مغرب اليوم.. يوجع أكثر

مغرب اليوم.. يوجع أكثر

A- A+
  • مع ما تفجر من كذبة «بيغاسوس»، الذي أخذت أقنعته تسقط يوما بعد يوم، بعد خروج الكبار والوازنين في العالم لتكذيب وتفنيد الادعاءات التي انطلقت مع حملة منظمة استهدفت المملكة منذ الأسبوع الماضي، تأكد أن المغرب أصبح يوجع الكثيرين اليوم.. فلا السياق ولا التوقيت المرتبطين باحتفال المغاربة بعيد العرش كرمز للتلاحم بين مكونات الأمة حول الملكية المتجددة، ولا الطابور الذي قاد الحملة ويعكس مصالح قوى ليس لها مصلحة أبدا في استقرار المغرب واستقلال قراره السيادي، ولا تقدمه وتنميته…
    كل المغاربة أحسوا أن المغرب تغير، واستعادوا أَنَفتهم وكبرياءهم وهم يرون أن بلدهم ينجح في تجاوز الأزمات التي تتحول إلى انتصارات، منذ ما سمي برياح الربيع العربي، نجح المغاربة تحت قيادة الملك محمد السادس في رفع التحديات بتعقل وتبصر، وفي تحقيق قفزات متتالية نحو الأمام ليكون للمغرب موقع ضمن الدول المؤثرة، ففي الوقت الذي كانت نيران الحروب تشتعل بين الإخوة في ليبيا وسوريا واليمن.. استطاع المغرب أن يجدد ميثاق التعاقد الاجتماعي والسياسي بدستور 2011، الذي سمح باستقرار المؤسسات واستمرارها، وبالولادة الثانية للملكية الدستورية، فكانت الانتخابات ومجيء حكومة عبد الإله بن كيران، وفي الوقت الذي كانت الرقعة الإقليمية تفور وتحترق الكثير من أطرافها وتلعب فيها أيادي خارجية، كان المغرب يعلن عن حزمة مشاريع عملاقة، ويتمم مسيرة ما بدأه منذ مجيء محمد السادس إلى الحكم.. وجاءت جائحة كوفيد- 19 التي هزمت أنظمة صحية لدول كبرى، ونجحت المملكة برغم ضعف الإمكانيات، في رفع التحدي بتحويل مصانع إلى صناعة الأقنعة الصحية وسوائل التطهير والمعقمات وأجهزة التنفس الصناعي والأسرة، وتوج كل ذلك بصنع اللقاحات ضد الوباء الفتاك وأمراض أخرى بكميات وافرة…
    هل تعتقدون أن كل هذا المنجز الذي وصل إليه المغرب اليوم، سيرضي القوى التي لا زالت تحمل الحنين الاستعماري ولا تقبل بأن يلتمس المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، طريق التقدم والتنمية؟ هل تظنون أن أصحاب المصالح الكبرى سيرضون أن يتقدم المغرب ويتخذ قراراته بشكل مستقل ويخرج عن طوع الحماية الاستعمارية؟ لذلك كانت هجمة “بيغاسوس” الدنيئة والتي تعكس أن المغرب بدأ بالفعل يوجع العديد من القوى المصلحية العظمى..
    شعر المغاربة بالكثير من الاعتزاز بالانتصار الذي حققته القوات المسلحة الملكية بالكركرات بعد 25 يوما من إحساسنا بالغبن ونحن نرى بضعة قطاع طرق يعرقلون الحركة التجارية ويستفزون السائقين المغاربة ويعيثون في الأرض فسادا، رفع المغاربة رأسهم عاليا وبفخر بالانتصارات الدبلوماسية التي تلت ذلك، وحين نشب الصراع مع دول عظمى من حجم ألمانيا وفرنسا، استعادوا ثقتهم بذاتهم وبالقدرة على الاستقلال بقرار المملكة السيادي، وماذا حدث بعد ذلك؟
    أصبحت ألمانيا تغازل المملكة وإسبانيا قدمت رأس وزيرتها في الخارجية في محرقة ابن بطوش، و«ما زال الخير جاي القدام»، أما الجزائر وبوليساريو فأصبح اللعب معهما بلغة أخرى تقول «باسطا»، كفى.. إنه المغرب الذي يمتد عميقا في التاريخ لأكثر من 13 قرنا، -إذا حسبنا فقط استقرار الدولة على الملكية التي عليها اليوم- إنها المملكة الشريفة التي خلفت أمجادا ضاربة في جذور التاريخ، فهل تتصورون ما أصبح عليه المغرب خلال عقدين فقط، لن نتحدث عن يوسف بن تاشفين ولا عن طارق بن زياد، ولا عن أحمد المنصور الذهبي أو المولى إسماعيل وحفيده الحسن الأول، لن نذكر أنوال وعبد الكريم الخطابي ولا مقاومة الأطلس ولا الزرقطوني ولا علال بن عبد الله، ولا الزلاقة ولا معركة واد المخازن.. إذا تأملنا فقط ما أصبح عليه المغرب خلال حكم محمد السادس، هل تعتقدون أن الدول ذات الحنين الاستعماري والشركات الكبرى التي اعتادت أن ترى في دول جنوب المتوسط، كنزا لنهب ثرواتها وربط اقتصادها بعجلة الدول المستعمرة، سيرضيها أن يصبح للمغرب ميناء دولي من حجم «ميد طنجي» وقطار فائق السرعة، وبنية تحتية مهيكلة، وجيش حديث وقوي، وأجهزة مخابرات نبيهة أشادت بها كل دول العالم وسعت لاستقطاب ودها والاستفادة من معلوماتها؟ أبدا، وقطعا لا..
    «بيغاسوس» ليس إلا ضريبة يجب أن يدفعها المغرب الذي أصبح يؤلم ويوجع الأصدقاء والخصوم، ومن تم لا بد من خلق معارك صغيرة تعيق تطوره، تلهيه عن المسار الذي اختطه، وتدفع به نحو مراجعة استقلال قراره السيادي، والتحلل من الحماية الاستعمارية..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    السفير زنيبر يبحث مع غوتيريش ومسؤولين أمميين تفعيل أولويات مجلس حقوق الإنسان