ملحمة الأسود فوق أي تشويش

ملحمة الأسود فوق أي تشويش

A- A+
  • ملحمة الأسود فوق أي تشويش

    لازال أثر ما حققه المنتخب الوطني بمونديال قطر، يستقطب الاهتمام الوطني والدولي، فقد اعتبر مركز الأبحاث الأمريكي، «المجلس الأطلسي»، أن رحلة أسود الأطلس خلال كأس العالم في قطر، شكلت «أكثر من مجرد إنجاز رياضي بل ثورة كبرى في كرة القدم ستغير الكثير من قواعد اللعب»، وبرغم التهجمات العنصرية لبعض المنابر اليمينية المتطرفة التي قصر فهمها للتقاليد الأصيلة للأسرة المغربية وللعلاقة الوطيدة بين المغاربة وأصولهم الأسرية، ولم يفهموا معنى السجود ولا رفع الأيادي إلى السماء شكرا لله بعد كل هدف هزم به المنتخب الوطني الفرق الكبرى، قبل أن يعتذر بعضها، فيما لجأ البعض إلى عملية خلط الأوراق لمزج السياسة بالرياضة حتى بدون وجود رابط ولا سياق ومحاولة إثارة النعرات العرقية بالمملكة..
    فقد أذهل الاستقبال الملكي الحميمي والاحتفاء الجماهيري الباهر بأسود الأطلس العالم بأسره وشد إليه كل وسائل الإعلام الدولية، كيف مر كل هذا في ظل تنظيم بديع ومحكم ولم يخلف وراءه حادثة صغيرة تذكر، إنه درس آخر للتآخي بين الملكية والشعب المغربي، وبين كل المؤسسات المشكلة للدولة والمواطنين، برغم كل محاولات الضرب تحت الحزام وفوقه من طرف الحاقدين على تطور المغرب وعلى اللحمة القوية التي تعاضد الدولة..
    أبانت مباريات كرة القدم و أداء أسود الأطلس والشكل الرائع الذي خلفه الجمهور المغربي، أن مسؤولينا في الأمن كما في باقي مؤسسات الدولة، لا يقلون وطنية وحماسا لنصرة المغرب وأشباله، يعتريهم نفس قلق الهزيمة وتبهجهم نفس نشوة الانتصار التي اعترتنا كجمهور متتبع لمباريات وليدات الركراكي، وقد رأينا رجال أمن في الشوارع يسجدون شاكرين الله على نصرة فريقهم، ورأينا رجال أمن مثل أطفال فرحين ومنتشين يقفزون في الهواء ويعانقون بعضهم البعض كلما تناهى إلى علمهم اهتزاز المقاهي المجاورة لمواقع تواجدهم حيث يقومون بأداء واجبهم بروح وطنية عالية.. بل إن المغاربة في الجهات والمدن التي ينحدر منها اللاعبون المغاربة من سطات وبني ملال والناظور إلى الرباط والدار البيضاء وغيرها، خصصوا استقبالات رائعة لأبطال الفريق الوطني بشكل تلقائي أو رسمي.
    ها هو المنجز الكروي التاريخي للفريق الوطني، يعاضد المنجز الدبلوماسي للدولة المغربية في المنتديات الدولية، ها هو الأداء الجميل لأسود الأطلس والحضور البهي للجمهور المغربي، يؤكد أن مغرب ما بعد كورونا ليس هو ما قبله، كما أشرت في أكثر من افتتاحية في هذه الزاوية، مغرب قوي بملك يسكن قلوب المغاربة قبل كرسي العرش في القصر الملكي، إذا كان الاستعمار حرم أجدادنا من ملكهم محمد الخامس بنفيه رفقة العائلة الملكية، فإنهم رأوه في القمر، فيما رأوا الملك محمد السادس بينهم في شوارع الرباط، ينزل بسيارته وهو يرتدي القميص الوطني ويلوح براية المغرب، ويندمج مع شعبه بشكل غير مسبوق ومما لا يقوى عليه رئيس أي دولة، فهذه الملكية من ذلك الشعب، وهذا الشعب من تلك الملكية، قلبان انصهرا في جسد واحد..
    وهاهم المغاربة بمختلف روافدهم الثقافية واللغوية والعرقية وعلى تباين أصولهم وانتماءاتهم الاجتماعية تعانقوا منصهرين في أمة واحدة، أصبحت تشكل مفخرة ليس فقط للعالم العربي والإسلامي بل مسنودة بحب قاري ودولي قل نظيره..
    انتهت مباريات المونديال لكن الدروس التي تركها المنتخب المغربي والجمهور المساند له، ستظل عديدة وعلينا استثمارها في كافة المجالات… مطلوب اليوم أن تكون لدينا كفاءات تسترشد بالمنجز الوطني في كرة القدم، في الإدارة والسياسة والاقتصاد وباقي مكونات المجتمع المغربي، لقد حررتنا الكرة من عقدة النقص والدونية، وأن المستحيل ليس مغربيا، وهذا ما نحتاج إليه في كافة مناحي حياتنا، ذلك هو أكبر درس نستخلصه من كل ما حدث حتى اليوم بمونديال قطر 2022.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الدارالبيضاء تستعد لاحتضان النسخة الثالثة من التظاهرة MOROCCO MALL JUNIOR PRO