ذكرى إعدام صدام..بين إهانة المسلمين يوم عيد الأضحى و من اعتبره نصرا للديمقراطية

ذكرى إعدام صدام..بين إهانة المسلمين يوم عيد الأضحى و من اعتبره نصرا للديمقراطية

A- A+
  • ذكرى إعدام صدام.. بين إهانة المسلمين يوم عيد الأضحى و من اعتبره نصرا للديمقراطية و بداية عراق جديد

    كان يقف بثبات و شجاعة. يلبس معطفا أسودا وحبل المشنقة ملفوف حول عنقه، ورجال ملثمون يحيطون به من كل جانب، ربما هم كانوا أكثر خيفة منه وهو الذي سيعدم شنقا، هيبة الرجل و تاريخه ملأ ذلك القبو المظلم، الذي سيعدم فيه رجل بحجم صدام حسين، وما أدراك ما صدام حسين الذي أعدم في مثل هذا اليوم، أي عيد الأضحى، سنة 1427 هـ، الموافق 30 ديسمبر 2006، في مشهد ظل عالقا بأذهان المشاهد العربي و حتى الأجنبي، بعدما تم ترويج فيديو إعدامه في كبريات القنوات العربية والأجنبية، و تناسلت بعد ذلك نظريات متعددة حول توقيت الإعدام و تزامنه مع عيد الأضحى والرسالة التي أرادت الولايات المتحدة الأمريكية توجيهها بإعدامه بتلك الطريقة و هو أسر حرب و رئيس دولة.
    ولد صدام حسين في 28 أبريل سنة1937، بعد وفاة والده بخمسة شهور، وكفله خاله خير الله طلفاح، الضابط في الجيش، الذي علمه ولقنه مبادئ الأمة العربية ذات الرسالة الخالدة، وهو الضابط القومي و المتشبه بالقومية العربية.
    يعتبر صدام حسين خامس رئيس لجمهورية العراق والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي والقائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية في الفترة ما بين عام 1979م وحتى 9 أبريل عام 2003م، ونائب رئيس جمهورية العراق عضو القيادة القطرية ورئيس مكتب الأمن القومي العراقي بحزب البعث العربي الاشتراكي بين 1975 و1979.
    برز نجم صدام إبان الانقلاب الذي قام به حزب البعث العراقي – ثورة 17 تموز 1968 – والذي دعا لتبني الأفكار القومية العربية والتحضر الاقتصادي والاشتراكية والعلمانية، كما لعب صدام حسين دورًا رئيسيًا في انقلاب حزب البعث عام 1968 والذي وضعه في هرم دولة البعث كنائب للرئيس البعثي اللواء أحمد حسن البكر.
    وصل صدام إلى رأس السلطة في دولة بعث العراق، حيث أصبح رئيسًا لجمهورية العراق وأمينا قطريا لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 1979 م بعد أن قام بحملة لتصفية معارضيه وخصومه في داخل حزب البعث بدعوى خيانتهم للحزب.
    وفي عام 1980 دخل صدام حربًا مع إيران استمرت 8 سنوات من 22 شتنبر عام 1980م حتى انتهت الحرب بتفاهم سياسي عراقي-إيراني في 8 غشت عام 1988. وقام بعد انتهائها بإهداء إيران 120 طائرة حربية روسية الصنع. وقبل أن تمر الذكرى الثانية لانتهاء الحرب مع إيران غزا صدام الكويت وأصبح مصدر تهديد لأمن الخليج العربي في 2 غشت عام 1990. والتي أدت إلى نشوب حرب الخليج الثانية عام 1991م.
    ظل العراق بعدها محاصرًا دوليًا حتى عام 2003 حيث احتلت القوات المسلحة الأمريكية كامل أراضي الجمهورية العراقية بحجة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل ووجود عناصر لتنظيم القاعدة تعمل من داخل العراق.
    قبض عليه في 13 دجنبر سنة، 2003م في عملية سميت بالفجر الأحمر. جرت بعدها محاكمته بسبب الجرائم التي اتهم بها ونُفِّذ حكم الإعدام به في 30 شتنبر سنة 2006 .
    يصف السكرتير الصحافي، محسن عبد الجبار في حوارات مختلفة، بكون صدام حسين كان شخصية ذكية جدا، مفرطة في النشاط بالنظر لرجال مثله يشغلون كرسي السلطة.
    ورأى عبد الجبار أن صدام حسين كان نرجسيا يحب ذاته بإفراط، وربما -حسب رأيه- أفرط أيضا في الأماني و تخيل إجماع شعبه، و مقدراته على هزم أي قوة عسكرية كيفما كانت، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
    نعود لمشهد الإعدام الذي شكل حدثا ألم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. حدثث بعض المشادات الكلامية قبل صعود صدام إلى المشنقة لرفضه وضع كيس أسود على رأسه.
    كان متماسكا حتى النهاية وكان يردد: الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، عاشت فلسطين، الموت للفرس المجوس”.
    وكانت قناتا الحرة والعربية الفضائيتان الوحيدتان اللتان نقلتا تنفيذ حكم الإعدام في الساعة السادسة صباحا بتوقيت بغداد في مكان ما داخل المنطقة الخضراء.
    تباينت الآراء حول إعدام صدام، فقد أيدته الأغلبية من الشيعة من الشعب العراق والولايات المتحدة، وأستراليا، وإسرائيل، وإيران وبالإضافة إلى أربعين دولة مشاركة في جيش قوات الائتلاف واعتبرت إيران أن الحدث يشكل نصرًا للعراقيين، أما الكويت فقد أعتبرت الأمر شأناً عراقياً.
    وأستنكر الفاتيكان الإعدام وأعتبره فاجعة، وكذلك الاتحاد الأوروبي أعتبره خطئاً فادحاً، وأدانت روسيا الولايات المتحدة رسمياً لعدم الإصغاء للمجتمع الدولي، أما على الصعيد العربي فقد تحفظت معظم الدول العربية على التعليق إلا ليبيا فقد أعلنت الحداد ثلاثة أيام.
    فيما استغربت السعودية إعدامه فجر عيد الأضحى فيما يبدو تلويحاً ضد المسلمين السنة وذكرت في بيان رسمي أن المحكمة باطلة كونها أنشئت في ظل الاحتلال، وإعدامه قد يؤجج الصراع الطائفي في العراق، وبنفس الموقف عبر عنه رئيس أفغانستان كرزاي وبيان مصر، وماليزيا التي تتولى منظمة المؤتمر الإسلامي آنذاك.
    قبل إعدامه، تناول صدام حسين- وبحسب أكثر من رواية – وجبته الأخيرة، وكانت طبقاً من الأرز والدجاج، وشرب كأسا من العسل بالماء الساخن، وهو الشراب الذي يقال إنه اعتاد على تناوله من أيام طفولته، و تكون بذلك هذه الوجبة آخر وجبة يتناولها زعيم عربي في نظر الكثيرين، فيما اعتبرته الشيعة وإيران دكتاتورا دمويا، لكن الأكيد والذي يقتنع به الكثيرون أن وفاته يوم عيد الأضحى شكلت إهانة لرئيس شرعي للعراق وأسير حرب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الجزائر تراسل اليونسكو للسطو على الزليج المغربي بمبرر أن أصله من تلمسان