المغاربة يستعيدون الثقة في ‘أنهم يستطيعون’

المغاربة يستعيدون الثقة في ‘أنهم يستطيعون’

A- A+
  • بقلم ادريس شحتان

    Yes we can نعم نستطيع.. هذا ما أصبح يشعر به المغاربة بتواضع دون خذلان وبافتخار دون كبرياء، قبل زمن غير بعيد كان المغاربة يحسون كما لو أن المشاركة فقط هي شرف كبير لهم، يكتفون بها ويقفون عند حدودها، سواء تعلق الأمر بمنافسات رياضية، أو بالمشاركة في منتديات دولية، أو في استحقاقات ذات طابع أممي وكوني… فيما يشبه عدم الثقة في النفس وما تبقى من إحباط واستصغار ومما غرسه الاستعمار من دونية وتخلف بالبلد بعدما كان المغاربة أسياد قراراتهم، وكان موقع بلدهم في التاريخ العام مليء بالأمجاد والتطلعات والانتصارات الكبرى، والمواقف المتفردة التي حفظت وحدته ومجده..
    اليوم يبدو المغاربة بطموح خيالي، لأنهم لم يعودوا يؤمنون بالمشاركة فقط، فما يحسونه في أفئدتهم شيء يعجز عن الوصف، يعود التاريخ اليوم بكل أمجاده ووجوهه المشرقة، ليحسسنا جميعا أننا أمة عظيمة تستحق أن تمضي قدما بلا خطأ في الحساب، ويعود الفضل لجلالة الملك محمد السادس في كونه حرر الطاقات المبدعة، وجعل غضبنا على من يعاكس مصالحنا كأمة مشروعا، مهما كان حجمه وقوته في الميزان الدولي، لنتذكر الخطاب الملكي في مجلس التعاون الخليجي حول أحداث الربيع العربي التي أكدت الأحداث صدق تحليله وعمق رؤياه، وأيضا من خلال المنجز الدبلوماسي والأمني والاقتصادي..
    لنبدأ بالمنجز الرياضي، لم تكن قطر بيضة الديك، لم يكن ما حققه المنتخب الوطني لكرة القدم، صدفة أو ضربة حظ كما حدث في غوادالاخارا لحظة هزم أصدقاء التيمومي وكريمو والمرحوم الظلمي للبرتغال بثلاثة أهداف، هل توقف المسار.. لا، انتصر وليدات الركراكي وتبعهم المنتخب الأولمبي والمنتخب النسوي المغربي ثم منتخب أقل من السابعة عشرة سنة الذي وصل إلى ربع نهائي المونديال، ثم في باقي الرياضات التي أصبح الوجود المغربي فيها لا يقنع بالمشاركة الرمزية، ولكنه يعود متوجا بفرحة الموقع الذي حققه في الميدان وبأكاليل مجد حب جمهور واسع من المغاربة.
    الانتصار الدبلوماسي الملكي، وحده يعتبر أحد معجزات القرن الواحد والعشرين، أن تقوم دولة بحجم المغرب بلعبة شد الحبل مع دول كبرى مثل: إسبانيا وألمانيا وهولندا وأمريكا ذاتها، وتنجح المملكة في تحقيق الانتصار تلو الانتصار، مما يعيد للمغاربة القدرة على امتلاك العزيمة والإيمان بأنهم لم يعودوا مكبلين بروح محبطة، بل بضرورة الانتصار في كل معركة يخوضها المغرب بروح وطنية عالية.
    الاستقرار الأمني، سواء من خلال منجز القوات المسلحة المرابطة على الحدود، والتطور النوعي في مجال تحديث التسليح في القوات المسلحة الملكية البرية أو البحرية أو الجوية، أو من خلال ما تحققه مختلف فرق الأمن في الحفاظ على نعمة الاستقرار حتى في عز زمن اللايقين واللاإستقرار الذي هز عرش جمهوريات كانت محاطة بعناية استخباراتية من القوى العظمى، بل تحول في المملكة إلى قوة ناعمة تستقطب اهتمامات دول معروفة أجهزتها بقوتها ونفوذها وفعاليتها..
    ثم بعد ذلك يأتي المنجز الاقتصادي، الميناء المتوسطي كان مجرد حلم، ثم تحول إلى معلمة، وزد على ذلك «التي جي في» وخطوط الطرامواي، وما تحقق من بنية تحتية أحس من خلالها المغاربة بالفخر في تغيير معالم مدنهم وحتى قراهم الهامشية، وأن من حق بلادهم أن تحتل مراكز الصدارة بين الدول الكبرى، والبلد يعرف سنوات جفاف غير مسبوقة في التاريخ، والأزمات الكونية الكبرى تحيط به من الأزمة المالية لعام 2008، حتى وباء كورونا.. كيف دبر المغاربة كل هذا؟
    ليس بالبترول والغاز، وليس بفائض كبير في العملة، ولا بمعجزة استثنائية، ولكن، بفضل الثقة التي استعادها المغاربة في أن مغربا آخر ممكن، وعلى الذين يقولون إن الدولة لم تعمل بتقرير الخمسينية، عليهم الآن قراءة ما قدمه التقرير التاريخي للخمسينية وقبله تقرير لجنة الإنصاف والمصالحة، ليقارن بين المغرب الذي كان والمغرب الذي عليه اليوم..
    والمهم أيضا أن المغاربة أصبحوا غير متساهلين إزاء الحفاظ على مكتسباتهم وتعزيز حقوقهم في ظل دولة مستقرة ومؤسسات قوية، إنهم يطمحون للتوفر على خدمات جيدة، وعلى حقوق أوسع، ومستعدون للتضحية بالغالي والنفيس من أجل كرامتهم ولكن أيضا من أجل بلد ينعم بالاستقرار والأمن، وهو وضع نادر حيث تسود في كل أمم الجوار نزعة هدم الكل، حتى لو كان هذا الهدم مؤديا إلى الخراب المبين… المغاربة يعشقون الحرية والكرامة، ويعشقون بلدهم بالفطرة الطبيعية وهو شيء مشترك بين مغاربة الداخل ومغاربة الخارج، لأنهم يستطيعون التطلع لوضع معيشي أكبر ولكن أيضا في ظل ملكية مستقرة وقائدة للإصلاح….ديما مغرب

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية