عاشوراء..احتفالية بنكهة مغربية وطقوس تليدة

عاشوراء..احتفالية بنكهة مغربية وطقوس تليدة

A- A+
  • خلال العاشر من محرم من كل سنة، يحتفل المغاربة بيوم عاشوراء، يحيون فيه صلة الرحم ويقتنون فيه ما لذ من الفواكه الجافة، ويرضون شغف الأطفال باللعب والدمى.

    تبدأ استعدادات المغاربة لتخليد يوم عاشوراء بحلول شهر محرم، أول أشهر السنة الهجرية، حيث تنتشر محلات بيع الفواكه الجافة “شريحة”، وتمر وجوز وحمص وحلوى …” ولعب الأطفال ” مسدسات مائية وأواني و”طعارج” ودمى …”، والتي يؤدي إقبال الناس عليها إلى خلق رواج تجاري ملموس، ما يلبث أن يخفق بانتهاء مظاهر الاحتفال.
    وخلال ليلة العاشر من محرم يقوم الأطفال بإضرام النيران، واللعب بالمفرقعات رغم ما يخلفه ذلك من خطورة عليهم، كما يحتل النسوة والفتيات في الأحياء الشعبية عتبات البيوت والأسطح للضرب بـ “طعاريجهن”، ويرددن أهازيج شعبية تحتفي بالكائن الأسطوري: “بابا عيشور”.

  • مظاهر الاحتفالية تستمر إلى اليوم الحادي عشر من محرم عبر طقس : “زمزم” وهو التراشق بالماء، أشبه بمهرجان مائي، حيث تتحول أزقة الأحياء في المغرب إلى مسرح من المطاردات ويرش الأطفال واليافعون بعضهم بعضا، وقد ينضاف إلى الماء البيض أيضا.

    في الليل، تفضل أغلبية الأسر المغربية الالتئام حول قصعة من الكسكس المعد بالخضار وقطع “الكديد” المتبقية من أضحية العيد، وتناول بعض الفواكه الجافة، في سمر ليلي جميل، تؤثثه أنغام “الطعارج” والدفوف وأهازيج شعبية محفوظة عن ظهر قلب ومتوارثة من جيل لآخر.

    بالنسبة للمغرب، الذي يعتمد المذهب المالكي المعتدل، يعتبر يوم عاشوراء يوم عيد، لورود أحاديث نبوية تحث على الصيام في التاسع والعاشر من شهر محرم، لكنه ليس بنفس درجة عيد الأضحى وعيد الفطر.

    بعض الباحثين يرجعون صيام عاشوراء إلى ما قبل الإسلام أي العصر الجاهلي، وكان عادة عند اليهود والنصارى، و كان كنوع من الحمد والشكر لله على نجاة بني إسرائيل من فرعون، والبعض الآخر يرجعه إلى نجاة نوح من الطوفان، وآخرون إلى خروج يونس من بطن الحوت، أو إلى نجاة إبراهيم من النار، أو إلى استغفار آدم ربه بعد أن خرج من الجنة.

    بالنسبة للموروث الشيعي فعاشوراء، لها مركزية احتفالية في العالم الشيعي، إحياًء لذكرى مأساة الحسين، حفيد الرسول الذي قُتل على يد يزيد بن معاوية، ويحيي الشيعة هذه المأساة من خلال طقوس الحزن، وتعذيب الذات بالنسبة للرجال، والبكاء والندب بالنسبة للنساء، بوصفه نوعًا من التكفير عن ذنب عدم الالتحاق به في القتال، وتركه وحيدًا أمام جيش يزيد الأموي الذي حكم ما بين (15 رجب 60 للهجرة إلى 14 ربيع الأول 64 للهجرة / 21 أبريل 680 إلى 12 نوفمبر 683).

    ورأى باحثون في الأنتروبولوجيا أن احتفالات عاشواء لاسيما المتعلقة بـ”شعالة”، و”زمزم” أو “التزمزيمة” تمتح أصلها من الممارسات الوثنية التي تنبني على تقديس عناصر الطبيعة كالماء والنار، وهي ممارسات ظهرت قبل ظهور الديانات، كما تعتبر “شعالة” في اعتقاد البعض وسيلة لطرد ما يصطلح عليه بـ” التابعة” و”النحس”، كما أن التراشق بالماء يحيل إلى البركة والخير والنماء.

    وإذا كان المشارقة يحتفلون بهذا اليوم بطابع حزين، إلا أن المغاربة يرون في هذه المناسبة فرصة للاحتفال والصوم وصلة الرحم وإسعاد الأطفال.

    هذه الروح الاحتفالية والفرح والحبور خلال عاشوراء، تتخللها كذلك مظاهر سلبية، بعدما تحفل مستشفيات المملكة بحالات من الحروق المتفاوتة بسبب إضرام النيران، يمكن أن تصل إلى عاهات مستديمة بسبب استعمال المفرقعات والنيران، لكن الأمن يتصدى لترويج المفرقعات ويضبط السوق السوداء لهذه المادة الخطيرة على الأطفال.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي
    الطالبي العلمي ولد ‘الكارد فوريستيي’