ريان جمعنا

ريان جمعنا

A- A+
  • ريان جمعنا

    رب ضارة نافعة، فقد أبرزت قضية المرحوم ريان، الكثير من المعادن الثمينة منها والبخسة، مات الطفل ريان بعد مجهودات استثنائية تكاثفت فيها جميع أذرع المجتمع المغربي، من سلطات عمومية ومسعفين ورجال إنقاذ وإعلام ومجتمع مدني ومتطوعين… لم نكن مخطئين حين قلنا إن الملاك ريان خلق ملحمة وطنية جمعت المغاربة قاطبة وشدت أنفاسهم وجعلتهم يبتهلون في صلواتهم لله العلي القدير أن يعين المنقذين ويبقي على حياة الطفل ريان الذي أصبح ابنا لكل المغاربة، هذا هو المعدن الأصيل للمغاربة، حيث التحم الملك والشعب، السلطات والمواطنون، النساء والرجال، الشيوخ والأطفال والشباب، حول مأساة الطفل ريان، لكن الله شاء وقدر، فكان حكمه وما ارتضاه سبحانه وتعالى.. فوق هذا نجح الطفل ريان أن يوحد الإنسانية من كل البقاع، التي تتبعت مأساته، وثمنت جهود السلطات المغربية التي اشتغلت لخمسة أيام بنهارها ولياليها، بنوع من التضحية ونكران الذات والمخاطرة بأرواح العديدين منهم، هؤلاء أيضا من معادن الأبطال..

  • ومن الدروس التي قدمها المرحوم ريان وأثلجت صدور المغاربة هي ذلك التضامن الأخوي الطافح بالمحبة والصدق الذي أبداه الشعب الجزائري الشقيق في تعاطفه مع الطفل ريان الذي وحد الشعبين الجزائري والمغربي في بعد إنساني قل نظيره ونجح ريان في أن يقوم بما لم تقم به السياسة.. هذا التضامن الواسع الذي عبر عنه الشعب الجزائري بجميع أطيافه، وحده إدانة للسياسة العدائية التي يقوم بها جنرالات الجزائر اتجاه المغرب دولة وشعبا، وتعبير صادق وتلقائي عن عمق الروابط الأخوية التي تجمع الجزائريين بأشقائهم المغاربة، وفي ذات الآن تعبير عن فشل كل أجهزة توجيه الرأي العام وتنميطه وكل الآلات الإعلامية التي صرفت عليها الملايير لتكييف وتنميط الرأي العام الجزائري، لم تنفع أبدا، وبرز البون شاسعا بين حكام الجزائر الذين لم تصدر عنهم مبادرة إنسانية ولا رسالة تضامن مع المغرب في مأساة الطفل ريان، على عكس الأريحية التي عبر عنها المغرب لحظة اشتعال النيران بغابات الجزائر من خلال إصدار الملك محمد السادس أوامره إلى الحكومة لوضع كل تجهيزات المغرب في الإطفاء رهن إشارة الدولة الجزائرية، وهنا يبرز معدن كابرانات الجزائر البخس ومعدن ذهب الجزائريين الأشقاء الذين عبروا عن تضامن وتعاطف رائع مع الطفل ريان، وفي ذلك يبرز البون الشاسع بين ما يريده الشعب الجزائري وما يريده جنرالاته..

    وإذا كانت مأساة الطفل ريان قد أبرزت المعادن الأصيلة، من ذهب وفضة، من المغاربة، فإنها كشفت أيضا عن معادن الخسة بيننا، هم قلة حقا لا يستحقون كما يقال حتى قيمة هذا الحبر الذي نسود به هذا الفضاء، لكن فقط أردت التأكيد على أن بعض النماذج منا التي تأكل من خبزنا وتشرب من مائنا وتتنفس ذات الهواء الذي نستنشقه، تبدو في واد والشعب المغربي قاطبة في واد آخر، لم يروا في مأساة الطفل ريان مناسبة للتعبير عن مشاعر إنسانية نبيلة وأن يخرجوا القليل إذا ما تبقى لديهم من التعبير عن لحمة التآزر والتضامن، وكانت قلوبهم هشة للقلق على طائر “عوّا “ أقوى من مأساة طفل ذرف الملايين الدموع عليه داخل المغرب وخارجه، هذه الفئة الصدئة تعرت اليوم وكشفت عن أنيابها المسمومة وضغائنها الحقيرة اتجاه المغرب دولة وشعبا، وفي الوقت الذي كان قداسة البابا ومنظمة الأمم المتحدة وكافة وسائل الإعلام الدولية تشيد بطول نفس مختلف السلطات العمومية وتنوه بعملها البطولي، لم ير هؤلاء الذين قلوبهم مليئة بالشفقة على “طايرة بقر” بدل الملاك ريان، غير مناسبة لبتّ تدويناتهم الحاقدة والتي تخلو من الروح الوطنية ومن المشاعر الإنسانية النبيلة، رغم أن بعضهم يتبجح بحقوق الإنسان التي فهمنا أنها أصبحت تعني لديهم “التفطاح والتبراع” وأموال الدعم الأجنبي الذي يتحول لضيعات وشقق باسم العائلة وخيانات زوجية و”تبزنيز” في جسد النساء، لكن الحمد لله، لا يصح إلا الصحيح وما ينفع المغاربة رأوه بأم أعينهم وتابعوه مؤازرين ومساندين أما زبد ذوي الأفئدة الهشة على “عوّا” بدل الطفل ريان فهم مثل الزبد يذهب جفاء.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي