دفاع توفيق بوعشرين..والرهانات الخاطئة

دفاع توفيق بوعشرين..والرهانات الخاطئة

A- A+
  • الذين يظنون أن النقيب السابق محمد زيان ينافح قانونيا عن المتهم توفيق بوعشرين، فهم إما خالصي النية حتى لا نقول “سذج”، أو أنهم يريدون حقا “إقبار” المتهم في غياهب السجن أمدا طويلا.

    فمنذ انطلاق هذه المحاكمة ذات ربيع من السنة الماضية، والنقيب السابق يترافع شفاهيا أمام عدسات كاميرا الصحفيين، في باحات المحاكم الخارجية، لا في قاعات الجلسات الداخلية، مبتغاه الوحيد والأوحد شغل النقاش العمومي واستمالة الرأي العام الوطني.

  • وفي مقابل هدير الكلمات البديئة التي كانت تصدر عن الرجل، مشنفة الأسماع ومالئة الأصقاع، من قبيل خاصرة “الطن والنصف”، و”الزنطيط الذي يصل باريس”، كان النقيب السابق يلج قاعة جلسة المحاكمة مجردا من كراريس القانون، غير عابئ بالتشريع الجنائي الشكلي ولا الموضوعي، وماسكا فقط معولا لتقويض المحاكمة ومجرفة يدك بها دكا المسطرة القضائية على رؤوس الحاضرين. لكن للأسف شظايا الهدم لا يكتوي بها المحامي ولا القاضي ولا كاتب الجلسة ولا المراقب الدولي، وإنما “الضحية” هو من يحرمه محاموه من مناقشة قانونية عادلة لصك الاتهام.

    فمن المسؤول عمليا عن إطالة زمن محاكمة توفيق بوعشرين، وتراخي مدة الاعتقال ما قبل الحكم؟ أكيد أن المحامي محمد زيان ومن معه سيحملون المسؤولية للنيابة العامة، مستندين في ذلك على الرأي الاستشاري لفريق العمل الأممي حول الاعتقال التعسفي، الذي يؤسس رأيه على المصادر المتاحة وليس على الوقائع المرتكبة، بيد أن الجواب الصحيح هو أن المسؤول الحقيقي عن هذا الإرجاء الممنهج هو النقيب السابق، الذي كلما دخل الجلسة إلا ورفعها القاضي، وكلما تناول الدفاع إلا وتعطلت الجلسة، ليس إمعانا في التأخير أو استهدافا لشخصه، ولكن لتهدئة الأوضاع وتصفية النفوس التي يعكرها دائما كلام وتصرفات النقيب السابق.

    فالذي يجهله محمد زيان أن كل يوم كانت تتأجل فيه محاكمة توفيق بوعشرين، بسبب مناوشاته ومخاصماته مع الضحايا ومحامو الطرف المدني والقضاة، إنما يختصم من حرية المتهم، ويطيل أمد اعتقاله في مرحلة ما قبل المحاكمة، وهي أمور إن كانت في صالح المحامي الذي ” يتبرز” أمام كاميرات الإعلام، ويشحذ لشعبيته قاعدة جديدة، فإنها لا تخدم مصالح المتهم الذي تضيع عليه فرص المناقشة القانونية لملفه، بسبب نزوع المحامي إلى السياسة والسجال بعيدا عن المرافعة القانونية الصرفة.

    وكمثال واقعي على الأضرار العرضية والجانبية التي تسبب فيها بعض أعضاء هيئة دفاع توفيق بوعشرين، وهي أضرار كثيرة ومتعددة، يمكن الاستشهاد على سبيل المثال لا الحصر بالمدة الطويلة التي استغرقتها الخبرة التقنية المنجزة على التسجيلات التي قدمتها النيابة العامة كوسائل إقناع مادية في مواجهة المتهم توفيق بوعشرين، وهي المدة التي اختصمت من حرية هذا الأخير. فقد كان حريا بالأستاذ محمد زيان وفريقه مناقشة الوقائع التي توثقها تلك التسجيلات، مع محاولة التفريق بين الممارسة الرضائية والإيلاج القسري، وأن يعرضوا على المحكمة إثباتات ترفع تهمة الاتجار بالبشر عن موكله، إلا أنهم اختاروا الطريق الخطأ وانبروا يتحدثون عن تسجيلات مفبركة، فما كان أمام المحكمة إلا الأمر بإجراء خبرة تقنية، استغرقت مدة طويلة زادت في أمد اعتقال المتهم، وانتهت في الأخير إلى تأكيد صدقية ومصداقية تلك الأشرطة والتسجيلات.

    فمن المسؤول إذن عن الإضرار بحقوق توفيق بوعشرين؟ ومن يضيع عليه حقوقه في المحاكمة العادلة؟ ومن يزيد من أمد اعتقاله؟ أكيد أن النقيب السابق محمد زيان سيكون حاضرا، ولاعبا دور البطولة، في معرض الأجوبة عن كل هذه التساؤلات.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
     طقس اليوم الجمعة: حار نسبيا كما يتوقع انتشار كتل ضبابية محلية بمناطق الغرب