النظام الأساسي وإضراب الشغيلة التعليمية وضياع التلاميذ

النظام الأساسي وإضراب الشغيلة التعليمية وضياع التلاميذ

A- A+
  •  

    وضع النظام الأساسي الذي أصدرته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والشباب والرياضة، بداية هذا الدخول المدرسي في حالة اضطراب واضح، بسبب الشد والجدب بين النقابات ولجان التنسيق من جهة وشكيب بنموسى وزير التربية الوطنية من جهة أخرى، فقد شلت إضرابات لجان التنسيق الوطني الحياة المدرسية ومهما تباينت الأرقام بين وزارة التربية الوطنية والهيئة التمثيلية لنساء ورجال التعليم حول نسب المضربين، فإن الإضرابات الطويلة التي أعلنت عنها لجنة التنسيق إذا ما استمر التوتر الحاصل اليوم، ستؤدي لا محالة إلى نتائج كارثية على الطرف الأضعف في هذه المعادلة بين الحكومة وموظفي وزارة التربية الوطنية بسبب الاختلاف حول تقييم قانون النظام الأساسي الذي أقره شكيب بنموسى..

  • هذا الخلل يدعونا أن نؤكد هنا بكامل الوضوح، أن ما أبداه المتضررون من الشغيلة التعليمية في جزء منه يعتبر منطقيا، وعلى رأسه غياب المقاربة التشاركية في تنزيل بنود النظام الأساسي، غياب هذا البعد تتحمل مسؤوليته وزارة التربية الوطنية والحكومة ككل، التي كان يجب أن تتدارك الأمر قبل الوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم مع إعلان سلسلة من الخطوات النضالية من طرف ممثلي أطر وزارة التربية الوطنية، إن الحدس السياسي كان يجب أن يصب لمصلحة المدارس التعليمية وشريحة واسعة من التلاميذ الذين تضرروا بسبب تعطل الحياة المدرسية الناتج عن إضراب الأساتذة رفضا للنظام الأساسي.

    وإذا كان الإضراب حقا مشروعا للأساتذة، ومطالب هيئة التدريس وترافعها من أجل تجويد مسار النظام الأساسي الجديد المنظم لها تعتبر محمية في بلد يسمح بحرية التعبير وبالاحتجاج السلمي، ومادام أن المدرسات والمدرسين لجأوا إلى كل الوسائل المدنية لإبلاغ رفضهم لما تضمنه النظام الأساسي مما اعتبروه مسا بحقوقهم، فلا نزاع حول هذا الأمر، لكن هناك حقوق أخرى لم تتم مراعاتها لا من طرف وزارة التربية الوطنية ولا من طرف المضربين الذين دخلوا في عملية تصعيد وهو ما سيهدر جزءا كبيرا من الزمن المدرسي، ضحيته الأولى هم تلاميذ وتلميذات، بينهم أبناء رجال ونساء التعليم أنفسهم، وحقهم الذي يعلو على كل الحقوق هنا.

    علينا أن نتعلم أنه يجب ألا تضيع حقوق بسبب تحصيل حقوق أخرى، فحق تلاميذنا في الدراسة والتعليم كحق دستوري، القاضي بجعل التعليم الجيد حقا من حقوق المتعلم، والمادة 26 من القانون الإطار 51.17 التي نصت على ميثاق المتعلم بوصفه الوثيقة التعاقدية التي تفرض على كل الجهات المسؤولة ضمان حقوقه، وعلى رأسها الاستفادة من زمن التعلم المقرر كاملا غير منقوص.

    لا يمكن أن يغيب لا على بال مسؤولي الوزارة الوصية، ولا على اهتمام لجان التنسيق الممثلة للمدرسات والمدرسين في شتى أسلاك التعليم قبل الجامعي. أن الإضرابات الحالية وعملية التصعيد التي أعلن عنها ممثلو المدرسات والمدرسين تضر بحقوق أساسية لشريحة واسعة من التلاميذ، هناك تلاميذ اليوم في الثانوي لم يتابعوا دراستهم أبدا، مما سيطرح صعوبات في استكمال البرنامج البيداغوجي، واستمرار التحصيل الدراسي للتلاميذ، وهو ما يضرب في العمق المبدأ الدستوري للحق في التعليم. لا يمكن العبث بمصالح الأجيال القادمة والحق في التربية والتكوين.

    نتمنى بعد أن أبدت حكومة عزيز أخنوش موافقتها المبدئية على مراجعة النظام الأساسي وتجويده، وبعد أن جددت النقابات تمسكها بمطلب تحسين دخل وأجور موظفي القطاع. في إطار المبادرة الرامية إلى إيجاد حل للأزمة التي أشعلها النظام الأساسي الجديد. أن يسود العقل ويتم التقدير الجيد للمصلحة العليا للتلاميذ، عبر فضيلة الحوار والتواصل البناء بين مختلف الجهات المعنية والمهتمة، والحرص على تعويض الزمن المدرسي المهدور والتشبث بروح المسؤولية الوطنية والتربوية التعليمية تجاه أبنائنا وبناتنا بالمدرسة العمومية.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية