نجح الحراك حيث فشل تبون

نجح الحراك حيث فشل تبون

A- A+
  • كانت الانتخابات الأخيرة بالجزائر امتحانا عسيرا لعسكر الجزائر، وللحراك الشعبي الذي ظل صامدا رغم المنع والقمع وانتصر يوم التصويت الذي قاطعه الجزائريون، لقد عزلت نتائج الانتخابات النظام العسكري وجعلته خارج أي شرعية رغم كل محاولات الرئيس عبد المجيد تبون والعسكر الذي يرعى النظام بقيادة السعيد شنقريحة.. في عز الحراك الشعبي أعلن النظام الجزائري عن دستور للبلاد وحل البرلمان بالإضافة إلى شن حملة اعتقالات، وبدأ محاكمات لبعض رموز الفساد وتقديمهم كأكباش فداء، وإن كان بعضهم يخرج من السجن ليعود إلى الحكم، كل ذلك في محاولة لامتصاص غضب الشعب الذي دأب على الخروج في مسيرات سلمية مكثفة كل جمعة، مطالبا برحيل العصابة وبقايا النظام البائد، والمطالبة بحكم مدني لا عسكري في ظل الديمقراطية..
    قبل الانتخابات بأسبوع، قام الرئيس الجزائري بإجراء سلسلة من الحوارات، بغية تلميع صورته وتبييض صفحة النظام، وتحدث عن الحراك الشعبي الجزائري الذي أَوقف واعتقل العديد من رموزه، بعبارة «الحراك المبارك» الذي خلَّص الجزائر من «العصابة»، لكن ذلك أتى بنتائج عكسية، من جهة لأن التصور والتحليل الذي قدمه عبد المجيد تبون في حواره سواء مع مجلة «لوبوان» الفرنسية أو مع قناة الجزيرة، لا يخرج عن تفكير الطغمة العسكرية التي طالب الشارع الجزائري برحيلها بشعار «مدنية لا عسكرية» رغم تبشيره بـ«جزائر جديدة»، لكن بتفكير من مخلفات الماضي؟ ومن جهة أخرى لأن الشعب الجزائري لا يريد أنصاف الحلول واللعب على تمطيط الوقت لإخماد الحراك لتعود حليمة إلى عادتها القديمة، بل لا يتنازل عن حقه في حكومة مدنية وفي انتخابات شفافة، وحقه في العيش الكريم ومحاكمة رموز الفساد وعودة الجيش إلى الثكنات، وظيفته الطبيعية..
    شكلت نسبة المقاطعة القياسية السمة الأبرز في الانتخابات التشريعية الجزائرية والتي كررت سيناريو الاستفتاء على الدستور الذي شهد بدوره عزوف الناخبين.. منذ الساعات الأولى كان واضحا أن الحراك نجح في جعل الشعب الجزائري يضرب عن الذهاب إلى مكاتب التصويت، وهو ما دفع الرئيس الجزائري إلى القول “نسبة التصويت لا تهمني”، مع العلم أن صلب الديمقراطية يتمثل في المشاركة الواسعة للمواطنين، فحسب النتائج الرسمية وصلت نسبة المشاركة إلى 23 في المائة أما نسبة مشاركة الجزائريّين المقيمين في الخارج فانهارت تماما ولم تتجاوز 5 في المائة. وكانت المقاطعة الشاملة سيدة الموقف في منطقة القبايل حيث لم تتجاوز 1 في المائة… إنه ثالث اختبار انتخابي فاشل في مسار تبون الرئاسي في مدة وجيزة يُكرس القطيعة بين الشعب الجزائري ومؤسسات النظام.. فخمسة بالمائة في الخارج في بلد يتوفر على نسبة عالية من المهاجرين وواحد بالمائة فقط بمنطقة القبايل، تعني أن 5.5 مليون جزائري بالقبايل وخمسة ملايين مهاجر (أي عشرة ملايين ونصف جزائري) لا يعترفون لا بتبون ولا بنظام العسكر، هل تفهمون لماذا قال تبون إن نسبة التصويت لا تهمه؟ أي لا تهمه الديمقراطية ولا حكم الأغلبية، لأن الأقلية من العسكر هي التي نصبته على البلاد؟ وهذا يعني أيضا أن السلطة الحقيقية لا تأتي من صناديق الاقتراع بل من الجيش ! لقد فازت جبهة التحرير الوطني بالانتخابات الأخيرة.. فاز حزب العهد البائد المناصر لبوتفليقة، الذي اعتبرته المعارضة ملهاة غير مضحكة، فهل سيخلق تبون جزائر جديدة بأدوات قديمة؟ الخوف كل الخوف أن تنهزم الجزائر وينتصر عبد المجيد تبون الدمية المدنية التي يحكم من ورائها الجيش..
    إن عزلة النظام الجزائري عن المجتمع تؤدي إلى نتيجة واحدة من اثنين: إما الحكم بقبضة من حديد أي الاستبداد وقمع الحراك الشعبي بالحديد والنار، وإما اشتداد الضغط على النظام الذي يؤدي إلى رحيله أو إلى عدم الاستقرار لا قدر الله، وهو ما لا نتمناه للجزائر الشقيقة.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الشرطة القضائية بتنسيق مع الديستي توقف شقيقين يشكلان موضوع مذكرات بحث