لنحم طفولتنا من الوحوش

لنحم طفولتنا من الوحوش

A- A+
  • صادم ما حدث بطنجة، اغتصاب وقتل الطفل عدنان هو قتل عام للبراءة والطفولة فينا، هو جرح كبير أحدثه وحش آدمي بدم بارد، وترك المغرب كله يغرق في أعماق الفجيعة، خَلَقَ حدث قتل الطفل عدنان تضامنا واسعا من جُل المغاربة، الذين رفعوا صوره على وسائط التواصل الاجتماعي، وعبَّروا عن حسرتهم لفقدان الطفل عدنان بتلك الطريقة البشعة، ملك وشعب كانوا معا جنبا إلى جنب في مواساة ومؤازرة أسرة الفقيد، هذا هو المشترك الذي ظل يجمع المغاربة على هذه الرقعة الجغرافية، تقاسم الحلو والمر، وتدبير التعايش المشترك بين المغاربة، وهذه القيم الكبرى هي التي تشكل سدا منيعا وحصنا قويا اتجاه كل المؤامرات والمآسي التي تهدد المملكة أو تحاول تدنيس طمأنينة وسكينة المواطنين.

    المغاربة الذين آزروا عائلة الطفل عدنان في مصابها الجلل، طالبوا بإنزال أقصى العقوبات وأقساها على البيدوفيلي الجاني، بما فيها الحكم بالإعدام بل هناك من دعا إلى تنفيذه في الساحة العامة، في المقابل ارتفعت أصوات نشاز لم تراع لا فترة الحداد التي يعيشها المغاربة وخاصة أسرة القتيل، لوصف هذا التضامن العام بالوحوش وافتقاد المغاربة المتعاطفين مع القتيل عدنان للوعي، وظهروا مثل الغرباء في المجتمع يحرثون في الماء ويزرعون في السماء، وخبرتهم بتربة الأرض التي يريدون أن يزرعوا فيها قيما إنسانية لا يختلف أحد في أنها قيم نبيلة وحضارية، لكنه مثل من يزرع وقت الصيف ويحصد في الشتاء، وهنا تبدو الدولة المغربية أكثر خبرة بالمجتمع الذي تديره.

  • ومهما سلمت نوايا المدافعين عن رفض عقوبة الإعدام وكيفما طغت العواطف الجياشة على المواطنين المصدومين حتى طالبوا بإنزال الإعدام بالجاني وتنفيذه علنيا ليستريح المجتمع منه ويشفي غليله بالاقتصاص على قاعدة “كما تدين تدان”، ولا أحد يحرمهم من حق الغضب على الوحش مغتصب وقاتل الطفل البريء، أو اتهامهم بالبدائية والوحشية و الجهل.. لنضع أنفسنا موضع العائلة التي اغتصبت براءة طفلها، وسلبت حياته غصبا بطريقة وحشية ليس فيها أي ذرة للعواطف والمشاعر الإنسانية، لأن عدنان ابني وابنكم جميعا، ونتخيل ماذا سيحل بنا لو تعرض أطفالنا أيضا لذات المصير..

    إن المعركة الحقيقية التي يحتاجها المجتمع المغربي اليوم، هي كيف نحمي أطفالنا وصبياننا من الاغتصاب، ومن المنحرفين البيدوفيليين الذين لاتقف بهم غرائزهم عند حد.. ففي نفس الأسبوع الذي اغتصب فيه عدنان وقتل، حدثت اغتصابات أخرى من طرف منحرفين بفاس وآسفي ومحاولة أخرى بطنجة ذاتها..

    حماية الطفولة البريئة عمل شاق وطويل النفس، يستدعي تضافر الجهود من مؤسسات الدولة وجمعيات حقوقية ونسائية ولجان حماية الطفولة، مجهود تنخرط فيه المدرسة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام لنحمي أطفالنا من الوحوش الآدميين ومن المجرمين القتلة، هذا هو الضمير الرادع الذي محوره التربية والتوعية والتحذير من مخاطر البيدوفيليين، ويجب أن نتحرك كمجتمع يمتلك قوة اقتراحية تقدم البدائل والحلول، وبموازاة مع ذلك على البرلمان والحكومة القيام بدورهما في تشديد العقوبات القاسية على انتهاك أعراض القاصرين والتحرش بالأطفال واغتصابهم وقتلهم، وتشديد القوانين لحماية أطفالنا والحفاظ على توازنهم النفسي والاجتماعي، وحفظ حقهم في الحياة الكريمة والسليمة، فلا خير في مجتمع لا يحمي فلذات كبده، وهذا هو الدرس الذي يقدمه مقتل الطفل عدنان، رحمة الله عليه، ونتمنى لأسرته الصبر والسلوان.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي