لماذا فشلت المدرسة المغربية؟

لماذا فشلت المدرسة المغربية؟

A- A+
  • بعد التقارير المنجزة حول التعليم من لدن فاعلين مختصين ولجان وهيئات معنية، وما نلاحظ من تدهور المدرسة العمومية المغربية واندحار مستوى المتمدرسين، والشكاوى المرتفعة هنا وهناك حول تراجع مستوى التعليم.. علينا أن نعترف بالحقيقة، برغم بعض نقط الضوء التي تحققها كفاءات مغربية خرجت من المدرسة العمومية، فإننا يجب أن نواجه السؤال الحارق حول تخلف مدرستنا وعدم قدرتها على تأهيل الأجيال القادمة لتنخرط في عصرها مسلحة بالمعرفة والتربية وبأدوات العلم للانخراط في زمنها والمساهمة في تحدي التنمية وتحقيق الريادة، لأن المدرسة هي المنبت الذي تتكون فيه مختلف الطاقات التي يحتاجها المغرب حالا ومستقبلا.

    من المسؤول عن فشل مدرستنا الوطنية؟

  • اعتدنا في المغرب الهروب من تحمل المسؤولية في هذا الباب، فالدولة تلصق الفشل بالأحزاب السياسية، والأحزاب تلصقها بالدولة، والحكومة ترجعها للأساتذة والنقابات، والأساتذة يحملونها للتلاميذ وأسرهم التي لم تعد معنية بمراقبة تحصيل أبنائها، وهكذا ندور في دوامة مفرغة لتحصيل الأجوبة، لأننا لا نريد التخلي عن نرجسيتنا، ليتقاسم كل واحد منا حدود تدخله في فشلنا الجماعي في التعليم ووصول المدرسة العمومية إلى هذا المنحدر الخطير، والذي أخذنا نرى معه تلاميذ في مستوى البكالوريا يرتكبون أخطاء فظيعة في نطق أو كتابة جمل غاية في البساطة.

    المسؤول الأول عن انهيار مستوى المدرسة العمومية هو الحكومة حقا، ولا أقصد تحميل الوزير الحالي أو الحكومة الحالية لوحدها أزمة المدرسة المغربية، ولكن لا أخلي طرفها من المساهمة في مسؤوليتها عن هذه الأزمة، كل الحكومات التي تشكلت من أحزاب مختلفة منذ الاستقلال إلى اليوم، تتحمل مسؤولية تراجع المدرسة العمومية عن وظائفها الحيوية في التكوين والتربية وإعداد الأجيال المتتالية، برغم رصد ميزانيات ضخمة لإصلاح التعليم الذي شكل هاجسا مؤرقا للدولة، بسبب غياب بعد النظر، والاكتفاء بالتصريف الإداري لشؤون التعليم، بدل الاجتهاد في رسم خارطة إصلاح عميق وجذري للتعليم والتجديد على المستوى البيداغوجي والديداكتيكي، كل وزير كان يأتي إلى التعليم، يمسح أثر سلفه، بسبب تغير الحساسيات السياسية والأنانيات الفردية، بالإضافة إلى كون التعليم ظل رهانا سياسيا بدل أن يشكل قضية مجتمع بأكمله.

    المسؤول عن انهيار المدرسة العمومية أيضا هم الأساتذة وممثليهم، لأن جل المطالب التي رفعت من طرف النقابات كانت تختزل في الشق المادي، التعويضات والرفع من الأجور، دون المطالبة بالتكوين الجيد وفرض التكوين المستمر، فالمستوى الذي وصل إليه المدرسون والمكونون، غير مسبوق، لدينا أساتذة لم يأتوا للتعليم عن حب، بل فقط كمنقذ من البطالة، لذلك فهمهم الأساسي هو تحسين دخلهم، حيث أصبحت الوظيفة المقدسة للمدرس مُغيَّبة، وتحولت مهنة التعليم إلى وظيفة تجارية والأستاذ مجرد أجير يبحث عن تحسين أجره الشهري، دون استحضار الرسالة النبيلة والسامية للمدرس والمكوّن.

    المسؤول الآخر عن التعليم هو المجتمع الذي لم يعد يرى في المدرسة سوى روض كبير للتخلص من صداع الأبناء ومطالبهم، بعد أن لم يعد التعليم يؤدي إلى تحسين الوضع الاجتماعي لمختلف الأسر المحدودة الدخل خاصة، بل يزيد من إنهاك الوضع الاقتصادي للأسر لأن أبناءها إما يغادرون المدرسة بلا شواهد، أو أن الشواهد التي يحصلون عليها لاطلب عليها في سوق الشغل الذي أخذ يضيق منذ أزمة كورونا وأزمة التضخم التي عرفها العالم بسبب الوباء والحرب الروسية الأوكرانية.

    لم يعد أولياء وآباء التلاميذ مهتمين بجودة التعلمات والتكوينات التي يتلقاها أبناؤهم في المدرسة العمومية، ما يهمهم هو نجاح فلذاتهم وانتقالهم من سلك إلى آخر، حتى بالمساهمة في غش الأبناء في الامتحانات، والتدخل لدى الأستاذة لإعطاء نقط غير مستحقة لأبنائهم.

    هل ترون إذن، لماذا فشلت المدرسة المغربية؟، لأننا كلنا نتحمل قسطا من المسؤولية، لكننا نلقي بها في شباك الآخرين، يلزمنا بشكل عاجل الانتقال من التشخيص إلى البحث عن سبل العلاج، بالاعتراف جميعا كل حسب نسبة مساهمته في انهيار مستوى التعليم بالمغرب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية