حان وقت تطهير الصحافة من الطفيليات

حان وقت تطهير الصحافة من الطفيليات

A- A+
  • أحالت مصالح الأمن بمدينة الدار البيضاء المنشط الإذاعي محمد بوصفيحة، الملقب بـ «مومو»، مساء الإثنين، على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، في حالة سراح، إضافة إلى شخصين آخرين موضوعين رهن الحراسة النظرية، حيث تم تقديمهم أمام أنظار النيابة العامة.
جاء ذلك بعد أن تفاعلت مصالح الأمن بمدينة الدار البيضاء بجدية كبيرة مع اتصال هاتفي توصلت به محطة إذاعية خاصة، يتحدث عن ملابسات سرقة مزعومة وعن تقاعس مفترض من جانب مصالح الأمن، حيث تبين أن الشخص المتصل انتحل هوية مغلوطة، واختلق واقعة سرقة وهمية بمشاركة شخص ثان، ولم يراجع أي مصلحة أمنية، وأنه تحصل على الهاتف بغرض تحقيق منافع شخصية والرفع من مشاهدات الإذاعة المذكورة.
القضية الآن بيد القضاء، والمتهمون أبرياء حتى يقول القضاء كلمته في الموضوع، لكن خارج واقعة مومو، لاحظنا كيف أصبحت يوما عن يوم تبرز ممارسات هجينة في الحقل الإعلامي ببلادنا، وتطفو على السطح قضايا تضر بالوجه الذي حافظت عليه الصحافة المغربية لعقود طويلة، لقد امتلأت السوق الإعلامية بأشباه الصحافيين، وبالعديد من الطفيليات التي تضر بجودة الصحافة الوطنية باعتبارها خدمة عمومية تمد الناس بالمعلومات والأخبار، وتؤطر الرأي العام حول قيم الحداثة والتنمية والتقدم وتعزيز الروح الوطنية وكل القيم النبيلة.
امتلأت الصحافة بالمغرب بكل أشكال الانتهازيين والطارئين على الصحافة، والنصّابة والمحتالين الباحثين عن «البوز» بدون أي جهد لدرجة خلق وقائع مزورة واختلاق قصص لم تقع إلا في مخيلة من نسجها بُغية الرفع من نسبة المشاهدة وجذب الزوار بتوافق الأخبار المزيفة والقصص المختلقة أو «المدرحة» بخيال بئيس، دون مراعاة القواعد المهنية والأخلاق الصحافية التي تفرضها ممارسة مهنة الصحافة، التي امتلأت بكل من هبّ ودب، وأصبحنا مع موجة الإعلام الإلكتروني نرى الميكروفونات أكثر مما نرى الصحافيين، وأصبح العديد من المدعين يستغلون تساهل القانون لفتح موقع يصبح فيه المدير هو المحرر والمصور والصحافي ورئيس التحرير، وإذا ما وظف شخصا حتى بدون مؤهلات مستغلا ظروف الحاجة والبطالة دون أي تصريح في مؤسسات الضمان الاجتماعي ولا تأدية الضرائب المستحقة، هل بمثل هذا يمكن أن نقوي المشهد الصحافي ونجعله في خدمة قضايانا الوطنية في الداخل والخارج؟ هل بمثل هذه السلوكات سنخلق مقاولات صحافية مواطنة تقدم خدمة عمومية للمواطنين؟هل بمثل هذه السلوكات سنبني مقاولات إعلامية قوية تنافس خارج أرض الوطن…
لقد حان الوقت اليوم لتطهير الحقل الصحافي بالمغرب من أشكال الطفيليات التي تعيش مثل الجراد في المياه الآسنة، ولا يهمها لا وجه الصحافة ولا سمعتها ولا الوضع الاعتباري للصحافيين ولا تحسين واقع ممارستهم المهنية وتأمين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي.. لم يعد ممكنا أن نستمر في المشاركة في مؤامرة الصمت على ما يخترق الإعلام الوطني من ممارسة شاذة تشوه صحافتنا وتضر بما تبقى لها من مصداقية لدى الرأي العام.
إن الصحافة مرآة للمجتمع كما هو، وليست مرآة لوقائع مختلقة فيه، وأخبار مزيدة وغير منقحة هدفها رفع البوز لا إخبار الناس بما يدور في مجال معيشهم وفي واقعهم، حان الوقت لسن قوانين تضيق مجال اختراق الصحافة من قبل الطفيليين والمدعين والانتهازيين والنصّابة، لا يتعلق الأمر هنا بحرية التعبير التي هي شرط أساسي لممارسة صحافية ناضجة، ولكن بقطع الطريق على الطارئين على الصحافة الذين ليس لهم من هم سوى «البوز»، والربح المادي الضيق والأناني، يجب أن نقول كلنا: باسطا، كفى من هذا العبث.

  • المصدر: شوف تي في
    تعليقات الزوّار (0)

    *

    التالي