أبو وائل: عيد العرش شكل دائما مناسبة لتجديد العلاقة بين شعب وملكه وملكيته

أبو وائل: عيد العرش شكل دائما مناسبة لتجديد العلاقة بين شعب وملكه وملكيته

A- A+
  • قال أبو وائل الريفي في بوحه الأسبوعي اليوم الأحد، إن بعض المحطات الوطنية ذات الدلالة العميقة بالنسبة للمغاربة أصبحت مناسبة ذهبية للطوابرية وأعداء المغرب للتشويش. هؤلاء الفاقدون لهوية جامعة والطارؤون على الساحة يغيظهم دائما رؤية المغاربة على قلب رجل واحد، ولذلك فشغلهم الشاغل كلما اقتربت مناسبة جامعة نفث السموم وترويج الشائعات وملء الساحة بالضجيج ظنا منهم أن هذا الأسلوب قد يغطي على مثل هذه المناسبات.
    واضاف ابو وائل الريفي في بوحه الذي ينشره عبر صفحات قناة شوف تيفي، لم تعد تفصلنا عن الذكرى الثالثة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على العرش سوى أيام معدودة، ولمن يحتاج إلى تذكير فهذه مناسبة ابتكرها المغاربة كشكل نضالي زمن الاستعمار. كان المغاربة يعون جيدا أن الارتباط بالملكية والتشبث بالسلطان تعبير وطني ومقاوم ومستفز للمستعمر. انطلقت هذه الفكرة سنة 1933 كمبادرة شعبية بنفس مقاوم وكان هدفها توجيه رسائل للمستعمر بأن المغرب أمة مرتبطة بعروة وثقى مع ملوكها الذين يشاركونها مطالبها بالتحرر ونضالها ضد الاستعمار وحلمها في تنمية بلد مستقل بسواعد أبنائه بعيدا عن كل وصاية أو حماية أو استعمار كيفما كانت تسميته أو شكله، ثم اتخذت هذه الفكرة الشعبية التلقائية بعد ذلك طابعا رسميا فُرض على السلطات الاستعمارية فاضطرت لقبول الأمر الواقع، ومنذ ذلك الحين والمغاربة متمسكون بتخليد هذه المناسبة التي تربط الماضي بالحاضر و بالمستقبل، ويتجدد فيها العهد على حماية هذا البلد وتنميته وتطويره بتجديد الولاء للملكية التي ظلت دائما في الصفوف الأمامية سواء في الجهاد الأصغر ضد المستعمر أو في الجهاد الأكبر لبناء هذا الوطن وحمايته من كل عدو وضد أي خطر.
    سياق تخليد ذكرى العرش أو عيد الجلوس على العرش قصة تستحق أن تروى للأجيال اللاحقة التي تتسلم المشعل جيلا بعد جيل، وتخليدُ الذكرى سنويا هو أحسن مناسبة من أجل ذلك لتجديد معاني التشبث بالوطن ومعنى الوطنية في سياقات جديدة وضد أنواع جديدة من تهديد السيادة الوطنية بديلة للاستعمار بشكله القديم، وهي تتجاوز فقط تجديد الولاء للعرش لتشمل الوفاء والالتزام والتعاهد على تطوير هذا البلد وخدمته وحمايته، ولذلك فعيد العرش مناسبة لمعرفة اتجاهات المستقبل من خلال ما يعلنه الملك من مشاريع وما يفتحه من آفاق وما يبوح به من هموم وما يعبر عنه من اهتمامات. لقد قالها جلالته في خطاب العرش سنة 2013 بأن هذا التخليد “لا ينحصر مغزاه فقط في تجسيد ولائك الدائم لخديمك الأول، المؤتمن على قيادتك، وصيانة وحدتك” بل “يؤكد أيضا، وبصورة متجددة، رسوخ البيعة المتبادلة بيني وبينك، للمضي بالمغرب في طريق التقدم والازدهار، والتنمية والاستقرار، كما يجسد وفاءك لثوابت الأمة ومقدساتها”.
    يشهد التاريخ أن هذه المناسبة كانت نقطة الانطلاق لمشاريع رائدة بصمت تاريخ المغرب الحديث، ولحظة عبر فيها المغاربة مع الملكية عن تحديات مشتركة استطاعوا ربحها بالتلاحم والتعاضد، ولذلك فعيد العرش شكل دائما مناسبة لتجديد العلاقة بين شعب وملكه وملكيته، وهي علاقة تتجاوز ما هو عاطفي ووجداني وتاريخي لأنها إكسير للمستقبل يقوي إرادة المغاربة ويجعلهم أكثر اطمئنانا وأمانا، فهم يعلمون بتجارب التاريخ ودلائل الحاضر وعِبَرِ الشدائد أنهم في ظل قيادة حكيمة ورحيمة تحوز إجماعا ورضى وتتمتع بقدرة كبيرة على استشراف المستقبل وفتح آفاق أرحب للبلد وتفكير في مصالح المغاربة وما يصلح لهم وما يقوي موقع المغرب إقليميا وقاريا ودوليا.
    إن أهم ما يحسب لعهد محمد السادس هو قدرته الفائقة على النأي بنفسه عن صراعات وتجاذبات الفرقاء السياسيين وتدخله الدقيق في اللحظات الحاسمة لإرجاع الأمور إلى نصابها، فقد استطاع خلال سنين حكمه توضيح حدود عمل الملكية واحترامها، ورسم إطار اشتغالها بما يقوي دولة القانون والمؤسسات. وهذا إنجاز تم بشكل متدرج وواع لأنه كان محور أول خطاب عرش سنة 1999 وعبر عنه محمد السادس بصريح العبارة حين قال “سنقوم بدور الموجه المرشد والناصح الأمين، والحكم الذي يعلو فوق كل انتماء. إن جميع المغاربة بالنسبة إلينا إخوة من رحم واحدة، وأبناء بررة متساوون، تشدهم إلينا روابط التعلق والولاء”. كانت الصورة واضحة أمام الملك، منذ السنة الأولى لتوليه الحكم، واتجه لتنزيل مقتضيات فلسفته في الحكم التي كان عنوانها الأبرز هو توسيع مجالات تدخل باقي الفاعلين حيث أكد في خطاب العرش الأول “نحن متشبثون أعظم ما يكون التشبث بنظام الملكية الدستورية والتعددية الحزبية والليبرالية الاقتصادية وسياسة الجهوية واللامركزية وإقامة دولة الحق والقانون وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وصون الأمن وترسيخ الاستقرار للجميع”.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي