انتصارات هنا وهزائم هناك

انتصارات هنا وهزائم هناك

A- A+
  • انتصارات هنا وهزائم هناك

    يقول إستراتيجيو المعارك العسكرية والحروب الدبلوماسية، لا تبتسم حين تذهب إلى الحرب أو عندما تعلنها، لكن حين تعود منها سالما ومنتصرا بأقل الخسائر الممكنة، لكن عبد المجيد تبون ولعمامرة والجنرال شنقريحة… افتقدوا هذا الحس الجيوستراتيجي منذ أن قرروا معاندة التاريخ والجغرافيا لجعل جارهم الشرقي العدو الرئيس، من خلاله يتم توجيه كل جهود سياساتهم الخارجية والداخلية على السواء، في المقابل ظل المغرب بحكم عمق تقاليد دولة قوية تقودها ملكية عصرية حولها إجماع شعبي منقطع النظير، وتقاليد حضارية ضاربة في عمق التاريخ، تقدر مصالحها عن بعد وبميزان من ذهب..

  • هذا الاختلاف بين سياسة بلدين جارين، هو السبب في الاختلاف في حصد نتائج السياسات المتبعة هنا وهناك، هنا المغرب يحاول أن يمد يده للمصالحة وبناء علاقات الود والجوار وفق تقدير مشترك للمصالح التي تربط الشعبين في منطقة إستراتيجية تشكل نقطة تجاذب بين أكثر من قارة، وهناك ترسيخ لمنطق العداء المجاني المعاند لمصالح البلدين قيادة وشعبا، وتحويل العداء للمغرب إلى عقيدة، معتقدين أن منطق العدو الخارجي يمكن أن يشكل لحمة وطنية تنقذ النظام من السقوط، والحقيقة أن أكبر متضرر من عقيدة العداء المقيتة هو الشعب الجزائري الذي لم تعد تنطلي عليه شعارات العهود البائدة وهو أول من يفضح كل أشكال الفساد داخل الطغمة الحاكمة بالجزائر..

    لعل هذا ما يفسر كيف يراكم المغرب الانتصار تلو الانتصار، من العودة إلى قلب الرحم الإفريقي والعودة إلى بيت المملكة في عمقها الإفريقي، حتى الاعتراف الإسباني بسيادة المغرب على مجموع ترابه الوطني في قرار جريء لا يعادله سوى ما حدث عام 1975 حين قررت الدولة الإسبانية المستعمرة مغادرة الصحراء المغربية وتسليم مفاتيحها للمغرب كما حدث مع مدن طرفاية وسيدي إيفني وغيرهما، مرورا بملحمة الكركرات والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء الذي شل حكام قصر المرادية وسقط بين أيديهم، ثم القرار الدولي الذي اتخذه مجلس الأمن والذي يحمل رقم 2602 والذي عبرت الجزائر وصنيعتها البوليساريو عن سخطها عليه وشجبها له، وهو ما يعني أنها وضعت نفسها، وهي التي ما فتئت تردد بأنها ليست طرفا في نزاع الصحراء، ضد الإجماع الأممي وضد إرادة المنتظم الدولي..

    في مقابل الانتصارات التي حصدها المغرب وعززت كل أوراقه في ظل الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن الدولي خلال العشرين من هذا الشهر، يراكم عسكر الجزائر الخيبات والهزائم، ودخلت دبلوماسيته الشائخة في قلب ردود الفعل، بدل المبادرة والإبداع والاستباق، من استدعاء سفيرها بإسبانيا على خلفية القرار التاريخي الذي اتخذته حكومة بيدرو سانشيز، حتى رفض استقبال الوزير الأول الفرنسي بدعوى الإبقاء على حياد الجزائر من الانتخابات الرئاسية بفرنسا، حتى تخلي العسكر عن دعم حليفه الاستراتيجي روسيا في معركتها ضد أوكرانيا.. أما متاجرة عبد المجيد تبون فقد فضحته تسريبات اللقاء الذي جمعه برئيس الدبلوماسية الأمريكية وهو يصرح لا مشكل لدينا مع إسرائيل، إذا كنا قد اعتبرنا أن الأمر يتعلق بتسريبات، أو بصراع الأجنحة داخل النظام الجزائري الحاكم، وكنا سذجا إلى أقصى حد في عدم اعتبار التسريب مقصود من طرف الرئيس الجزائري لخطب ود إسرائيل بدليل صمته عن التقارب الحاصل بين أردوغان تركيا وتل أبيب والذي لم تستنكره الجزائر التي حاولت أن تشحذ قمة عربية على ظهر قضية فلسطين نكاية في المغرب الذي طبع علاقته مع إسرائيل في إطار تقديره الاستراتيجي لمصالحه ولوحدته الترابية.

    ليس هذا سوى أول موسم الحصاد، حيث تتعزز الانتصارات بالمملكة بسبب نضج قيادته وتبصر مسؤوليه وقوة مؤسساته وتماسك نظامه المسور بحماية وتحصين شعبي لا مثيل له في المنطقة، فيما لا يحصد حكام الجزائر سوى الهزائم، ومازال العاطي يعطي..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي