أبو حفص: ”طالبان” حركة دينية محلية وليست جهادية عالمية كتنظيم القاعدة

أبو حفص: ”طالبان” حركة دينية محلية وليست جهادية عالمية كتنظيم القاعدة

A- A+
  • خلف سيطرة حركة طالبان على دولة أفغانستان العديد من ردود الفعل التي أعادت للأذهان مراحل من تحكم الإسلاميين في عدد من المناطق، وما شابها من تشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية، مع ما يرتبط معها من فكرة ثاوية وراءها والمتمثلة في إقامة شرع الله في الأرض وإقامة دولة الخلافة المنشودة، باعتبارها مشروعا أمميا تنهل منه مختلف الحركات والتوجهات ذات الامتداد الجهادي والإخواني.

    في هذا السياق اعتبر الباحث في الدراسات الإسلامية محمد عبد الوهاب رفيقي، الملقب بأبي حفص، أنه من المهم جدا عند تناول أي موضوع معرفته بدقة، وتناوله بكثير من المصداقية و العلمية..خاصة بعد نشر ”مغالطات مقصودة وغير مقصودة بخصوص موضوع طالبان، والتعامل معه بسطحية وقلة دراية..”.

  • وأضاف رفيقي، في تدوينة نشرها عبر صفحته بالفيسبوك أول أمس الثلاثاء، أن الكثيرين يخلطون” بين القاعدة وداعش من جهة وطالبان من جهة أخرى، القاعدة وداعش تنظيمان جهاديان بإيديولوجية سلفية وهابية، بأحلام طوباوية ومشاريع عالمية، من قبيل الخلافة والدولة الإسلامية واسترجاع الأراضي التي حكمها المسلمون يوما، وغزو بني الأصفر وقسطنيطينية ورومية، والغزو والفتح والسبي، فيما طالبان حركة محلية، تأسست من عدد من طلبة المدارس الدينية( لهذا يسمون طالبان)، عقيدتهم ماتوريدية، وهي المصنفة عند السلفيين بأنها عقيدة ضالة، ومتعصبون فقهيا للمذهب الحنفي الذي لا تكن له السلفية كثيرا من الود”.

    وأوضح الباحث، أن حركة ”طالبان حركة دينية متشددة ومنغلقة ، تفكيرها بسيط وساذج، تظن أن ما تؤمن به هو الإسلام، تفرض النقاب، وتحرم المرأة من التعليم، وتحارب الصور والتماثيل، لكنها لا تريد تطبيق ذلك إلا في حدود مناطق حكمها، خصوصا بين البشتون الذين لم يكن عند أغلبهم مانع من تطبيق تلك الأحكام، على خلاف الأوزبك المنفتحين نسبيا والذين كانوا يتذمرون من تسلط طالبان وقمعها للحريات، لكن الحركة لم تكن تحمل أي مشروع عالمي أو نوايا للهيمنة دوليا.

    أكثر من ذلك، يتابع رفيقي، ”طالبان بعد دخولها كابول سنة 1996 سعت للحصول على الاعتراف الدولي، واعترفت بها رسميا كل من السعودية والإمارات وباكستان وتركمانستان، وكانت تريد مقعدا بالأمم المتحدة، وهو ما جعل السلفيين الجهاديين يتوقفون عن تأييدها في البدايات.

    واستدرك قائلا: ”لكن ما لذي حصل حتى تورط الطالبان مع القاعدة؟ حسب رأيي القاعدة بما كانت تملك من دهاء وخبث سياسي استغلت سذاجة الطلبة لإقحامهم في معركتهم ضد أمريكا، كانت البداية بتقديم المساندة في التخلص من خصوم الحركة، وكلنا يتذكر الهدية التي قدمها أسامة بن لادن للملا عمر ، وهي التخلص من أكبر عدو لطالبان، وهو أحمد شاه مسعود، وكان المقابل غض الطرف عن أنشطة القاعدة ومعسكراتها، لكن الملا عمر اشترط على بن لادن عدم استهداف أمريكا من فوق أرضه، ووافق بن لادن على ذلك، ثم التجأ لبعض المشايخ ليفتوه في جواز تخلصه من هذا العهد، وهو ما كان فعلا حيث قرر بن لادن مهاجمة أمريكا في عقر دارها دون إخبار الملا عمر، الذي وجد نفسه في ورطة كبيرة ..

    وبدل أن يتعامل الملا عمر ببراغماتية ويسلم بن لادن لأمريكا، لجأ بسذاجته لمجلس علماء طالبان، وكلهم من فقهاء محدودي التفكير، فاتفقوا على أنه دينا لا يجوز تسليم مسلم لكافر، وهي الفتوى التي جرت على بلد بكامله مسارا من الدمار والاحتلال..

    كان هذا قبل عشرين عاما، من المؤكد أن طالبان اليوم تختلف عن طالبان الأمس، طالبان الأمس حركة متطرفة دينيا ، لا تؤمن بحقوق الإنسان ولا الحريات ، حركة قمعية مستبدة، لكنها ليست مشروعا جهاديا، تأسست لأول مرة لأسباب جيو سياسية، وتعود اليوم لأسباب جيوسياسية أيضا، قد يكون ذلك بسذاجة مرة أخرى، وقد يكون بوعي لتقاطع المصالح، قد نرى طالبان بنسخة جديدة وأفكار أكثر انفتاحا واستيعابا لدروس الماضي، في ظل بحث الولايات المتحدة عن حليف يتصدى للمشاريع الصينية والإيرانية في المنطقة، الأيام المقبلة كفيلة بأن تجيبنا على كثير من الأسئلة والهواجس المطروحة اليوم، وسط سيل من المغالطات وقلة التدقيق المعرفي.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    إنوي يحصل على شهادة  HDS لاستضافة وإدارة بيانات الصحة