حكومة الفايسبوك

حكومة الفايسبوك

A- A+
  • مع إعلان نتائج اقتراع 8 شتنبر وتعيين الملك لعزيز أخنوش رئيسا للحكومة، وحتى قبل أن يبدأ زعيم الأحرار مشاوراته ولقاءاته مع مختلف الأحزاب السياسية التي يمكن أن تشكل معه الأغلبية اللازمة لحكومته، انبرى العديد من المنجمين لرسم السيناريوهات والتحالفات، وإذ كان التكهن وافتراض من يمكن أن يكون في الحكومة ومن يمكن أن يكون خارجها، عادة إعلامية تملأ بها الصحف صفحاتها ومساحاتها الزمنية في انتظار الإعلان الرسمي عن الحكومة وبداية تداول المعلومات المسربة، إلا أن الأمر مع وسائط التواصل الاجتماعي تجاوز كل هذا، حيث تم الإعلان يوم الأحد الماضي عن تشكيلة للحكومة تتكون من 17 وزيرا بالأسماء والحقائب، إنها حكومة الفايسبوك التي لا صلة لها بحقيقة المشاورات التي لم تبدأ إلا يوم الإثنين الموالي لتداول الحكومة المزعومة.. لكن وجه الغرابة ليس هنا، بل في نشر بعض المواقع للائحة حكومة الفايسبوك، تحت عناوين تحيل على أنها الحكومة المرتقبة، بنوع من اليقين و”السكوب” الإعلامي البعيد كليا عن صدقية الخبر والممارسة الإعلامية المستندة إلى المعلومة الحقيقية لا إلى قراءة الفناجين والتنجيم..

    كيف تجري عملية تكوين أي حكومة منذ تعيين الملك لرئيسها، أول ما يقوم به رئيس الحكومة هو اللقاءات الأولية مع جل الأحزاب الممثلة في البرلمان، ينصت إلى مقترحاتها ويطرح على من يرغب منها المشاركة، ثم تأتي المرحلة الثانية، وهي عقد هذه الأحزاب لاجتماع استثنائي لهيئاتها التقريرية، إذ أن اتخاذ قرار المشاركة في الحكومة من عدمه لا يدخل في اختصاص الأمين العام للحزب أو كاتبه الأول بل تتخذه المجالس الوطنية واللجان المركزية في الحزب، بعد ذلك، غالبا ما تعبر الأحزاب الصغرى أو الغاضبة عن قرار خروجها للمعارضة، فيما تتفق الأحزاب الكبرى على قرار المشاركة أو المعارضة مع منح المكتب السياسي أو اللجنة التنفيذية تدبير المرحلة وفق المستجدات، ثم بعدها يُعد رئيس الحكومة مع مفاوضيه في مراكز القرار تصورا حول هيكلة الحكومة.. ما هي الحقائب الأساسية كم سيكون عدد الوزراء في الحكومة، ما هي القطاعات الأساسية والأخرى المدمجة أو المتخلى عنها، بعدها تأتي مرحلة نقاش تمثيلية كل حزب والحقائب المخولة له وهنا كل حزب “و شطارتو” أوحسن تدبير تفاوضه… وحين يتم تقديم الأسماء المرشحة لنفس الحقائب والتي قد يصل عددها إلى ثلاثة أسماء أحيانا، تجري الأجهزة المختصة عملية بحث في سيرة المرشحين للاستوزار، حتى يتم التوصل في نهاية مفاوضات عسيرة تدوم أحيانا أكثر من شهر في بعض الحالات، إلى التشكيلة الحكومية التي تخرج إلى النور، فقد عين الحسن الثاني اليوسفي في 8 فبراير 1998 ولم يعين الحكومة حتى 14 مارس الموالي، لكن فيما بعد أصبحت 3 أسابيع كمعدل مدة كافية للوصول إلى إعلان الحكومة..

  • لكن عمَّ تعبر الحكومة المبكرة التي نصبها رواد الفايسبوك، خارج سياق حرق الأسماء أو اختبار ردود أفعال النخب، فإنها تحمل رغبة المغاربة في تشكيل فريق حكومي صغير محدود الأسماء، يشتغل مثل فرقة متجانسة فعالة في تنفيذ وعودها والبحث عن حلول لمشاكل المواطنين، المغاربة لا يرغبون في حكومة سمينة يظل وزراؤها متصارعين على اختصاصاتهم الموزعة مع وزارات أخرى، وتضيع مصالح الناس بين الإدارات الوزارية.. فالحكومة الصغيرة جدا تعبر في لاوعي المغاربة عن استحسان أو حسن تقييم أداء وزراء تحملوا ذات الحقائب الوزارية في حكومات سابقة مثل أمزازي والتوفيق وبوريطة ولفتيت… وهذا في حد ذاته، إجماع حول فعالية أداء بعض الوزراء لم يكونوا محط تصويت انتخابي، مما يجدد ثقة قاعدة شعبية فيهم، ويكفيهم هذا الشرف..

    وفي انتظار إعلان الحكومة الحقيقية، التي نتمنى أن تعكس طموحات المغاربة في الفعالية والانسجام وحسن الأداء وسرعة التدخل والمردودية، فإن حكومة الفايسبوك لن يعينها الملك وهي سريعة الموت..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الأمير مولاي رشيد ترأس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين