بوح الأحد: جمعية حقوق الإنسان، أربعين عاما من النشاط اللاوطني المدر للدخل..

بوح الأحد: جمعية حقوق الإنسان، أربعين عاما من النشاط اللاوطني المدر للدخل..

A- A+
  • بوح الأحد: جمعية حقوق الإنسان، أربعين عاما من النشاط اللاوطني المدر للدخل، سقوط أقنعة مراسلون بلا حدود و مارشان محامي بيرثا يتكتم على الحقيقة و أشياء أخرى

    أبو وائل الريفي
    نسلط الضوء في بوح هذا الأسبوع على أغرب حالة انفصام وتناقض عرفها المغرب الحديث، وتتمثل في حالة المظلومية المفترى عليها التي تسوقها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مقارنة مع جو الحرية والامتيازات التي تنعم بها ومقارنة مع مثيلاتها من الجمعيات الحقوقية شريكتها في الائتلاف الحقوقي المغربي. تحاول هذه الجمعية تصوير نفسها وكأنها مستهدفة على الدوام وبأن مؤامرات تحاك ضدها وكأن ما تقوم به من أعمال مستفزة للمغاربة وفق أجندة صيغت بنودها وضبطت عقارب ساعتها على مصالح المناهضين للمغرب، وهذا أمر تكرر مرات عديدة وفي مناسبات مختلفة أكدت كلها بما لا يدع مجالا للشك أن اختيارات هذه الجمعية والمتحكمين في قراراتها لا تستحضر مصالح المغرب والمغاربة. قد يتساءل البعض عن سبب تخصيص بوح هذا الأسبوع لهذه الجمعية. والجواب بسيط ولا يخطئه متابع لعمل هذه الجمعية التي فاحت رائحة الفساد والكولسة فيها، هو فعلا جواب بسيط لأن المناسبة شرط، وقد خلدت الجمعية الأسبوع الفارط ذكرى تأسيسها 42، أي أنها تشتغل في المغرب منذ 1979 وعاصرت أهم الأحداث التي عرفتها بلادنا وعاينت كل التحولات وبقيت وحدها على الهامش لا تواكب هذا التحول.
    حصيلة أزيد من أربعة عقود من اشتغالها كافية لتسفيه خطاب قادتها المحبط و”المتبوحط”، فالجمعية لم تتعرض للحل أو التجميد رغم وقوعها في أخطاء جسيمة، واكتسبت صفة المنفعة العمومية منذ عقود بما يترتب عن ذلك من امتيازات لا تحظى بها آلاف الجمعيات، وباب العضوية فيها مفتوح للمغاربة بدليل إحصاءاتها الرسمية التي تتحدث عن المئات من الأعضاء، وتنشط في كل مناطق المغرب بدون منع بدليل أن عدد فروعها يقارب المائة، ومقراتها مفتوحة أمام كل المعارضين وجريدتها لم تمنع، فكيف يمكن تصديق ادعاءات قادتها التي تصور المغرب لوحة سوداء، وترسل رسائل وكأنها المستهدف الأساس من كل سياسات الدولة، وكأن الدولة المغربية لا شغل لها سوى التربص بجمعية حقوقية صار المغاربة ملقحين و لهم مناعة ضد سمومها التي تنفثها في المجتمع منذ سنين بدون كلل.
    وإضافة إلى ما سبق من مكاسب تجعل الجمعية تشتغل في بيئة مناسبة، تستفيد الجمعية من شراكات مع وزارات ومؤسسات عمومية، ويتمتع عدد من نشطائها بالتفرغ وتسهيل أدائهم لمهامهم الجمعوية، وتتلقى تمويلات من الداخل والخارج، وتستفيد من الفضاءات العمومية لعقد مؤتمراتها واجتماعاتها، وتعبر عن مواقفها بحرية رغم طابعها المبالغ فيه والمبني، في كثير من الأحيان على معطيات ناقصة أو مغلوطة أو بناءا على تحليلات غير متوازنة وغير موضوعية أو محكومة بخلفيات سياسوية وإيديولوجية.
    لننظر بصدق في المحيط العربي. هل هناك جمعية بهذا التوجه المناهض لمصالح بلادها تتمتع بهذه الحرية في العمل؟ وتستفيد من كل هذه المكاسب؟
    قد يحسب البعض أن في هذا السرد بعض من “المن”، وهذا غير صحيح، فهذه نتيجة حتمية لخيارات المغرب الكبرى في الانتصار للتعددية والحرية وحقوق المعارضة، وهي جزء من التوجه العام للدولة المغربية الذي جعل الاختيار الديمقراطي ثابتا ولم يؤمن بأسلوب الحزب الوحيد والنقابة الواحدة والجمعية الوحيدة. ولذلك سنلاحظ أن الدولة لم تستهدف أبدا الجمعية بسبب مواقفها أو توجهها أو خياراتها، بل جعلت القانون هو الفيصل في أي التباس، وهذا ما لا تستسيغه قيادات من الجمعية تتحكم في مصيرها من خلال حرصها على تسييس كل تصدي قانوني لمخالفات الجمعية مثل عدم استكمال وثائق إدارية أو عدم الإدلاء بالبيانات الكاملة للتمويلات التي تتلقاها الجمعية من الخارج والتي تقدر بعشرات الملايين، أو الزيغ بالجمعية عن اختصاصها الأصلي والزج بها في عمل سياسي حزبي مباشر يخرجها من دائرة قانون الجمعيات إلى قانون آخر.
    إن هذا التبوحيط الحقوقي يفضح الممسكين بزمام الجمعية منذ عقود والذين استقووا بنفوذهم طيلة هذه العقود وصاروا يشكلون بنية سرية أو كيانا عميقا خفيا دون أن يظهروا في الواجهة كمسؤولين عن قرارات حتى ترتبط ممارستهم بالمسؤولية اللازمة قانونيا. وسيكون من العبث مثلا تصديق أن شابا بسيطا ومغمورا مثل الحماموشي أصبح من قيادات الجمعية وصاحب قرار في شأن جمعية تدار بعشرات الملايين سنويا لمجرد أنه “انتخب” عضوا في مكتبها المركزي!! وهذا مثال فقط ينطبق على عدد ممن يزينون الشكل المؤسساتي للجمعية ويخفون تحكم أقلية سياسية حزبية في شأن الجمعية لم يعد من حقهم تحمل مسؤولية قيادتها قانونيا فلجأوا إلى القيادة من الخلف بالأسلوب الذي يرفضونه في الظاهر ولكن يفضلونه في الواقع.
    قد يتساءل البعض عن سبب عدم تغيير القوانين لتأبيد قيادة هذه البنية السرية للجمعية. والرد واضح وهو الخوف من تناقص التمويلات من الخارج التي ستتأثر بالمظهر غير الديمقراطي داخلها. ولذلك فقد اختارت الجمعية الحل الأسوأ في الحقيقة بتغليبها للمظهر على حساب الجوهر.
    تعطي الجمعية انطباعا ظاهريا بأن المسؤوليات فيها بالتناوب، ولكنها تخفي أن التناوب يقتصر على مناضلي تيار سياسي واحد يعض على قيادة/بزولة الجمعية بالنواجد ولا يفتح رئاسة الجمعية للتداول أمام مناضلي تيارات أخرى لعقود من الزمن. وهذه مناسبة للتذكير بأن آخر قيادي غير نهجوي تحمل رئاسة الجمعية في تسعينيات القرن الماضي هو النقيب عبد الرحمن بنعمرو. وهذا مثال فقط على غياب الديمقراطية الداخلية وسط الجمعية التي لا تفتأ تنتقد الدولة والأحزاب والنقابات والجمعيات وتعطي الدروس للغير وهي كلها أعطاب.
    وهذه مناسبة للتأكيد على أن شعار التعدد الذي ترفعه الجمعية مجرد وهم طالما أن المحاصصة هي التي تطغى في إسناد المسؤوليات ويستأثر فيها تنظيم النهج بحصة الأسد، وطالما أن الهدف من هذا التسويق هو نيل رضى المنظمات الدولية، وطالما أن صقور الجمعية هم من يضع خلفاءهم في المكتب المركزي. ويكفي أن نذكر بأن الحماموشي هو مجرد بيدق للمعطي الذي يحرص على أن يبقى أصبعه وسط الجمعية لتوظيفها في معاركه ضد الدولة ولخدمة أسياده في الخارج، على هدي صنوه محمد رضي الذي يتحكم في الجمعية و تحول إلى الآمر الناهي فيها بدون موقع تنظيمي مادام أنه يوفر الحطب في المعركة الفاشلة ضد الدولة و مصالح المغرب.
    تطغى الكولسة على عمل الجمعية ويغلب فيها تهريب قراراتها المصيرية إلى خارج مقرات الجمعية، حيث تتخذ في مقرات النهج الديمقراطي أو في بيوت بعض مناضليه الذين يشكلون ورثة المعبد والمستعدين لهدمه على من فيه إن تضارب ذلك مع مصالحهم، وتشتكي كل التيارات من هذه الهيمنة. ولا نحتاج في ذلك دليلا لأن الشكوى عامة ومتواترة من جميع التيارات بدرجات متفاوتة، وخاصة في المحطات المفصلية لانتخاب أجهزة الجمعية.
    لقد تحولت الجمعية بهذه الهيمنة إلى ملحقة حزبية للنهج الديمقراطي الذي عجز عن بناء تنظيم حزبي ديمقراطي حداثي فوجد ضالته في هذه الجمعية الجاهزة التي ضيق الخناق على كل تياراتها، وخاصة بعد فشل مناضليه النقابيين في السيطرة وتطويع الاتحاد المغربي للشغل حيث طردهم مخاريق شر طردة. ولذلك يحاول مناضلو النهج تعويض فشلهم النقابي والحزبي والسياسي والجماهيري بالسيطرة على الجمعية التي لم تعد منظمة حقوقية بل صارت حزبا سياسيا ومنظمة نقابية وتنظيما جمعويا بأجندة رافضة لكل شيء وبدون احترام للإطار القانوني المؤطر لعملها وبدون انضباط لاختصاصاتها.
    فقدت الجمعية، في ظل قيادة النهجويين، أبسط أخلاقيات العمل الحقوقي، ويكفي التذكير بفضيحة تسريب مضمون جلسة الاستماع للمشتكية حفصة بوطاهر بما تضمنه من معطيات ذات طابع شخصي وسري لخصمها/ المشتكى به عمر الراضي. وهي الواقعة التي أحرجت نشطاء الجمعية وأظهرت عدم حيادهم وعدم ائتمانهم على معطيات المتضررين التي يوظفونها كما أرادوا هم وليس كما يرغب الضحية ويخدم مصالحه. والغريب أن قادة الجمعية يتهمون الغير دائما بتسريب محاضر التحقيق والشرطة القضائية ويصبون جام غضبهم على صحافة نالت سبق نشر أخبار صحيحة حصلت عليها باجتهاد مهني، ولكنهم عند أول اختبار للمصداقية واحترام سرية المعطيات الشخصية لمن وثق فيهم يرسبون بامتياز.
    أصبحت الجمعية أصلا تجاريا لفائدة قلة من النهجويين، الذين أصر على تسميتهم بالبنية السرية أو الكيان العميق داخل الجمعية، يتقاسمون الوظائف والامتيازات والأسفار والتعويضات والتفرغ دون رقيب أو حسيب. وكم ستساهم الجمعية في إرساء ثقافة الشفافية وتعطي القدوة لغيرها من التنظيمات إن نشر قادتها ومن تناوب على المسؤولية فيها تصريحا بممتلكاتهم ونشرت الجمعية تقارير مفصلة عن تدبيرها المالي.
    أصبحت الجمعية غير مستقلة تشتغل وفق تقدير سياسي للنهج ولا تعكس مواقفها تعدد التيارات العاملة فيها كما ينبغي أن يكون عليه حال التنظيمات الجماهيرية، وهي التي تتبنى “جماهيرية” العمل الحقوقي. ولذلك إذا أردت أن تعرف حقيقة مواقف النهج ابحث عنها في المواقف المعلنة للجمعية لأنها صارت القناة الأفضل والأوضح والأسرع لتصريف مواقف الحزب/ الدكان السياسي المفلس لأن هذا التوظيف كفيل أن يعطيه بعدا إشعاعيا. وبهذا صارت الجمعية واجهة لعمل حزبي بعنوان حقوقي ووسيلة يضغط بها النهجويون على الدولة ويفاوضون بها. هكذا يظنون.
    وتشتغل الجمعية بأجندة غير وطنية لا تميز بين المعارضة السياسية ومعارضة المصالح العليا للمغرب، بل تنتعش في كل ما يضر بالوطن، ويمكن البحث عن موقفها من قضية الوحدة الترابية وصمتها عن مقتل مغربي في إسبانيا مؤخرا وعدم تنديدها بالقمع الذي طال مهاجرين من طرف السلطات الإسبانية عند مدخل سبتة رغم أنها لم تفوت فرصة لاتهام المغرب بدركي أوربا. لا مشكلة عند الجمعية في التماهي مع أطروحات خصوم المغرب، ولا هم لها في اختيار توقيت إعلان بعض المواقف ولو كانت تخدم أعداء الوطن.
    ولأنها تشتغل بأجندة غير وطنية فإنها تسقط غير ما مرة، لإرضاء خصوم المغرب، في الكذب أو عدم الدقة في نقل الوقائع أو النفخ فيها أو تحريف قراءتها أو السكوت عن جزء لا يخدم أجندتها. ولذلك تفتقد تقاريرها للموضوعية، كما حدث في أحداث اكديم إيزيك، لأن هدفها هو إرضاء المانحين ونيل رضى المنظمات الدولية.
    ويطبع منهج عمل الجمعية اختلال يعصف بطابعها الحقوقي المحايد لأن جل تقاريرها أحادية المصدر وغير متوازنة في نقل الشهادات والمعلومات ومتحاملة على السلطة ومتسرعة النتائج دون انتظار ظهور نتائج التحقيق في وقائع تتطلب تحقيقا ويلزم لانتهائه وقت حتى يكون منصفا ومحيطا بالموضوع من كل جوانبه. والسبب أنها معجونة بخلفية سياسية وإيديولوجية وحقد على السلطة وليس فقط معارضتها.
    يؤسفني جدا الحديث بهذه الصراحة عن جمعية دافعنا عنها جميعا واعتقدنا أنها قد تكون نصيرة لمهضومي الحقوق، ولكنها تحولت إلى بوق لأعداء المغرب ورجع صدى لأصوات خارجية كل همها إشغال المغرب والنيل من سمعته. وبمناسبة الحديث عن هذه المنظمات ها هو مثال حي وحديث.
    استبشرت الأسبوع الماضي خيرا بعد النداء الذي أطلقه أمين عام مراسلون بلا حدود طالبا من الملك التدخل، وقلت حينها أن هذا حق للجميع لأن الملك فعلا ملك للجميع وضامن حقوق وحريات الجميع، ولكنني لم أتصور أن يكون هذا النداء مثل كلام الليل الذي يمحوه النهار. إذ لم يمض وقت قصير حتى ظهرت منظمة مراسلون بلا حدود على حقيقتها وفضحت عدم حيادها وتموقعها المسبق إلى جانب طرف على آخر وتفضيلها الاستماع لأطراف دون أخرى. فهل يستقيم عقلا أن تتبنى هذه المنظمة موقفا من قضية وهي ليست على مسافة واحدة من كل المعنيين بها؟ وهل يصح منطقا أن تصطف إلى جانب المشتكى به دون أن تستمع إلى المشتكية وهي بالمناسبة كذلك صحافية مهنية؟ وهل من الحياد أن تقتصر على شهادة واحدة ترأس لجنة التضامن مع المشتكى به ومعروفة بموقفها المسبق من الملف ومن المشتكية وهي التي ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تسريب مضمون جلسة الاستماع إليها إلى المشتكى به؟ هل يعلم أمين عام مراسلون بلا حدود أن المشتكية لجأت إلى جمعية الرياضي خديجة مشتكية قبل غيرها من المنظمات فكان جزاؤها انتصار القبيلة الحقوقية لمنطق انصر أخاك ظالما أو مظلوما؟ هذه كلها أسئلة تقود في النهاية إلى جواب واحد ووحيد. إن هذه المنظمة تشتغل بأجندة على المقاس ومحددة أهدافها مسبقا، وهي تستهدف قبل كل شيء المغرب وسمعته. وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة. ولكن للأسف لا يبلغها من يسوقون لها الوهم ويستقوون بها أن الزمن غير الزمن والأوضاع تغيرت. ولم يعد المغرب يستسلم لعقدة الأجنبي فقد شب عن الطوق ولم يعد يرضى بدروس الغير الذين يتناسونها حين يتعلق الموضوع بهم. لن يقبل المغرب إلا التعامل بالمثل واحترام سيادته ومؤسساته.
    لننظر إلى ما قامت به مراسلون بلا حدود من الناحية الإنسانية، هل تعي المنظمة وقع عدم إنصاف المشتكية عليها؟ وهل تستوعب تأثير هذا الانحياز غير المنطقي وبدون الاستماع إلى الرواية الأخرى على مصداقيتها؟ وهل يمكن تبريره مهنيا وأخلاقيا؟
    وعلى ذكر الأخلاق، هل كان يلزم أن تتسرع مراسلون بلا حدود في الانتصار لطرف على آخر بالموازاة مع مطالبتها الملك بالتدخل في ملف سليمان؟ ألا يعتبر هذا السلوك غير المحايد وغير المهني متنافيا مع هذا الطلب لملك يعتبر ملكا للمشتكين والمشتكى بهم؟ لماذا يصر من دفع المنظمة إلى هذا المنزلق على توريط الملك بهذه الطلبات وإرفاقها بسلوكات متناقضة معها؟ ألم يكن الأجدى لهم انتظار مدة؟ أم أنهم بهذه السلوكات وعدم النأي بالنفس عن الخوض غير المحايد في ملف معروض على القضاء يعلنون بشكل غير مباشر أنهم تخلوا عن طلبهم السابق؟ ألم يكن الأجدى أن يطالبوا بتعجيل البت في الدعوى لفتح الباب بعد ذلك أمام مخارج أخرى يتيحها الدستور والقانون دون ضرب استقلال السلطة القضائية؟
    لقد اتضح اليوم أن شماعة الإصرار على إبقاء سليمان معتقلا وتمطيط مرحلة التحقيق محض افتراء وأن المتسبب في تعطيل المحاكمة هو سليمان ودفاعه لخوفهم من الحقيقة التي لن تحجبها مرافعات خارج القانون أو حرص على صناعة البوز وافتعال أحداث للتغطية عن حقيقة الملف الناصعة التي لن تخطئها العين المجردة.
    أحترم مهنة المحاماة وأقدر المحاميات والمحامين، وأعتبرها ضلعا من أضلع العدالة التي لن تكتمل بدون تيسير طرق عملهم، وألتمس العذر لكل من يبحث عن براءة موكله، ولكنني لا أستسيغ أن تتحول قاعة المحكمة إلى الترافع في كل شيء إلا في القانون. ولا أجد مبررا لتحول جزء من الدفاع إلى ناطق إعلامي خارج قاعة المحكمة، ولا أفهم سر الحرص على تعطيل سير دعوى عادية كان يمكن أن تكون منتهية أو في مرحلة تالية من مراحل التقاضي. وكم كنت سأحترم من يتمسك ببراءة سليمان أو الراضي لو طالبوا، ولو على سبيل المزايدة والإحراج والتعجيز، بالبت المباشر لجلسات المحاكمة. وحينها تقرر محكمة الرأي العام قبل محكمة القضاء في إدانتهما أو براءتهما من المنسوب إليهما والمثبت في محاضر وأوراق الدعوى بالأدلة والشهود. أما افتعال أي شيء كل أسبوع لتعطيل المحاكمة فإنه غير مقبول ويضر بهم قبل سليمان الذي يدفع وحده الثمن من صحته باستمراره في إضراب إرادي جزئي عن الطعام ورطه فيه غيره ف “وحل” فيه ولم يجد له حلا لحفظ ماء الوجه. كان يمكن تفهم هذا الإضراب لو تعلق الأمر بسوء معاملة أو حرمان من حق ولكن الإصرار على إضراب بدون مطلب أو بمطلب غير قانوني أو للضغط على سلطة مستقلة فإنه نوع من الابتزاز الرخيص الذي لن يدافع عنه أو يتبناه شخص سوي أو منظمة تحترم نفسها في العالم كله. بل إن التمادي في هذا الأسلوب يثبت التهمة عليه ويضيع على سليمان فرصة الدفاع عن نفسه لإثبات براءته. وللأسف، لا يريد أهل سليمان فهم هذه الحقيقة.
    ولأن “السخارة” كثر وهم مستعدون لخدمة أعداء المغرب ويتصيدون الفرص لذلك، فقد ابتلينا هذا الأسبوع بزائر غير مرغوب فيه. فما قصته؟
    كريستوف مارشان محامي بلجيكي ممنوع من دخول المغرب منذ 24 فبراير 2021، وهو على علم بذلك ويتعمد تجاهله، وأصر مع ذلك على استغلال ملف عمر الراضي واتخاذه تكية لتقطير الشمع على المغرب وهو المعروف بمواقفه العدائية تجاه المغرب ووحدته الترابية، وحضوره ليس إلا محاولة لاستغلال الملف لتبرير دخوله للمغرب بهدف التشويش على قضية معروضة على المحكمة في الوقت الذي تم قبول دخول محاميان كانوا برفقته حضرا جلسات الراضي و الريسوني، هذا مثال آخر يؤكد كثرة من يستغلون مثل هذه الملفات لتحقيق مصالحهم والمتضرر طبعا هو سليمان والراضي اللذان صار الكل يأكل الثوم بفمهما. ولذلك، وما إن تم ترحيله، بكل ما يستلزم الأمر من تعامل قانوني، حتى أطلق العنان للسانه السليط لإطلاق الكلام المسموم متهما المغرب بالانزلاق الاستبدادي في عهد الملك محمد السادس. إن أصحاب الأجندات يبيعون كل شيء، واحد يكوي والآخر يبخ، واحد يطالب بتدخل الملك وآخر يلصق به كل مساوئ العالم وينعت عهده بالاستبداد!! إن منع شخص من الدخول لبلد معين قرار سيادي وقد تم وفقا لمقتضيات قانون صادق عليه نواب الشعب، وهو القانون 02. 03 المتعلق بدخول وإقامة الأجانب بالمملكة المغربية وبالهجرة غير المشروعة، وقد كان قرار المغرب معللا وكان الأولى على المحامي أن يدفع عنه تهمة العداء للوحدة الترابية وأن يكون أحرص على براءة من يريد الدفاع عنه وتجنب تسييس قضيته، وكان الأولى لعائلة عمر الراضي الوضوح مع المغاربة وتوضيح هل هم من وكله، لأنه حرص على أن لا يقول الحقيقة من خلال الإدعاء أن الراضي من وكله، لأنه لا يريد أن يعرف المغاربة أن “مؤسسة بيرثا” الموالية للبوليساريو هي التي أدت أتعابه و أتعاب محاميان، واحد بلجيكي و آخر فرنسي في إطار لعبة قذرة ضد المغرب وهل يعرفون مواقفه من الوحدة الترابية لأن الصمت في معرض يستلزم الحديث يعتبر كلاما. والصمت هنا إقرار.
    إنه زمن الوضوح وكشف الحقائق، وزمن الإنتماء الذي لا يحتمل منطقة رمادية، لا يمكن القبول بوطنية أو إنتماء نص نص.
    ودام المغرب حرا مستقلا، وإلى بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    وكالة التنمية الاجتماعية: حيار تبدأ مسلسل وأد مؤسسة التخفيف من الفقر والهشاشة