وزيـر الصحة .. أكثـر من 14 مليـون مغربي يعانـون من أمـراض نفسيـة

وزيـر الصحة .. أكثـر من 14 مليـون مغربي يعانـون من أمـراض نفسيـة

A- A+

  • هذه حقيقة ماثلة للعيان فالفضاء العام المغربي كئيب وبئيس وحزين ومقلق، لأن أغلب المغاربة يعانون من أمراض نفسانية وعقلية مختلفة، فما أكده مؤخرا أنس الدكالي وزير الصحة في مداخلته في البرلمان من أن 42.1 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية، حيث أن 26.5 بالمائة يعانون من الاكتئاب، و9 بالمائة من اضطرابات القلق، 5.6 بالمائة يعانون من اضطرابات ذهنية و1  في المائة من الانفصام (السكيزوفرينيا). استنادا إلى تقرير أنجزته المديرية الوطنية للسكان، وهي إحدى المديريات التابعة لوزارة الصحة، ما أكده الوزير كذبه باحثون وخبراء وشككوا في تلك الأرقام، وذهب بعضهم إلى القول أن النسبة قد تصل إلى 80 في المائة لأنه لا توجد إحصائيات علمية دقيقة في هذا المجال..
    “المشعل” وبحثا عن الحقيقة، فتشت في مصداقية رقم الوزير، وكشفت بعده عن الواقع، وذلك بالحصول على تقارير عن علب الدواء النفسي والعقلي التي تباع للمغاربة سنويا في الصيدليات، وهي أرقام حصرية مخيفة، ندعوكم لاكتشافها، كما والوقوف على واقع الصحة النفسية للمغاربة ومسبباتها في هذا الملف..

  • “المشعل”/”شوف تيفي”
    مصطفى لختاصير

     


    وزير الصحة: 42 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية

     


    باحثون وخبراء يكذبون أرقام أنس الدكالي ويعلنون أن 80 في المائة من المغاربة مرضى نفسانيون

     

    يوم الاثنين ما قبل الماضي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، كان أنس الدكالي وزير الصحة يحمل أوراقه التي دون عليها أجوية آنية على سؤال شفوي  يسائل الوزارة حول واقع الصحة النفسية للمغاربة، وقف الوزير ليرد على السؤال بثقة كبيرة وهو يسرد أرقاما مقلقة عن الأمراض النفسانية للمغاربة، وأكد الوزير في مداخلته أن 42.1 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية، حيث أن 26.5 بالمائة يعانون من الاكتئاب، و9 بالمائة من اضطرابات القلق، 5.6 بالمائة يعانون من اضطرابات ذهنية و1  في المائة من الانفصام (السكيزوفرينيا). هذه الأرقام التي سردها الوزير استنادا إلى تقرير أنجزته المديرية الوطنية للسكان، وهي إحدى المديريات التابعة لوزارة الصحة، والتي تم تغيير مديرها العام قبل شهور قليلة بعد زلزال داخلي، نتيجة اختلالات همت عددا من المديريات على رأسها مديرية الأدوية والصيدلة التي عصف الزلزال بمديرها العام عمر بوعزة، كما شمل التغيير مديرة معهد باستور..فهل تلك الأرقام التي قدمها الدكالي تعكس واقع الصحة النفسية للمغاربة؟ وهل الدراسة التي أعدتها المديرية صحيحة؟
    “المشعل” وفي بحثها عن حقيقة الأمراض النفسانية التي تقارب نصف عدد سكان المغرب وتحديدا 14 مليون و 280 ألف مغربي من أصل 34 مليون مغربي مرضى نفسانيون، حسب الوزير، حيث سبق أن صدرت دراسة في يوليوز 2017 في عهد وزير الصحة السابق الحسين الوردي، تؤكد أن 48 في المائة من السكان يعانون من اضطرابات نفسانية ، وأن 197 طبيباً نفسياً يعملون في القطاع العام في المغرب فقط، وهو عدد قليل جدا مقارنة بالمتوسط ​​العالمي. أي أن 16 مليون و320 ألف مغربي يعانون من أمراض نفسانية، فكيف تغيرت الأرقام في ظرف سنة فقط، ونزل عدد المرضى من 48 في المائة إلى 42.1 في المائة، أي مع فارق 2 ملايين و 40 ألف مريض، إما أنهم شفوا تماما من المرض النفسي! أو لم يشملهم الإحصاء؟! وفي كلا الحالتين فإن الرقم الذي قدمه أنس الدكالي لا يعكس الحقيقة، هذا ما ذهب إليه عدد من الأطباء والخبراء في مجال الصحة، مؤكدين أن الدراسة التي أعلنت عنها الوزارة مخالفة للواقع، حيث صرح عبد القادر طرفاي طبيب جراح وباحث في قانون الصحة والأخلاقيات بجامعة ليون 3 بفرنسا والكاتب العام للنقابة الوطنية لقطاع الصحة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل لـ “المشعل” أن “وزير الصحة تكلم عن أرقام دقيقة وهذا كلام ليس مبنيا على أي أساس، لأن الوزارة ليست لديها معطيات دقيقة في هذا المجال، كما ليست لديها معطيات دقيقة في مجالات أخرى، هذه أرقام مبنية على تخمينات” وأضاف طرفاي “إذا قلنا 42 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية يعني أن 42 في المائة من أعضاء الحكومة يعانون من أمراض نفسية، يعني أننا نعيش كارثة لأنهم مغاربة وليسوا استثناء. حسب تصريح وزير الصحة. ورئيس الحكومة بصفته طبيبا نفسانيا يجب أن يقوم بتشخيص عاجل لطاقم حكومته عند الاجتماع بهم”، وعندما سألنا الطبيب والنقابي والباحث طرفاي: لماذا كذبتم أرقام الوزير أنس الدكالي؟ قال: “لا توجد هناك دراسات ولا معطيات دقيقة حول وضعية الأمراض والاضطرابات النفسية بالمغرب، إنما ما هو مؤكد أن هناك نوعا من الضغط النفسي في المجتمع نتيجة ضغوطات يومية لدى المواطنين نتيجة الظروف الصعبة للعيش”. وفي رده على قول أنس الدكالي بأن الأرقام حسب مسح وطني للسكان، أوضح طرفاي أن “هذا المسح ليس معتمدا لأنه يعتمد على عينة من المواطنين ويتم اختيارها بشكل من الأشكال، ولا يمكن لتلك الأرقام أن تؤخذ بعين الاعتبار، والدراسات التي تقوم بها مديرية السكان في وزارة الصحة تكون بتمويل خارجي والمعطيات هي لتلبية رغبات الناس الذين مولوا الدراسة، وجميع الدراسات والمسوح الصادرة عن مديرية السكان التي تم تغيير مديرها الذي أصبح اليوم مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، كانت دراسات فيها نوع من الفوضى وكان هنالك تهافت على تعويضات المنظمات الدولية، فهي فاقدة للمصداقية بدليل أنه لا علم للعاملين بالقطاع بهذا النوع من المسوح، بالتالي نتساءل ما هي العينة التي تم استجوابها؟.”
    سؤال الطبيب والباحث والنقابي، طرحناه على عبد الجبار شكري الدكتور و الباحث في علم النفس وعلم الاجتماع، الذي أكد بدوره أن  “نسبة 42 في المائة غير صحيحة وربما الرقم يقارب 90 في المائة، لأن هنالك عدة إحصائيات قام بها طلبة كلية الطب بالدار البيضاء والمتعلقة ببعض الأطباء الذين يدرسون في علم النفس المرضي، وكانت الإحصائيات بالفعل صادمة، ويكاد يكون أغلب المغاربة تقريبا (80 في المائة) يعانون من أمراض نفسية، وأكبر مرض منتشر بين المغاربة هو مرض الاكتئاب ويليه الوسواس القهري، ثم مجموعة من الأمراض النفسية الأخرى..
    الخبير في الصيدلة والدواء عبد المجيد بلعيش له رأي مقارب للآراء السابقة، وصرح لـ “المشعل” أن الأرقام غير صحيحة لأنها تفتقد إلى المنطق العلمي الذي يقتضي إجراء دراسة وبائية شاملة تصرف عليها أموال ضخمة بالمليارات، وأمام ضعف الإمكانيات فإن مديرية السكان تجري إحصائيات متفرقة في بعض المدن، وتعلن أنها دراسة وطنية، في حين أنها غير حقيقية، لأن نسبة المرض لا تكون متقاربة بين المدن لعدة اعتبارات، إذن أرقام المديرية ما هي إلا تخربيق” خلاصة استنتجها بلعيش. مضيفا أن “هنالك عوامل عدة على رأسها البطالة وغلاء المعيشة والولوج إلى التعليم والخدمات الأساسية والكبت الجنسي وغيرها تجعل الرقم أكبر مما أعلنه الوزير بكثير، كما يمكن أن يكون الرقم أقل في غياب دراسة علمية بالحجج والأدلة وبدقة متناهية”.  فالعوامل حسب بلعيش متوفرة ليعيش المغاربة جملة من الاضطرابات النفسية، خاصة مع انتشار المخدرات وانعدام مراكز معالجة الإدمان، لكن استهلاك الأدوية حسب الخبير يمكن أن تعبر عن الواقع الصحي..
    لاستجلاء حقيقة 42.1 في المائة من المغاربة الذين يعانون من أمراض نفسانية، ووقوفا على الواقع، خاصة أن أغلب الخبراء والأطباء المصرحين أكدوا أن النسبة أكبر بكثير مما أعلنه أنس الدكالي، قمنا بتحقيق شمل العدد الإجمالي لعلب الدواء لمعالجة أمراض نفسانية والتي بيعت للمغاربة في سنة 2017، فلنتابع..

     

    المغاربة يستهلكون سنويا 452 مليون علبة دواء لأمراض نفسانية وعقلية بقيمة إجمالية تصل إلى 81 مليار

     

    42.1 في المائة من المغاربة مرضى نفسانيون، 26.5 بالمائة يعانون من الاكتئاب، و9 بالمائة من اضطرابات القلق، 5.6 بالمائة يعانون من اضطرابات ذهنية و1  في المائة من الانفصام (السكيزوفرينيا)، هذا ما قاله وزير الصحة أنس الدكالي مؤخرا تحت قبة البرلمان، هذا الرقم كذبه عدد من الباحثين والخبراء، مؤكدين انعدام دراسة علمية في المجال، بل ذهب بعضهم إلى القول أن 80 في المائة من المغاربة مرضى نفسانيون..
    “المشعل” وحسب مصادر مطلعة، حصلت على أرقام حصرية لعدد علب الدواء للأمراض النفسانية المختلفة التي اقتناها المغاربة في سنة 2017، وهي أرقام رسمية صادرة عن منظمة “Emiss” الخاصة بقطاع الصيدلة، والتي تجري مسحا لعدد الأدوية التي باعتها الصيدليات ، فهي أرقام دقيقة بنسبة 97 في المائة، وسرية لأنها تقدمها للمختبرات، وللباحثين في اقتصاد الأدوية وإنتاج الدواء لكن برخصة، فلنتابع الجداول:
    < الاستهلاك الإجمالي للأدوية النفسية والعقلية (médicaments psychotropes) في الصيدليات المغربية في سنة 2017:

    هذه الإحصائيات التي يجريها مركز متخصص في الإحصائيات الدوائية، يتم استخلاصها من دفاتر الصيدليات، وهي عبارة عن كنانيش يسجل فيها الصيدلي رقم البطاقة الوطنية للمريض النفساني ونوع الدواء العقلي الذي اقتناه والوصفة الطبية والطبيب المعالج، وهي دفاتر مفروضة على كل صيدلية في المغرب، مخافة بيع هذه الأدوية لتجار ومستهلكي أقراص الهلوسة، وإذا لم تنجزها صيدلية ما تتعرض لعقوبات ومنها الإغلاق، بالتالي فإنها تعبر عن واقع الصحة النفسانية والعقلية للمغاربة، مع اعتبار أن عددا من الأدوية لأمراض نفسانية تباع في السوق السوداء عن طريق التهريب، على شكل أقراص الهلوسة المخدرة، والتي يستخدمها فئة من المغاربة كمخدر قوي وخاصة الأقراص الحمراء “بولا حمرا” أو حبة “القرقوبي” التي تحول متناولها إلى شخص يعاني من أمراض نفسية وعقلية خطيرة، وجاءت الدراسة الصادمة لتؤكد أن المغاربة استهلكوا في سنة 2017 بطريقة قانونية وبفحص طبي 452 مليون علبة دواء لأمراض نفسية وعقلية، في مقدمتها مرض الاكتئاب الذي باعت منه الصيدليات 219 مليون علبة، بما قيمته 39 مليار سنتيم، حيث بلغت قيمة ما أنفقه المغاربة على الأدوية النفسية والعقلية 81 مليار سنتيم في سنة واحدة، وهو رقم كبير جدا، يؤكد أن الرقم الذي قدمه أنس الدكالي (42.1 في المائة) متواضع، وأن النسبة قد تكون مضاعفة في غياب دراسة علمية دقيقة، فهل يمكن القول أن أغلب المغاربة مرضى نفسانيون؟ وما هي أسباب انتشار الأمراض النفسية والعقلية في صفوف المغاربة؟.

     

     

    المغاربة يعانون من  الاكتئاب و اضطراب الهلع ومن الرهاب الاجتماعي ولا علاج

    في معرض حديثه أمام النواب، أكد وزير الصحة أنس الدكالي أن العرض الصحي الحالي غير كاف لمعالجة الجميع، مع وجود 36 مؤسسة استشفائية قدرتها الاستيعابية تصل إلى 2232 سرير، وفقط 290 طبيب نفساني بين العام والخاص و1069 ممرضا، فيما بلغت  ميزانية الأدوية 90 مليونا. قبل سنة كان تقرير لوزارة الصحة كشف توفر المغرب على 197 طبيبا نفسي في القطاع العام، أي أن 93 إلى 117 طبيبا نفسيا هم فقط مجموع الأطباء الخواص، وهو رقم هزيل لعلاج أزيد من نصف المغاربة إن لم يكن أغلب المغاربة نظرا لكمية الأدوية وللدراسات الموازية التي تشير إلى نسبة 80 في المائة،  ما يمثل في المتوسط ​​0.63 طبيب نفسي لكل 100 ألف نسمة ، في حين أن المتوسط العالمي تبلغ نسبته 3.66 أطباء نفسيين لكل 100 ألف نسمة. فالواقع يؤكد أن وزراة الصحة لا تتوفر لا على بنية تحتية ولا رأس مال بشري، ولنتصور الواقع بالنظر مثلا إلى مدينة كبيرة مثل الجديدة، والتي ليس فيها سوى طبيب واحد في إدارة مستشفى محمد الخامس للأمراض النفسية، علما أن مدنا أخرى صغيرة تفتقد نهائيا لهذا التخصص، علما أن المغاربة يعانون من الاكتئاب و اضطراب الهلع، ومن الرهاب الاجتماعي. ومن القلق العام بما في ذلك الوسواس القهري، واضطرابات النوم والأرقام في هذا الجانب كبيرة جدا، يمكن أن تصل إلى 2 من أصل 4 إلى 3 من أصل أربعة..والأسباب متعددة..

     

     

    لهذه الأسباب.. المغاربة يعيشون جميعا اضطرابات القلق

    منظمة الصحة العالمية تعرف الأمراض النفسانية والعقلية  بالإعاقة النفسية، يسري عليها ما يسري على المعاق العضلي، حيث تلزم إعانته والاعتناء بصحته وتوفير المستلزمات الضرورية لعيشه، والمغرب صادق على المعاهدة الدولية للإعاقات النفسية في سنة 2009، كما صادق مجلس الحكومة في سنة 2016 على مشروع قانون رقم 71.13 المتعلق بـ”مكافحة الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها”، وبالرغم من الانتقادات التي وجهت لهذه المسودة فإنها لم تر النور، ومن الانتقادات تغليبها الجانب المؤسساتي على حساب حقوق المريض النفسي التي من شأنها تسهيل اندماجه في المجتمع، ومن ذلك التنصل من الحفاظ على حقوق المعاق نفسيا مثل التكفل المادي والمعنوي بشراء الأدوية والتغطية الصحية والعلاج الطويل الأمد عن طريق توفير مرشد نفسي واجتماعي يزور المرضى في منازلهم، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع لأنهم يصبحون عالة على الأسر، فالحكومة هي المسؤولة بنسبة كبيرة عن أمراض المغاربة النفسية، نتيجة سوء الخدمات وغياب التشغيل والمرافق الصحية والمساكن المريحة للمواطنين، بالتالي فإنها تجني ما حصدته، بتحويل أغلبية المغاربة إلى مرضى نفسانيين، يقول الدكتور عبد الجبار شكري لـ”المشعل” الأمراض النفسية تعود إلى “اختلالات بيولوجية كيميائية في الدماغ البشري، ولكن ترجع أيضا إلى تناول المخدرات المنتشرة بكثرة في فئة الشباب وخاصة القرقوبي وأنواع أخرى من حبات الهلوسة التي تؤذي فعلا إلى ما يسمى بالأمراض الذهانية، خصوصا انفصام الشخصية، وما يسمى بالأمراض العصابية كالقلق والخوف والهستيريا والاكتئاب والوسواس القهري الناتجة عن الضغط النفسي” ويضيف قائلا: “الفضاء العام في المغرب هو فضاء مكتئب صراحة، ومحبط ولا يبعث على الأمل، حيث أن المغاربة يعيشون جميعا اضطرابات القلق، الناتج عن ضعف القدرة الشرائية للمغاربة، بالإضافة إلى البطالة ولا توجد أسرة ليس لديها ابن عاطل وهذا تأثير سيء لكل أسرة ترى أن الابن يقدم لها العون، وخاصة الفقراء الذين يدرسون أبناءهم”، فالآفاق المسدودة والغامضة والمخيفة عوامل تؤدي الى ارتفاع نسبة الأمراض العصابية، حسب الدكتور شكري المتخصص في الطب النفسي، وواقع التنمية في المغرب الذي يسير سير السلحفاة يضغط على نفسية المغاربة، كما أن غلاء فاتورة الكهرباء والمحروقات والتعليم والصحة وكثرة القروض التي تثقل الموظفين ولا يستطيعون أداءها تدفع إلى الاكتئاب والرهاب والقلق وقد تؤدي تلك الأمراض إلى الانتحار في بعض الحالات، وذلك في غياب العلاج، ولجوء الكثير من الأسر إلى العرافات والرقاة الشرعيين والأولياء مثل بويا عمر وشمهاروش وعائشة البحرية وغيرها، اعتقادا منهم أن المريض يعاني من مس شيطاني أو مصاب بالسحر والعين وغيرها من الاعتقادات، وهذا ما يزيد من الطين بلة، ويعيد المغرب سنوات ضوئية للوراء بجلب طرق بدائية في العلاج الطبي النفسي، وهذا ما يجعلنا في ذيل دول العالم في التنمية البشرية كل سنة..فهل المسؤولون على قطاع الصحة واعون بهذه المخاطر؟!.

     

    * عبد الجبار شكري

     

    المغربي يعيش في توتر دائم خوفا من المستقبل

    أول عامل على الصحة النفسية هو الاستقرار النفسي، والذي يتأتى من عدة عوامل، فالمواطن في الدول الغربية لا يعاني من الأمراض العصابية فهي قليلة جدا، لأن الشخص يحس أنه مواطن وله قدرة مادية للعيش، فالكل متوفر من حيث العمل والترفيه والعيش، لكن المغربي يعيش في توتر دائم خوفا من المستقبل ، أول حالة هي الخوف من المرض في أية لحظة من اللحظات، دون أن يكون هنالك تغطية صحية كافية، ثانيا لا يوجد الحد الأدنى للعيش الكريم لدى فئة واسعة من المغاربة، كمصاريف التنقل وفواتير الماء والكهرباء وغيرها، والفضاء العام المغربي مكتئب لأن المغربي في كل لحظة يكون محاطا بالسرقة والكريساج والحوادث وأيضا لا يشعر أنه في مجتمع محمي، كما لو أنه في غابة لا يعرف مصيره، فالجو العام هو الذي يؤدي إلى هذه الأمراض النفسية.
    لا توجد تغطية صحية في الأمراض العضوية في جميع المستشفيات فما بالك بالتغطية النفسية لا المعدات والأدوية ولا الطاقم الطبي، والأرقام التي أعلنها الوزير هي ذر للرماد في العيون، ولا تعني الحقيقة فالتغطية الصحية النفسية ضعيفة لاتصل حتى للحد الأدنى، والدليل هو عدد المختلين العقليين الذين يجوبون الشوارع بدون تطبيب ولا حماية. وحادثة القطار خير دليل، لأن المواطنين الذين رأوا الرؤوس والأعضاء البشرية تتطاير والدماء في كل مكان يحتاجون إلى رعاية نفسية عاجلة، لكن لم يتم الانتباه إليهم وعلى رئيس الحكومة الطبيب النفسي أن يعالج نفسه وأن يعالج حكومته لتكون في مستوى طموحات المغاربة.

    * دكتور باحث في علم النفس وعلم الاجتماع


    * عبد القادر طرفاي

    أرقام أنس الدكالي عن الصحة النفسية للمغاربة خاطئة وتفتقر للمعطيات العلمية

    40 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية حسب وزير الصحة ما هو تعليقكم؟

    وزير الصحة تكلم عن أرقام دقيقة وهذا كلام ليس مبنيا على أي أساس، لأن الوزارة ليست لديها معطيات دقيقة في هذا المجال، كما ليست لديها معطيات دقيقة في مجالات أخرى، هذه أرقام مبنية على تخمينات، الواقع غير ذلك، وإذا قلنا 40 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية يعني أن 40 في المائة من أعضاء الحكومة يعانون من أمراض نفسية، يعني أننا نعيش كارثة لأنهم مغاربة وليسوا استثناء، يعني 40 في المائة من الوزراء يعانون من أمراض نفسية. حسب تصريح وزير الصحة. ورئيس الحكومة بصفته طبيبا نفسانيا يجب أن يقوم بتشخيص عاجل لطاقم حكومته عند الاجتماع بهم.

    لماذا كذبتم أرقام الوزير أنس الدكالي؟

    لأنه لا توجد هناك دراسات ولا معطيات دقيقة حول وضعية الأمراض والاضطرابات النفسية بالمغرب، إنما ما هو مؤكد أن هناك نوع من الضغط النفسي في المجتمع نتيجة ضغوطات يومية لدى المواطنين نتيجة الظروف الصعبة للعيش.

    ولكن الوزير أكد أن الأرقام حسب مسح وطني للسكان؟

    هذا المسح ليس معتمدا لأنه يعتمد على عينة من المواطنين ويتم اختيارها بشكل من الأشكال، ولايمكن لتلك الأرقام أن تؤخذ بعين الاعتبار، والدراسات التي تقوم بها مديرية السكان في وزارة الصحة تكون بتمويل خارجي والمعطيات هي لتلبية رغبات الناس الذين مولوا الدراسة، وجميع الدراسات والمسوح الصادرة عن مديرية السكان التي تم تغيير مديرها الذي أصبح اليوم مدير الوكالة الوطنية للتامين الصحي، كانت دراسات فيها نوع من الفوضى وكان هنالك تهافت على تعويضات المنظمات الدولية، فهي فاقدة للمصداقية بدليل أنه لا علم للعاملين بالقطاع بهذا النوع من المسوح، بالتالي نتساءل ما هي العينة التي تم استجوابها؟
    وليست هنالك دراسات دقيقة ولا دراسة في الموضوع، وكل ما هنالك أن هناك اضطرابات نفسية نتيجة ضغوطات المواطنين اليومية في النقل والشارع والعمل وفي الخدمات الصحية والسكنية وغيرها. ولم نسمع قط عن استراتيجية للحكومة لمواجهة هذه الأمراض النفسانية.

     هل ظاهرة الأشخاص المصابين بأمراض عقلية في الشارع تعكس فشل الحكومة في مواجهة الظاهرة؟

    تم تشتيتهم من بويا عمر دون أن يتم إعداد بدائل لإيوائهم بالتالي كان ما قام به الوزير السابق الحسين الوردي مجرد جعجعة في طحين، وانعدام استراتيجية والصعوبة التي يعانيها العاملون في الميدان بسبب الاكتظاظ وقلة الإمكانيات ولعل الأحداث التي تعرفها هذه المستشفيات من محاولة الاعتدال أو القتل ضد ممرضين في المستشفيات النفسية بفعل الاكتظاظ، فهنالك حالات كثيرة لممرضين تعرضوا للاعتداء والقتل وهنالك متابعات قضائية وأسوق مثالا ممرض في بني ملال تحمل مسؤولية عملية قتل مريض لمريض آخر، وتم تحميله المسؤولية في حين أن المصلحة التي هي معدة لاستقبال 26 من المرضى فقط كان فيها ساعة وقوع الحادث ما يزيد عن 56 من المرضى، يعني أكثر من الضعف الذي يمكن أن تأويه، وبالتالي فإن المرضى الخطيرين لا يمكن عزلهم لأن أماكن العزل قليلة، والحكومة لم تتخذ أي إجراء لسد الخصاص، خاصة أن الطبيب النفساني يحتاج إلى 14 سنة في التخصص (بكالوريا + 14 سنة) الممرضين (بكالوريا + 3) سنوات، بمعنى ليست هنالك استراتيجية للاعتناء بهذا الجانب، وهذه البهرجة لوزير الصحة كما سابقه ليس سوى مجرد كلام ولا توجد استراتيجية.

    هل الرقم أكبر مما أعلنه الوزير أم أقل؟

    عدد المرضى النفسانيون في المغرب أكبر  بكثير مما تحدث عنه وزير الصحة، لأننا نلاحظ مرضى في الشارع مهملين، ومرضى يتم جلبهم إلى مستشفيات دون إمكانيات علاجهم ويطلقون في الشارع، وهنالك مرضى يشكلون خطرا على أنفسهم وعلى السكان تجلبهم السلطات إلى المستشفيات ونظرا للاكتظاظ يتم تسريحهم في الشارع، أي أن هنالك غياب إستراتيجية، والوزارة تتحدث لتبرير الأموال التي تلقتها من الخارج، وأنا أسائل الوزارة ما هو البديل الذي قدموه بعد إغلاق بويا عمر؟ ولماذا يتم تسريح الأطباء بالاستقالات وبالتقاعد المبكر؟ أي غياب استراتيجية واضحة وكل الأمر تصريح وكلام في كلام.. وأرقام خاطئة تفتقر للمعطيات العلمية.

    * طبيب جراح وباحث في قانون الصحة والأخلاقيات والكاتب العام للنقابة الوطنية لقطاع الصحة

     


    * عبد المجيد بلعيش

    الإحباط  في صفوف الشباب بسبب البطالة وتعاطي المخدرات من أسباب الأمراض النفسانية المنتشرة

     

    الأمراض النفسانية منتشرة بشكل كبير في مجتمعنا لأسباب عدة على رأسها الإحباط  خاصة في صفوف الشباب بسبب البطالة وتعاطي المخدرات التي اكتسحت بشكل غريب، لأن المخدرات لها علاقة أيضا بارتفاع نسبة الإجرام، وأيضا الطبقات المسحوقة التي تعيش تحت نير غلاء المعيشة ، والشباب سواء تعلم أم لا فإن البطالة تنتظره، إذا هناك خوف من المستقبل وعدم القدرة على الزواج وفتح بيت وهي تراكمات تؤدي إلى الاكتئاب والقلق. والمشكل الكبير هو قلة الأطباء النفسانيين، بالتالي فإن لجوء المغاربة للسادات والأولياء للعلاج من الأمراض النفسية مثل بويا عمر وشمهاروش.. وهذا تغطية على فراغ في الصحة النفسية لوزارة الصحة، ثم هنالك عوامل اجتماعية وهو إقصاء المواطنين من الوصول إلى العلاج، والصمت عن الأمراض النفسية لأنه لا توجد ثقافة ووعي بهذه الأمراض، كما أن المريض لا يعلن عن مرضه خوفا من نعته بالحمق. وأريد أن أشير أن هنالك فرق بين القلق الذي هو ظاهرة عامة يصاب بها شخص من بين عشرة، ولكن القلق يتحول إلى خوف وإلى إقصاء بالتالي يرفض المريض الذهاب إلى الطبيب والعلاج، فالنظرة للمريض النفسي ليست هي النظرة في الخارج. كما تنقص الدراسات الوبائية الشاملة التي يمكن أن تحصر الأمراض المنتشرة في المجتمع  بشكل غريب.

    * خبير في الصناعة الدوائية

     


    * محمد بارودي

    عدد الأطباء النفسانيين في المغرب لا يتعدى 114 طبيبا

    سبق للوزارة أن أكدت من قبل أن المعدل هو 48 في المائة من المغاربة يعانون من أمراض نفسية، والمشكل ليس في الأرقام بل في عدد الأطباء النفسانيين في كل ألف نسمة، والذي هو رقم هزيل جدا، أما عن أسباب هذه الأمراض فتتجلى في الضغوط النفسية واضطرابات على مستوى الشخصية، وأمراض عقلية، لكن لا توجد توعية على المستوى الوطني للوقاية ولا برامج للتدخل عند الإصابة بالاضطرابات والأمراض العقلية، وخاصة المقاربة العلاجية الدوائية التي يقوم بها أطباء نفسانيون، وللأسف فإن عدد المستشفيات غير كافية، كما أن المتابعة تشمل فقط التشخيص وليس العلاج، علما أن عدد الأطباء في المغرب لا يتعدى 114 طبيبا نفسانيا، وما زاد في تعقيد المشكل هو بعض الصفحات الاجتماعية وبعض المواقع التي تقدم بعض الدخلاء على التحليل والعلاج النفسي ويتناولون هذه الأمراض النفسية ولا علاقة لهم بالمجال، ولا يقدمون وصفات علمية.

    * أخصائي في الطب النفساني

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الرباط : بوريطة يستقبل شقيق رئيس المجلس الرئاسي الليبي والوفد المرافق له