مغرب لا يعرف الانكسارات

مغرب لا يعرف الانكسارات

A- A+
  • حين كنا نقول إن مغرب ما بعد العشرية الثانية للألفية الثالثة ليس هو ما قبلها، لم نكن نرجم السماء بالغيب، لم نكن ننجم أو نضرب خط الرمل، بل كنا نستند على وقائع وأحداث يلمسها ”العادي والبادي“ في البلد، حتى في ظل أشد الأزمات والكوارث الكبرى التي اجتاحت العالم بأسره، وأدخلته في زمن اللايقين كما بشر بذلك الفيلسوف إدغار موران وأكدته مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، في خطابها
    أثناء الافتتاح الرسمي لأشغال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، المنطلقة يوم الإثنين الماضي بمراكش والمستمرة إلى 15 من أكتوبر الجاري.. كان المغرب يحصد الانتصارات الكبرى غير المسبوقة اقتصاديا ودبلوماسيا ورياضيا وسياسيا، فوق الحفاظ على تماسكه الاجتماعي واستقراره السياسي ونموه الاقتصادي وإشعاعه الثقافي والفني، إنه مجد أمة لا تعرف المستحيل.. ملكا وشعبا، دولة ومجتمعا، مؤسسات قوية ومجتمعا حيويا يعرف كيف يجتاز الأزمات بصبر، بتضحية، بتضامن وتعاون لا مثيل له، وبوحدة وطنية لا نظير لها، تنال إعجاب العالم بأسره واعترافه بفرادة المملكة جاءت جائحة كورونا كوباء استثنائي أدخل العالم في لحظة ارتباك غير مسبوقة، ركود اقتصادي وتضخم نتج عنه اتساع رقعة الفقر والبطالة والجوع وارتفاع مخيف في الأسعار… في عز هذا الوباء الجائح، نجح المغرب في تحويل لحظة الانتكاسة الكبرى إلى رافعة للتحدي، فرصة للانطلاق، كانت الرؤية الملكية جد حكيمة وذات بعد استباقي تعكس العمق الاجتماعي للملكية، تم تحويل الكثير من البنيات الاقتصادية إلى ما يشبه اقتصاد الحرير، صنع الكمامات وتصديرها إلى دول متقدمة من حجم فرنسا، وإرساء بنية اقتصادية لصنع اللقاحات وابتكار أجهزة طبية من إبداع مغاربة، وأضحت المملكة أكثر قوة برغم كل التداعيات التي مست الاقتصاد العالمي.. كان ذلك تعزيزا وتوطيدا لأسس القوة الناعمة للمغرب التي وضعها الملك محمد السادس بحس إنساني منقطع النظير رهن إشارة الأشقاء الأفارقة واندلعت الحرب الروسية الأوكرانية التي كانت لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي ولا زالت انعكاساتها قائمة على عدم الاستقرار وارتفاع معدلات التضخم إلى مستوى غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية حسب الخبراء الاقتصاديين، مما ساهم في ركود اقتصادي الأضخم من نوعه منذ يوم الثلاثاء الأسود غداة انهيار بورصة وول ستريت عام ..1929 في عمق هذه الأزمة الكونية كان المغرب ُيسّوق منتوج الطاقات المتجددة ويستقبل شركات كبرى وثقت في استقرار بلد آمن ومنفتح.. وقدمت الدولة، مؤسسات وشعبا ومجتمعا مدنيا، درسا في الإيمان بوطن عنيد، لا يؤمن بالانكسار ولا الاستسلام للوضع الصعب، بل ظل يحول عناصر الأزمة إلى أفق لبناء مستقبل أجمل، لم تتوقف المشاريع الكبرى، وبرغم حجم الضائقة المالية، كانت الجسور تنتصب، والطرق تشق، والمدن تكتسي حلة جديدة ثم جاءت الكارثة الطبيعية التي لا راد لها كمغاربة يؤمنون بالقدر الإلاهي، زلزال الأطلس الكبير الذي كان مدمرا وقاسيا، وخلف فواجع في الأرواح والعمران، وفي لحظة قياسية تحركت مؤسسات الدولة بذكاء، وقاد الملك محمد السادس كعادته عملية كبرى حولت مأساة درامية محزنة إلى ملحمة كبرى لأمة لا زال العالم يتحدث عنها بفخر وإعجاب.
    المغرب ليس لديه بترول ولا غاز، ليس لديه ثروات مادية فائضة وعرف جفافا قاسيا، ومع ذلك قدم نموذجا لدولة مستقرة، تحول الانكسارات إلى انتصارات، ومجتمعا حيويا لا يتنازل عن حقه في الدفاع عن تعزيز الديمقراطية والتنمية المستدامة وتحسين جودة الخدمات..
    هذا المغرب هو الذي احتضن الاستثمارات الكبرى، هو الذي لم تتخل فيه الدولة عن بعدها الاجتماعي في كورونا وفي الزلزال وفي عز الأزمة الاقتصادية الكونية، وكما تضامن المغاربة في الأزمات اتحدوا في الأفراح، وستبقى ملحمة أداء أسود الأطلس في مونديال قطر موشومة بمداد من الفخر الوطني النادر، يتعزز اليوم بمنح المغرب شرف تنظيم كأس الكان الإفريقي وكأس مونديال 2030 رفقة إسبانيا..والبرتغال
    إنه مغرب العزة والشموخ، مغرب الانتصارات، مغرب موحد ومتنوع يقوده ملك برؤية وأفق مفتوح على خير البلاد والعباد، ومؤسسات قوية في خدمة مجتمع متضامن ومتماسك ومتنوع، إنه مغرب ماضي الأمجاد التليدة والحاضر المتجدد والمستقبل الحابل بالانتصارات والتحولات الكبرى، فليحيا المغرب.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية