عتيق السعيد: أي ميثاق أخلاقي للحد من الترحال السياسي

عتيق السعيد: أي ميثاق أخلاقي للحد من الترحال السياسي

A- A+
  •  

    كشف أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء عتيق السعيد في تصريح لشوف تيفي، أن أي ميثاق أخلاقي أو تعهد بتجويد العملية الانتخابية و تحقيق أهدافه لن يتحقق دون إرادة حقيقية تنبني في جوهرها على توفر مناخ بقدر عال من الديمقراطية الداخلية و تمكين الكفاءات داخل بنية المؤسسة الحزبية، حيث أن إشكالية الترحال السياسي في المناسبات الانتخابية يستلزم معالجة الأسباب و الدوافع الحقيقية لتفشي هاته الظاهرة التي تؤثر بشكل كبير في الثقة في العملية الانتخابية و منها في المشاركة السياسية ككل.

  • و أضاف المحلل السياسي أن محاربة ظاهرة الترحال السياسي تتطلب تفكيك تراكمات طويلة من التدبير الداخلي لعدد من الأحزاب السياسية و تشجيع التواصل في بنياتها و هياكلها بالإضافة إلى مسايرتها الأوضاع الاجتماعية بالدولة بغية المساهمة في عملية التنمية بشكل مستدام، ما دون ذلك من تعهدات و اتفاقات ثنائية تبقى صعبة التحقق بالنظر إلى الواقع التدبيري و العروض المطروحة بشكل تحفيزي يضمن لها الانضمام بشكل سليم و فعال في هياكلها، بمعنى أدق أن الأحزاب السياسية مطالبة بخلق مناخ داخلي حاضن للديمقراطية التمثيلة و بتحفيز أكبر لنخبها و بالتالي جعل هذه الأخيرة متمسكة و مقتعنة بالاستمرارية بل أكثر من ذلك جعلها مرابطة على قناعة أيدلوجية الحزب بغية العطاء داخل بنيته و خارها .

    وعن سؤال أسباب الترحال السياسي و دوافعه، أجاب السعيد أن إشكالية الترحال السياسي من الإشكالات المعقدة والمتشعبة التي تتقاطع فيها أسباب سياسية و اجتماعية و ثقافية مختلفة، مرتبطة بفكر وسلوك الفرد داخل نسق سياسي مليء بالعديد من المتغيرات، وهي أسباب عديدة تؤثر في رسم معالم صورة واضحة عن المشهد الحزبي والسياسي، كما أن ذات الموضوع (الترحال السياسي) يصبح السمة البارزة عند اقتراب مواسم الانتخابات، لكن قبل هذا وذاك، لتفكيك هذا السلوك السياسي/الانتخابي وجب أولا تحديد مفهومه و فهم أسبابه ونتائجه. أن إرادة شخص/سياسي سواء كان عضوا أو ممثلا عن حزب سياسي، أو على الأقل منخرطا فيه إداريا ومؤسساتيا، هذا التعبير الإرادي يكون صريحا بحيث يعبر عن قرار المغادرة الطوعية من حزب سياسي، إلى حزب آخر بغض النظر عن إيديولوجيته أو برامجه و مواقفه التاريخية، وبالتالي يكون مجردا وبمثابة محطة جديدة حاضنة له لاسيما في عملية الاستحقاقات، لكن رغم أنه سلوك انتخابي/سياسي يجلب الكثير من النقاشات المفضية لإشكالات متعددة تضرب مسألة الولاء الإيدلوجي بعرض الحائط وكذا ما يصاحبه أحيانا من تناقضات في السلوك السياسي للفرد وقناعاته ومواقفه في الكثير من القضايا، إلا أن بعض الباحثين يعتبره آلية تساهم في تجديد الخارطة الحزبية وهي سلوك يجسد مبدأ ديمقراطية الاختيار، لكن هذا التوجه لا يستقيم إذا ما اعتبرت هاته الممارسة السياسية تعبيرا عن سلوك ينم بشكل ممنهج على تغليب أهداف ومصالح شخصية على حساب المصلحة العامة بشكل خاص والفعل السياسي بشكل عام، وبالتالي السقوط في الإخلال بالمبادئ السياسية التي تدفع بعدم تجويد الأداء السياسي وأيضا ببرامج وأهداف الحزب وبضوابطه التنظيمية، تم المساهمة بشكل كبير في عدم الثقة في العملية السياسية لأنها تصبح غير ذات مصداقية يجعلها الترحال السياسي متناقضة في غالبيتها تفتقر لمنطق الولاء للمبادئ و القيم التي تعاقد من أجلها من ذي قبل، بالإضافة إلى أن الترحال السياسي يجعل من مسألة التدبير السياسي مبنيا على مصالح ذاتية سرعان ما تتفكك أمام متغيرات كثيرة .

    وعن الإطار القانوني، أوضح السعيد أن دستور 2011 وضع حدا لظاهرة الترحال السیاسي، التي لطالما كانت محط انتقاد عدد من الفاعلین السیاسیین، كونھا تضرب في العمق أخلاقیات الانتخابات والعمل التشریعي، حیث نجد الفصل 61 ینص على التجرید من صفة عضو في المجلس، كل من تخلى عن انتمائه السیاسي، الذي ترشح باسمه بالانتخابات، و بالتالي فدسترة منع الترحال ستعزز من دور المنتخبین داخل فرقھم وأحزابھم وأيضا ستعمل على تجوید العمل البرلماني.فالعمل البرلماني يستلزم مقاربة شاملة ترمي في الأساس إلى تكریس التمثیلیة الدیمقراطیة السليمة الخالية من أساليب الترحال السياسي المستمر، والمواطن يعتبر من الأولویات، وبالتالي العملية السياسية ككل من المفروض فيها أن تساهم في تقوية ثقته في السیاسة وفي مدى جدوى الانتخابات، بحیث أن تمثیلیته ھي التي ستحكم من خلال اختیاره الذي سیعكس مطالبه، من أجل ذلك لحت الضرورة على الإداھتمام بالأداء السياسي. مضيفا أن الأحزاب السياسية مطالبة بتقديم برامج انتخابية تساير المتغيرات التي تشهدها البلاد نحن نتحدث عن تداعيات و آثار الأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني و تضرر النسيج المجتمعي و كذا ما تعرفه الدولة من التفكير في مشروع تنموي جديد يكون قادر على معالجة الاختلالات المجتمعة و لاسيما الحد من الفوارق الاجتماعية و المجالية، أيضا الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه المغربية و هو قرار تاريخي يستلزم تبني برامج تنموية جديدة تساير بشكل فعال و ناجع تطلعات المرحلة، و بالتالي كل هاته المتغيرات و أخرى كثيرة تتطلب تجويد العملية الانتخابية عبر اقتراح كفاءات عالية لها القدرة الكافية في تدبير المرحلة، أقصد مرحلة مغرب ما بعد كورونا.

     

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    صرف الزيادة في الأجور لأسرة التعليم نهاية شهر أبريل الجاري