نعم للاحتجاج.. لا للفوضى

نعم للاحتجاج.. لا للفوضى

A- A+
  • خرج تلاميذ معظم المؤسسات التعليمية للاحتجاج على إبقاء حكومة سعد الدين العثماني على العمل بالساعة الإضافية، وتغيير مواقيت الدراسة والعمل الإداري، طوفان بشري في العديد من المدن من تلميذات وتلاميذ كانوا يجوبون الشوارع أو يحتجون في ساحات المؤسسات التعليمية أو أمام مدخلها الرئيسي يرفعون شعارات منددة بالساعة الإضافية وبحكومة العثماني، كل هذا جميل، فالسلوك الاحتجاجي هو أحد نعم الديمقراطية التي تعبر عن نضج مجتمع واتساع صدر السلطات التي لم نراها طيلة مدة الاحتجاجات إلا متفرجة بحياد أو محاورة للتلاميذ أو ضامنة لحركة السير والجولان كي لا تضر ممارسة حق بحقوق أخرى.. وهو أسلوب حضاري لا يمكن إلا التنويه به..
     
    مجتمع ناضج وواعي بحقوقه، وحين يحتج يلجأ إلى أساليب مدنية وحضارية لتبليغ رسالته إلى من يهمه الأمر، ودولة منظمة مستوعبة لحق ممارسة الاحتجاج، وحامية لسلامة المحتجين ومحيطهم، ومحافظة على استثباب الأمن بالتي هي أحسن، إننا نتقدم ببطء نعم.. وبخطوات واثقة.. أكيد.
     
    لكن حدثت انفلاتات هنا وهناك، وممارسات لا تليق بالسلوك المدني، من مثل رفع شعارات غير أخلاقية مليئة بالسب والقذف في حق رئيس الحكومة، كما في تظاهرة التلاميذ أمام بناية البرلمان، وتكسير زجاج سيارات، والعبث ببعض الممتلكات العمومية أو الخاصة.. وهذا سلوك مشين ولا يعبر عن نضج، كان وزير التربية الوطنية ذكيا وهو يرد بالبرلمان، حين برأ التلاميذ من عملية حرق العلم الوطني، إذ رأينا محتجين وهم يلوحون باعتزاز بالراية المغربية خلال احتجاجاتهم، لكن واقعة حرق العلم الوطني، ليست مختلقة أو مجرد أكذوبة لقد حدثت بالعاصمة، من كانت له مصلحة في اللجوء إلى أسلوب المس برموز السيادة الوطنية؟ من حاول استغلال انفجار غضب التلاميذ للركوب عليه من أجل مآرب أخرى لها علاقة بساعته وحسابات توقيته هو، وليس بالساعة الإضافية التي عبر التلاميذ عن تضررهم منها؟ من اندس وسط التلاميذ وهو يحمل سيفا أو مواد ممنوعة في الساحات العمومية؟ من وظف براءة التلاميذ وهم يعبرون عن مطالب مشروعة ولو بشعارات معظمها مستجلب من مدرجات الملاعب الرياضية، ودس شعارات سياسية أكبر من مطالب التلاميذ ومن وعيهم التلمذي ولأي هدف؟
     
    لن أقتنع بالحوادث المعزولة، أو بوجود “شمكارة” انسلوا إلى قلب هذه التظاهرة أو تلك، ورفعوا شعارات غير أخلاقية لا تليق ببراءة تلاميذ في مقتبل العمر؟ أو وجود مقرقبين أو حشاشين هم من تحولوا أحيانا إلى رموز أو متزعمين لقيادة حشود التلاميذ.. أبدا؟.
     
    ثمة بدون شك.. مستفيدون من زرع الفتنة، من يستغلون أي حدث للركوب عليه اعتقادا منهم أنه كلما “ترونات الوقت وشعلات فالبلاد..” كلما صرنا نحو وضع أفضل، ثمة زُرّاع يأس حقيقيون يعملون خارج مؤسسات الدولة، ويقتاتون على هوامش الفعل السياسي و فتات العمل المؤسساتي.. وحدهم من يعتقدون أنهم سيكونون المستفيدين الأوائل إذا ما غاب الاستقرار وزاغت المسيرات السلمية وانحرفت الاحتجاجات المدنية عن جادة الفعل الديمقراطي الذي لا يستهدف الإضرار بالممتلكات العامة ولا يعطل حركة المرور ولا يلجأ إلى أعمال التخريب والاعتداء على السلامة الجسدية للمواطنين.
     
     
    لقد أعجبت بدعوة لجمعية وطنية عتيدة، مهتمة بتنظيم الشبيبة المدرسية، التي حاورت التلاميذ وأصدرت بيانا تساند فيه مطالب التلاميذ برفض التوقيت الجديد الذي فرضته الساعة الإضافية، ولكنها دعت التلاميذ الذين أوصلوا مطالبهم إلى الجهات المعنية، بممارسة حقهم أيضا في الدخول إلى المؤسسات التعليمية وحضور دروسهم، لأن محاربة الجهل، وتلقي العلم لمواجهة الحياة، هو أيضا نضال طويل النّفَس، ودعتهم إلى التعبير عن احتجاجهم بحمل الشارات أو بإبداع أشكال احتجاجية أكثر سلمية ولا تتعارض مع حقهم في تلقي دروسهم.. هذا هو الدور الأساسي للهيئات السياسية والمدنية، وهكذا يجب أن يفهم فلذات كبدنا الاحتجاج كسلوك يقوي الاعتزاز بروح الجماعة والتضامن والقيم المدنية الحضارية والسلمية للديمقراطية..
     
    لا يهم أننا نتمرن على اختبار الفعل المدني ونحن على الطريق السليم، فقط لنفضح المندسين ومن يريدون الركوب على المطالب المشروعة والعادلة لمختلف الشرائح الاجتماعية، وما ذلك على المغاربة بعزيز… نعم للاحتجاج السلمي لا لضرب استقرار المملكة والمس برموزها… الوطن خط أحمر…

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الطالبي العلمي ولد ‘الكارد فوريستيي’