بوح الأحد: حرب الخلافة في تندوف،انتصار أولي للمغرب في مجلس الأمن وإعادة ترتيب..

بوح الأحد: حرب الخلافة في تندوف،انتصار أولي للمغرب في مجلس الأمن وإعادة ترتيب..

A- A+
  • بوح الأحد: حرب الخلافة في تندوف، انتصار أولي للمغرب في مجلس الأمن وإعادة ترتيب  الأوراق في المنطقة العربية في ظل أزمة الديمقراطية التونسية، حريق في بيت أمنستي وأشياء أخرى
    أبو وائل الريفي
    تدهور صحة زعيم الانفصاليين عجلت بانتقال رئيس أركان الجيش الجزائري إلى تندوف ليلة الأحد من أجل الوقوف شخصيا على تدهور صحة الزعيم قبل نقله إلى إسبانيا حيث يتابع علاجه هناك. زعيم الانفصاليين الذي يعاني من الربو والغدد اللمفاوية عمقت أزمته الصحية إصابته بكوفيد الذي انتشر وسط ساكنة تندوف، وحسب معلومات مؤكدة فقد أصيب حتى أفراد من قوة المينورسو في تندوف مما اضطر قيادة المينورسو إلى تقليص تحركاتهم إلى الحد الأدنى ومواصلة مهامهم بالعمل عن بعد حتى يتم الحد من انتشار الفيروس في صفوف المينورسو.
    انتقال شنقريحة على عجل إلى تندوف ليلة الأحد وبقاؤه إلى ساعة متأخرة من الليل يعكس تخوف المؤسسة العسكرية الجزائرية من تفكك صفوف الانفصاليين في وقت تراهن فيه الجزائر على دورهم في استراتيجية استهداف المغرب و”تسخين الجبهة” على هامش دورة مجلس الأمن المخصصة لقضية الصحراء.
    لقد راهنت الجزائر، ومن ورائها البوليساريو، على تراجع إدارة بايدن عن قرار إدارة ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على كامل ترابه الوطني من خلال تعبئة أعضاء مجلس الشيوخ لدفع إدارة بايدن للتراجع عن القرار، لكن إدارة بايدن كانت واضحة. لا تراجع عن القرار مع ما يعني ذلك من العمل على إعادة تنشيط مسلسل التسوية من خلال تعيين مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة وعودة الأطراف إلى المفاوضات، مفاوضات من المفروض أن تؤدي إلى حل في إطار السيادة المغربية على مجموع الأقاليم الجنوبية.
    لقد كان المغرب واضحا من خلال قبوله لكل اقتراحات الأمين العام التي رفضتها الجزائر من خلال البوليساريو وتشبث المغرب بوقف إطلاق النار، لأن عملية تحرير ڭرڭارات لم تكن إلا عملية محدودة في الزمان والمكان أعادت الأمور إلى نصابها وإلى الوضع الذي كانت عليه أيام توقيع كل الأطراف على اتفاق وقف إطلاق النار.
    ومن أجل الرفع من معنويات الانفصاليين، وعدتهم الجزائر بتمكينهم من طائرات درون من صنع إيراني لتعزيز قدراتهم العسكرية لاختراق الخطوط الدفاعية المغربية على طول الجدار، رغم قناعتهم أن القوات المسلحة الملكية وبفضل الجدار حصنت خطوطها الدفاعية بالكامل من أجل تأمين أقاليمنا الجنوبية في وجه التهديد الخارجي.
    في البوح الأخير كشف أبو وائل إصابة زعيم الانفصاليين بكوفيد في الوقت الذي تكتم فيه الجميع على الخبر، لكن بعد مرور خمسة أيام وبعد كشف خبر مرضه ونقله إلى مستشفى إسباني من طرف وسائل إعلام إسبانية وفرنسية، اضطرت وزارة الخارجية الإسبانية إلى تأكيد الخبر وتبريره بأسباب إنسانية مع التأكيد على أنه بين الحياة والموت مما دفع البوليساريو إلى الإعلان عن الخبر.
    مرض زعيم الانفصاليين فتح الباب على مصراعيه على حرب الخلافة وحاجة الجزائر إلى تماسك صفوف الانفصاليين في هذا الظرف الحساس من مرحلة المواجهة مع المغرب، في الوقت الذي فتحت فيه المصالحة الخليجية المجال لإعادة ترتيب الأوراق في العالم العربي.
    إعادة ترتيب الأوراق بعد المصالحة الخليجية كان واضحا في ملف العلاقات المصرية التركية.
    يتابع أبو وائل منذ أسابيع مؤشرات عودة الدفء إلى العلاقات التركية المصرية بعد سنوات من القطيعة والتشنج منذ سنة 2013 بعد الإطاحة بنظام مرسي. وقد كان منتظرا تحقق هذا التقارب، الذي تأخر كثيرا، بحكم المصالح المشتركة الكبيرة التي تجمع بين الدولتين وفي مقدمتها التعاون الأمني والاستراتيجي لمعالجة بعض القضايا الحساسة للبلدين، مثل المسألة الليبية وملف غاز شرق المتوسط، وبسبب الطابع البراكماتي لتركيا التي من مصلحتها عدم استعداء دولة بحجم مصر وتقديم إشارات إيجابية للدول العربية الأخرى، وخاصة بعد المصالحة الخليجية.
    السؤال الذي كان يطرح ويصعب الإجابة عنه، أو السر الذي كان يبحث الكل عن فك لغزه هو الثمن. هل يمكن لمصر أن تقبل التقارب بدون رأس الإخوان الذين جعلوا من تركيا منصة إعلامية وحقوقية وسياسية و… لمعارضة النظام المصري؟ وهذا أقرب إلى المستحيل. وهل يمكن لتركيا أن تستجيب لهذا الشرط المصري على حساب شركاء الإيديولوجية والسياسة الذين يقدمون دورا دعائيا لتركيا في العالم العربي؟
    لم يتأخر التجاوب التركي مع المطالب المصرية، فكانت التضحية بشكل سريع بكثير من “الكاميكازات” الإعلامية والسياسية، رغم أن التقارب في مراحله الأولى وعلى مستوى متواضع لحد الآن لم يصل بعد لتبادل زيارات رئاسية أو زيارات على مستوى عالي.
    لن تعدم تركيا تبريرات لقرارها الذي تعتبر المعارضة المصرية في الخارج، وأساسا الإخوان، أكبر متضرر منه. ولذلك تم توجيه القنوات المعروفة بعدائها لمصر لاحترام ميثاق الشرف الإعلامي والانضباط لقواعد المهنية وتخفيف حدتها تجاه مصر، بل وصل الأمر إلى حد صرح فيه معتز مطر بأن برنامجه على قناة الشرق “في إجازة مفتوحة لم أكن أتمناها بالمرة.. لم نتوقف إلا مجبرين”.
    هذا درس لمن يستحلي المعارضة من الخارج، ويطلق العنان للسانه من خارج البلاد بالسب والقذف أن الحصانة مؤقتة ودوام الحال من المحال. وهو درس كذلك لأولئك الذين يرون في اردوكان نجاشي زمانه وخليفة المسلمين. لقد تم منع التراويح بالمساجد حفاظا على الأرواح من وباء فتاك ينتشر كالنار في الهشيم، وتم التخلي عن الإخوان حفاظا على مصلحة الدولة. لماذا لم نشهد حملات التنديد بتركيا؟ لماذا لبس هؤلاء لباس الحكمة والرزانة وصارت لغة الاستراتيجيا والمصلحة هي المعتمدة؟
    لا تدار الدول بمنطق عاطفي، والمصالح تغلب العواطف، ومنطق الدولة ليس هو منطق الجماعة أو القبيلة أو العشيرة. وما يحدث من تركيا كان منتظرا، ولكن غير المنتظر هو الأخطاء التي ترتكبها المعارضة المصرية من الخارج التي صارت مقتنعة بعجزها وشتاتها وفشلها ومتمسكة في الآن نفسه بأحلامها. هو درس لمن يستحل كل الوسائل لإثبات أنه معارض. ليس العيب في المعارضة ولكن العيب كل العيب في علاقاتها ولغتها ووسائلها. لا يمكن للمعارضة أن تكون ناجحة وهي تشتغل بمنطق الأرض المحروقة وبالانتصار للأجندات الخارجية.
    لا يمكن لتركيا أن تستمر قوية بدون عمق عربي وسند أمريكي وهدنة مع إسرائيل، وهي التي تعيش جحيم علاقة مع جيرانها الأوربيين، ومنافسة جيرانها الإيرانيين الفاعلين الأساسيين في سوريا. تركيا ملزمة بالتقليل من خصومها، أو كما عبر عن ذلك داوود أوغلو منذ بداية تجربة العدالة والتنمية التركي “سياسة تصفير المشاكل” والتي للأسف فشل الحزب في تطبيقها لأنه لم يصنع إلا توترات تلو التوترات في المنطقة.
    كوفيد 19 الذي أصاب زعيم البوليساريو يضرب في مقتل المنظومة الصحية التونسية التي شارفت على الانهيار بفعل ارتفاع الإصابات والحالات التي تحتاج إلى أقسام الإنعاش في ظل استمرار الأزمة الدستورية بين الرئاسات الثلاث وعدم تحمل أي طرف لمسؤوليته من أجل اتخاذ قرارات سياسية جريئة من أجل إعلان الحجر الصحي الكامل، عوض الارتكان إلى الحسابات السياسوية بعدم اتخاذ القرارات التي يفرضها تطور الوضعية الوبائية الخطيرة في البلاد مخافة تضرر شعبية هذا الطرف أو ذاك، وهوما يهدد التجربة الديمقراطية التونسية التي يظهر أنها تتجه نحو الانتكاسة، في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية لم تعشها تونس حتى في ظل نظام بن علي.
    لقد وقع ما حذر منه أبو وائل مرارا حول تونس وثورتها ودستورها وبنائها. من يتابع هذا البوح، سيكون، بدون شك، لاحظ تخصيص أبو وائل أكثر من مرة الحديث عن التجربة التونسية منبها إلى نقائصها والكوابح التي تعوق انتقالها إلى الديمقراطية. للأسف، ركز البعض فقط على الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية، وهي كافية وحدها لإجهاض حلم الشعب التونسي الذي يرغب في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية. لم ينتبه كثيرون إلى العائق الدستوري الذي أفرز نظاما هجينا، يبدو في الظاهر “شبه رئاسي” شبيها بالنظام الفرنسي، ولكنه في العمق نظام يُعتمد كحل في الدول المبنية على أساس طائفي لأنه يرسخ لفكرة الرئاسات الثلاث كما هو الحال في لبنان ما بعد اتفاق الطائف وعراق ما بعد صدام، رغم أن تونس عافاها الله من هذه الطائفية المقيتة التي لا تبني دولة مواطنة، ولكنها مهددة بالسقوط في طائفية من نوع آخر.
    في ظل حالة انحباس اقتصادي وتدهور اجتماعي يطغى على تونس نقاش سياسي مغلوط تريد كل جهة تأويل الدستور لما يخدم مصالحها ويتعقد الأمر حين نعلم أن لا وجود في البلاد لمحكمة دستورية بإمكانها حسم الخلاف، وهوما يجعل البلاد تحت رحمة توافق قد يأتي وقد لا يأتي، والأصل أنه يستحيل حدوثه في ظل نظام الرئاسات الثلاث بين أقران متنافسين. هنا تظهر قيمة الملكية في المغرب بدورها التحكيمي وطابعها الوطني والإجماع الحاصل حولها وقدرتها على التدخل في اللحظات الحاسمة بمنطق وطني يحمي مصلحة المغرب والمغاربة. إنها ضمانة المغاربة ضد كل نزوع طائفي وتغول سياسي، وهوما يعيه كل الفاعلين مما يجعل الملكية ثابتا يقتنع الكل بأنها فوق الصراع السياسي وضامنة لفصل السلط وتوازنها وتعاونها.
    الرئيس التونسي يرفض منذ مدة ليست بالقصيرة التأشير على التعديل الحكومي الذي صادق عليه البرلمان، وهوما يترتب عنه حكومة مقلصة هي أقرب إلى “حكومة حرب” أو إلى “حكومة تصريف أعمال” أو إلى حكومة تطلق يد الإدارة العمومية في كل شيء. هل من أجل هذا خرج الشعب التونسي في 2011؟
    الرئيس التونسي يرفض التأشير على تعديلات البرلمان على قانون المحكمة الدستورية التي لم تر النور بعد سبع سنوات على إقرار دستور 2014. ولا حل أمام الحكومة والبرلمان والشعب إلا انتظار تأشيره. هل هذه هي الديمقراطية التونسية الناجحة؟
    الرئيس التونسي يسافر إلى مصر ويزور قبر عبد الناصر والسادات ولا يزور قبر مرسي مما جعله عرضة لانتقاد التيار الإخواني في تونس وخارجها. وبالمقابل، رئيس البرلمان يزور قبل ذلك تركيا ليجري محادثات مع مسؤوليها حول قضايا كثيرة جعلته كذلك معرضا لنقد واسع من التيار الآخر بدعوى تغليب مصالحه الحزبية والإيديولوجية على مصلحة تونس. هذا هو حال تونس اليوم، وهذه هي نتيجة ثورة سنة 2011.
    لقد وصل التوتر بين رئاسة الحكومة والبرلمان وبين الرئيس التونسي ذروته الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى 65 لعيد قوات الأمن الداخلي حين تناول الكلمة الرئيس بحضور رئيس الحكومة ورئيس البرلمان ليدخل اللحظة الاحتفالية، لقوات تبذل الغالي والنفيس لمواجهة ظرفية جد حساسة، في متاهة تأويل الفصل 77 من الدستور حاسما أن هذا الفصل يعني أنه “القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية وللقوات المسلحة المدنية ولكل أسلاكها” مستندا في ذلك إلى دستور بورقيبة لعام 1959الملغى، ومتجاهلا باقي الفصول الدستورية 17 و18 و19 و78 و89، ومستنتجا بناء على ذلك أن قانون الوظائف العليا لعام 2015 غير مطابق للدستور وهو بالتالي في حكم المنسوخ.
    في مثل هذه اللحظات يحمد أبو وائل الله أنه مغربي لأنه يتذكر التدخل الملكي في لحظة عسيرة سنة 2016 لفك تعثر تشكيل الحكومة مراعيا نتائج الاقتراع ومحترما الخيار الديمقراطي وهوما نال رضى كل الأطراف. كانت لحظة حاسمة اقتضت تدخلا ملكيا فتدخل الملك لمصلحة البلاد بغض النظر عن حسابات السياسيين لأن النأي بالنفس في مثل هذه اللحظة قد يعطل السير العادي للدولة، ولكن بالمقابل، حين يتعلق الأمر بصراع انتخابي وخلاف قانوني فللأمر مؤسساته التي تشكلت بإرادة جماعية وتسير وفق قوانين أفرزتها مؤسسات منتخبة فالملك بعيد عن الصراعات الانتخابية، كما حصل في خلاف الأحزاب حول اعتماد القاسم الانتخابي الذي حسمته المحكمة الدستورية وفق اختصاصها. لهذا يقول أبو وائل، منذ مدة، أن الدول العربية لا يصلح لها إلا نظام رئاسي، وليس رئاسوي، ولكن يحسن استعمال سلطاته لمصلحة البلاد، ويعمل وفق منطق المصلحة الوطنية بدون حسابات انتخابية قد تدخل البلاد في فراغ مؤسساتي أو شلل ينعكس سلبا على باقي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والدبلوماسية.
    إن نجاح تونس نجاح للمغرب وللاتحاد المغاربي وتقوية لهذا الإطار الإقليمي الجامد والذي لن تقوم قائمة لدوله إلا بتفعيله بمنطق جماعي تشاركي لا مزايدة فيه ولا كولسة ولا رغبة في الانتعاش وسط خلافات أعضائه. هذا ليس من الأخلاق في شيء. وهذه مناسبة للتذكير بأن جهود المغرب في بناء هذا الاتحاد وتخفيف التوتر داخل دوله، وليبيا مثال، لا يتم بمنطق انتهازي ولكنه عقيدة مغربية ترى في الأمن القومي للدول المغاربية جزءا من الأمن القومي للمغرب أمام تيارات الفوضى وشبح الإرهاب. ولأنها كذلك، سيبقى المغرب فاتحا ذراعيه لكل الدول بحرص على التجميع والتقريب مغلبا مصلحة الدول المغاربية لتكون محاورا وشريكا قويا للضفة العليا من المتوسط ولكل المنتظم الدولي.
    في ظل هذا المحيط المتقلب، يواصل المغرب خطواته بكل ثقة من أجل تثبيت التجربة الديمقراطية المغربية، ورغم كل ما قيل عن القاسم الانتخابي الذي اعتمد بشكل غير مسبوق على عدد المسجلين والذي اعتبره حزب العدالة والتنمية استهدافا له، فإن هذا القاسم الانتخابي لن يقرر خريطة سياسية غير معبرة عن الواقع، فكل المؤشرات تبين أن خريطة انتخابات سبتمبر 2021 لن تفرز خريطة مغايرة للخريطة الحالية من حيث تصدر حزب العدالة والتنمية للانتخابات كأول حزب سياسي في البلاد، لأن القاسم الانتخابي الجديد لن يعطي قوة إضافية للأحزاب الصغيرة وقد يرفع بشكل محدود عدد مقاعد التنظيمات السياسية ذات التمثيلية المتوسطة، وهذا ما يفسر تبادل الضربات تحت الحزام بين بعض الأحزاب التي تسعى إلى ضمان مقاعد لها في الحكومة المقبلة التي لن يقودها إلا حزب العدالة والتنمية الذي يعتمد على خزان انتخابي لازال متماسكا رغم كل اللغط المثار حول قرارات كانت ضرورية قد يتضرر منها شعبيا، لكن ليس إلى الحد الذي يفقده الريادة في الخريطة السياسية المغربية.
    لقد بينت تطورات الأشياء أن المغرب اتخذ المواقف الصحيحة في إطار الوضوح، من خلال رفض تدخل بعض المنظمات الحقوقية في النيل من استقلال قضائه الوطني.
    قبل مدة اتخذ المغرب مواقف صارمة في مواجهة منظمة العفو الدولية باعتبارها أداة للتأثير والضغط، خاضعة لجهات بعينها في إطار لعبة الأمم. والآن انفضح المسكوت عنه بعدما اضطر العاملون في أمنستي إلى مخاطبة كبار المنظمة عبر الرأي العام من خلال صحيفة الغارديان محذرين من تفشي العنصرية داخل دواليب المنظمة الحقوقية التي تهتم ب”حقوق الإنسان” في العالم كله وتتناسى تنظيف بيتها الداخلي المليء بالعنصرية ضد نشطاء وعاملي المنظمة.
    أقول اضطر العاملون لأنهم سئموا سياسة “عين ميكا” التي يقابل بها كبار المنظمة شكاواهم التي لا يليها إلا اتساع هذه العنصرية. وهكذا يجد العامل في أمنستي، بحافز الدفاع عن حقوق الإنسان، نفسه ضحية الانتهاكات ممن ينتظر أن يكون قدوة حقوقية.
    إن هذه الفضيحة وحدها كافية ليقدم الطاقم المدير للمنظمة استقالة جماعية بسبب الفشل في اختيار موظفين حقوقيين، والإخفاق في تطبيق مبادئ المنظمة داخلها قبل خارجها، وكافية كذلك للمطالبة بكشف حقائق ما يعتمل داخل كواليس هذه المنظمة التي تعطي الدروس للجميع وتنسى نفسها، وكافية أخيرا لدفع الكثير ممن جعلوا تقاريرها مقدسة إلى مراجعة هذه النظرة.
    يحمد الله أبو وائل أنه نبه منذ الصيف الماضي إلى أجندة أمنستي وارتزاق بعض قيادييها، البعض وليس الكل، بحقوق الإنسان التي أصبحت أصلا تجاريا محتكرا. حينها ارتفعت حناجر الطابور الخامس ضده لتسوق أنه ضد حقوق الإنسان وعياش و…لماذا تصمت هذه الأسماء اليوم ضد هذه الاتهامات التي ينطبق عليها “وشهد شاهد من أهلها”؟ لماذا لم تجعل هذه مناسبة للتعامل بالنسبية المطلوبة مع تقارير منظمة تتعامل بشكل انتقائي واستهدافي لدول بعينها؟ لماذا لا يعيدون الشريط إلى الوراء قليلا ليفهموا حجم الأخطاء التي تضمنتها ادعاءات المنظمة عن المغرب بدون دليل؟
    لا يكفي الاعتراف بالخطأ والوعد بالتصحيح، ولا يكفي الطابور الخامس التجاهل والصمت وهم الذين لا يفوتون فرصة لإصدار بيان أو تدوينة استنكار. ومع ذلك، لا يهم أبو وائل من هذه الواقعة إلا المغرب الذي امتلك شجاعة عدم الخضوع لإرادة وأجندة هذه المنظمة متسلحا بيقينه في سياساته وقوانينه ومؤسساته ومسؤوليه، واختار بإرادة واعية مقارعة الحجة بالحجة فما كان من هذه المنظمة إلا العجز عن تقديم الحجج الدامغة على ادعاءات موجهة ضد المغرب إلى يومنا هذا مكتفية بترديد كلام سياسي بعيد عن اللغة والمنطق الحقوقي.
    ها هو التاريخ والوقائع ينصفان المغرب، وهو ما يستدعي الاعتراف لحماة الوطن والمؤسسات وحماة الجدار بالصواب حين قرروا تعليق التعامل مع هذه المنظمة حتى تراجع منطقها الاستهدافي للمغرب، وحين قرروا مواجهة ادعاءاتها بحقائق العلم والتكنولوجيا، وحين تمسكوا بسيادة المغرب مهما كان الثمن.
    لم تنجح حملة الإخضاع والإضعاف، ولم ينجح الطابور الخامس في الاستقواء بالمنظمة ليفعل ما يريد بدون رقيب أو حسيب، ومضى كل إلى حال سبيله، وبقيت الكرة في مرمى أمنستي تحركها بحقد ضد المغرب ومؤسساته كلما أتيحت لها فرصة أو تصطنعها بينما بقي المغرب سيد قراره. بقي المغرب دولة قانون ومؤسسات قوي بشعبه الذي يرفض الخضوع.
    بعد أن انفضح المستور، كنت أنتظر أن يتحرك كل ملاك الأصول التجارية المدرة للدخل باسم حقوق الإنسان لينددوا بالعنصرية السائدة في منظمة أمنستي، لكنهم أصيبوا بالخرس حتى لا يتآكل أكثر من اللازم رصيدهم، لقد خرسوا جميعا ويراهنون على إضرابات طوعية عن الطعام من أجل لي ذراع القضاء المغربي لتعطيل القانون.
    رأيت كباقي الناس صورة عائلية لأبو فايزة وهو بالجلباب المغربي، رغم أنه لم يلبس الجلباب المغربي منذ أكثر من 20 عاما، صورة أراد لها أن ترسخ لدى الرأي العام صورة قابلة لتأويلات ماكرة، لكنها تبقى صورة ذات حمولة انتهازية بامتياز فضحتها أكثر الصورة مع الحريري. ففي الوقت الذي أرسل الملك مساعدات عينية من ماله الخاص إلى الجيش اللبناني باعتباره مؤسسة سيادية تمثل الشعب اللبناني بكل أطيافه، تذكر صاحبنا أنه كان أخذ له صورة في يوم من الأيام مع سعد الحريري في باريس.
    من يريد أن يختلس لنفسه حسنة في أيام الشهر الفضيل ما عليه إلا أن يلتفت إلى العاملين في خدمته، ويظهر تشبته بخصال المواطنة أولا ويصرف لهم أجورهم في هذا الشهر الفضيل عوض أن يلعب على الأحداث بصور لكي يختلس لنفسه أمام الرأي العام حسنات غيره.
    هذا هو المغرب الذي يواصل الانتصارات. الانتصار الأولي في مجلس الأمن رغم عدم الإدانة الواضحة لبلطجة الجزائر والبوليساريو وتخوف إسبانيا من تردي علاقاتها مع المغرب عقب قبول استشفاء إبراهيم غالي في مصحة إسبانية تحت هوية مزورة بعد أن تفجرت القضية باعتبار أن إبراهيم غالي موضوع متابعة من طرف المحكمة الوطنية في مدريد. لقد تحركت حكومة مدريد بشكل مكثف طوال آخر الأسبوع من أجل تبرير الصفقة مع الجزائر التي يحمل إبراهيم غالي جواز سفرها الدبلوماسي وإقناع الرباط بأن قرارها ليس موجها ضد المغرب في ظل نشوب خلاف حاد بين وزارتي الداخلية الإسبانية الرافضة للقرار ووزارة الخارجية التي وضعت السلطة التنفيذية في موقف حرج تجاه السلطة القضائية المطالبة بتحريك المسطرة القضائية في حق زعيم الانفصاليين.
    لقد تحولت الأزمة من أزمة مغربية إسبانية إلى أزمة إسبانية/إسبانية قد تدفع الجزائر إلى إعادة إبراهيم غالي إلى الجزائر، رغم أنه يوجد في وضعية صحية حرجة بعد أن رفضت ألمانيا قبول علاجه في مستشفياتها.
    حرب الخلافة بين أركان الانفصال على أشدها، لكن القرار الأول والأخير هو قرار الجزائر المجبرة اليوم على أن تختار بين البشير مصطفى السيد وعبد الله لحبيب البلال لإنعاش جثة الحركة الانفصالية التي دخلت مرحلة متقدمة من التيه والتشرذم تعمقهما صلابة الموقف المغربي وانتصاراته الديبلوماسية.
    وإلى بوح آخر.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي