نخبة عاجزة وكفاءات بلا وعي سياسي

نخبة عاجزة وكفاءات بلا وعي سياسي

A- A+
  • حين تحدث الملك محمد السادس في خطاب العرش، عن حاجة الحكومة وصناع السياسات العمومية والإدارات المغربية إلى الكفاءات، كان يتحدث عن الحاجة الملحة للدخول إلى مرحلة جديدة من تاريخ المغرب، تفرض مهام جسيمة ومسؤوليات ثقيلة، ولن تنهض بها إلا كفاءات وازنة قادرة على أن تعي اللحظة التاريخية الحاسمة من الزمن المغربي، وتمتلك مقومات تحدي العراقيل والصعوبات التي يمر منها المغرب وهو يبحث عن إقلاع اقتصادي يجعله في مصاف الدول المتقدمة، كما جاء في خطاب الملك في افتتاح الدورة البرلمانية في أكتوبر المنصرم..

    لم يكن الأمر يتعلق بمجرد أحلام بعيدة المنال، أو أوهام لإسكات المجتمع الذي أصبح أكثر إلحاحا في مطالبه بالكرامة وتجويد الخدمات وتخليق الحياة السياسية وجعل المواطن المغربي المهمش في قلب اهتمامات مختلف الفاعلين.. لذلك حين تم تنصيب حكومة سعد الدين العثماني بـ 26 وزيرا بكفاءات عالية، قلنا أنعم به وأكرم، ها هي الحكومة سوف تسير بمستوى الإيقاع الجديد الذي يفرضه العصر وتقتضيه مطالب المواطنين، وتسير في ذات المنحى التطوري الذي تحدث عنه الملك محمد السادس.. لكن ما إن مرت بضعة شهور على حكومة الكفاءات حتى تبين لعموم المغاربة أن الأمور لم تخرج عما كان يسير عليه البلد، وأن وثيرة اشتغال الوزراء بطيئة، وأن الكفاءات التي هلل لها الكثيرون لم تبرز بعد حنة يديها، وبعضهم لا زال تائها في وسط جلابيبه، ولا يغادر مكتبه ويقضي يومه في التوقيع على الوثائق الروتينية والاجتماعات العادية لتدبير اليومي..

  • نحن لا نحمل الحكومة الثالثة للعثماني كل كوارث البلد، فليست هي سبب الجفاف لهذه السنة، ولا هي من جعلت البطالة ترتفع إلى هذه المستويات، فالأمر بدأ على عهد الحكومة السابقة مع بن كيران بعد ضرب المكاسب الاجتماعية وإثقال كاهن ميزانية الدولة بديون ثقيلة غير مسبوقة حتى قيل إنها وصلت الخط الأحمر أو تكاد.. ولكن كانت انتظاراتنا واسعة وآمانينا بلا حدود، في أن تحدث حكومة الكفاءات ما يشبه الرجة في العمل الحكومي، وتعمل على تسريع الأوراش وإطلاق دينامية كبرى بإمكانها المساهمة في إعادة الثقة للمواطنين وفي تحقيق مكاسب تدريجية في إدارة الملفات والقضايا..

    أثناء حديث الوزراء الجدد أو مرافعاتهم في البرلمان للدفاع عن قضية أو مشكل مرتبط بقطاعهم الوزاري الذي يشرفون عليه، نلمس ضعف التكوين السياسي للعديد منهم، وافتقاد بعضهم للرؤى البعيدة لما يجب أن يكون عليه المغرب.. حتى بتنا اليوم نحس بالفعل أننا أمام قطار فائق السرعة تمثله المشاريع الكبرى المهيكلة التي يطلقها الملك والتدبير الاستراتيجي للقضايا الحيوية التي يدير بها رئيس الدولة شؤون المملكة، ووعي مجتمع يسبق النخب السياسية ومطالبه ذات بعد استعجالي وأحلامه بلا حدود في أن يرى بلده إلى جانب مصاف الدول المتقدمة، وبين حكومة الكفاءات التي يبدو وزراؤها “دايخين وتالفين، كما لو أنهم ما زال تيدوزو السطاج واش غيتقبلو فالخدمة ولالا؟”

    والعيب كل العيب في الأحزاب السياسية التي قدمت أغلب هذه الوجوه التي بعضها لا نعرف عنهم شيئا، لا هم قدموا مشروعا ولا نزلوا من مكاتبهم ليزوروا قطاعاتهم الوزارية عوض الجلوس في مكاتبهم الفاخرة والمكيفة، جل وزراء الكفاءات يفتقدون التكوين السياسي، والبعض منهم لا زال في طور دراسة حدود القطاعات التي يشرف عليها، والملفات المرتبطة بالوزارة التي يديرها.. ونتسناو حنا عام الفيل باش هاذ الوزراء يبينو لينا أنهم حقا كفاءات حقيقية ليس بالدبلومات العليا التي حصلوا عليها من معاهد أجنبية مرموقة، بل بفهمهم أين يسير المغرب ويدفعوا بدورهم عجلة بلدهم إلى الأمام، فالمرحلة الجديدة المعلن عنها لن تنتظر حتى يتحرك وزراء الكفاءات.. ونوضو خرجو من مكاتبكم وعرفو الحاجيات المستعجلة للمواطنين في القطاعات التي تشرفون عليها لو أردتم أن تتركوا بصماتكم في تاريخ هذا الوطن..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    أمطار قوية: الشركة الوطنية للطرق السيارة توصي مستعملي الطريق بالحذر