أفاد الإعلامي اللبناني خير الله خير الله، في مقال له على صحيفة العرب الورقية، بأن النظام الجزائري يهرب من أزماته إلى المكان الخطأ متسائلا عن ذنب المملكة المغربيّة إذا كانت الجزائر لا تمتلك، مثل المغرب، طائرات مخصّصة لمكافحة الحرائق؟ فالأكيد أن ردّ النظام الجزائري على التقصير لا يكون بالهرب إلى المغرب، مايعبر عن مدى عجز النظام وعقمه من جهة وعمق القطيعة القائمة بينه وبين الشعب الجزائري من جهة أخرى.

ووفق الصحيفة المذكورة، النظام الجزائري افتعل أزمة كبرى مع المغرب لعلّ ذلك يعفيه من مصالحة حقيقية مع الشعب الجزائري. لن تحلّ له أي أزمة مفتعلة مع المغرب أيّ مشكلة. لا لشيء سوى لأنّ الشعب الجزائري ليس بالسذاجة التي يظنّها. لو كان الشعب الجزائري ساذجا، لما أجبر عبدالعزيز بوتفليقة على الاستقالة بعدما حاول الحصول، عبر المحيطين به، على ولاية خامسة.

وأوضح الصحافي بأن النظام الجزائري يحاول افتعال أزمة كبرى مع المغرب لعلّ ذلك يعفيه من مصالحة حقيقية مع الشعب الجزائري، حيث ليس في استطاعة هذا النظام اختلاق خطر خارجي غير موجود أصلا، فالموجود فعلا هو المرض الذي يعاني منه النظام الذي يرفض الاعتراف بأنّه مفلس سياسيا واقتصاديا وفكريّا وأنّ عليه الاستفادة من المغرب ومن التعاون معه بدل الاستمرار في ممارسة لعبة لا يعرف غيرها، واسم هذه اللعبة تصدير الأزمة الداخلية الجزائرية إلى خارج الحدود.

و حسب المصدر ذاته، سبق للمغرب، بتوجيهات من العاهل المغربي الملك محمّد السادس أن عرض مساهمة طائراته في إطفاء الحرائق في الجزائر. تجاهلت الجزائر العرض مثلما تجاهلت تأكيدات العاهل المغربي حرصه إعادة فتح الحدود المغلقة بين البلدين “التوأمين”، منذ العام 1994، حيث بدل الاستعانة بالمغرب الحريص دائما على مصلحة الشعب الجزائري والجزائر نفسها، لجأ النظام إلي استئجار طائرات تستخدم لإطفاء الحرائق من دول أوروبية. زاد على ذلك كلّه كيل كلّ أنواع الاتهامات إلى المغرب. شملت هذه الاتهامات العلاقات التي أقامها المغرب مع إسرائيل في سياق سياسة متوازنة تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيتّه.

قد يكون أغاظ الجزائر أن المغرب استقبل إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لـ”حماس” ثم يائير لابيد وزير الخارجية الإسرائيلي. كلّ ما يفعله المغرب، إنّما يفعله من فوق الطاولة، لم يتاجر المغرب بالشعب الفلسطيني وقضيّته يوما. لم يستضف جماعة “أبونضال” أو “جماعة وديع حدّاد” التي اخترعت عمليات خطف الطائرات ومنشقين عن “فتح” من أجل المتاجرة بهم مع إسرائيل وغير إسرائيل، خصوصا مع الأجهزة الغربيّة أو تلك التابعة لبلدان أوروبا الشرقيّة في مرحلة ما قبل انهيار جدار برلين. لم يكن غريبا إحباط إسرائيل عمليّات عدّة كان مفترضا أن يشنها فلسطينيون انطلاقا من الجزائر. آخرها كانت في العام 1985 عندما فجّر كوماندوس إسرائيلي سفينة أعدت للانطلاق من ميناء عنابة الجزائري في اتجاه الشواطئ الإسرائيلية. ما هذه القدرة الإسرائيلية على اكتشاف وجود مثل هذه السفينة في المياه الجزائرية قبالة عنّابة؟

وما هو مضحك أكثر أن تتهّم الجزائر المغرب بتشجيع جماعة انفصالية في الجزائر. ليست هذه التهمة سوى محاولة مكشوفة لتبرير الحرب التي تشنّها الجزائر بطريقة غير مباشرة على المغرب منذ استعادته أقاليمه الصحراويّة بطريقة سلميّة. لم يدر النظام الجزائري يوما أن أي تشجيع لأي انفصال في دولة مجاورة له سيرتدّ عليه عاجلا أم آجلا، مشيرا بأن الأزمة في الجزائر داخليّة. إنّها أزمة نظام مريض يظنّ أن التصعيد مع المغرب هو الحلّ في حين أن الحلّ في مكان آخر. الحل في اعتماد التواضع والواقعية وامتلاك الجرأة على القيام بعملية نقد للذات والتخلّص في الوقت ذاته من عقدة المغرب.

المصدر: شوف تي في