بوح الأحد: بجغرافيته الموحدة، المغرب يدخل التاريخ في ملحمة المونديال،

بوح الأحد: بجغرافيته الموحدة، المغرب يدخل التاريخ في ملحمة المونديال،

A- A+
  • بوح الأحد: بجغرافيته الموحدة، المغرب يدخل التاريخ في ملحمة المونديال، أزمة تجار الكآبة و الإحباط الذين تنمروا على بسطاء الشعب و أشهروا إفلاسهم و المغرب من نصر إلى نصر

    أبو وائل الريفي
    يستحق الإنجاز المغربي في مونديال قطر أن ينعت بأنه تاريخي، وحتما ستكون له امتدادات في المستقبل. لقد أنقذ أسود الأطلس المونديالَ القطريَ ومنحوه طابع الفرجة والتشويق وأبقوا العرب والأفارقة في دائرة التنافس وسط كبار الكرة في العالم.
    هو انتصار تاريخي بلغة الأرقام التي أحرزها المغرب، وبطبيعة الانتصارات التي كانت على منتخبات مصنفة في مقدمة الدول كرويا، وبالحماس الذي أضفاه على هذا المونديال كله.
    لفت الأسود انتباه العالم أن زمن الفوارق الكروية الكبيرة ولى، وأن التفوق ليس قدرا محتوما وحصريا لفائدة فرق محددة على أساس تاريخي أو جغرافي. وكشف الإنجاز الكروي عظمة هذا الشعب والوشائج العميقة التي تربط مكوناته بهذا الوطن، وبين أن تامغربيت لا حدود مكانية أو زمانية لها. منتخب مغربي يتكون من مغاربة محاربين اكتشف البعض لأول مرة أن قتالية من ولد وترعرع خارج الوطن لا تقل عمن عاش داخل الوطن، كما لاحظ المتابعون ليوميات المونديال أن فئة واسعة من المشجعين المغاربة في قطر هم من مغاربة العالم الذين شدوا الرحال إلى الدوحة من دول الإقامة ليعيشوا لحظات وطنية أسطورية. ما سر هذا الولاء للمغرب؟ وما هي أسباب هذا العشق للمغرب؟ وما الذي يجعل مغاربة العالم في مدن عالمية شتى يتقاسمون أفراح الانتصارات مع المغاربة ويخرجون للشوارع؟
    إنها الروح الوطنية التي ما فتئنا ندعو إلى التركيز عليها وإعادة اكتشافها لأنها طاقة دافعة ورافعة للعطاء وحافز على التحدي وكيمياء عابرة للجغرافية وللتقاليد والتنوع داخل المغرب. تامغربيت عنوان لما يجمع المغاربة بمختلف روافدهم.
    الروح الوطنية هي التي جعلت المغاربة يعرضون عن مسيرة سياسوية دعت إليها نهاية الأسبوع الفارط جبهة تدعي أنها اجتماعية. لم يحضر المغاربة لما سماه منظموها مسيرة لأنهم فهموا خلفيات المشاركين وانتماءاتهم. كان ذلك الشكل النضالي الفاشل تأكيدا على حالة الإفلاس الشعبي الذي وصلت إليه تلك النخبة المعزولة عن الشعب والتي تبحث دائما عما تصل به إلى الجماهير التي لا ترى فيها إلا خزانا وحطبا لتسخين الأجواء وابتزاز الدولة. أسابيع متتالية من التعبئة التي اشتركت فيها عشرات التنظيمات مستخدمة كل وسائل التواصل مع الشعب. فماذا كانت النتيجة؟
    ورغم ما للمطلب الاجتماعي من جاذبية وراهنية، لم تستطع هذه الجبهة، التي لا تحمل من اسمها إلا معناها باللغة العامية، أن تحشد وتقنع الشعب بالمشاركة في المسيرة. ترى ما هو السبب؟
    قدر مناضلو الجبهة عدد الحاضرين بالآلاف كما هي عادتهم في النفخ في الأرقام للتغطية على الحضور الهزيل متناسين أن هذا الأسلوب القديم في النفخ لم يعد صالحا في ظل اللايفات الفاضحة للعدد الحقيقي على مواقع التواصل الاجتماعي. حاولت وسائل الإعلام الفرنسية، وفي مقدمتها وكالة الأنباء الرسمية أ.ف.ب، منح ادعاءات المنظمين مصداقية ولكنها بقيت حبيسة 3000 مشارك رغم أنها نقلت في مضمون نشرتها عبارة آلاف المشاركين عن المنظمين لتفضح نفسها بنفسها وتكشف عن حقيقة انحيازها وعدم مهنيتها وخدمتها لأجندات الدولة العميقة الفرنسية ظنا منها أن مسيرة شعبية حول مطالب اجتماعية تضر المغرب أو تشوه سمعته. يتناسى هذا الإعلام المسيس المنحاز أن فرنسا تعيش منذ سنوات على وقع احتجاجات أصحاب السترات الصفراء الذين تتصدى لهم السلطات بعنف مفرط أحيانا بينما مسيرة الجبهة مرت بدون أي تضييق رغم ما شاب تنظيمها من خروقات قانونية تجاهلتها وكالة الأنباء الفرنسية متعمدة ظنا منها أنها تسيء للمغرب بينما هي تسدي له خدمة بفضحها لحقيقتها.
    الدمية قدرت المشاركين بالملايين وتكفيها هذه الكذبة لتعرف درجة الحقد والافتراء التي أصبحت تتملكها وهي التي تعيش إفلاسا على كل المستويات، و النصاب و الأحمق والمعطي مول الجيب وفؤاد الكذاب وغيرهم من الطوابرية توصلوا أن لا تأثير لهم على المغاربة الذين دعوهم للخروج إلى الشارع والمشاركة في المسيرة فلم يستجيبوا لهم.
    العدد الحقيقي للمشاركين حسب معاينين محايدين، في غياب رقم من الجهات الرسمية، لم يتجاوز 1500 مشارك غالبيتهم غير معنيين بالمطلب الاجتماعي لأنهم مجرد “حياحة” يستهويهم الاحتجاج الذي يشعرهم بالوجود والجدوى. هؤلاء هم هواة الركوب السياسي على مطالب اجتماعية ودعاة تأزيم الأوضاع لإضعاف الدولة وإحلال الفوضى التي ينتعشون فيها. ما علاقة الكثير من الشعارات السياسية واللافتات الحزبية والمجموعات المنغلقة حسب كل لون سياسي أو نقابي بمطالب اجتماعية؟
    لم تكتف الوكالة الفرنسية الرسمية بالنفخ في عدد المشاركين بل تجاوزته إلى إلباس المسيرة ثوبا سياسيا وربطها بسياقات غريبة ظنا منها أنها “تقلي السم” للمغرب. والحقيقة أنها كان يلزمها الإشارة إلى الأجواء الطبيعية التي مرت فيها دون أي تضييق، كما كان يلزمها الإشارة إلى عدم ملاءمة الشعارات المرفوعة للطابع الاجتماعي للمسيرة، دون أن تنسى المزايدات السياسية التي طبعت تفاعل التنظيمات المنظمة للمسيرة والتي اتسمت بالمزايدة السياسية تجاه بعضها البعض. كان الأولى لإعلام الدولة العميقة في فرنسا التقاط رسالة المسيرة الحقيقية وغير المشفرة، وهي غياب الشباب عن المسيرة وعدم تجاوب الفئات الهشة المعنية بموضوعها المعلن. وكان الأولى لهذا الإعلام الإشارة إلى أن أغلب منظمي تلك المسيرة لم يكملوا مسارها لأنهم طاعنين في السن ولم تعد عندهم اللياقة البدنية المطلوبة لخوض هذه الأشكال النضالية.
    أهم خلاصة من المسيرة الاجتماعية أن العدد الهزيل للمشاركين يبين أن عشرات الأحزاب والهيئات التي تقف وراءها ضعيفة عدديا أو أنها لم تستطع إقناع مناضليها بالمطالب وجدوى النزول وهذا أكبر مشكل تعانيه، ولذلك فمن لم يستطع إقناع أعضائه بالمشاركة في المسيرة لا يمكنه أن يقنع الشعب، وهناك العديد من المشاركين استجاب للدعوة تحت تأثير إكراه أدبي تجاه تنظيمه النقابي أو الحزبي أو الجمعوي ومنهم من يوثر حضور هذه المناسبات لأنها أساسا ملتقى لرؤية رفاق قدامى وإحياء نوستالجيا زمن ما قبل انهيار جدار برلين. من خلاصات هذه المسيرة كذلك ضعف التجاوب الشعبي رغم ما للمطلب الاجتماعي من جاذبية، وسبب ذلك هو هامشية المطالبين وعزلة المنظمين عن الشعب ووعي المواطنين بأن الهدف من المسيرة ركوب سياسوي على مطلب اجتماعي وتقدير شعبي للجانب الموضوعي في ارتفاع الأسعار وشعور المغاربة بمجهودات الدولة وعدم اقتناعهم بجدوى هذه الأشكال السياسوية.
    لنرجع إلى ملحمة المونديال، ولنقارن أعداد المغاربة الذين خرجوا عفويا للشارع مباشرة بعد صافرة حكم اللقاء. لا قياس مع وجود الفارق طبعا، ولكن من حق الجميع أن يعرف السبب.
    إنه شعور الانتماء للوطن، وجهاز استشعار يقظ لدى المغاربة بما يعبر عنهم. المغاربة الحقيقيون هم من خرجوا للشارع احتفالا بالنصر التاريخي. إنهم المغاربة الذين حركتهم تامغربيت وهم يسمعون النشيد الوطني يهز الأركان، ويرون مغربهم البلد العربي والإفريقي والمسلم الذي شرف أمته وشعبه وهزم كبار الكرة ليدخل نادي الكبار. هؤلاء المغاربة لم تخرجهم مطالب البطن لأن فيهم العطشان والجوعان والشبعان. لم يقتصر الاحتفال على نخبة دون أخرى فقد خرج المثقف ونصف المثقف والأمي، ولم ينحصر خروج المغاربة على منطقة دون أخرى لأنه شمل المدن والقرى والأمازيغ والريفيين وجبالة والصحراويين و الشاوية ودكالة وعبدة وغرباوة وكل مكونات الشعب المغربي بمختلف روافده. لقد كان لافتا للنظر احتفال اليهود المغاربة مع إخوانهم المسلمين في كل بقاع العالم. كشف هذا النصر أننا شعب موحد رغم تنوعه وأن الفريق الوطني يمثلنا جميعا، وليقارن المساميم هذا الشعور مع شعور الإسبان تجاه منتخبهم ليفهموا فوائد المغرب الموحد جغرافيا والمتحد وطنيا.
    هؤلاء المغاربة هم الذين احتقرهم الشيخ المراهق فؤاد كاشفا عن حقده على المغاربة بكراهيته لسحنتهم لأنها حسب فهمه السطحي عنوان للفقر والفاقة!! هذا هو فؤاد الذي يقدم نفسه حقوقيا وسبق أن شغل منصبا قياديا في جمعية أمين وخديجة وعزيز الذين صمتوا عن عنصريته وتنمره. وهذا هو فؤاد الذي يشغل منصبا قياديا في جمعية الشفافية التي غابت عنها الشفافية في تغاضيها عن السلوك العنصري لأحد قيادتها ضد المغاربة.
    لن ينفع أمثال فؤاد الاعتذار كما لن ينفع الآخرين الاستدراك المتأخر لينضموا للوطن. طبعهم يغلب تطبعهم، وتلقائيتهم تكشف عن باطنهم المريض والحاقد على المغاربة الذين لا يرون فيهم إلا بيادق يحركونها لخدمة مصالحهم.
    خرج المغاربة فرحين بإنجاز يشعرون أنهم من صناعه وأنه يمثلهم ويشفي غليلهم ويرد إليهم اعتبارهم. هذا درس لهواة الركوب السياسي وتجار الكآبة وصناع القرف الذين فضحهم المونديال وأخرجهم بوح الأسبوع الماضي من جحورهم فسارعوا للتدوين “مبتهجين” بالنصر المغربي متأخرين خوفا من حالة الشرود التي ضبطهم فيها هذا البوح.
    لقد أقسم أبو وائل أن يتصدى لكل المساميم وأن يساهم بهذا البوح في كشف حقيقة الطوابرية الذين يرون أنفسهم مواطنين من درجة فوق غيرهم من المغاربة تبيح لهم امتيازات وحدهم.
    فضح هؤلاء أنفسهم بهذا الاستدراك المتأخر لأنهم لا انتماء لهم لهذا الوطن ولا قواسم مشتركة لهم مع المغاربة. هؤلاء أبعد عن رابطة الانتماء وما يحركهم هو رابطة الانتفاع، ومنهم من كان مدافعا عن الدولة حين كان يناله العطاء ثم انقلب كليا ضدها بعدما حبس عنه العطاء.
    لهؤلاء جميعا نقول بأن الشعور المتأخر بالمواطنة لا يعدو أن ينتج مواطنة مزيفة ومصطنعة ومؤقتة لا تمنحهم شرف الانتماء لهذا الوطن والكينونة مع هذا الشعب، والمواطنة المرتبطة بالانتفاع لا تمنحهم مصداقية لدى هذا الشعب العظيم.
    لقد أظهر هذا الإنجاز الكروي أن سياسة الجدران الوطنية صناعة مغربية بامتياز، ولكل جدار حماته الذين يقفون على ثغوره ويحمونه من الخصوم والأعداء، وأظهر أن الوحدة الوطنية أمتن مما يتخيله الغير لأن ما يجمع المغاربة أكبر مما يتصور.
    أكبر هدية بعد هذا الإنجاز تمثلت أساسا في طريقة احتفال جلالة الملك وولي العهد اللذين اختارا الاختلاط مع الشعب والالتحام مع شرائحه بعفوية في الشارع ليشهد العالم معاني الحاضنة الشعبية للملكية في المغرب. الملك متشح بالقميص الوطني وحامل للعلم الوطني ومتجاوب مع هتافات المغاربة المحيطين بسيارته مفتوحة النوافذ وهو يتلقى التهاني. هذه مشاهد لا تجدها في غير المغرب حيث لا حواجز بين الشعب وملكه والتلقائيةُ هي سمة المشهد كله. وهذا أفضل رد على دعاة غياب الملك ومرضه وعلى من يشكك في احتضان الشعب لملكيته وملكه. لماذا يصاب الطوابرية بالخرس تجاه هذه الوقائع؟ لماذا لا يعلقون عليها؟ ألا تلهمهم مشاهد مثل هذه لقول الحقيقة؟
    تجاهل المساميم لهذه الأحداث دليل آخر على الحقد الذي يطبع قلوبهم ضد الوطن. وهو الحقد الذي يجعلهم يبحثون عن أي شيء ظنا منهم أنه سيشوش على الفرح المغربي.
    من ترهات الطوابرية ما ظنوه اكتشافا من شأنه النيل من سمعة المغرب وانتمائه القومي للأمة العربية والإسلامية. إنه العلم الفلسطيني الذي كان حاضرا في صور الفريق الوطني بعد هذا الإنجاز. ظن الأحمق أن هذا دليل على فشل سياسة التطبيع مع إسرائيل فرآها فرصة للنيل من الدولة متناسيا أن الفريق وطاقمه ما كانوا ليرفعوا العلم الفلسطيني لو لم يكن الشعور جماعيا لدى الجميع بأن المناسبة تستحق رسالة إنسانية تجاه هذا الشعب. يتجاهل لمرابط متعمدا نص الاتفاق الثلاثي وما تلاه من مكالمة مع الرئيس الفلسطيني أعلن فيها جلالة الملك تشبث المغرب بحق الشعب الفلسطيني.
    لو كان الطوابرية منصفين لتذكروا حدثا مرتبطا بحق الشعب الفلسطيني منذ أسبوعين فقط حين وجه جلالة الملك رسالة بمناسبة ذكرى اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني إلى شيخ نيانغ رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، والتي أكد فيها الملك على أن هذه “مناسبة نجدد فيها التأكيد على موقفنا الثابت والواضح من عدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، هل هناك غموض في هذه العبارات؟ هل تحتمل معنى غير ما عبرت عنه لغتها الواضحة ولو تم التعسف في تأويلها؟
    مرة أخرى، يفشل المساميم الباحثون عن فرص للاصطياد في الماء العكر للتشويش على الفرح المغربي. يثبت تجار الكآبة أنهم بلداء ومغيبون عن الواقع لأنهم لو كانوا في كامل وعيهم لما لعبوا بهذه الورقة وهم يرون الفلسطينيين في كل البقاع يشجعون المغرب ويناصرون منتخبه ويفتخرون بهذا الإنجاز ويعتبرون، كغيرهم من العرب، أن المغاربة أدخلوا الفرحة على أمة كانت في أشد الحاجة لمن يفرحها ويشعرها بأنها قادرة على التنافس العالمي وهزم الكبار. لو كان المساميم نزهاء لرأوا التهاني التي تلقاها المغرب من رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن ومن مختلف فصائل المقاومة الفلسطينية، وحماس في مقدمتها.
    ابتلينا للأسف بنخبة مفلسة عاجزة عن فهم الموقف المغربي الذي يعتبر إعادة العلاقات مع إسرائيل خيار لا يتعارض مع الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ولا يعني توقيع شيك على بياض لإسرائيل. نخبة تتمنى فشل الاتفاق الثلاثي الصامد رغم تغير الإدارة الأمريكية لأنه أتفاق دولة لا يخضع لحسابات الصراع بين الحزبين وغير مظروف بطابع مؤقت. قلتها في أكثر من بوح: سينتظر الطوابرية كثيرا ولن يتحقق مرادهم لأن هذا الاتفاق بني على مصالح مشتركة دائمة ولم يكن استجداء من المغرب الذي له من الوسائل ما يكفي لإبقائه قائما طالما أن فيه مصلحة له.
    مما استرعى انتباهي في كل هذه الملحمة المونديالية بلادة حكام الجزائر الذين أصابهم الحقد والعمى، فسخروا جزءا من آلتهم الدعائية لتبخيس الإنجاز المغربي للتخفيف من أثره على الشعب الجزائري الذي يقارن بين إمكانيات البلدين وإنجازاتهما فيرى كيف ضيع البلادَ نظامُ الكابرانات. هل يعقل مهنيا أن يُقص خبر انتصار المغرب على اسبانيا ليصبح جملة ناقصة “إقصاء المنتخب الإسباني من كأس العالم”؟ دون الحديث عمن أقصاه؟ هل وصل الحقد إلى هذا الدرك؟! وهل يرضي الجزائريين هذا الأمر؟ ولماذا لم نسمع للمساميم صوتا تجاه هذا الاستهداف لنصر مغربي تاريخي وهم يرون الأذى الذي يلحق المغاربة من الجيران؟
    لا يعول على الطوابرية للذود عن حوزة الوطن وهم الأحرص على علاقات مع نظام الكابرانات لأسباب عديدة سيأتي وقت فضحها.
    ما أثارني أكثر من موقف كابرانات الجزائر هو تهنئة نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله للمغرب وكذا تهنئة مماثلة من مقتدى الصدر. على الأقل كان بعض المهنئين أذكى من شنقريحة وتبون اللذين أصابهما الكِبْرُ وأصرا على تجاهل إنجاز حرك كل العرب والمسلمين.
    وهذه مناسبة للتذكير بالمأزق الذي يعيشه نظام الملالي في طهران وبضرورة فك الارتباط معه من طرف كل من يعتبر نفسه عربيا بسبب طابعه الطائفي والتوسعي والماضوي. أكثر من شهرين متواصلين عبر خلالها الإيرانيون عن رفضهم للطابع المتخلف والقمعي والمنغلق لنظام الحرس الثوري المغلف بالدين. لم تتوقف الاحتجاجات رغم القمع المبالغ فيه وسقوط قتلى وتنفيذ أحكام إعدام والتنكيل بالمتظاهرين.
    لجوء حكام إيران إلى إلغاء شرطة الأخلاق مؤشر على حالة الإحباط التي وصل إليها هذا النظام الذي لم ينجح في تسويق أكاذيبه ونسب الاحتجاجات للخارج لأن تلك أسطوانة مشروخة فلا أحد يلقي بنفسه للموت استجابة لإغراءات من الخارج. لقد تأكد للعالم كله أن احتجاجات الداخل الإيراني أبعد أن تكون موجهة من معارضة الخارج مثل مجاهدي خلق، وأكبر من أن تكون بتمويل ودعم خارجي في ظل الرقابة المتشددة للحرس الثوري على كل الحدود الجغرافية وخيوط الشبكة العنكبوتية. إنه الشعور بالظلم الذي أخرج الشعب الايراني في مختلف المدن طيلة هذه المدة ومواجهة القمع الشرس المميت، وإنها لعنة الشابة المقتولة مهسا أميني تطارد نظام الملالي.
    لقد كشفت هذه الاحتجاجات الشرخ القائم بين أركان النظام وباقي الشعب الإيراني وبينت أن سياسة العصا القمعية قد تسكت الشعوب مؤقتا ولكنها تعزل الدولة عن العالم وتوسع أعداد الناقمين على النظام، وهو ما يعيشه نظام “آيات الله” الذي كان ينتشي بقوته وأذرعه في المنطقة وها هو يعيش حالة سقوط أخلاقي بإقدامه على تقتيل شعبه.
    يعتبر نظام الملالي داعما رئيسيا لجبهة البوليساريو وهو أحد مزوديها بما تحتاجه من تداريب، وما يحدث له من فضائح حقوقية تجاه شعبه فضيحة لمن يسانده وكان يدافع عنه في القمة العربية الأخيرة ويقف ضد قرارات إدانة استفزازاته للدول العربية المجاورة وتدخله السافر في اليمن وتمويله الواضح للفوضى فيها وفي لبنان والعراق.
    لماذا يصمت نظام قصر المرادية عن هذا النظام وجرائمه في حق الشعب الإيراني؟
    الجواب بسيط لأنه شبيهه في كل شيء.
    نلتقي في بوح قادم.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    فتح بحث قضائي لتوقيف المتورطين في محاولة تهريب أزيد من خمسة أطنان من مخدرالشيرا