وانتوما نوضو كلشي عاق بكم

وانتوما نوضو كلشي عاق بكم

A- A+
  • أثيرت هذا الأسبوع قضية على جانب كبير من الأهمية، وتتعلق باستفراد حزب العدالة والتنمية بمقاعد المناصب العليا، فقد فجر رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين قنبلة من العيار الثقيل ترتبط بما أسماه انشغال الحكومة عن القضايا الحيوية للمغاربة بتوزيع “الكعكة” على مناضليه..
     
    يبدو أن الأمر مرّ مرور الكرام في هذا الشهر الفضيل الذي يبدو فيه المغاربة قانتين إلى رحمة الله متصارعين مع لقمة الخبز التي جعلتها الحكومتان الإسلاميتان أشبه بقطعة من الجحيم بسبب لهيب الأسعار، لكن الأمر بالغ الخطورة، فعلى امتداد الأعوام الثمانية الماضية منذ شغل حزب العدالة والتنمية المسؤولية الحكومية في نهاية سنة 2011، نجح هذا الحزب في وضع 1050 إطارا عاليا في مراكز القرار والمسؤولية الإدارية، لنتأمل يرحمكم الله فإن الأمر يتعلق بالإدارة المغربية أي بدواليب الدولة التي هي فوق الأحزاب التي تعبر المناصب الحكومية، وبمؤسسات دولة، وفوق هذا بمناصب يجب أن يكون التقدم لنيلها وفق منطق الأهلية والكفاءة والاستحقاق مفتوحة أمام كل المغاربة على قدم المساواة لاعلى أساس الزبونية والمحسوبية الحزبية..
     
    تشتكي النخب المغربية منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكومة، من ضيق أفق ارتقائها الاجتماعي، أطر وازنة وذات كفاءة مشهود بها، تجد أن مناصب المسؤولية في أجهزة الدولة هي  حق دستوري لكل المواطنين على قدم المساواة وليس بالضرورة بمنطق المحسوبية التي ادعى حزب العدالة والتنمية أنه جاء ليحاربها، فإذا بنا نترحم على الماضي، فمع الاستقلاليين والاتحاديين كنا نجد أن المسؤولين الحكوميين على الأقل  “تيضربو ويقيسو” وياكلو شوية ويخليو الفرصة لكفاءات البلاد لتنتعش قليلا، أما مع حزب البيجيدي فنجد أنه “دار ميسة لكل شي”.
     
    إن منطق الزبونية الحزبية والمحسوبية السياسية الذي تحكم في التعيينات الحكومية لكبار موظفي الدولة، لا يمكن إخفاؤه عن الناس فهو جلي وظاهر للعيان بالعين المجردة ولا يحتاج إلى دليل إثبات للوقوف على حقيقة توظيفات أجراها وزراء العدالة والتنمية على المقاس، ولا حديث في كواليس الوزارات سوى عن إزالة فلان وتعويضه من غير حساسية حزب المصباح بفلان الفلاني من حزب العدالة والتنمية والمقرب من هذا الوزير أو ذاك من ذات الحزب، وبدل الانشغال بقضايا المواطنين وحل الإشكالات الثقيلة المعروضة على كل الوزارات، نجد أن الموظفين داخل الوزارات أصبحوا يعرفون الأسماء القادمة إلى هذا المنصب أو ذاك قبل التأشير عليها في مجالس الحكومة، وخصوصا من لدن وزراء حزب العدالة والتنمية الذين استحوذوا على حصة الأسد من “كعكة” التوظيفات العليا للحكومة، وهو ما يناقض مبدأ الاستحقاقية وتكافؤ الفرص اللذان تحدث عنهما السيد سعد الدين العثماني.
     
    ما الغاية من ذلك؟ هل الأمر فقط مرتبط بأن هذا الوزير أو ذاك يريد موظفين منسجمين مع خطته أو برنامجه السياسي في هذا القطاع أو ذاك؟ الأمر أكبر من هذا، إنه ببساطة يخفي بُعد هيمنة حزب العدالة التنمية على مؤسسات الدولة ودواليب الإدارة ومركز القرار فيها، لا تعتقدوا أن سعد الدين العثماني يبدو قابلا لكل شيء فقط لكي يستمر كرئيس حكومة، لا أبدا، إنه يهيئ أدوات الاشتغال الأساسية للانتخابات القادمة، فمسؤولو اليوم في المناصب العليا هم اليد الضاربة في الخريطة الانتخابية التي ستسهر على تدبير المشاريع وتطبيقها وتوجيهها وفق خطة سياسية محكمة تستهدف تقوية نفوذ عمداء المدن والموالين لحزب المصباح، ورؤساء المجالس الإقليمية والجهات التابعة لنفوذ الحزب في مقابل استهداف غير المنضوين تحت لواء الحزب بتفويت المشاريع الأساسية بشكل انتخابي..
     
    ففي الوقت الذي يطالب فيه وزير الوظيفة العمومية بهيئة مستقلة لقبول  طلبات الترشح للمناصب العليا، يأتي رئيس الحكومة لينومنا في العسل بأن هذه المناصب تخضع لعملية تكافؤ الفرص والاستحقاقية، وهو مجرد ذر للرماد في العيون..
     
    ونوضو راه عقنا بكم، تتمسكنو حتى تتمكنو، الحمد لله أن للبيت رب يحميه، وملك توجد تحت سلطته المحايدة أجهزة المخابرات والجيش والمؤسسات الدينية بصفته أميرا للمؤمنين، وبعض المناصب الحساسة، أما كون اكتسحتوها بحال جراد، صح النوم ياوله، هذا المغرب ماشي تركيا وما شي مصر…إنه المغرب الاستثنائي بالمعنى الحقيقي للكلمة ياعالم…وعواشركم مبروكة… 

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    البرلمان : تأجيل جلسة عرض أخنوش للحصيلة الحكومية في ظل صراع المناصب