الدور الحيوي للملكية في تجاوز الكوارث

الدور الحيوي للملكية في تجاوز الكوارث

A- A+
  • لم تمض 20 يوما على الحدث المأساوي لكارثة الزلزال التي ضربت المغرب يوم 8 شتنبر الجاري، حتى كان البلد يتجاوز بنجاح محنة المرحلة الأولى اعتمادا على إمكانياته الذاتية فقط، وعلى نجاعة تدخل مؤسسات الدولة وتطوع وتضامن شعب بالشكل الذي أبهر العالم وأشادت به جل المؤسسات الدولية ووسائل الإعلام في مختلف أنحاء المعمور، إلا تلك التي وقر في قلبها حقد وضغينة أو كانت تُوجّه عن بعد ممن كان يريد تحويل الكارثة الطبيعية التي هزت المملكة إلى مجال للتوظيف والاستغلال الانتهازي لغير فائدة المتضررين ولا من أصيبوا في هذا الزلزال في أرواحهم وذويهم وحيواناتهم وفي ممتلكاتهم..
    كان الزلزال عنيفا وصل إلى 7 على سلم ريشتر، وكانت الرقعة التي ضربها جد شاسعة، وتنتمي إلى أقصى المغرب العميق، بالإضافة إلى صعوبة التضاريس وانعدام أو انهيار الطرق، ومع ذلك وفي الساعات الأولى الموالية لحدوث رجة الزلزال، أعطى الملك محمد السادس أوامره العليا لنزول القوات المسلحة الملكية إلى عين المكان وهبت السلطات المحلية والوقاية المدنية والدرك الملكي، وفي صباح اليوم الموالي للزلزال عقد الملك اجتماعا استعجاليا لوضع استراتيجية لمواجهة الكارثة ضمن خطة مندمجة واستباقية، في وقت وجيز، كانت الدولة تتوفر على إحصاءات دقيقة وعلى معلومات مستفيضة حول مدى الزلزال والقرى والمدن المتضررة ومختلف الصعوبات التي ستواجهها فرق الإنقاذ والتي بناء عليها تم إعداد خطة استعجالية للتدخل والإنقاذ وتوزيع المساعدات والإعادة السريعة للخدمات وضمان استئناف حركية المرفق العمومي..
    ما الذي جعل المغرب، في ظرف وجيز، ينجح بامتياز في استحقاق مرحلة الإنقاذ والإسعاف وتقديم المساعدات للمتضررين وإيواء الذين فقدوا منازلهم، وتوزيع المساعدات وفتح حساب بنكي لجمع التبرعات والذي فاقت مداخيله كل المقاييس، وغيرها من الإجراءات التي تبرز أننا أمام عقل مفكر وإرث كبير في تدبير الأزمات والكوارث ليس آخرها جائحة كورونا التي حولها المغرب إلى نقطة قوة في النجاعة والتضامن؟
    إنها مركزية الملكية في المغرب وانحيازها للفئات المتضررة في كل الكوارث التي عبرتنا، وأخطرها زلزال الحوز الأخير.. الذي يعتبر لحظة استثنائية مشوبة بالقلق واللاطمأنينة، لأن الأمر يتعلق بالصراع من أجل البقاء، والخوف في مثل هذه الكوارث هو أن تنهار مع الزلزال مؤسسات الدولة، وتشل الخدمات ويزداد هلع الناس وخوفهم، هنا تدخل الملك محمد السادس على وجه استعجالي بإعطاء أوامر للجيش للتحرك في اتجاه المناطق المتضررة من الزلزال، وعقد جلسة في صباح اليوم الموالي اتخذت حزمة من القرارات ذات الفعالية التي توجه مؤسسات الدولة من أجل الفعالية والنجاعة وربح الوقت والتنسيق، لا من حيث إنقاذ الأحياء من تحت الأنقاض أو إسعاف الجرحى والمصابين أو إيواء من فقدوا منازلهم أو تضررت بيوتهم…
    لعبت الملكية بحكم موقعها كعمود فقري للدولة المغربية دورا كبيرا في طمأنة الساكنة، خاصة بعد زيارة محمد السادس لمستشفى مراكش عاصمة الحوز مركز الزلزال، والأرض لا زالت تميد بأهاليها بين الفينة والأخرى، وقدم جلالة الملك درسا في تامغربيت وهو يتبرع بدمه أو من ماله الخاص للصندوق الذي أحدث لمواجهة آثار الزلزال وإعادة إعمار المناطق المتضررة.
    إن الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يميز المملكة والشرعية التاريخية والدينية والإرث السياسي لموقع الملكية كمحط إجماع الأمة، دلل الكثير من العقبات وساهم في التدخل الفعال والناجع لمؤسسات الدولة التي كانت مثل جسد يشتغل بمختلف أذرعه وأعضائه لمواجهة آثار الزلزال المدمر، عادة في مثل هذه الكوارث، يفزع الناس ويستغل تجار الأزمات والمضاربون الوضع لصالحهم، وتنتشر السرقات وقطاع الطرق والمتاجرون في مآسي الضحايا، ويسود الارتباك كافة المتدخلين كما شاهدنا في كارثة فيضانات درنة الليبية، في المغرب لم يحدث شيء من هذا، برغم استمرار تداعيات الزلزال المدمر، كان المغاربة يشعرون بالثقة في مؤسسات الدولة وبالطمأنينة في أن للبيت رب يحميه ولن يتخلى عنه في الضراء كما في السراء، لذلك في اليوم الموالي كان المغاربة من مختلف مناطق المغرب يقودون قوافل الدعم والمساعدة إلى المناطق المتضررة، وحتى في حالات الانزلاقات الفردية هنا وهناك، كانت السلطة حاضرة سواء لمواجهة الإشاعة والأخبار الزائفة في مواقع التواصل الاجتماعي أو في مواجهة الانزلاقات المفترضة في مثل هذه الحال.
    لقد كشفت الأحداث الكبرى من زلزال الحسيمة إلى جائحة كوفيد، عن ملحمة جماعية خلقها المغاربة ملكا وشعبا، استباقا وتضامنا وعقلا مدبرا ومؤسسات دولة قوية بدت حاضرة في كل التفاصيل منذ لحظة وقوع الزلزال حتى اليوم، مسنودة بتضامن شعب وتلاحم أمة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    جو حار نسبيا و تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق كل من الهضاب العليا الشرقية