل، وهو نعمة مَنَّ الله بها على الإنسان وميزه بها عن الحيوان، ولنستخدم شيئا من المنطق في هذه الواقعة. الاستقبال كان بمبادرة من برلماني فرنسي، هو جون بول لوكوك، معروف تاريخيا بمناصرته للبوليساريو ولا يخفي تعامله مع الانفصاليين ولذلك فلا جديد على مستوى الجهة المستقبلة بل إن الاستقبال تكريس لعزلة المستقبِل وسط النسيج السياسي والمجتمعي الفرنسي وتأكيد لجمود أطروحات الانفصاليين وسط فرنسا وخيبات أملهم في تحقيق توسع داعم لجمهورية وهمية داخل فرنسا الأنوار. وعلى مستوى مكان الاستقبال، فقد تم في مقر برلمان فارغ وفي زمن عطلة برلمانية وليس في جلسة عامة أو داخل لجنة برلمانية أو على هامش أشغال داخل البرلمان، ولذلك فهو أقرب إلى زيارة سياحية، ولم يترتب عليه تغيير للوضع القائم، ولا أسفرت محادثاته، إن كانت هناك محادثات أصلا، عن تحول في موقف أي قوة فرنسية تجاه مغربية الصحراء. أين الانتصار في كل ذلك؟ وأين الهزيمة الدبلوماسية للمغرب؟ هل يتوقع هؤلاء أن يتولى المغرب مهام شرطة ملاحقة الانفصاليين أينما حلوا وارتحلوا؟ وهل تقاس النجاعة الدبلوماسية بهذا المعيار؟ وهل مطلوب من الدبلوماسية منع انفصاليين من متعة السياحة المحرومين منها في مخيمات لا تتوفر فيها أدنى مقومات العيش الكريم فكيف أن تتوفر فيها سياحة؟
    قد يكون الجديد في الاستقبال أنه تم في مؤسسة سيادية لدولة لا تعترف بالبوليساريو، والسؤال هنا هو صفة الاستقبال ومدلوله. هل هو استقبال لممثلي دولة أم مجرد استقبال لا يتخذ هذه الصفة؟ ولنلاحظ أن هناك صمتا فرنسيا حول هذا الأمر حفاظا على شعرة يخاف مهندسو مثل هذه الخطوات أن تنقطع، وحرصا منهم على عدم الاستعداء الكامل للمغرب لأنهم يدرون أنهم الأكثر تضررا من القطيعة، وقد جربوها من قبل. وللعلم، فإن المغرب حريص على علاقات جيدة مع فرنسا ولكنه بالمقابل أحرص على سيادته واستقلالية قراره وعدم رهن كل علاقاته مع طرف واحد. المغرب دولة منفتحة على العالم أجمع ومعيار طبيعة علاقاته مع الغير تتحدد من خلال الموقف من صحرائه والموقع تجاه مصالحه، والابتزاز والدعاية المضادة وتسخير وسائل خبيثة لا يمكنها البتة إخضاع المغرب وتركيع المغاربة، وستنقلب ضد مستعمليها عاجلا أم آجلا.
    لو كان الطوابرية يزنون مثل هذه السلوكات بميزان المنطق لاستهجنوا هذا السلوك دون استغرابه لأنه متوقع من دولة عميقة في فرنسا تبحث عن أي شيء لتركيع المغرب وإخضاعه لمصالحها التي لا تخدم مصالح المغرب نهائيا، وسيلاحظون كذلك أن هذه الدولة العميقة صارت مهووسة بالمغرب ومستعدة لاستعمال كل الوسائل الخبيثة واصطناع قضايا وهمية لإيذاء المغرب، ويزداد هوسها كلما فشلت تلك الوسائل. لو كان الطوابرية أنصارا لسيادة المغرب لاستنكروا مثل هذه التصرفات التي تبين كيف سقطت فرنسا، والحقيقة أنها جهة في فرنسا فقط صارت تمسك بهذا الملف وتتصرف فيه بمنطق الغابة، في فخ الصبيانية السياسية ظنا منها أن مثل هذه الأساليب قد تخضع المغرب. كيف يغيب عن الطوابرية هذا الترصد والهوس الفرنسي منذ مدة ليست بالقصيرة بالمغرب وترويج كل ما يضره؟ كيف يتجاهل هؤلاء الطوابرية مقياس الأثر للحديث عن انتصار وهزيمة في هذا الاستقبال؟ ما هو الأثر السلبي الذي لحق المغرب من استقبال عادي أضفى عليه أصحابه طابعا فولكلوريا ودعائيا لتضخيمه وتصويره لأتباعهم وأسيادهم كنصر؟ وبالمقابل، ما هو الأثر السلبي الذي ألحقه سلوك مثل هذا بفرنسا تجاه المغاربة؟
    المنهزم في مثل هذه السلوكات هو فرنسا الرسمية/الماكرونية التي صمتت على تصرف مستهجن بمعيار العلاقات الدولية وأواصر الصداقة التاريخية بين البلدين، وأكدت أنها تعيش أوهن لحظاتها وارتباكا في طريقة صناعة قراراتها، ومستمرة في نزيف الخسارات لحلفائها التاريخيين، وبينت أنها صارت أسيرة شبكة مصالح استعمارية تفكر بمنطق كولونيالي قديم. والأولى لكل مغربي مهما كان موقفه من سياسات بلاده استنكار هذا التنقيص من سيادة المغرب وخدمة مصالح أعداء وحدته الترابية اللهم إلا إذا كان الطوابرية غير مقتنعين بمغربية الصحراء ويمارسون التقية فقط تجاه المغاربة، أو كان أصحاب الجنسية المزدوجة يضعون مغربيتهم في الدرجة الثانية. في هذه الحالة، سيكتشف من لا يزال من المغاربة مغبونا في نواياهم الحقائق التي سيفضحها هذا الملف مستقبلا. وإن غدا لناظره لقريب.
    ما يحدث من الإدارة الخفية لصناعة القرار الفرنسي تجاه المغرب خفة وصبيانية مضرة بفرنسا قبل غيرها، وستدفع هذه الإدارة ثمنها من طرف الرأي العام الفرنسي الذي يرثي حال الجمهورية الخامسة التي انتهى بها المطاف لتُحكم من طرف هواة لم تساهم سياساتهم إلا في عزلها وإضعافها وإفقادها كل عناصر القوة التي كانت تعطيها الهيبة والثقة مع شركائها. أما المغرب فله من الأدوات ما يكفي لقراءة خلفيات هذه السلوكات وتقييم أثرها كما أن له من وسائل الرد على هذه الانزلاقات ما يكفي ويستعملها بهدوء وفي صمت وبأثر موجع على من يهمهم الأمر في باريس. والأيام بيننا وستكشف الحقيقة.
    وكان الأولى للطوابرية استخلاص العزلة التي يعيشها البوليساريو وصناعها لدرجة صاروا يرون في صورة تذكارية انتصارا ساحقا لأنهم تعبوا من الخسارات المتلاحقة وصاروا يتخوفون على قواعدهم من ثقافة الهزيمة والإحباط التي تسري بينهم. لماذا لا يرى الطوابرية الحقيقة من هذه الزاوية إذن؟ الجواب أنهم مجرد خدام لأجندة خارجية أو حاقدين على المغرب.
    في نفس الاتجاه، أقام بعض الطوابرية الدنيا على استقبال بن بطوش من طرف كينيا بمناسبة حفل تنصيب رئيسها الجديد وليام صاموي روتو. في نظر الطوابرية الأعور دائما، هذا دليل على انتصار للبوليساريو وهزيمة للمغرب. وعيب الطوابرية دائما أنهم يرون بمنظار أعور لا يستحضر كل العناصر في الوقائع لاستخلاص موقف سليم ومتوازن وبدون تسرع أو نزعة ذاتية.
    هو سلوك فعلا غير مقبول من دولة كينيا التي تجمعها بالمغرب علاقة صداقة وملفات تعاون ومصالح متبادلة، وهو فعلا سلوك له أثر عملي لا يمكن التغاضي عنه، وخاصة أن الاستقبال رسمي والصفة رسمية والأثر الذي يترتب عنه قد يكون مضرا للمغرب. ولذلك فقد تحركت الدبلوماسية المغربية بشكل فوري وهادئ ومتزن وبمنطق مقنع ومن أعلى مستوى لتعطي نتيجة تعكس مكانة المغرب والثقة في جلالة الملك وتبرز حجم المصداقية التي يتمتع بها المغرب في افريقيا. سحبت كينيا اعترافها بجمهورية البوليساريو الوهمية التي تنشط في أرض جزائرية وتحظى بدعم جزائري وتتحرك بلوجستيك جزائري، وتم هذا السحب من طرف الرئيس الجديد للدولة مع تأكيده على الشروع في خطوات إغلاق تمثيلية جبهة البوليساريو في نيروبي ودعم كينيا التام لمخطط الحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية الذي اقترحته المملكة المغربية، باعتباره حلا وحيدا لهذا النزاع. يحدث هذا التحول السريع في ظرف 24 ساعة مما أصاب بن بطوش وأسياده بالخرس.
    باستعمال نفس الميزان السابق، يستلزم هذا القرار الكيني من الطوابرية الاعتراف بكفاءة ونجاعة الدبلوماسية المغربية التي حققت انتصارا قويا في دولة ذات وزن قاري وتنتمي لافريقيا الأنجلوفونية المعروفة تاريخيا بانتصارها لأطروحة الانفصاليين، ولكن يأبى الطوابرية إلا الاصطياد في الماء العكر وبذل مجهودات خرافية لتبخيس هذا الإنجاز كما فعلوا مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء الذي ما يزال ساري المفعول حتى اليوم.
    من يروج لإنتصارات جمهورية الوهم في إفريقيا عليه أن يتذكر أن 42 دولة من الإتحاد الإفريقي لا تعترف أو سحبت ٱعترافها بالكيان الوهمي و أن 12 دولة فقط التي تدعم هذا الكيان في الطريق إلى سحب ٱعترافها في أفق طردها من الإتحاد الإفريقي الذي يتطلب الدعم من 36 دولة فقط لنغلق هذا القوس.
    وباستعمال منطق سليم، كان على الطوابرية استخلاص الطابع الهادئ للدبلوماسية المغربية التي تبحث فقط عن العدالة تجاه قضايا المغرب ولا تصنع الأعداء مجانا، وكان عليهم مقارنة تعامل المغرب مع كينيا وتونس ليستنتجوا أن تصلب قيس سعيد وتمسكه بالاستقبال الرسمي لبن بطوش وعدم اعتذاره عن هذه الخطوة أو إصلاحها هو سبب استدعاء السفير المغربي واستنكار الموقف التونسي. من يتابع بموضوعية الدبلوماسية المغربية لا يمكنه إلا الإشادة بهذا الهدوء في التعامل مع قضايا مصيرية وبدون ردود فعل متسرعة عكس ما يسوقه البعض.
    ما حدث مع كينيا مؤشر كبير على حنكة المغرب ويقظته وحرصه على معالجة كل الأخطاء تجاهه بأقل أساليب التوتر الممكنة مع باقي الدول لأنه يستحضر أن معركة الدفاع عن مصالح المغرب، وفي مقدمتها الوحدة الترابية، مستمرة وتتطلب نفسا طويلا وتخضع للمد والجزر، وخاصة أنها تواجه جارا مستعدا لتجويع شعبه وتخصيص كل عائدات “الوفرة الطاقية” لإضعاف المغرب. سلاح المغرب الوحيد في هذه المعركة هو عدالة قضيته وما يتوفر عليه من وفاء لشراكاته وما يقدمه من خبرات لا يبخل بها على شركائه.
    يتعامل المغرب مع كل المستجدات بما تستحقه حسب كل موجة، وحافزه الدائم هو أن الوحدة الترابية والسيادة معركة رابحة يتجند وراءها كل المغاربة لأنها قضية شعب وقضية كرامة قبل أن تكون قضية تراب.
    اليوم، نحن أمام انتصار دبلوماسي حقيقي يعكس صواب التوجه المغربي نحو افريقيا كعمق استراتيجي، ويؤكد فعالية أدوات المغرب في علاقاته مع دول القارة، ويؤشر على الثقة التي يحظى بها المغرب بين دول القارة الإفريقية.
    سرعة التجاوب الكيني دليل آخر على أن المغرب يعيش موسم حصاد لما زرعته الزيارات الملكية للدول الإفريقية التي عبر خلالها جلالة الملك على انتصاره للتعاون جنوب جنوب ودفاعه عن مصالح القارة الإفريقية وانحيازه لهذا الانتماء الإفريقي.
    الميزان المغشوش والمضطرب للطوابرية يكشف معدن وطنيتهم أمام المغاربة، ويفضح اصطفافهم الدائم مع أعداء الوحدة الترابية، ويزيدهم عزلة إلى العزلة التي يعانون منها مما يجعلهم مجرد هامشيين لا وزن لهم ولا تأثير.
    ينتظر المغاربة من الجميع إظهار وطنيتهم بالانتصار للوطن ووحدته على كامل ترابه والتشبث بكل مصالحه والوقوف الواضح والصريح ضد كل من يستهدفهما وتوضيح ذلك من خلال خطوات عملية وليس الاكتفاء بترديد مقولات إنشائية والرصد غير المتوازن لما يحدث.
    يتابع المغاربة حرص المغرب على الانعتاق من ربقة التبعية وبذل مجهودات لتنويع شركائه وإخضاع كل علاقاته لمراجعة حقيقية على ضوء مصالح المغرب ووحدة ترابه، ويستحسن المغاربة هذه المقاربة. وعلى من يُحسبون على النخبة توضيح مواقفهم، والانتصار لمغربيتهم، والقطع مع الازدواجية التي لم يعد لها مكان في مغرب اليوم والمستقبل.
    صمت ثالث غير مفهوم ولا يمكن تبريره مطلقا من طرف الطوابرية. إنه الصمت تجاه السلوك العدواني للنظام الجزائري تجاه المغرب مقابل اليد الممدودة من المغرب.
    أقدمت الجزائر على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بمبررات واهية، ثم أرفقتها بإغلاق الأجواء بدون تشاور، ثم فعلت قرار عدم تجديد الاتفاق بشأن خط أنبوب الغاز الذي يمر من المغرب نحو اسبانيا، وقبل ذلك أقدمت على تسخير البوليساريو لافتعال نزاع الكركرات، وتقود دبلوماسيتها حملة شعواء ضد المغرب في كل المنتديات الإقليمية والقارية والدولية. ألا تستوجب كل هذه الخطوات العدائية من نظام العسكر في الجزائر استنكارا من الطوابرية؟!
    وبالمقابل، ظلت كل مواقف المغرب والخطب الملكية تؤكد حرصها على تصفية الأجواء وتجاوز سوء التفاهم، وتعلن الاستعداد لتسوية الخلافات بطرق سلمية لما فيه مصلحة البلدين والاتحاد المغاربي وكل المنطقة وشركائها. وطبعا، كل هذه الخطوات الحكيمة لا تستلزم من الطوابرية تنويها وإشادة!!!
    وحرصا من المغرب على الاستمرار في نفس الاتجاه، وهو البحث عن ما يقرب الشقة بين البلدين والشعبين، أُعلن خبر مشاركة جلالة الملك في القمة العربية المنتظرة في الجزائر بداية نونبر القادم. للوهلة الأولى، ولمن يتابع حضور جلالة الملك للقمم العربية، سيفهم أن جلالته يتعامل بشكل استثنائي مع هذه القمة وهو الذي لم يحضر لأي قمة عربية منذ 2005 وكانت في الجزائر. يا للمصادفة!! سبحان الله المقدر لكل شيء.
    بدون مقدمات أو مبررات، انهالت الماكينة الدعائية السوداء ضد هذا الخبر الذي أصابهم بالارتباك لأنه كان مفاجأة غير سارة لهم ومحرجة لهم تجاه الدول العربية ويضعهم في موقع دفاعي لا يمكن الخروج منه بدون تقديم أسباب مقنعة لقطع العلاقات من طرف واحد.
    ماذا كان ينتظر نظام الجزائر كرد على هذه الحملة ضد مشاركة الملك؟ هل بهذه الأخلاق ينجحون قمة عربية في ظرفية حساسة؟ هل بهذا التعامل يساهمون في وحدة الصف العربي؟ هل بهذه السلوكات العدوانية يشجعون على حضور تمثيلية من الدرجة الأولى لهذه القمة؟ لقد قلتها بصراحة في بوح سابق. فشلت الجزائر في إنجاح القمة قبل انعقادها، ولم يعد في أهدافها نهائيا إنجاح هذه القمة بعد فشل مناوراتها لإحضار سوريا وإيران واستبعاد ملف التهديدات الإيرانية من جدول أعمال القمة، ولذلك لم يعد يهمها نجاح القمة أو فشلها لأنها ستكون الخاسر في كل الأحوال.
    لقد تعامل المغرب، وسيبقى كذلك، مع القمة العربية بغض النظر عن الدولة التي تحتضنها لأن عينه أساسا على وحدة الصف العربي ولأنه ملتزم بميثاق الجامعة العربية ولأنه منسجم مع مبادئه ومواقفه، ولن تجد القمة من المغرب إلا كل الدعم وتمنيات بالنجاح لأنه نجاح للصف العربي والنظام العربي الذي هو في أشد الحاجة لتوحيد صفوفه وتقوية ترافعه حول قضاياه الاستراتيجية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وعلى الجزائر أن تكون في مستوى استضافة هذه القمة ومستوى تحديات ظرفية انعقادها وتوفير كل سبل النجاح لها والتعامل بالمثل مع كل أعضائها والتوقف عن تسميم الأجواء والمناورات الفاشلة.
    توجد الجزائر اليوم أمام اختبار المصداقية، وهو قدرتها على فتح الأجواء المباشرة مع المغرب لتمكين الوفد المغربي من الحضور مثل غيره من المشاركين، وانضباطها لميثاق الجامعة العربية وتقاليدها ومن ذلك احترام خريطة العالم العربي الرسمية، والتخلي عن كل مناورة لزرع كيان البوليساريو بأي شكل وسط القمة، والتخلي عن كل أجندة غير عربية داخل هذه القمة.
    ولا شك أن هذا الانضباط ستكون له نتائج سلبية على النظام الجزائري، وعليه أن يكون مستعدا لذلك لأنه نتيجة حتمية وثمن يجب أن يدفعه مقابل قراراته الخاطئة وغير المحسوبة السابقة.
    خطوة غلق الأجواء وقطع العلاقات كانت غير محسوبة ومبنية على رد فعل متسرع، كما سيكتشف قيس سعيد كيف تم استخدامه من قبل تبون وشنقريحة ولعمامرة وأكلوا بفمه الثوم بينما هم عاجزون عن التسويق للبوليساريو في قمة على أرضهم، كما سيكتشف الأشقاء العرب خلفيات الخلاف الجزائري المغربي وسببه ومن يقف وراء استمراره ويمتنع عن تسويته.
    باختصار، الجزائر خاسرة في كل الأحوال، وتجر كل من يضع يده في يدها نحو الخسارة لأنها شريك لا يملك ما يقدمه لشركائه غير الغاز وحفنة دولارات يقتطعها من المعيش اليومي للجزائريين.
    لم ينفع الغاز الجزائري الرئيس ماكرون للقضاء على نقص الطاقة في بلاده مما اضطره إلى وضع عاصمة الأنوار في العتمة والظلام بدءا من الساعة العاشرة ليلا بالنسبة للبنايات ومن الحادية عشرة بالنسبة لبرج إيفل. ألم نقل أن لا خير يرجى من زيارة ماكرون للجزائر؟ ألم نقل أن نظام الجزائر يكن عداء للشعب الفرنسي ولا يمكنه تقديم خدمة له في هذه الظرفية الحساسة وأنه يفضل التعاون مع دول أخرى على اسبانيا وفرنسا؟
    ولم تنفع حفنة الدولارات قيس سعيد، وتونس المسكينة تعاني نقص السلع وارتفاع التضخم وغلاء الأسعار واختلالا في الميزان التجاري وفي موقع ضعيف تجاه صندوق النقد الدولي في مفاوضات الاقتراض والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في تفاقم متسارع بوتيرة غير مسبوقة لتنضاف إلى الانغلاق السياسي الذي أصبحت بموجبه أقرب إلى النظم الدكتاتورية التي يتحكم فيها شخص الرئيس في كل الصلاحيات بدون مردودية، وحتى الشعارات المنمقة لم يعد لها مفعول.
    أتمنى أن يساهم هذا البوح في إنارة الطريق للطوابرية لفهم الحقائق باستحضار كل العناصر اللازمة، وأن يوضح طريقة تعامل المغرب مع كل التهديدات التي تحيط به، وأن يوصل للجميع بعض عناصر وأسباب تمسك المغرب بمقاربته بدون خوف من أي قوة ما تزال تظن نفسها قادرة على إخضاع الغير بينما هي تعيش أسوأ أزمانها.
    نلتقي في بوح قادم لنكتشف دائما مغرب الانتصارات ونفضح كما هي العادة الطوابرية الذين لم يعودوا يخفون أنهم بقلوبهم وألسنتهم وأفعالهم علينا وليسوا معنا.
    الوطنية ليست ادعاء. الوطنية عمل صادق وبرهانها خطوات على الأرض يراها ويحكم عليها المغاربة أولا وأخيرا. “قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”. صدق الله العظيم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    طقس الخميس: حار نسبيا بجنوب الأقاليم الجنوبية مع تكون سحب منخفضة