السوسيولوجي الحياني:السخرية تَحضُر في مرحلة كورونا كوسيلة للتنفيس ومواجهة الخوف

السوسيولوجي الحياني:السخرية تَحضُر في مرحلة كورونا كوسيلة للتنفيس ومواجهة الخوف

A- A+
  • كشف يونس الحياني، الباحث في علم الاجتماع، في حوار مع قناة “شوف تيفي”، عن أشكال جديدة من التضامن، ظهرت في المجتمع المغربي خلال المرحلة الاستثنائية التي يعيشها العالم عموما والدولة المغربية خصوصا، إثر الإجراءات الاحترازية التي أعلنت عنها السلطات لمواجهة انتشار فيروس كورونا.

  • =مع الحالة الاستثنائية التي يعيشها المغرب والعالم بأسرعه، هل يمكن الحديث أولا عن تضامن اجتماعي في المغرب، لمواجهة تداعيات وباء كورونا؟

    – بداية، من الصعب تقديم أجوبة دقيقة في هذه المرحلة وإنما فقط عناصر للتحليل لأن الأحداث متسارعة بشكل كبير، ويحتاج التحليل إلى إحاطة كبيرة بمجرياتها ومختلف أشكال التفاعلات التي تنسج في هذه الظرفية، كما يجب التمييز بين ما ينتج في مواقع التواصل الاجتماعي وما يحدث على أرض الواقع، فالحديث اليوم عن ضرورة التضامن الاجتماعي يبرز بقوة في الأشكال التالية: الابتعاد الاجتماعي وممارسة الحجر المنزلي ( باغي تضامن ابتعد عني وبقا فدارك باش متنقلش الفيروس لغيرك) ومن خلاله يحضر التضامن مع رجال السلطة والأطباء ومساعدتهم على التفوق في الحرب ضد كورونا، التضامن الثاني في تقديم الدعم المادي (الحاجيات الضرورية..) للفئات الأكثر تضررا بفعل الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، لكي تبقى في منازلها (مطالب بتوفير الحاجيات أو بحملات تطوعية يقوم بها أفراد أو جمعيات لصالح هذه الفئات، بالإضافة إلى تضامن رجال ونساء التعليم من خلال ضمان استمرارية العملية التعليمية عن بعد، وكذا تضامن أصحاب المصانع والفلاحين والتجار والباعة من أجل توفير واستقرار أثمنة السلع الضرورية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أشكال التضامن تختلف حدتها بحسب المدن والفاعلين الأساسيين في هذه اللعبة.

    = ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي العديد من المنشورات الساخرة من الحالة الاستثنائية التي فرضها انتشار فيروس كورونا؟ كيف تقرأون هذا التفاعل؟

    – هناك عدة قراءات ممكنة لفعل السخرية من المآسي والمصائب والكوارث، والتي تزداد بازدياد أشكال التعبير الإنساني، وأعتقد أن السخرية تحضر في هذه المرحلة كوسيلة للتنفيس ومواجهة الخوف وعدم اليقين وعدم القدرة على توقع ما سيحدث، وتكثر السخرية كلما كنا بعيدين عن المشكل، ومن الممكن أن تستمر حتى في عز الأزمة خصوصا عند غير المتضررين منها.

    =دعت السلطات المغربية المواطنين إلى المكوث في منازلهم بعد إعلان حالة الطوارئ، كيف ترون استجابة المواطنين لهذا الإجراء؟

    – لا يمكن معرفة طبيعة استجابة المواطنين لقرار السلطة بدقة، لأن الأمر فيه مجالان للتفاعل: 1- مواقع التواصل الاجتماعي: يلاحظ أن هناك تفاعلا إيجابيا مع هذا القرار وانتشارا لعبارة “جلس/ بقى فدارك”، كما أنه من النادر أن تلمح منشورا ضد هذا القرار إلا فيما يتعلق بمشكلة المتضررين واقعيا من هذا القرار: (الممارسون لمهن حرة، القطاع غير المهيكل، المياومون.. الفئات الفقيرة عموما) وهنا يتجه النقاش دائما نحو توفير ظروف مناسبة لتتمكن هذه الفئات من البقاء في منزلها.

    2- على مستوى الواقع: وهنا نقول إن مشكلة التزام هذه الفئة بالبيت سيكون على حساب توفير قوتها اليومي وضمان الحد الأدنى من الحاجيات الأساسية، لهذا فهي تتفاعل بحذر شديد (بين احترام القرار وخرقه) في انتظار حل معقول من طرف المسؤولين المباشرين والدولة عموما.

    =ظهرت بعض الفئات في مدن مغربية خرقت نظام حالة الطوارئ وخرجت إلى الشوارع، في نظركم كيف تقرأون هذا الفعل؟

    -أعتقد أن خروج هذه الفئة إلى الشارع (أغلبهم شباب) في بعض المدن طنجة، فاس وسلا… كان نتيجة مباشرة لارتفاع منسوب الانفعال الجماعي الذي حدث بعد واقعة التكبير في المنازل، ونحن نعرف أن الانفعال الديني يحضر بقوة في مثل هذه المناسبات لمواجهة الخوف والتنفيس عن الضغط الكبير الذي نعيشه، مع التأكيد أن حدث الخروج من المنازل تم في أحياء شعبية مكتظة بالساكنة، حيث تقل آليات الضبط الاجتماعي للأسر، خصوصا لفئة كبيرة من المراهقين والشباب الذين لهم خصائص مشتركة (الفقر، عدد مرتفع لأفراد الأسرة، يقطنون في بيت صغير، تعاطي المخدرات…) من الصعب ضبطهم وإلزامهم بالبقاء في البيوت، وبالتالي من السهل استقطابهم في مثل هذه الخرجات الانفعالية.

    =مع إعلان حالة الطوارئ والتدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات، عاد النقاش حول استعادة الثقة بين المجتمع والدولة، هل يمكن الحديث عن عودة الثقة أولا؟ ثم هل ستساهم هذه الحالة في عودة الوعي بالوطنية والانتماء للدولة؟

    من السابق لأوانه الحديث هكذا بإطلاقية عن استعادة الثقة بين المجتمع والدولة، لأن الأمر اليوم مرتبط فقط بحالة استثنائية تتطلب حدا كبيرا من التضامن بين الدولة والمجتمع لمواجهتها، والمجتمع المغربي عموما له من النضج التاريخي ما يجعله واعيا بهذه المسألة، فالمجتمع (نتحدث هنا عن الفئات التي لديها مشكل مع التسلط وممارسة القهر تحديدا) قد لا يرفض فكرة الدولة أو وجود سلطة، ولكن يرفض الشكل التقليدي والسلطوي للدولة/ السلطة، ويرفض كل ممارسات القهر والحكرة التي تراكمت لعقود وطبعت علاقة المخزن بالناس، ولهذا نرى أنه كلما برزت سلوكيات إيجابية تقوم بها السلطة تلقى ترحيبا من طرف الناس واحتراما لأصحابها كأشخاص أولا (القايدة حورية كمثال..) ثم للمؤسسة التي تحاول تقديم إشارات على كونها تطورت وأنها جزء من الشعب، وهذه الوضعية مرتبطة أساسا بالسياق الذي نعيشه، وخاضعة لطبيعة ممارسات السلطة وتفاعلها مع الأحداث ومدى احترامها للقوانين وللمواطنين.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي