انتصار دبلوماسي تاريخي

انتصار دبلوماسي تاريخي

A- A+
  • انتصار دبلوماسي تاريخي

    الموقف الجديد للحكومة الإسبانية من قضية السيادة والوحدة الترابية للمملكة المغربية، الذي بشر به الديوان الملكي المغربي، نهاية الأسبوع الماضي، هو بحق أحد ثمار سياسة ملكية حكيمة واستراتيجية دبلوماسية رزينة يقودها مغاربة أخلصوا للوطن ولمصالحه الإستراتيجية، فقيمة موقف حكومة بيدرو سانشيز التاريخي من المقترح المغربي للحكم الذاتي يأتي بعد أزمة مفتوحة كانت أشبه بزلزال بين مدريد والرباط خلال سنة منذ إدخال إسبانيا زعيم الانفصاليين الرخيص إلى أراضيها بهوية مزورة وما تلاها من مواقف وردود أفعال.

  • كما يأتي القرار الإسباني بعد ما أسمته جريدة “إلباييس” بـ “الصبر الاستراتيجي المغربي” في إدارة الصراع باتزان وتعقل دون التفريط لحظة واحدة في المصالح الحيوية للمملكة. فقد قدم جلالة الملك في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب حسن نية وألقى بالتحية لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لفتح صفحة جديدة ولكن على أساس علاقة مبنية على الندية ومراعاة المصالح المشتركة بين البلدين على قواعد الثقة والتعاون والصدق، وها هي الحكومة ترد التحية بموقف تاريخي غير مسبوق منذ الاتفاق الثلاثي لمدريد عام 1975 الشهير..

    هذه هي الجرأة السياسية التي تقدر المصالح المشتركة وليس الإملاءات واعتبار المغرب مجرد دركي لمراقبة الهجرة.. نحن اليوم أمام صفحة جديدة في العلاقات الإسبانية المغربية فيها الكثير من الرشد وتبادل المصالح وثقة شريكين تمتد العلاقات بينهما في التاريخ والجغرافيا بالطول والعرض.

    لقد عرى القرار الإسباني الأخير الحياد المزعوم للجزائر، التي استدعت سفيرها للتشاور، على إثر الموقف التاريخي لحكومة بيدرو سانشيز، وكشف للعالم تورطها في استدامة خلاف لا تجني منه الشعوب المغاربية غير التمزق والتفتت والإنهاك الاقتصادي بدل التعاون المثمر في كافة الميادين كما ظل يدعو لذلك جلالة الملك وهو يمد يده لحكام قصر المرادية لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الجارين الشقيقين، لقد أسقط القرار الإسباني الأخير آخر ورقة توت تغطي سوءة كابرانات الجزائر، ولم يعد بإمكانه نكران تورطهم المكشوف في الانتعاش من ملف ينهك البلدين ويحرمهما من بناء علاقات تعاون مثمر يعود نفعه على البلدين.

    قرار إسبانيا يرسخ مسلسل الانتصارات المتتاليات التي أحرزها المغرب في قضيته التي يعتبرها قضية وجود لا إشكالية حدود، فبعد القرار الأمريكي في 10 دجنبر عام 2000، وبعد أزمة مفتوحة مع ألمانيا، أصدرت برلين بلاغا تؤكد فيه أن المقترح المغربي هو الحل الوحيد الواقعي والجاد لحل المشكل المفتعل في الصحراء المغربية، وها هي إسبانيا تعزز الورقة المغربية من خلال الانتصار للوحدة الترابية للمملكة ودعم سيادتها على مجموع أراضيها.. فلتشرب جبهة بوليساريو والجزائر حاضنتها البحر، وهي تتلقى الضربة تلو الأخرى، وتغرق في عزلة دولية غير مسبوقة، الآن ظهر الحق وزهق الباطل فشكرا لكل من ساهم في صنع هذا الانتصار التاريخي، شكرا لكل من جعل المغاربة يبتهجون بالموقف الإسباني، ويشعرون بالاعتزاز لهذا النصر الدبلوماسي الفريد من نوعه منذ 47 سنة، ونترقب بقوة موقفا فرنسيا على نفس الوتيرة يعزز هذا الالتفاف الدولي حول دعم السيادة المغربية على مجموع التراب الوطني، ويخلق انتقالا سلسا نحو حل واقعي وجاد للأزمة المفتعلة حول الصحراء، من خلال مقترح الحكم الذاتي في إطار الجهوية الموسعة بالمملكة. ويحل مشكل إخواننا المحتجزين في تندوف في مخيمات مهينة والمتاجرة في مأساتهم من قبل مرتزقة انفصاليين ليس لديهم أي حس تاريخي لفهم ما يحدث في العالم اليوم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي