بداية صحوة النخبة الجزائرية في ملف الصحراء المفتعل

بداية صحوة النخبة الجزائرية في ملف الصحراء المفتعل

A- A+
  • برغم استعمال عسكر الجزائر لكل أساليب الضغط من الإغراء إلى الترهيب في قضية الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية، لتحقيق إجماع قمعي للجزائريين حول دعم الجنرالات الذين تحولت لديهم معاكسة المغرب إلى عقيدة، من التسابق نحو التسلح إلى الترامي على الرموز الثقافية المغربية من زليج وقفطان وكسكس، إلى معاكسة قضاياه في المحافل الدولية… فإن أغلبية الشعب الجزائري ليسوا على عقيدة حكامهم في قضية الصحراء المغربية، وضد الكلفة المرتفعة لدعم نظامهم لجبهة بوليساريو على حساب قوتهم اليومي والمعاداة المجانية للبلد الجار الذي تربطهم به أكثر من آصرة، وحتى بين النخبة الجزائرية، كثيرا ما كان زعماء أحزاب بل ورؤساء جزائريون يعبرون عن موقف مغاير من نظام العسكر يحاكي حقيقة التاريخ وواقع الجغرافيا المؤكدة لمغربية الصحراء، البعض من هؤلاء أدى إعلان موقفه الصريح من مغربية الصحراء إلى تصفيته الجسدية على رؤوس الأشهاد كما في حالة الرئيس الجزائري الراحل محمد بوضياف، أو إلى الاعتقال والسجن باستخدام ملفات مختلقة للإدانة كما حالة الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي صرح في حوار شهير في أكتوبر 2019 : “أنا في الحقيقة، أعتبر من الناحية التاريخية، أن الصحراء مغربية وليست شيئا آخر، واقتطعت من المغرب في مؤتمر برلين، وفي رأيي أن الجزائر التي تدفع أموالا كثيرة للمنظمة التي تُسمى البوليساريو منذ أكثر من 50 سنة. دفعت ثمنًا غاليًا جدًا دون أن تقوم المنظمة بشيء أو تخرج من عنق الزجاجة”. وعلى ذات المسار سار علي بلحاج القيادي الكبير في جبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية.

    إن الأمر أشبه بعودة الوعي للنخب الجزائرية التي اعتنق بعضها الصمت وانخرط بعض منها في الأسطوانة المشروخة لعسكر الجزائر حول دعم حركة البوليساريو. آخرها ما عبر عنه عبد الرزاق مقري، القيادي الإسلامي الجزائري والرئيس السابق لحزب “حركة مجتمع السلم”، الذي انتقد غياب النقاش الوطني في الداخل الجزائري حول النزاع المفتعل في قضية الصحراء، وأدان ما أسماه “استماع الجزائريين إلى كلام واحد مكرور في وسائل الإعلام ومن قبل المتدخلين الإعلاميين، (كلام) يُقولب العقول ويشكل غفلة كبيرة لدى الجزائريين عما يحاك عندنا وفي العالم، ولا يؤهل المواطنين للتعامل المسؤول مع التحولات والأزمات ويجعل الجميع تابعين لا رأي لهم”.

  • وأضاف عبد الرزاق مقري “الاهتمام المتصاعد لواشنطن بحل مشكل الصحراء يدل على أن هذا البلد قد قرر الحسم في الموضوع”، وحسب الزعيم الإسلامي الجزائري فإن “الدمج بين المحافظة على مبدأ تقرير المصير والدفاع عن المقاربة المغربية من قبل الأمريكيين، وكتابة هذه المقاربة في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في أكتوبر الماضي كخيار من الخيارات، وتداول الموضوع مع الصحراويين من قبل ديميستورا، يدل على أن المقصود من المحافظة على مبدأ تقرير المصير في ما يقوله الدبلوماسيون الأمريكيون والأمميون إنما هو الدفع ليتجه نحو مقاربة الحكم الذاتي، وأن على البوليساريو أن تقبل ذلك، وعلى الجزائر وموريتانيا المساعدة عليه”…

    وبرأي مقري فإن الصرامة التي يتحدث بها الأمريكان لا تدل على أن ثمة خيارا آخر جوهريا يمكن التفكير فيه غير مقاربة الحكم الذاتي المغربية، مستشهدا بما قاله من الجزائر مساعد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن جوشوا هاريس بشكل لا لبس فيه خلال المقابلة الصحافية التي أجراها مع وسائل إعلام جزائرية، أن “الولايات الأمريكية المتحدة تعتبر أن مقترح الحكم الذاتي المغربي مقترح جاد وواقعي وذو مصداقية، ويمثل مقاربة محتملة يمكنها أن تستجيب لتطلعات الشعب الصحراوي”، الآن قد حصحص الحق حيث شهد شاهد من أهلها، فيما يشبه عودة الروح للنخبة الجزائرية لقول الحقيقة فقط بدون محاباة لا كابرانات الجزائر ولا المغرب، فقط الحقيقة بلا زيادة ولا نقصان.

    سواء كان عبد الرزاق مقري، القيادي الإسلامي الجزائري والرئيس السابق لحزب “حركة مجتمع السلم” صادقا في انتقاده للإجماع القمعي لنظام العسكر حول الصراع المفتعل في ملف الصحراء المغربية، واستهجانه أسلوب عسكر الجزائر في طمس الحقيقة عن الشعب الجزائري وتزييف الوقائع في أبواق الدعاية الإعلامية التي تسبح باسم الكابرانات، أو استخدم ورقة ملف موجع لدى النظام الجزائري، بعد تعرضه للمنع من مغادرة التراب الوطني في سياق تعبيره عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، فإن موقفه يظل هو موقف عامة الشعب الجزائري، بل ويعكس اللاوعي العميق للحقيقة التي تؤمن بها النخبة الجزائرية قاطبة بما فيها أولئك الذين يدورون في فلك الطغمة الحاكمة بالجزائر، فهل تكون تصريحات عبد الرزاق مقري بداية صحوة هذه النخب لامتلاك وعي نقدي بدل سياسة التضبيع التي ينهجها القادة الجزائريون الذين ينتعشون من ملف الصحراء المغربية.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    عزيز أخنوش رئيس الحكومة يتباحث مع المدير العام لمنظمة العمل الدولية