نحن اليَتامى يا يَتيم..

نحن اليَتامى يا يَتيم..

A- A+
  • نحن اليتامى حقا يا يتيم.. أنت سافر إلى فرنسا وتمتع في جولة سياحية رفقة مدلكتك/ زوجتك الجديدة، ودافع عن حقك في قضاء عطلتك بمنتجع سويسري كما فعلت صيف 2018، واقض فترة طويلة بجنيف رفقة “السطاف” الذي اخترته مستغلا مناسبة رسمية وعلى حساب أموال الشعب.. أنا لست شعبويا يا يتيم فللوزراء وللسياسيين والنقابيين والجمعويين حتى ممن ينصحون الناس بالتقشف ويحبون أن يروا نعمة الله عليهم فقط، الحق في السفر والراحة من عناء تسيير شؤون المواطنين.. سافر فالسفر متعة للروح وتبدال المنازل راحة، والإنسان اللي ما تيتجول وما تيدور كدية ولا خير فيه.. أو اختر سطاف غير مشوش واستغل مناسبة نشاط رسمي بجنيف، واضرب في أرض الكفار أسبوعين بالتمام والكمال..

    وانصحنا نحن بالسفر في ذواتنا، أتذكر تدوينتك المثيرة يا يتيم أكاد أحفظها عن ظهر قلب لأنك بدوت لي مثل صوفي عظيم حين نصحتنا: “يفكر الناس في العطلة للسفر من أجل الاستجمام وتغيير الروتين وعيش إحساس جديد بالحياة للعودة بعزيمة أكبر من أجل مزيد من العطاء.. غير أن الملل سرعان ما يتسرب لأنفسهم منذ الأيام الأولى بعد أن ألفوا البيئة الجديدة فيبحثون في السفر عن أسفار أخرى”.

  • بالله عليك يا يتيم أصدقنا القول، هل أحسست بالملل وأنت تزور البولفار، قوس النصر، لومولان روج، قلب الأخت المقدسة، ساحة الشانزيليزيه الرائعة، السان جيرمان ولا كونكورد بشارع دي ريفولي؟ وهل أصابك الملل وأنت تجلس في فندق من خمس نجوم وتخدمك فتيات كأنهن الحور العين، وتأكل ما شاء الله من فاكهة ونخل ورمان وتفاح ومما يشتهون؟ هل أصابك سهم الضجر والقرف وأنت تقتني ما تشاء من عاصمة الأنوار التي لا تنام، أحسن العطور وأفخم الملابس والماركات العالمية من غاليري “لافاييت” ومول “كاريسول لوفر” و”ليكاتر تون” أو الأزمنة الأربعة.. ولم تنس بالطبع هدايا للعائلة والأصهار الجدد خاصة؟

    هل مللت وأنت تضع يدك في يد زوجتك في منتجع سويسرا المخملي أو في قلب جنيف الرائعة؟ أم أنك أحسست بالملل وعدت إلى البلد للبحث عن سفر آخر أو عن سفر روحي داخل الذات؟ هل أصابك الملل وأنت تجلس على البحيرة الرائعة التي تحضن وديانها جبال الألب ومياهها العذبة، وتلقي من بعيد نظرة على نافورة جنيف – أطول نافورة في العالم- ويضجرك صخب الموسيقى والألوان المنعكسة على الماء، وتصاب بالملل في متحف “أريانا” و”فليب باتيك” والمدينة القديمة تخنق روحك والحديقة الإنجليزية تنفرك؟
    أتذكر نصيحتك يا يتيم لتجنب “الملل” ووصفتك السحرية حين قلت: “ماذا لو جربوا السفر داخل الذات سواء سافروا أو بقوا في مقر سكناهم.. على فكرة يحدث لكثير منا ألا يتمتعوا بما يكفي بمقر سكناهم وينتقلون داخله مستعملين مختلف مرافقه وغرفه وصالونه وسطحه وشرفته! ماذا لو جربوا من حين لآخر هذا النوع من السفر ووفروا ثمن الكراء والبنزين والنفقات المكلفة خارج البيت ووسعوا أكثر وهم يبحرون داخل أنفسهم وينجحوا مشاريعهم المؤجلة طيلة السنة” .

    والله لنحن اليتامى حقا يا محمد يتيم..

    نحن اليتامى لأن معظمنا لا يحلم حتى بامتلاك جواز سفر، وأقصى ما نفكر فيه حين نُكره على السفر، هو أننا نتخشاو مع خوتنا فشواطئ مارتيل وسيدي بوزيد، والرباط وسلا وعين الذياب وفي الوديان الخطيرة.. وفي القياطن ودور الكراء الرخيصة إذا ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وحتى حين نريد السفر في مساكننا فهي ليست بالشساعة التي ذكرت في نصيحتك الصوفية حين تكلمت عن مرافق منازلنا وغرفها وصالونها وسطحها وشرفتها، فأنت لا تعرف شيئا عن سكنانا؟ فكيف ستعرف مشاكل تشغيلنا؟

    نحن اليتامى يا يتيم لأننا صدقنا خطابك وخطاب حزبك عن الزهد وتحذيرنا من وسخ الدنيا وأن الآخرة خير من الأولى، وصوتنا عليكم مرتين.. اغفروا لنا بلادتنا، وارحموا جهلنا وسذاجتنا، ولكن اتقوا الله في أموالنا… راكم عيقتو بزاف..

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي