ثورة العطش بقلعة السراغنة:ماء الصبر من الانتظــار إلى “البوديزات”

ثورة العطش بقلعة السراغنة:ماء الصبر من الانتظــار إلى “البوديزات”

A- A+
  • العطشى الحيارى .. الباحثات عن الماء.. المنتظرات ردحا.. المنتظرون زمنا.. فالماء نعمة الله التي أضحت سلعة/ منتوجا/ ذهبا / حاجة… مطلوبة ووجب عليكم الإنتظار..إنها ثورة العطش تنتقل من تنغير.. الراشيدية.. القنيظرة.. الرباط… لتحل بجماعة الجبيل البعيدة عن مدينة قلعة السراعنة بعشر دقائق.. قناة ” شوف تيفي ” تنتقل إلى عين المكان.. ترصد معاناة الساكنة وانتظاراتهم في بحثهم اليومي المضني عن الماء هروبا من جحيم العطش القاتل.. ومعها خطابات المسؤولين يقول اصبروا وصابروا إن الحلول قادمة.

  • أطفال البوديزات: الترقب والإنتظار

    على مرمى شاحنة تكاد تصل إلى وسط جماعة الجبيل.. تحلقت مجموعة كبيرة من النساء وطفلات وأطفال صغار يضعون برامليهم المتنوعة الأحجام بحثا عن الماء الصالح للشرب.. الزمن شهر غشت 2018.. ودرجة الحرارة تفوق الأربعين درجة. الشاحنة تصل على مهلها بعد طول انتظار.. يتسابق الكبار كالصغار وتنشعل الحروب الصغيرة.. السب والشتم و التدافع.. الغلبة للأقوياء.. سيدة تجر عربتها بحمارها تحمل في يدها خمس براميل متوسطة و على العربة ست براميل كبيرة.. تنتظر مع المنتظرين. طفلات صغيرات يتحلقن حول ميكرفون ” شوف تيفي “.. تصيح طفلة “التلفزة جات”..أهي الفرحة أم الفرجة؟ البراميل الكبيرة الموضوعة هنا وهناك.. تحمل أكثر من 120 مترا مكعبا على مقربة من بدء الحدث.. من يسبق لمكان جلب الماء يحصل عليه.. من ينتظر حتى النهاية يعود خاوي الوفاض… المكان جماعة الجبيل التي تبعد سوى بأقل من 20 كيلومترا عن مدينة قلعة السراغنة وعلى محاذاة الطريق الوطنية رقم8 بين الرابطة بين قلعة السراغنة ومراكش.. الباحثون عن الماء يرسلون أطفالهم الصغار إناثا وذكورا من الصباح الباكر.. البحث عن الماء يحب الصباحات الباكرة.. يضعنا مواطن من جماعة الجبيل في قلب الصورة قائلا ” خاصك تشد النوبة والماء راه مخلوض ديال زرابة”..زرابة هي ساقية تسقي الأراضي الشمالية البورية لإقليم قلعة السراغنة. إذن المسألة مسألة ” نوبة ” لا علاقة لها بحقوق المواطنة.. فقط الاستيقاظ المبكر ومراقبة الشاحنة التي طالما تتأخر حتى تأتي في قيظ الظهيرة…

    ماء الأمس .. أين مــاء اليوم؟

    هل نسمع ما يقول هذا المواطن الملحاح ليضعنا في عمق الحدث؟ لما لا؟.. يصرح مواطن شاب من ساكنة الجبيل لقناة ” شوف تيفي ” قائلا ” هذاك الماء ديال الأمس.. راه غير صالح للشرب بتاتا.. نحن خائفون ومرتعبون من ماء البئر الذي سقطت به الحشرة ـ يشير إلى الحشرة القرمزية ـ ننتظر ماء نقيا تحمله شاحنات الدولة.. لكن الأمر المفاجئ أنه ماء ملوث تسبب في مجموعة من الأمراض بالنسبة للأشخاص الكبار والصغار. هل نطالب بأن يجلبوا لنا ماء نقيا أم أن يجلبوا لنا ماء مخلوض “.. يضيف الشاب وعلامات الغضب بادية عليه متحدثا ” هناك من يحمل معه براميله ويعود خائبا ولو بقطرة ماء.. نريد أن تتم عملية توزيع الماء بعملية منتظمة سواء من طرف الجماعة أو من طرف العمالة أو من طرف المسؤولين المعينين بهذا الأمر.. نطالب أن ننتقل إلى مرحلة متقدمة أن يصبح لكل منزل عدادها من الماء الصالح للشرب الخاص بها ويحاسب المواطن ويؤدي ثمن ما استهلكه ” .. يضيف ” توزيع الماء بهذه الطريقة يخلق الفوضى واللاإنتظام والعراكات والمشاحنات… “.. يتحلق حوله مجموعة من الرجال ومن الشيوخ ينصتون لما يقول.. هناك من يتابعه باهتمام شديد.. ومنهم من يومئ برأسه على أن كلامه في الصميم و هناك من ينظر فقط ويتابع المشهد.. فللمشهد فرجة مستحقة..فرجة البحث عن الماء.. وثورة العطش تنتقل من هناك إلى هنا…وثوار الماء قابعون في القيظ والحر ونهارات الإنتظار…

    ضحايا الفقر.. ضحايا نقص الماء

    تعد جماعة الجبيل من بين أفقر الجماعات على المستوى الوطني في خريطة الفقر الوطنية.. تتراكم مشاكلها كما مشاكلها المتعددة. وينضاف مشكل قلة/ نقص /جلب/ انعدام الماء حسب تصريحات الساكنة لقناة ” شوف تيفي “. يحكي مواطن تكثر عذاباته مع العطش وقلة الماء قائلا ” هاذ الماء لي كيجيبوا لينا ما فيه وااالو..ناقص عيان.. بغينا ماء ديال الوكالة الوطنية للماء.. يكون صحيا.. هذه الشاحنة ماؤها ملوث “. تختزل هذه العبارات مدى شقاء الساكنة وهي تبحث عن ماء للشرب من مسافات بعيدة بعرباتها المدفوعة أو بعرباتها المجرورة بالحمير.. يتبادر سؤال ماذا يعني أن الماء ناقص وما فيه وااالو؟ يضيف المتحدث ” صراعات وعراكات حول الماء حينما تأتي الشاحنة وهناك عداوات بين بعض الأسر جراء الاختصام في انتظار الحصول على الماء المنتظر “. فالماء يأتي يوما ويغيب في الغد وهذا ما يتسبب في الإزدحام والإنتظارات الطويلة. يضيف الأربعيني بنوع من الحسرة ” لا يعقل أن دوارا قريبا منا مزودا بعدادات الماء ودورنا يرزح تحث نير العطش “..إنها ثورة العطش التي تنتقل في ربوع البلد بدء من الراشيدية.. القنيظرة.. قلعة السراغنة.. تنغير .. الرباط… واللائحة تأتي…

    في ذات السياق.. شاب عشريني في مقتبل العمر بدوره يصرح لقناة ” شوف تيفي ” قائلا ” يأتي الماء مرة نقيا ومرة يأتي ملوثا.. يعني أن الماء غير صالح للشرب.. نحن متضررون جدا..جاء عامل الإقليم وأعطانا وعدا بفك المشكل لكن المسؤول لم يفي بوعده “.. ذاك خطاب المسؤولين عند الإحتجاجات وحينما تصدح الحناجر بالشعارات يتسم الخطاب بالوعود وبحل المشكل وتخبو الحلول رويدا رويدا…

    نساء الماء: البحث عن الجمر والذهب

    طفلات صغيرات يتحومن على برميل الماء الأبيض الكبير الذي لا يكفي لسداد ماء الساكنة.. مراهقات يضعن برامليهن أمامهن يتحدثن في كل شيء أعياهن الإنتظار.. يحملقن في ميكرفون ” شوف تيفي ” وقلبهن يقول أبلغوا حاجتنا للماء.. أبلغوا معاناتنا.. كل يوم بذات الإيقاع.. الإنتظار والتجمهر حول ذات الشاحنة.. وحول برميل الماء الأبيض..إنه المزار الشقي الذي لا ينتهي كل يوم. نساء في عقد الأربعينيات يتسابقن للقبض عن أنبوب شاحنة الماء.. محظوظة من تناولت الأنبوب أولا ووجهته صوب عربتها الصغيرة الغاصة بالبراميل.. تلك هي الفرصة.. وتلك هي الحاجة.. نساء في عتبات العمر يحملن ” سطولهن ” الفارغة كما يحملن غصة الماء.. هل للماء غصة؟ هل للماء حاجة؟ يرددن في صمت.. ذاك ما نحن عليه.. ذاك ما نكابده يوميا ولسان الحال يقول أما من مسؤول يشفع لهذه الساكنة في إيجاد حل يشفي غليل الماء؟.. ويح الماء من ويح تدني الخدمات.. وويح الماء إذا ما قل ونذر وأصبح حاجة/ سلعة للخصاص والمزايدة.. وأضحى وعدا انتخابيا… تقبض نساء على أنبوب الماء كما لو أنهن تقبضن على الجمر أو على حب كبير.. تلك هي المأساة وتلك هي الحاجة في صيف قائظ وماء أضحى البحث عنه كالبحث عن حبيبات الذهب…

    مواطن غير صبور

    يتحدث مرسلي عبدالعزيز، نائب رئيس جماعة الجبيل لقناة ” شوف تيفي ” قائلا ” المواطن لا يصبر.. وهذا المواطن لا يمكن لومه.. لسان حاله يقول.. أنا لم أشرب..أنا نمت عطشانا.. بهائمي لم تورد..أنا لم أستحم..وأنا ..وأنا… ” يخلص عبدالعزيز بطريقة عفوية مشاكل الساكنة مع الماء كأنه يحصي لهفتهم عن زلال الماء.. ” الحلول تأتي في الطريق “. يضيف.. لا تتعجلوا الحلول الناجعة.. اصبروا وصابروا إن الماء يحب الصبر والصابرين.. متى كان المواطن المغلوب على أمره غير صبور؟.. يخرج عبدالعزيز من بهو الجماعة مزهوا كأنه يحقق نصرا كبيرا واضعا قبعته الجميلة الزرقاء ولباسه الأنيق المختلف عن الساكنة.. يحصي المشاريع هنا ويعدد الصفقات والبرامح هناك.. ويؤكد على أكثر من مشروع هنا وهناك ومن وعود أدحضها بحث الساكنة اليومي واحتياجاتهم المتكررة أمام باب عمالة الإقليم براياتهم الحمراء وشعاراتهم التي بحت حناجرها.. ومطلبهم صغير يقول.. لقد أعيانا الصبر صبرين.. نحتاج لماء يروي البهائم والنفوس فهل من مستجيب؟؟.

    سؤال الماء..

    في اقليم مثل إقليم قلعة السراغنة المترامي والذي تحيط به أكبر الأنهار المغربية واد أم الربيع.. الواد الأخضر .. واد تساوت… ويعد منطقة فلاحية بامتياز..ومحاط بأكبر السدود في المغرب يعاني من فقر / عجز/نقص الساكنة من الماء.. ماذا نقول عن مناطق لا تتوفر على أي من هذه الإمكانيات المائية؟؟.. أي عذر يبقى والمنطقة تحقق هذه السنة سنة مطيرة بامتياز..وأرقاما قياسية من التساقطات المطرية..أي عذر يبقى لهؤلاء المسؤولين سوى سؤال المحاسبة… وتلك قصة أخرى….

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الداكي يوقع على مذكرة تفاهم بين رئاسة النيابة العامة بالمغرب ونظيرتها الروسية