“فرانس 24” تُراهن على أخبار الحسيمة قبل احتراق مارسيليا

“فرانس 24” تُراهن على أخبار الحسيمة قبل احتراق مارسيليا

A- A+
  • هل اختارت قناة “فرانس 24” أن تنأى بنفسها عن موجة الاحتجاجات وأعمال الشغب غير المسبوقة التي تجتاح فرنسا، حيث أصحاب الصدريات الصفراء يأتون على الأخضر واليابس في شوارع باريس وفي باقي المحافظات الفرنسية، وحيث قوات حفظ النظام لم تعد تميز بين خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتجمهرين الثائرين.

    ففي الوقت الذي تحولت فيه فرنسا إلى ساحة حرب غير معلنة، تنادي فيها الأوساط السياسية الفرنسية بتطبيق قانون الطوارئ والأحكام العرفية لتطويق أعمال الشغب، وتطالب الشرطة الوطنية بتدخل عاجل للجيش لتأمين المواقع الحساسة ونقط المراقبة الثابتة، نجد أن قناة “فرانس 24” تراهن على أخبار الحسيمة قبل مآسي مارسيليا، وتختار التعليق على أحداث الريف عوضا عن تغطية احتراق قوس النصر! فأية مفارقة هذه وأي رهان ذاك الذي تتطلع إليه “فرانس 24” ؟

  • فبالتزامن مع تحول شوارع باريس إلى ميدان للرماية والمواجهة المفتوحة بين الشرطة وأصحاب السترات والصدريات الصفراء، كان أستوديو القناة الفرنسية يستضيف أحمد رضى بنشمسي، مسؤول التواصل والمرافعة في منطقة “مينا” بمنظمة “هيومان رايتس ووتش”، ليس للتعليق على الأوضاع الراهنة والخطيرة بفرنسا، ولكن للحديث بأثر رجعي عن أحداث الحسيمة، والرجوع بعجلة التاريخ سنة وسنتين إلى الوراء، للتعليق على تطورات ومجريات محاكمة المعتقلين في أحداث الحسيمة وضواحيها أمام القضاء المغربي.

    وفِي الوقت أيضا الذي تعلن فيه السلطات الفرنسية عن اعتقال 412 شخصا في يوم واحد (أمس السبت)، وإيداع 378 مشتبه فيه رهن تدبير الحراسة النظرية، وتسجيل أكثر من 130 إصابة جسدية في صفوف المتجمهرين وقوات حفظ النظام، كانت “فرانس 24” تصوب فوهة إعلامييها نحو جنوب المتوسط، وتحديدا إلى المغرب، في حين كانت منظمة “هيومان رايتس ووتش” تعلق على ادعاءات 54 معتقلا بالمغرب، دونما أية إشارة أو تلميح حقوقي لفرنسا التي اعتقلت ما يقارب عشرة أضعاف هذا الرقم في يوم واحد! فهل هذه هي الموضوعية الإعلامية من جانب القناة ؟ وهل هذا هو الدفاع عن كونية وشمولية حقوق الإنسان من جانب المنظمة الحقوقية.

    فالجميع مع أمن فرنسا وسلامة ممتلكاتها العامة والخاصة، ولن تجد أي مغربي ينفخ في رماد النار الملتهبة في شوارع باريس في هذه الأيام، لكن هذا لا يسوغ لقناة “فرانس 24” أن تنفث سموم خطها التحريري لاستهداف أمن المغرب والمغاربة. وقد بدا هذا جليا يوم أمس السبت، حيث قلوب الفرنسيين كانت محبوسة وأنظارهم مشدودة بسبب حجم الدمار الذي خلفته احتجاجات الملونين بالأصفر، بيد أن إحدى قنواتهم (فرانس 24) اختارت التعليق على احتجاجات لم تقع في فرنسا وإنما في المغرب، وهي أحداث ليست مطبوعة بالراهنية وإنما وقعت منذ سنتين.. وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول حدود المهنية وتجليات الموضوعية في عمل القناة المذكورة.

    وهنا، قد تختار القناة الفرنسية طريقة الرد المعهودة “إن حلقة أمس كانت مبرمجة منذ مدة وجاءت على وضوء تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش”، ونحن بدورنا نقول لها بأن الأحداث المؤسفة التي ضربت فرنسا يوم أمس السبت تجُب كل المواضيع الأخرى، وتحظى بالأولوية في التعليق والمواكبة على غيرها من الأحداث، ففرنسا كانت في حالة أشبه بالحرب والعصيان المدني، التي تفرض على القناة استضافة ممثل منظمة “هيومان رايتس ووتش” للتعليق عليها وليس للتعليق على أحداث الحسيمة… ففي السياق الحالي مارسيليا أسبق من الحسيمة سواء في نظر الفرنسيين أو بالنسبة للعالم بأسره.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي