لزرق:الفاشلون في الإقناع..أو كيف لنخب سياسية صنعها الفساد أن تسقط أعمدة الفساد؟

لزرق:الفاشلون في الإقناع..أو كيف لنخب سياسية صنعها الفساد أن تسقط أعمدة الفساد؟

A- A+
  • لزرق: الفاشلون في الإقناع … أو كيف لنخب سياسية صنعها الفساد أن تُسقط أعمدة الفساد؟

     

  • لم تسلم جلسة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، خلال عرضه لحصيلة العمل الحكومي، من انتقادات أحزاب المعارضة، خاصة بعد تخصيصه حيزا زمنيا مهما للحديث عن ما وصفته المعارضة بتحارب قصص ناجحة، بل ذهب حزب الأصالة والمعاصرة في شخص أمينه العام عبد اللطيف وهبي إلى السخرية والاستغراب من عرض العثماني، وتساءل داخل قبة البرلمان : هل هي حصيلة حكومة أم حصيلة حزب واحد؟، ويتساءل الكثير من المتتبعين للمنجز الحكومي عن حصيلة محاربة الفساد المستشري في الكثير من مفاصل ومؤسسات الدولة، وهو الشعار الذي رفعه حزب العثماني لإقناع الناخبين بالتصويت عليه وترفعه جميع الأحزاب السياسية من مختلف مواقعها شعار “محاربة الفساد” خاصة مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية

    وفي هذا السياق اعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي رشيد لزرق، في مقال مطول تنشره “قناة شوف تيفي” ..

    إن مصداقية المرء عامل حاسم في الممارسة السياسية، والاستحقاقات الانتخابية القادمة أفق جماعي محكوم بطبيعة العرض السياسي المقدم من طرف الأحزاب السياسية. وذلك يتشكل انطلاقا من العلاقة بين الوعود والشعارات الانتخابية و بين محصولها المنجز الواقعي. كما .. لا شك في أنّ الأرقام الانتخابوية تدخل في إطار المزايدات السياسوية.

    ولعل هذا الذي يجعل الظاهرة العامة التي ستفرزها الانتخابات القادمة، هي محاولة التحايل على مطالب التشبيب و المناصفة للنساء. مع التمكين للوبي العائلوقراطي عبر تعيين القادة لأبنائهم و بناتهم و توريثهم الدوائر الانتخابية و المناصب الحزبية بما قد يقطع آخر شرايين الأمل في التغيير السلمي الديمقراطي.

    أي و ربي .. ما انفكت فلول القيادات الشعبوية مُظْهِرةً قدرةً كبيرة على التدليس السياسوي من خلال تورية المشاكل الحقيقية ، و اختلاق مشاكل وهمية التي تحجب الانتظارات الحقيقية للمواطنات و المواطنين. فالمنظومة الحزبية بمختلف أجنحتها المتصارعة، جرت لجنة شكيب بنموسى ذاتها إلى التفكير وبذل جهد مضاعف في تقييم العمل السياسي أمام الفراغ المهول الذي تركه انسحاب مقترح الأحزاب السياسية، بدل التفكير المبدع في تحقيق وثبة الإقلاع الشامل.

    لقد بدأت المؤشرات الأولى من تبيان التشكيك في نوايا القيادات الحزبية، التي تطمع في ِتوظيف الدعم العمومي لضرب المعارضة الداخلية وسحقها، بغرض التمكين لفلذات أكباد القيادات الحزبية، للحصول على الغنيمة الأولى المؤهلة للاستوزار في الحكومة.

    نعم .. قد بات بلوغ الحكومة غاية عوض أن يكون وسيلة، لكون المنظومة الحزبية بدون مشروع مجتمعي علمي-عملي رصين. و كلنا قد عاينا التحالف الحكومي الذي لم ينقطع فيه التراشق، و لم يخرج النقاش السياسي من السجال العقيم بين الائتلاف الحكومي. و هكذا عطلت القوانين و حصل الجميع في مكيدة شرود تشريعي و تدبيري. بعد فقدان الحزب الذي يقود الحكومة أغلبيته دون أن يتجه رئيس الحكومة للاستقالة.

    و رغم إقالة الوزراء المقصرين، فلا أحد اعترف بالمسؤولية السياسية بل هناك من اتجه إلى التشكيك في بواعث إقالته و بقي يزايد من موقع المعارضة. بل ينتظر اليوم نصيبه من الحكومة المقبلة.

    لذا وجبَ طرحُ السؤال : كيف هو حال التوازن السياسي بعد عقد من العمل بدستور 2011؟!. والأكيد أن العشرية الحكومية السوداء لم تفرز نخبة سياسية واعية ومسؤولة، تطبق المعادلة الدستورية المتمثلة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، في ظل طغيان ثقافة التهرب من المسؤولية السياسية. إذ كيف لنخب سياسية صنعها الفساد أن تُسقط أعمدة الفساد. فلا حظ للقيادات الشاردة في شرف مكافحة الفساد.

    و لكي نضمن النجاعة المطلوبة يجب أن ينطلق التطهير من المنظومة الحزبية لكونها أصل الداء و المُعَطِّلَة لتوطيد الاختيار الديمقراطي.

    كما أن الجميع، قد لاحظ كيف تم تحوير اختصاصات الحكومة في التعيين في المناصب العليا، حتى أصبح ريعًا تتقاسمه قيادات أحزاب التحالف الحكومي، وأضحت العديد من الإدارات ملحقات حزبية تبدع في تعيين الفاشلين والفاسدين؟.

    لقد تمكن داء فقدان الثقة في السياسيين من جسد المنظومة الحزبية. و ها نحن نطرح التساؤل من جديد: هل التنافس السياسي حاصل على “مصلحة المغرب العليا” كما يزعم الجميع؟ أم أنه مجرد ديكور شكلي يخفي دهاليز الوصول إلى رئاسة الحكومة .

    إن تسمية الأمور بمُسمياتها، يقتضي الإقرار أن المنظومة الحزبية بحاجة إلى رجة حقيقية غير مُصطنَعة، رجة مدخلها الأساس إسقاط الفساد قبل أنْ يُسْقِطَ الوطن المغربي. لكون العديد من المؤشرات تشير إلى استحالة بلورة و تطبيق نموذج تنموي جديد، عبر التمديد لنخبة حزبية بالية و فاشلة هي التي ترعى الفساد. بل .. و قد كان وسيلتها غير المشروعة للوصول للمؤسسات المنتخبة.

    فإعادة الثقة تقتضي لزوما إحداث قطيعة ظاهرة مع الممارسة السياسية بشكلها الحالي. و كذا إعمال أحكام الدستور المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة. و التي من شأنها تأطير عرض سياسي جديد يقطع مع تقادم النخب التي نهلت من ثقافة المزايدة و الريع بدون إنجازات تدبيرية. إذ هكذا يظل أملنا كبيرا في تحقيق الطموح الجماعي ببلوغ مصاف الدول الصاعدة .

    بعد أن تأخر قطار الإصلاح الحزبي الديمقراطي، نتيجة تحويل عبارة: إسقاط الفساد إلى شعار انتخابي ، تردده حناجر نخبة سياسية فاشلة، قد دأبت على تحويله إلى شعار استهلاكي في سياق الحملة الانتخابية المُصَلّلَة. إذ لم يكن حامله الحزبي قادرا على تجسيده ميدانيا. وذلك نظرا للفشل الحكومي في التعامل مع هذا المدخل التنموي المبين..فشل حكومي في محاربة الفساد الذي اخترق مرافق الدولة في ظل إقرار غير معلن بالعجز عن محاربته.

    إن الإعمال الصارم للقانون هو الخطوة المطلوبة من أجل القطع مع المنظومة القديمة و قيادتها الفاسدة و مواجهة المركب المصلحاتي، فمكافحة الفساد تكون بالفعل وليس بالكلام و الهرطقة والسفسطة. ثم اللجوء إلى التوافقات الداعية الى توقيف المتابعات القضائية ضد بعض المشتبه فيهم بالفساد. و تالله إنها ردة حزبية سياسية تدعونا للتعايش مع الفساد.

    و بما أن المد الشعبي غاضب من سطوة الفساد الحزبي ورافض للسياسات الحكومية التي أثقلت كاهل المواطن. فيجب على المترشحين للانتخابات إثبات جدارتهم في نظافة اليد واحترام الدستور. إذ أن (الفساد) مجرد ورقة انتخابية موضوعة في خانة الوعود الكاذبة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية