العثماني يداوي الفساد بـ”عفا الله عما سلف”

العثماني يداوي الفساد بـ”عفا الله عما سلف”

A- A+
  •  

    مرة أخرى، يشهر رئيس الحكومة  شعار  عفا الله عما سلف ، اتجاه المفسدين ولصوص المال العام، وفي الوقت الذي يطالب فيه الرأي العام بربط المسؤولية بالمحاسبة وشفافية تدبير المرفق العام ومحاربة الفساد كيفما كانت أشكاله، لجأت الحكومة خلال تقديممشروع قانون المالية لسنة 2020″، إلى سياسة الإبراء المالي أي  عفا الله عما سلف  طمعا في استرجاع بعض الملايين من الدراهم مقابل الإعفاء من المخالفات المنصوص عليها في مدونة الضرائب والعقوبات التي فرضت على كل من تهرب من الضرائب أو هرب أمواله بدون حق، وفي تبرير حكومة سعد الدين العثماني لذلك أكدت أن إطلاق عملية التسوية التلقائية للممتلكات النقدية المنشأة بالخارج مقابل أداء مساهمة إبرائية يتم بموجبها إعفاء الأشخاص المعنيين من دفع الغرامات المتعلقة بمخالفة قانون الصرف.. العملية تهدف كذلك إلى إعفاء المعنيين بالأمر من أداء الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، وكذا الغرامات والجزاءات والرسوم الإضافية المفروضة على المخالفات المنصوص عليها في المدونة

  • هذا الأمر خلق رجة وسط البرلمانيين وغضبا واسعا في وسائط التواصل الاجتماعي، من جهة لأنه يكشف زيف الشعارات التي رفعها الحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة منذ 2011، والذي كان يردد عبارات محاربة الفساد والقضاء على الريع، وإحلال الشفافية والمحاسبة وغيرها مما انكشف زيفه ولم يعد ينطلي كذبه على أحد.. حكومة العثماني تقول إنها تريد أن تخلق مناخا من الثقة مع الملزمين وأن تسترد لصندوق الدولة ولو القليل مما تم تهريبه إلى الخارج، ولو ضد القانون، وإعفاء المعنيين من الغرامات والضرائب المتراكمة على الدخل لدى الأفراد كما لدى الشركات المعنية بشعارعفا الله عما سلف“.. ويجب التذكير أن رافع هذا الشعار هو عبد الإله بن كيران سنة 2012، حين قال: “ليس من الممكن محاربة اقتصاد الريع أو القضاء على الفسادلأن الأمربرأيهصعب ومعقد، وأنه لم يأت ليحملمصباحا ويبحث عن المفسدين في أركان الدولة.. لأن ذلك سيكون جريمة في حق الوطن“.. 

    المؤسف في الأمر أن سياسةعفا الله عما سلفلم تمكن حكومة عبد الإله بن كيران سوى من استرجاع 27.8 مليار درهم في نهاية سنة 2014، أي في حدود 12 إلى 15 بالمائة من حجم الديون المهربة إلى الخارج، وملياري درهم فقط من الرسوم الإضافية المترتبة عن تهريب هذه الأموال، فأين يوجد الربح الصافي لخزينة الدولة؟ وكيف أنه رغم شعارعفا الله عما سلف، استمر النزيف المالي وعملية تهريب الأموال إلى البنوك الأجنبية وتحويل جزء منها إلى عقارات واستثمارات خارج الوطن معظمها يتمركز في فرنسا وإسبانيا خاصة؟

    لقد شرعنت حكومة الإسلاميين الفساد بدعوى عدم الانتقام من المفسدين، وعبد الإله بن كيران كما خلفه سعد الدين العثماني افتقدا الشجاعة الأخلاقية التي يفرضها الالتزام بالشعارات التي رفعوها في حملاتهم الانتخابية حول وقف نزيف المال العمومي، والقضاء على الفساد ومحاربة المفسدين والضرب عليه بقوة، وافتقدا معا الشجاعة السياسية التي يفرضها أي مشروع لإصلاح البلاد.. والمبررات التي رفعها بن كيران هي عدم الانتقام وتشجيع الاستثمار وإشاعة أجواء الثقة والتي لم تربح منها خزينة الدولة الشيء الكثير، هي ذات المبررات التي رفعها اليوم سعد الدين العثماني، ونتساءل ما جدوى سياسة لم تجد نفعا في السابق، إذ رغم شعار عفا الله عما سلف استمرت عملية تهريب الأموال، والتهرب من الغرامات والضرائب التي يفرضها القانون..

    لنُسَم الأشياء بمسمياتها فحكومة سعد الدين العثماني اليوم لا يهمها ثقة المواطنين الذين صوتوا عليها، ولا تدخل في حسبانها مصالح عامة المغاربة الذين مع الشفافية والمحاسبة بلا روح انتقام وإنما عبر إقامة العدل وترسيخ دولة الحق والقانون، ومادام أن ما يهم إسلاميي العدالة والتنمية هو البقاء في الحكومة، فإننا نغسل عليها أيدينا حتى المرفقين، ورحم الله شعارات محاربة الفساد والشفافية والمحاسبة.. وسننتظر إحياءها لإعادة استعمالها في انتخابات 2021 مع ذات الوجوه المسؤولة في الحكومة اليوم والتي أقبرتها.. والله يلعن لي ما يحشم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    المتفرج الأمريكي يكتشف تاريخ المغرب الحديث من خلال فيلم “خمسة وخمسين”